اتجاهات المعلمين نحو دمج متعددي الإعاقات في المدارس العادية
فـــايزة أحمد درويـــــــش
ماجستير تربية خاصة جامعة الخليج العربي
رئيس قسم التعليم الخاص بمستشفى الرميلة
من التطورات الهامة في مجال التربية الخاصة ما يطلق عليه أسلوب الدمج، والذي يقوم على فكرة مؤداها أنه لا ينبغي فصل التلاميذ ذوي الحاجات الخاصة عن أقرانهم الأسوياء، بل ينبغي المضي في تعليمهم معًا إلى أبعد مدى ممكن.
وقد يكون مصطلح الدمج مصطلحًا جديدًا وخاصة في الدول العربية، ولكنه كان يمارس على الدوام في المدارس وإن كان بأساليب غير فعالة ودون أن يتم التخطيط له، فلو عاد الواحد منا بذاكرته إلى أيام المدرسة لتذكر بسهولة بعض الزملاء الذين كان لديهم صعوبات من نوع أو آخر، وكانت اتجاهات التلاميذ تميل نحو الرضا والقبول بهذه الفئة.
ولكن مع تطور التربية الخاصة وما تتضمنه من كشف وتشخيص واستخدام أساليب تربوية خاصة، أصبحت المدارس تفرز هؤلاء وترفض وجودهم في الصف لأنهم غير قادرين على التعلم، وقد نُعتوا بعدم القابلية للتعلم في حين لم يوجه أي قصور للنظام التعليمي نفسه بوصفه عاجزًا عن تعليمهم، وبعد عقود من العزل في المؤسسات والفصول الخاصة، أدركت المجتمعات الإنسانية أن ذلك لم يقدم الحلول المرجوة، وأخذت تتراجع عن مواقفها وتزايدت الدعوات لإعادة الأطفال ذوي الحاجات الخاصة إلى المدارس العامة.
وقد ظهر مفهوم الدمج من خلال شعار السنة الدولية لذوي الحاجات الخاصة (1981) "المساواة والمشاركة الكاملة" ومن خلال مفهوم "مجتمع للجميع".
والتوجه السائد حاليًا يطالب بأن يتحمل معلم الصف العادي مسؤولية تعليم وتلبية حاجات الأطفال ذوي الحاجات الخاصة مع توفير نظم للدعم الإداري والتنظيمي والتدريبي لهذا المعلم.
وانطلاقًا من أهمية هذا الموضوع، تم إعداد هذه الدراسة لاستعراض الجوانب النظرية والتطبيقات العملية والتخطيط الجيد لمستقبل أبنائنا من ذوي الحاجات الخاصة في المدارس العادية.
أشكال الدمج :-
حدد وارنـــــــوك Warnock (1973) أشكالاً أساسية للدمج وهي:
1- الدمــــــج المكــــــــــــــــاني Locational Integration
2- الدمــــج الاجتمـــــــاعيSocial Integration
3- الدمـــج الوظيفي
4- الدمج المجتمعي
1- الدمــــــج المكــــــــــــــــاني Locational Integration
بحيث يتم تعليم الأطفال ذوي الحاجات الخاصة بالمدارس العامة، ضمن صفوف أو وحدات صفية خاصة أو بحيث تشترك المدرسة الخاصة مع العامة بالبناء المدرسي.
2- الدمــــج الاجتمـــــــاعيSocial Integration
بحيث يتم إشراك الأطفال الذين يلتحقون بالصفوف الخاصة أو الوحدات الصفية مع الأطفال الذين يدرسون في المدارس العامة بالأنشطة المختلفة كاللعب والرحلات وحصص الفن والنشاط ، والأنشطة الاجتماعية المختلفة وغير ذلك.
3- الدمـــج الوظيفي
Functional Integration ويتم تحقيق هذا النوع من الدمج بعد إتمام الشكلين السابقي الذكر، بحيث يتم هنا دمج الأطفال ذوي الحاجات الخاصة مع الأطفال العاديين وتحت نفس المنهاج الدراسي سواء كل الوقت أو بعضه.
4- الدمج المجتمعي
Community Integration
ويقصد به دمج الأطفال/ الأشخاص ذوي الحاجات الخاصة بالمجتمع بعد تخرجهم من المدرسة أو مراكز التأهيل، بحيث تضمن لهم حق العمل والعيش باستقلالية، وضمان حرية الحركة والتنقل والتمتع بكل ما هو متاح في المجتمع كخدمات ترويحية أو اقتصادية (أمل نحاس، 1990، ص 13).
وهناك ثلاثة اتجاهات رئيسية نحو سياسة الدمج وهي كالتالي :
الاتجاه الأول: وأصحاب هذا الاتجاه يعارضون بشدة فكرة الدمج ويعتبرون تعليم الأطفال ذوي الحاجات الخاصة في مدارس خاصة بهم أكثر فعالية وتحقق الفائدة المرجوة من البرامج التدريبية المقدمة لهم . الاتجاه الثاني: فأصحابه يؤيدون فكرة الدمج لما له من أثر في تعديل اتجاهات المجتمع السلبية نحو ذوي الحاجات الخاصة والتي تنعكس على الطفل ذاته وطموحه ودافعيته وعلى الأسرة والمدرسة والمجتمع بشكل عام. في حين يميل أصحاب الاتجاه الثالث نحو الاعتدال حيث لا يفضل برنامج عن الآخر، بل يرون أن هناك فئات ليس من السهل دمجهم بل يفضل تقديم الخدمات الخاصة بهم من خلال مؤسسات خاصة، وهذا الرأي يؤيد فكرة دمج ذوي الإعاقات البسيطة أو المتوسطة في المدارس العادية، ويعارض فكرة دمج الأطفال ذوي الإعاقات الشديدة جدًا ومتعددي الإعاقات.
