حقوق ذوي الإعاقة بين التشريعات و المنظور الاجتماعي
غريب سليمان غريب
تمهيد
كثر الحديث خلال السنوات القليلة الماضية عن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة خصوصا بعد صدور الاتفاقية الدوليةلحقوق ذوي الإعاقة 2007 ، وفرضت مفردات جديدة نفسها على لسان المتحدثين بمجال الإعاقة مثل " المنهج الحقوقي – الرؤية الاجتماعية " لتحل تدريجيا مكان مفردات عتيقة مثل " العجز – القصور الوظيفي – الخدمات " ويعبر ذلك عن بداية تغير جوهري بالرؤية تجاه ذوي الإعاقة، لكن هذا التغير مازال بمرحلة جنينية حتى فيمابين الخبراء أنفسهم، ومازال مجال الإعاقة يعاني قدراً هائلاً من التناقضات النظرية على المستويين الوجودي والمعرفي، وتعد هذه التناقضات نتيجة منطقية لمرحلة التحول من النظرية المهيمنة على الإعاقة " النظرية الطبية " إلي نظرية أخري تتعارض معها جذريا وأن كانت تتقاطع معها ببعض النقاط وهي" النظرية الاجتماعية " فتلك المرحلة الانتقالية النوعية تتميز بتعايش مؤقت بين أفكار متناقضة.
ومن جهة أخري شهدت السنوات القليلة الماضية دخول رافد جديد لمجال الإعاقة يتمثل بالمنظمات الحقوقية التي اكتسبت بصدور الاتفاقية مرجعية حقوقية دولية كانت تفتقدها، وساهم هذا الرافد الجديد في إثراء الحوار حول حقوق ذوي الإعاقة والرؤية المتقدمة المنطلقة منها، لكن هذا الرافد نفسه مازال يتلمس خطواته بمجال يتميز بالتنوع من جهة والفوضى المعلوماتية من جهة أخري، والحقيقة أن حركة الإعاقة الدولية التي ناضلت كثيرا على مستويات مختلفة حتى حصلت على اعتراف دولي قانوني بالنظرية الاجتماعية، قدمت خبرات هائلة للعمل بمجال الإعاقة من المنظور الحقوقي الاجتماعي، فالحركة التي ضمت طيف هائل من أطباء و خبراء تأهيل وحقوقيون و ناشطون سياسيون، تتحرك على ثلاث مستويات متوازية، المستوي الوجودي " العمل على تغيير المفاهيم الأساسية ، " المستوي المعرفي " ربط المفاهيم الأساسية بالواقع العملي، " والمستوي التجريبي " محاولة الوصول لفهم تجربة الإعاقة من خلال ذوي الإعاقة أنفسهم *1
ومن خلال هذه الخبرة، تهدف تلك الورقة للمساهمة في تعميق المعرفة بالنظرية الاجتماعية في علاقتها بالجانب التشريعي على المستوي المعرفي، وذلك بعرض ومناقشة المفاهيم الأساسية للنظرية وتأثيرها على التشريعات المختلفة، وتقتصر الورقة على التشريعات العربية حيث تشهد المنطقة العربية جهود كبيرة لتطوير التشريعات الخاصة بذوي الإعاقة بعد الإدراك المتأخر لتخلف غالبية القوانين العربية وافتقادها لنظرية واضحة تقوم عليها.*2
النظريات السائدة بمجال الإعاقة:
تقوم النظريات المختلفة بمجال الإعاقة، على مفاهيم أساسية تدور حول إنتاج الإعاقة " أسبابها " أو تفسيرها " ماهيتها " ويقود التفسير إلي رؤية شاملة تتجسد في سلوكيات واتجاهات مختلفة على المستوي الاجتماعي، وسياسات وتشريعات على المستوي الرسمي، وتهيمن كل نظرية طبقا لشروط معقدة تعود لمزيج من الثقافة السائدة والظروف الاقتصادية وغيرها من عوامل كثيرة بما فيها المناخ والطقس والأمراض الوبائية، وتظل النظرية مهيمنة حتى درجة مختلفة من التطور حيث تبدأ نظرية جديدة تقوم على رؤية نقدية للنظرية التقليدية، ولا يعني هيمنة نظرية جديدة زوال التقليدية، بل تتواجد النظريات المختلفة جنبا إلي جنب لفترات تاريخية طويلة، فحاليا ومع هيمنة النظرية الطبية ومزاحمة النظرية الاجتماعية لها، مازالت النظرية الأخلاقية تسود غالبية المجتمعات بالعالم.
