تقدير الذات وقضية الإنجاز الفائق -قراءة جديدة فى سيكولوجية المبدع
د. تحية محمد أحمد عبد العال
تحتل الذات مكان القلب من الشخصية الإنسانية والمحور الأساسى لها، وقد اتخذت منها معظم الدراسات النفسية التى دارت حول هذه الشخصية الإنسانية محوراً لها، باعتبارها تمثل نسقاً معاشا من الخبرة، عايشته الذات خلال مراحل حياتها المختلفة، وهذا النسق الخبراتى هو ما يجعل للحياة دلالة بالنسبة للفرد حين يترسم من ملامح خبرته الذاتية المعاشة طريقا أو درباً ونهجاً يتخذه فى حياته المستقبلية، شريطة أن يعيش الخبرة متحرراً من قيود الانفعال من خلال تحقيق هدف يسعى إليه يستثير فيه الدافعية ويبعث فيه النشاط ويخلق لديه التحدى وأن قدراته لم تكون عاجزة عن الإتيان بفعل الإنجاز أو الإبداع سعيا للوصول إلى تحقيق الذات والإمكانيات.
ولهذا كانت تنمية الشخصية السوية القوية أو الذات الفاعلة (المبدعة)، وكذا الكشف عن الجوانب الإيجابية فى جنبات هذه الشخصية الإنسانية هو هدف وغاية نسعى إليها جميعاً كى نستطيع استثمار الطاقات وتوظيف القدرات والإمكانيات لدي هذه الذات بما يحقق لنا ولمجتمعنا العلو والرفعة والتقدم والسمو، ويسمح لنا بإمكانية العيش والحياة بكرامة فى ندية مع قيم الألفية الثالثة وتحولاتها، وهو الأمر الذى يتطلب من الفرد أن يكون أكثر إيماناً بذاته، وبقدرته على كسر الحواجز، وتخطى الصعاب، وركوب المخاطر، وارتياد المجهول رغبة منه فى أن يحقق ذاته من خلال عمل إنجازى خلاق يضفى عليها عمق التسامى وحسن التوظف والثراء الداخلى لهذه الذات الخلاقة، ذلك أن الشخصية بما تتمتع به من إيجابية خلاقة هى التى تتيح للذات وللمجتمع النمو،والمبدع هو الذى يقدر ذاته ويعطيها حق قدرها لما بذلته من طاقة وإمكانية مبدعة متدفقة فى نتاجات إبداعية أو ابتكارية تصل فى مستواها إلى حد الإنجاز الفائق – بلغة هذه الورقة البحثية- مما يتطلب من الفرد تقديراً أكثر إيجابية للذات وتحقيق أكثر للإمكانيات، رغبة من قبل الفرد فى التفوق والتميز والإنجاز.