ومن خلال هذه الاتجاهات فإن الاتجاه المناسب هو الاتجاه الثالث، حيث أن برامج الدمج يجب أن تراعي نوع الإعاقة واحتياجات الطفل ومدى شدة الإعاقة، وبناء عليه يتم اتخاذ القرار لعملية الدمج أم لا (محمد عبد الرحمن يوسف، 1998).
وقد هدفت الدراسة التي قمت بها إلى التعرف على اتجاهات معلمي ومعلمات المراحل التعليمية الثلاث (ابتدائي-إعدادي-ثانوي) نحو دمج أو عدم دمج الطلاب متعددي الإعاقات في المدارس العادية بدولة قطر، والوصول إلى توصيات ومقترحات تهدف إلى وضع البرامج التي تسهم في زيادة كفاءة المعلمين والمعلمات وتحسن من مستوى أداء الطلاب متعددي الإعاقات في المدارس العادية.
وقد قامت الدراسة بالتحقق من الفروض التالية:
1- لا توجد فروق ذات دلالة في اتجاهات المعلمين والمعلمات نحو الطلاب متعددي الإعاقات الذين تم دمجهم في المدارس العادية.
2- لا توجد فروق ذات دلالة إحصائية في اتجاهات المعلمين والمعلمات فيما يتعلق بقبول أو رفض دمج الطلاب متعددي الإعاقات في المدارس العادية
3- لا توجد فروق ذات دلالة إحصائية في اتجاهات المعلمين والمعلمات نحو استخدام الأساليب التربوية مع الطلاب متعددي الإعاقات في المدارس العادية.
4- لا توجد فروق ذات دلالة إحصائية في اتجاهات المعلمين والمعلمات تعزى لسنوات الخبرة نحو سياسة الدمج.
5- لا توجد فروق ذات دلالة إحصائية في اتجاهات المعلمين والمعلمات تعزى للفروق بين الجنسين نحو سياسة الدمج.
6- لا توجد فروق ذات دلالة إحصائية في اتجاهات المعلمين والمعلمات تعزى لاختلاف الجنسية نحو سياسة الدمج.
وقد تكونت عينة الدارسة من (228) معلمًا ومعلمة في المراحل التعليمية الثلاث بوزارة التربية والتعليم، وقد التحق بها طلاب متعددو الإعاقات وكان عــدد الطلاب (26) طالبًا وعــدد الإناث (12) طالبــة، التحق عدد (21) طالبًا وطالبة من أفراد العينة ببرنامج تدريبي وتعليمي في مرحلة الطفولة المبكرة بقسم التعليم الخاص بمستشفى الرميلة قبل دمجهم في المدارس العادية، متوسط أعمار العينة 14 سنة و7 شهور.
وقد تم استخدام أداة الاستبانة (من إعداد الباحثة) لقياس اتجاهات المعلمين والمعلمات نحو دمج أو عدم دمج الطلاب متعددي الإعاقات في المدارس العادية، وقد اشتملت على 75 فقرة وفق ثلاثة مستويات (غالبًا - أحيانًا - نادرًا).
ومن أهم نتائج هذه الدراسة:
1- توجد فروق ذات دلالة إحصائية في اتجاهات المعلمين والمعلمات نحو الطلاب متعددي الإعاقات الذين تم دمجهم في المدارس العادية، حيث أن اتجاهات المعلمين والمعلمات كانت إيجابية نحو الطلاب متعددي الإعاقات الذين تم دمجهم في المدارس العادية.
2- توجد فروق ذات دلالة إحصائية في اتجاهات المعلمين والمعلمات نحو قبول أو رفض دمج الطلاب متعددي الإعاقات في المدارس العادية، حيث كانت اتجاهات المعلمين والمعلمات نحو قبول الدمج أعلى من اتجاهاتهم نحو رفض الدمج.
3- توجد فروق ذات دلالة إحصائية في اتجاهات المعلمين والمعلمات نحو استخدام الأساليب التربوية مع الطلاب متعددي الإعاقات في المدارس العادية، وهي اتجاهات إيجابية لصالح المعلمين والمعلمات الذين يستخدمون الأساليب التربوية مع الطلاب متعددي الإعاقات.
4- لا توجد فروق ذات دلالة إحصائية في اتجاهات المعلمين والمعلمات تعزى لسنوات الخبرة نحو سياسة الدمج، حيث لم تشر النتائج إلى أثر سنوات الخبرة على سياسة الدمج .
5- توجد فروق ذات دلالة إحصائية تعزى للفروق بين الجنسين في اتجاهات المعلمين والمعلمات نحو سياسة الدمج ، كانت لصالح الذكور.
6- لا توجد فروق ذات دلالة إحصائية في اتجاهات المعلمين والمعلمات تعزى لاختلاف الجنسية نحو سياسة الدمج ، ولم تشر النتائج أن الاتجاه نحو الدمج له علاقة باختلاف جنسية المستجيبين.