أولا: النظرية الأخلاقية:
تقوم النظرية الأخلاقية على التفسير الغيبي للإعاقة، وتخلط بين التفسيرات الدينية المختلفة للخير والشر وبين الإعاقة، وتعد امتداداًللتفسيرات المثالية بالحضارات القديمة خاصة الإغريقية والرومانية، حيث رأي فلاسفة تلك الحضارات ومنهم أفلاطون أن الإعاقة شر ناتج عن غضب الإلهة، وبعد ذلك جاء تفسير الكنيسة الغربية بالقرون الوسطي بأن الإعاقة عقاب على الذنوب وأنها تجسيد للشيطان، ليعمق التفسير الغيبي ويحيطه بهالة من القدسية الدينية، وبرغم التطورات النظرية الكبيرة مثل تغير التفسير الكنسي إلي كون الإعاقة تجسيد لألام المسيح، وانتشار الدين الإسلامي الذي نص صراحة على المساواة بين الجميع بصرف النظر عن طبيعة الجسد، إلا أن التفسير الغيبي مازال سائدة بدرجة كبيرة، ويعود ذلك بالأساس للاختلاف الاجتماعي بين الدين وبين الثقافة الدينية، ومع ذلك ساهمت النظرة الدينية القائمة على الشفقة والرحمة بالحد من التمييز ضد ذوي الإعاقة، والتحول من السياسة التي تقوم على التخلص منهم إلي سياسة تقوم على تقديم العون لهم ومساعدتهم بوصفهم عاجزين وغير قادرين على تلبية شئونهم بأنفسهم.
التأثير التشريعي:
تعد التشريعات المختلفة انعكاس لدرجة تطور المجتمع وتعبير عن قيمه الأخلاقية والثقافية، وقد تبنت التشريعات الحديثة التفسيرات المختلفة للإعاقة بالمراحل المختلفة وعبرت عنها بقوانين تتبني الفلسفة القائمة عليها، فتبنت التشريعات بالمرحلة الأولي حيث هيمنة الرؤية الأخلاقية بمعناها الإيجابي " فلسفة الرعاية " فالقانون يقوم على توفير قدر من الرعاية لذوي الإعاقة ومنحهم بعض الخدمات بهدف تسهيل حياتهم، ونجد تجسيد واضح لتلك الفلسفة بنمط من التشريعات تمثله دول الخليج العربي بالإضافة إلي ليبيا، ويتبني هذا النمط الرؤية الأخلاقية بوضوح وإن كان يمزج بينها وبين الرؤية الطبية خاصة بمجال التأهيل، وأساس هذا النمط التشريعي هو منح ذوي الإعاقة قدر كبير من الرعاية والخدمات ( القانون الليبي – الكويتي – السعودي ) ولهذا النمط بعض الإيجابيات كما له سلبيات كثيرة، فمن الناحية الإيجابية تطورت مناهج ومنظمات التأهيل بدرجات ملحوظة وهو ما ساهم تدريجيا في اندماج أعداد محدودة من ذوي الإعاقة بالحياة الاجتماعية، كما تطورت مناهج التعليم الخاصة بذوي الإعاقة، ومن الجهة الأخرى ساهمت تلك القوانين في تعميق المفهوم الفردي للإعاقة، وأدت إلي الاستمرار بتقسيمهم على أساس نوع الإصابة ودرجتها، وعزلهم بمراكز خاصة بعيدا عن الحياة الاجتماعية العادية. ومن أمثلة تلك القوانين بمصر قانون الضمان الاجتماعي 30 لسنة 1977، والذي مازال ساريا.
ثانيا: النظرية الطبية:
تنطلق النظرية الطبية من الجسد الإنساني، وتقوم على رؤية الجسد وقدراته قياسا على ما يتصور أنه الجسد الكامل السليم، وبالتالي فالإعاقة طبقا لهذه النظرية نتاج الأمراض وتأثيرها على القدرات الجسدية للإنسان وهو ما يوصل لتعريف الإعاقة بالقصور الوظيفي للجسد، ودون الخوض بالتاريخ القديم حول نشأة النظرية وتطورها، فمن المؤكد أن انطلاقها وبداية هيمنتها معرفيا على الخبراء والباحثين حدثت بعد الحرب العالمية الثانية والتي وسعت قاعدة ذوي الإعاقة بإعداد كبيرة ممن لم يختبروا واقع الحياة اليومية لهذه الفئة التي تعاني من الإقصاء الاجتماعي والعزل القصري عن تيار الفرص المتاحة على كل مستويات النشاط الإنساني.
