تقييم الأطفال ذوى الاحتياجات الخاصة المستهدفين للدمج فى المدارس العادية
د. خالد عوض البلاحد.الفرحاتى السيد محمود
مقدمة
إن الأطفال ذوى الاحتياجات الخاصة المستهدفين للدمج فى ضوء الخطة الإستراتيجية لمنظومة التعليم فى الوطن العربى، يفرض علينا حقهم فى التقييم الموضوعي حتى يتم استيعابهم واحتوائهم داخل المدارس العادية، ولتحديد ما إذا كان الطفل يستحق أن يصنف تحت إحدى مجموعات الفئات الخاصة Exceptionality ويتم فى كل عام تقييم عديد من الأطفال لتحديد مدى حاجتهم لخدمات التربية الخاصة أو الخدمات المرتبطة بها بشكل صحيح ومناسب كل فى فئته،بغرض تحقيق قدر أكبر من التوافق والإنجاز لديهم.
كما أن تقديم الخدمات التربوية التى يحتاجها ذوو الاحتياجات الخاصة في الظروف البيئية العادية لأقرانهم العاديين، والعمل بقدر الإمكان على عدم عزلهم في أماكن منفصلة يعد فى جوهره مفهوم اجتماعي أخلاقى ضد التصنيف والعزل لأى فرد بسبب إعاقته،ورفض الوصمة الاجتماعية التى تلحق بالأشخاص ذوى الاحتياجات الخاصة.
والدمج "أسلوب تربوى يتم من خلاله إلحاق الأطفال المعاقين مع الأطفال العاديين بالمدارس العامة التى يمارس من خلالها مختلف الأنشطة التربوية بما فيها التعليمية والاجتماعية مع إمدادهم بالخدمات الخاصة إذا لزم الأمر بما يساعدهم على أن يتطوروا اجتماعيا وفكريا وشخصياً من خلال الاتصال والتفاعل".
فالدمج يحقق فوائد جمة أهمها : إحداث التغيير الواضح في الاتجاهات الاجتماعية نحو الأطفال غير العاديين من السلبية إلى الإيجابية، وتوفير الفرص الطبيعية للأطفال غير العاديين للنمو الاجتماعي والتربوى مع أقرانهم من الأطفال العاديين، فضلاً عن إزالة الوصمة المرتبطة ببعض فئات التربية الخاصة، ويقصد بذلك الآثار السلبية الاجتماعية لدى بعض فئات التربية الخاصة وذويهم والمرتبطة بمصطلح الإعاقة. والتفاعل مع البيئة المحيطة بهم واكتساب الخبرات والمهارات الاجتماعية اللازمة لهذا التفاعل من خلال تدريبهم على هذه المهارات المختلفة.
ومن المهم أن لا تتوقف عملية التقييم عند مجرد إعطاء درجة على اختبار للطفل،إنما عملية التقييم يجب أن تتجاوز ذلك،فالمعلومات القيمة حول مهارات الطفل وحاجاته يمكن أن تأتى من مصادر عديدة تشمل: الوالدين،المعلمين والمتخصصين،ومن خلال إتباع مداخل تقييم عديدة ومقننة مثل: الملاحظات، المقابلات، الاختبارات، وطرق تقييم أخرى مثل التقييم الدينامى والتقييم البيئي، والتقييم المباشر، وبهذه الطريقة يتم رسم صورة متكاملة يمكن الاعتماد عليها كدليل لقرارات استحقاق الطفل الدخول فى برامج تربوية ذات طابع خاص مثل دمجه فى الفصل العادي.
ومن الأمور المهمة عند تقييم الأطفال المستهدفين للدمج تقييم الذكاء،اللغة،الإدراك،التحصيل الأكاديمي،والنمو السلوكي والانفعالي والاجتماعي، من منطلق أن هذه المهارات تسهم فى تعلم الطفل،وفى التنبؤ بالأداء التربوي له. وتتم إجراءات التقييم من قبل فريق يشمل غالباً (الأخصائي النفسي، أخصائي تخاطب، معلم التربية الخاصة،الأخصائي الاجتماعي، وفى بعض الحالات يتطلب الأمر التدخل الطبي) وذلك من أجل تحقيق خمسة أهداف رئيسة هى:
1) المسح والتعرف Screening &Identification لعمل مسح والتعرف على الأطفال ذوى الاحتياجات الخاصة،يقوم معلم الفصل العادي بتقديم مؤشرات عدة تشير إلى وجود مشكلات تحصيل لدى التلميذ في القراءة أو الكتابة أو الحساب ووصف لهذه المشكلات في صورة أداءات تحتاج إلى علاج .
2) التشخيص والاستحقاق Eligibility&Diagnosis : لتحديد طبيعة الصعوبة النوعية التى يعانى منها الطفل ومدى أحقيته لخدمات التربية الخاصة،وهناك أساليب تشخيص رسمية منها : اختبارات ومقاييس معيارية،واختبارات إكلينيكية،وأساليب تشخيص غير رسمية تقوم على أساس :المنهج (المحتوى التعليمي) وتحليل الأخطاء واختبارات محكية المرجع،واختبارات من صنع المعلم ودراسة محتوى ملف التلميذ .
3) برنامج التربية الخاصة والتسكين Placement : تقديم معلومات تفصيلية حول برنامج التربية الخاصة ربما تتطلب قرارات مناسبة حول التسكين التربوي للطفل .
4) الخطط التعليمية : Instructional&Planning لتطوير ووضع خطة تعليمية مناسبة لاحتياجات الطفل.
5) التقويم Evaluation : لتحديد مدى تقدم الطفل،وهى منوطة بالتعرف على جوانب القوة والضعف وكذلك الاستراتيجيات المناسبة للتعامل مع الطفل فى مرحلة العلاج (Berdine&Meyer,1987:5)
إن التركيز على تقييم الأطفال يتطلب أولا تحديد ما إذا كان الطفل يحتاج إلى خدمات تربية خاصة أم لا،وأيضا لتقديم المعلومات التي سوف تؤدى إلى إدراجه فى برامج التربية الخاصة . فالتقييم يعتبر عملية معقدة وتحتاج إلى التنسيق بين فريق متعدد التخصصات وعلى درجة عالية من التدريب والخبرة،ولديهم مهارات عالية وأساليب فعالة فى جمع المعلومات حول الطفل أو التلميذ،ويتولى الفريق تحديد الاختبارات الضرورية لتقييم الطفل أو التلميذ،وربما يحتاج التقييم استخدام عدد من الاختبارات المعيارية،المقابلات،والملاحظات،وكلها تعتبر وسائل محورية فى الحصول على معلومات عن الأطفال،وملاحظة السلوكيات فى الصف أو فى جوانب أخرى إذا لزم الأمر. ولكي نحصل على صورة واضحة عن الطفل أو التلميذ يجب أن نطور استراتيجيات تدخل عملية وإجرائية لتسجيل الطفل أو التلميذ ذو الاحتياجات الخاصة فى برامجها،والفريق يجب أن يستخدم فنيات التقييم التى سوف تساعد الفريق على تحديد العوامل التي تعمل على تيسير التدخل فى تعلم الطفل .