المشاركة التعاونية بين الاختصاصيين وأسر الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة في ضوء بعض المتغيرات(دراسة وصفية)
أ.د.علي عبد النبي حنفي ، د. صفاء رفيق
لقد برز مفهوم المشاركة التعاونية (الشراكة) Partnership بين الاختصاصيين وأسر الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة في الآونة الأخيرة في ميدان التربية الخاصة، حيث أن دور برامج التربية الخاصة لا يقتصر علي تقديم الخدمات للطفل(التلميذ) ذو الإعاقة فقط ، ولكن عليها أن تسعى إلى مد يد العون لأسرته، وتقديم البرامج الإرشادية / التدريبية ذات العلاقة باحتياجات الطفل وإعاقته وذلك في مرحلة مبكرة عقب اكتشاف الإعاقة .
أن حاجة أسر الطفل المعوق إلى المشاركة التعاونية مع الاختصاصيين ترجع إلى ما تعانيه تلك الأسر من مجموعة من التغيرات في سبيل تحقيق التكيف مع ميلاد طفل معوق بالأسرة . بل كثيراً من تلك الأسر تناضل من أجل بقائها، وغالباً ما تشعر أنها محرومة من حقها الشرعي، ومهمة الاختصاصيين هي إيجاد الطرق الحقيقية والهادفة لمشاركة الأسر. وقد أكد ذلك قانون تربية جميع الأطفال المعوقين Education of All Handicapped Children Act (P.L,94-142) ، على أهمية مشاركة أولياء الأمور في تعليم أطفالهم من ذوي الاحتياجات الخاصة، وضمان حصول أسرة كل طفل على فرص حقيقية للمشاركة في تعليم أطفالهم في المدرسة والبيت.
وفي ضوء عدم توافر دراسات عربية- في حدود علم الباحثان- تناولت مفهوم المشاركة التعاونية بين الأسر ( آباء وأمهات) والاختصاصيين الذين يقدمون الخدمة لأطفالهم من ذوى الإعاقة، تسعي هذه الدراسة إلي التعرف علي طبيعة هذه العملية ومظاهرها من حيث أهميتها والرضا عنها ومدى تأثرها بعدد من المتغيرات, وذلك من خلال الإجابة على السؤال التالي:-
ما طبيعة العلاقة بين المشاركة التعاونية بين أسر التلاميذ ذوي الاحتياجات الخاصة (آباء وأمهات) والاختصاصيين الذين يقدمون الخدمة لهم ولأطفالهم (خدمات تربوية – خدمات مساندة)؟ ، وعلاقة ذلك ببعض المتغيرات المرتبطة بالطفل أو أسرته.
تكونت عينة الدراسة في صورتها النهائية من (761) من أسر (آباء وأمهات) ذوي الاحتياجات الخاصة (658 آباء، 103 أمهات) ممن لديهم طفل ذو إعاقة (سمعية، تخلف عقلي، توحد، صعوبات تعلم، تعدد عوق، إعاقة بصرية)، ويتلقون خدمات التربية الخاصة في معاهد التربية الخاصة أو برامج الدمج أو مراكز خاصة "أهلية" في مدينة الرياض بالمملكة العربية السعودية .
وقد استخدم الباحثان استمارة البيانات الأولية (إعداد الباحثان)،مقياس المشاركة التعاونية بين الأسرة – الاختصاصيين The Family-Professional Partnership Scale (Summers et al.2005) وهو من إعداد Summers et. al.2005، (ترجمة وتقنين الباحثان ) ، يتكون من (18) مفردة تعد بمثابة مظاهر للمشاركة ، قسمت إلى مقياسين فرعيين، يركز الأول على العلاقات المتمركزة على الطفل، ويركز الثاني على العلاقات المتمركزة على الأسرة.
وقد توصلت الدراسة إلى العديد من النتائج أهمها ما يلي :
1-أن الخدمات التربوية جاءت في الترتيب الأول للخدمات التي يقدمها الاختصاصيون لأسر الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة
2-أن أكثر أشكال التواصل بين الأسرة والاختصاصيين في البيئة التربوية للطفل المعوق ،بالترتيب هي سجل المتابعة، التقارير (اليومية، الأسبوعية، الشهرية) ثم المكالمات الهاتفية، ومجالس الآباء..... الخ، وأخيراً الزيارات المنزلية.
3-أن أكثر الاختصاصيين الذين تتواصل معهم أسرة الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة هو معلم التربية الخاصة، أخصائي النطق، الأخصائي النفسي، الأخصائي الاجتماعي، أخصائي العلاج الطبيعي، طبيب/ممرض، وأخيراً أخصائي العلاج الوظيفي.
4-أن أكثر مظاهر المشاركة التعاونية الفعالة المتمركزة على الطفل والتي يرى الآباء والأمهات أنها ذات أهمية عالية وتحظى بدرجة كبيرة من الرضا، من هذه المظاهر: رعاية الطفل والمعاملة باحترام، وتقدير الاختصاصيين لحاجات الطفل وتوفيرهم معلومات للأسرة عن طفلهم واحتياجاته.
5-أن أكثر مظاهر المشاركة التعاونية المتمركزة على الأسرة ، التي يرى الآباء والأمهات أنها ذات أهمية عالية وتحظى بدرجة كبيرة من الرضا، من هذه المظاهر: الحفاظ على خصوصية الأسرة، والثقة، واستخدام لغة تفهمها الأسرة ، ويصغون بانتباه لما تقوله الأسرة واحترام قيمها ومعتقداتها.
6-أن أسر الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة ممن يتراوح أعمار أطفالهم أقل من 5 سنوات أكثر إدراكاً لأهمية العلاقات المتمركزة على الطفل والأسرة والرضا عنها.
7-أن أسر الأطفال ذوي التخلف العقلي أكثر إدراكا لأهمية العلاقات المتمركزة على الطفل والأسرة .
8-أن أسر الأطفال ذوى صعوبات التعلم أكثر رضا من أسر الأطفال ذوى تعدد العوق .
إن المتغيرات المرتبطة بالمشاركة التعاونية سواء عمر الطفل المعوق أو نوع إعاقته أو العمر الزمني للآباء أو المستوى التعليمي لهم.....الخ، أظهرت أن المشاركة التعاونية هامة خاصة للأطفال الأصغر سناً وذوي الإعاقات الشديدة مثل التوحد أو تعدد العوق أو التخلف العقلي، وتزداد أهميتها لأصحاب المستوى التعليمي العالي من الآباء لبناء توقعات تتلاءم مع إعاقة الطفل.
9-إن المشاركة التعاونية بين الأسر والاختصاصيين في المراكز الخاصة أكثر فعالية بالمقارنة بالبيئات الحكومية، وهذا يؤكد أن القطاع الحكومي في حاجة إلى إعادة نظر لتفعيل دور المشاركة وضوابط نجاحها.