وقد أثرت ومازالت النظرية الطبية على النظرة تجاه ذوي الإعاقة ووضعت شروط التطور وحدوده، حيث فسرت الإعاقة بالربط المباشر مع الإصابة والعاهة، وهو ربط يبدوا منطقيا للغاية بل ومرئيا وملموسا، فكلنا نري أن ذوي الإعاقة البصرية مفتقدين للبصر، فمن البديهي أن نعتقد أن مشكلتهم هي عدم القدرة على الرؤية، ونتج عن تلك النظرة، توصيف للإعاقة على أنها مشكلة فردية خاصة بجسد الشخص المصاب، وبالتالي سنت القوانين المختلفة على أساس الحد من تأثير العاهة الجسدية وتأهيل الشخص للتكيف مع البيئة المحيطة على أنها معطي وليس عنصر من عناصر الإعاقة.
وبرغم الايجابيات الكثيرة لهذه النظرية والتي تتمثل في التطورات المستمرة على مستويي العلاج والتأهيل إلا أنها أنتجت سلبيات عديدة أهمها، هيمنة رؤية العجز، فالنظرة تجاه ذو الإعاقة تقوم على أساس عدم القدرة وليس على أساس القدرة المتاحة، وتعد هذه السلبية من نقاط التقاطع بين النظريتين الطبية والأخلاقية، فكلاهما تتبني رؤية العجز والقصور، وفرضت النظرية الطبية التقسيم الفئوي الشهير ( الحركي – السمعي – البصري – الذهني ) كمسلمة منطقية، وهو ما أنتج ثقافة العزل طبقا للخصوصية الجسدية لكل فئة.
التأثير التشريعي:
ساهمت النظرية الطبية بدرجة كبيرة في تطوير المنظور الاجتماعي تجاه ذوي الإعاقة، حيث أثبتت عمليا إمكانية شفاء الكثير من الأمراض والحد من الآثار الجسدية لأمراض أخري، وهو ما كشف تدريجيا عن قدرات وإمكانيات لدي ذوي الإعاقة لم تكن مرئية، وبدأ ظهور أفراد استفادوا من تقدم العلاج والتأهيل وأثبتوا قدرتهم على المشاركة الاجتماعية، ويتمثل التأثير المباشر للنظرية الطبية تشريعيا في إضافة مفهوم التأهيل إلي مفهوم الرعاية، لتتبني غالبية التشريعات تدريجيا فلسفة تشريعية تقوم على المزج بين الرعاية والتأهيل، وبمرحلة لاحقة وتدريجيا ونتيجة تطور مناهج التأهيل، بدأت جماعات من ذوي الإعاقة تطالب ببعض الحقوق مثل الحق بالعمل، وهو ما أثر تشريعيا في تطوير الكثير من القوانين وتبنيها لبعض الحقوق، ويمثل قانون التأهيل المصري 139 لسنة 1975 نموذج لهذه المرحلة من التطور، يتفق في ذلك مع دول شمال إفريقيا باستثناء ليبيا، وهذا النموذج من القوانين يتبني مفاهيم الرؤية الطبية، حيث يتبني رؤية العجز والقصور الجسدي ويربط بينها وبين الحقوق، وفي نفس الوقت يقترب من النظرية الاجتماعية، فنجده مثلا ينص على الحق بالعمل بوضوح ويخصص نسبة محددة من فرص العمل لذوي الإعاقة " تتراوح بين 2 – 7 % " وذلك بلا شك ناتج عن تأثير الرؤية الاجتماعية، لكنه من جهة أخري يضع شروط تفترض بداية عدم قدرة ذوي الإعاقة على العمل مثل شرط الحصول على شهادة التأهيل حتى بالنسبة للمتعلمين منهم، وشرط الخضوع للكشف الطبي لإثبات الصلاحية للعمل، ويؤكد ذلك مدي هيمنة رؤية العجز والقصور، فحتى بالنسبة لحق العمل فرضت تلك القوانين العزل، فالقاعدة الأساسية لمثل تلك القوانين، العمل داخل منشئات خاصة تضم ذوي الإعاقة دون غيرهم.*3
ثالثا: النظرية الاجتماعية:
قامت النظرية الاجتماعية على نقد النظرية الطبية، حيث رأي الكثير من الخبراء أن النظرية الطبية تتجاهل منتج الإعاقة أو بمعني أخر تناول الإعاقة بمعزل عن مسببتها وعلى أساس فردي يفصل بين الشخص وبين المحيط المجتمعي الموجود فيه، وتري النظرية أن الإعاقة إنتاج اجتماعي وليس مشكلة فردية، فالمجتمع هو الذي أنتج الإصابات الجسدية لكنه لم يوجد البيئة المناسبة لأصحاب تلك الإصابات التي تمكنهم من الاندماج بالمجتمع بل وعلى العكس من ذلك وضع المجتمع الحواجز " العوائق " التي تحول بين ذوي الإعاقة وبين الاندماج.
ورسخت النظرية مفاهيم تقوم على رؤية شاملة للإعاقة في علاقتها بالتطور التاريخي للمجتمعات من منظور ذوي الإعاقة أنفسهم.
وتقوم النظرية على تفسير ذو شقين للإعاقة، فالإصابة أو العاهة الجسدية هي نتاج لتفاعل طويل بين عوامل بيئية عديدة أهمها نمط الإنتاج السائد لكن هذه العاهة لا تنتج أثر إلا عند تلاقيها بالحواجز البيئية والثقافية التي تعيق الشخص عن التعامل مع البيئة المحيطة به، فالإعاقة طبقا لهذه النظرية ( حالة ظرفية تحدث عند تلاقي الإصابة الجسدية مع حاجز يعيق المصاب عن الوصول لما يريد ) ويمكن ضرب عشرات الأمثلة توضح هذا المفهوم، مثل دخول شخص يستخدم كرسي متحرك مبني ما، فلو وجد سلم طويل عليه صعوده للطابق الذي يريد، هنا تتحقق الإعاقة حيث لن يمكن هذا الشخص صعود السلم بالتأكيد، لكن هذا الشخص ذاته لو وجد مصعد يسهل استخدامه، هنا لن تحدث الإعاقة حيث يمكنه بسهولة الصعود للطابق الذي يريد، ودعونا نتصور مثال أخر، لو أن شخص من ذوي الإعاقة البصرية أراد أن يدخل لشبكة المعلومات لمراسلة جهة ما، لو وضع أمام هذا الشخص جهاز حاسوب عادي موصول بشبكة المعلومات لن يستفد شيء لأنه سيعجز بالتأكيد عن استخدام الكمبيوتر العادي وهنا تحدث الإعاقة، لكن هذا الشخص لو وجد الكمبيوتر المجهز لذوي الإعاقة البصرية ومزود بالبرامج الخاصة وبالطبع كانت لديه بعض الخبرة بالكمبيوتر، سيتمكن بسهولة من القيام بالمراسلات التي يريدها ولن تحدث الإعاقة.
فالرؤية الاجتماعية تري أن العاهات الجسدية ليست أكثر من اختلافات طبيعية بين البشر، وأن البيئة المادية يجب أن تتناسب مع كل البشر، فالإعاقة مشكلة اجتماعية بالأساس وليست مشكلة فردية، ومنح ذلك التفسير المنهج الحقوقي زخما جديدا كان يفتقده حتى سنوات قليلة مضت، فأصحاب المنهج الحقوقي المنادين بمبادئ المساواة بين الجميع ومناهضة كافة أشكال التميز، كانوا حتى وقت، ينظرون بعين الريبة لقدرة ذوي الإعاقة على المساواة الكاملة، وتعبر الإصدارات الحقوقية السابقة على الاتفاقية عن تلك الريبة، حيث تبنت مفاهيم العجز والقصور ولم تشمل الحقوق المختلف عليها مثل الحق بالزواج والأهلية ( إعلان حقوق المتخلفين عقليا – إعلان حقوق المعاقين ) لكن صدور الاتفاقية الدولية بتبني كامل للنظرية الاجتماعية منح الحقوقيين، مرجعية واضحة وتقنين ملموس للحقوق الكاملة حتى تلك المختلف عليها، والحقيقة أن غالبية منظمات حقوق الإنسان المصرية والعربية تحتاج لبلورة تجربة حية للتعامل مع القضايا المتشعبة لحقوق ذوي الإعاقة.
التأثير التشريعي:
أثرت الرؤية الاجتماعية على التشريعات العربية المختلفة بشكل تدريجي، فغالبية التشريعات العربية الحالية تأثرت بدرجات مختلفة بالرؤية الاجتماعية، ونجد بعض التشريعات الصادرة حديثا تتبني الرؤية الاجتماعية بصراحة، ولكن هذا التبني النظري لا يعبر في الواقع عن رؤية اجتماعية عميقة لقضية الإعاقة علي المستوي التشريعي، والحقيقة أن تبني بعض التشريعات للرؤية الحقوقية بدأ مغرقا بالشكل إلي حد كبير، فمثلا القانون الأردني " 31 لسنة 2007 حيث نص على المفاهيم الأساسية للرؤية الاجتماعية نسخا عن الاتفاقية الدولية، وأحتفظ في صلبه بالرؤية الطبية، وهناك تجربة شبيهة مع بعض الاختلافات تتم بمصر حاليا من خلال مشروع قانون المجلس القومي للطفولة والأمومة والذي يتم إعداده بمشاركة عدد محدود من الخبراء.
والحقيقة أن هذه القوانين والمشروعات تعبر عن عملية التشريع العربية بشكل عام والتي تتعامل مع القانون بوصفه علم دقيق التخصص يقتصر على نخبة من الخبراء، وليس بوصفه علم اجتماعي يمكن لجميع فئات المجتمع المشاركة فيه، كما تعبر تلك القوانين عن الحالة الخاصة لمجال الإعاقة المتسع والمتشعب، والذي يتميز بفوضى معرفية هائلة، ومع ذلك يمكن اعتبار تجربة كل من القانون اللبناني، والقانون الفلسطيني، خطوة هامة على طريق تطوير التشريعات العربية، فهما محاولة جادة للتأكيد على الحقوق الخاصة بذوي الإعاقة من خلال فهم لطبيعة حياتهم داخل المجتمع، فالقانون يتضمن نصوص تفصيلية للحقوق، وفرض سلوكيات على المجتمع تحترم تلك الحقوق.
خلاصة:
تطرح النظرية الاجتماعية فلسفة متقدمة تجاه ذوي الإعاقة، وهي فلسفة لا تنكر أن هناك نقاط تماس بينها وبين النظريات الأخرى، لكن هذه الفلسفة التقدمية مازالت محصورة بين النخبة وبعيدة عن التحول لسياسات تطبق واقعيا، والتطبيق العملي هو الحلقة المفقودة بالنسبة للواقع العربي مع تقدير بعض الجهود المتناثرة هنا وهناك، ولأن القانون يمثل أحد أدوات التطوير والتنمية فيجب العمل على إصدار تشريعات تهدف لتمكين ذوي الإعاقة من الدمج وإزالة الحواجز من أمامهم، ولكن يجب أن تكون تلك القوانين معبرة عن واقع حقيقي ترغب بتغيره وبالتأكيد يحتاج ذلك لدراسات اجتماعية عميقة وليست دراسات قانونية مقارنة فقط، كما يجب التعامل مع تلك القوانين كحالة خاصة تحتاج لأوسع مشاركة اجتماعية ممكنة وطبقا لشعار الحركة العالمية للإعاقة " لا شيء يخصنا بدوننا " وأعتقد أن أحد أهداف قوانين ذوي الإعاقة يجب أن تكون العمل على إحداث تغيرات ملموسة بالواقع المعاش حتى يمكن إحداث تغيير بالثقافات والاتجاهات السلبية السائدة حتى بين ذوي الإعاقة أنفسهم.
غريب سليمان غريب
المدير التنفيذي لجمعية " حقوقي " لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة
منسق التحالف المصري لحقوق ذوي الإعاقة.
*1مايكل جي أوليفر، الاستجابات الاجتماعية للإعاقة طويلة الأجل
*2 دكتور/أحمد صالح السيف، حقوق المعاقين والتميز، دراسة قانونية مقارنة.
*3 حق ذوي الإعاقة في العمل، تقرير صادر عن جمعية حقوقي لحقوق ذوي الإعاقة.