تعليم اللغة العربية لذوي الاحتياجات الخاصة بين النظرية والتطبيق – كتاب
ملخص الكتاب
يقصد بالتربية الخاصة مجموعة البرامج والخطط والإستراتيجيات المصممة خصيصًا لتلبية الاحتياجات الخاصة بالأطفال غير العاديين ، وتشتمل على طرائق تدريس وأدوات وتجهيزات ومعدات خاصة، بالإضافة إلى خدمات مساندة , أما عن ذوي الاحتياجات الخاصة فهم أولئك الأطفال الذين يعانون من قصور أو ضعف في إحدى العمليات العقلية , أو في إحدى المهارات تجعلهم لا يستطيعون الاستفادة من البرامج أو المناهج التي تقدم لأترابهم من العاديين .
وتهدف التربية الخاصة إلى تربية وتعليم وتأهيل الأطفال ذوي الاحتياجات التربوية الخاصة بفئاتهم المختلفة ، كما تهدف إلى تدريبهم على اكتساب المهارات المناسبة حسب إمكاناتهم وقدراتهم وفق خطط مدروسة وبرامج خاصة بغرض الوصول بهم إلى أفضل مستوى وإعدادهم للحياة العامة والاندماج في المجتمع .
ويمكن تحقيق هذه الأهداف من خلال ما يلي :
أولاً : الكشف عن ذوي الاحتياجات التربوية الخاصة , وتحديد أماكن تواجدهم ليسهل توفير الخدمات التربوية الخاصة بهم .
ثانيًا : الكشف عن مواهب واستعدادات وقدرات كل طفل واستثمار كل ما يمكن استثماره منها .
ثالثًا : تحديد الاحتياجات التربوية والتأهيلية لكل طفل من أطفال التربية الخاصة .
رابعًا : استخدام الوسائل والمعينات المناسبة التي تمكن ذوي الاحتياجات التربوية الخاصة بمختلف فئاتهم من تنمية قدراتهم وإمكاناتهم بما يتلاءم مع استعداداتهم.
خامسًا : تنمية وتدريب الحواس المتبقية لدى ذوي الاحتياجات التربوية الخاصة للاستفادة منها في اكتساب الخبرات .
ونود الإشارة إلي أن العمل في ميدان تعليم ذوي الفئات الخاصة هو عمل إنساني بالدرجة الأولى (*) , حض عليه الإسلام بصفة عامة , وأكده الرسول الكريم حينما قال : أبغوني في الضعفاء , فإنما تنصرون وترزقون بضعفائكم .
والمتأمل في الأدبيات التربوية المعاصرة التي تناولت فئات التربية الخاصة سيجد – والحمد لله – وفرة من هذه الكتب ولاسيما في مجالي علم النفس والصحة النفسية , وبعض الكتب التنظيرية في المناهج وطرق التدريس , ولكن السؤال الذي يثار هو أين استراتيجيات التدريس الحديثة التي تتناسب وفئات التربية الخاصة ؟ ! أين البرامج التربوية التي تؤهل تلاميذ هذه الفئات ؟ وهنا يثار سؤال آخر , ولماذا هذا الكتاب , وما الجديد فيه ؟
وللإجابة عن السؤالين الأخيرين سنعرض للآتي :
لماذا هذا الكتاب ؟
يستهدف إعداد مثل هذا الكتاب تحقيق مجموعة من الغايات منها :
1) تأصيل مفهوم ذوي الفئات الخاصة , وتصنيفاتهم مع الإشارة إلي الصعوبات اللغوية التي يعانون منها , ومؤشرات كل صعوبة .
2) أنه – في حدود علمنا – لا يوجد كتاب في هذا المجال يتناول الاستراتيجيات العامة التي تصلح لمعظم فئات التربية الخاصة في تعليم وتعلم اللغة العربية .
3) أنه كتاب يجمع بين النظرية والتطبيق , بمعنى أننا لم نقف فقط عند ذكر الاستراتيجيات , وتحديد الأساس العلمي لكل منها , وإنما تعدى هذا الجهد إلي تطبيقها في فرع , أو مهارة من مهارات اللغة العربية .
4) أن هذا الكتاب قد تضمن الاتجاهات الحديثة لبناء المناهج , أو إعداد البرامج المناسبة لذوي الاحتياجات الخاصة مثل : الاتجاه المهاري في تعليم وتعلم اللغة , المدخل التكاملي بين فنون اللغة العربية , وأخيرًا المدخل الوظيفي الذي يركز علي أمرين هما : مدخل حاجات ذوي الفئات الخاصة , والمدخل العلاجي (للتغلب علي الصعوبات اللغوية) لدي هذه الفئات .
5) كما تناول المؤلفون كيفية تصميم وبناء مناهج لذوي التخلف العقلي (القابلين للتعلم) , والأسس التي يجب مراعاتها عند إعداد مثل هذه المناهج .
6) تحديد أنسب الأساليب والطرائق التي تتناول ذوي الإعاقة الذهنية من التعلم خلال تحليل المهمة Task Analysis , والتعلم الإفرادي Individualized Learning , أو من خلال التعلم عن طريق النموذج Learning by Modeling , أو التعلم من خلال الألعاب اللغوية Language Games , وتحديد مواصفات البرنامج التعليمي لهذه الفئة .
جمهور الكتاب :
أعد هذا الكتاب بصورته الحالية ؛ ليخدم قطاعًا كبيرًا من المهتمين بهذا المجال نذكر منهم :
1) مصممي المناهج : حيث يقدم لهم الكتاب مجموعة من الأسس التي يستند إليها عند إعداد مناهج المتخلفين عقليًا القابلين للتعلم , مع تقديم الاستراتيجيات المناسبة لهم , وكيفية تضمينها في المنهج المقترح .
2) التلاميذ ذوي الاحتياجات الخاصة , حيث يقدم لهم مجموعة من الاستراتيجيات التي تعينهم علي فهم دروس اللغة , علاوة علي تنمية مهارات التواصل بشقيه Communication Skills : الشفوي والكتابي , فضلاً عن بناء المناهج أو البرامج التي تتلاءم مع نوع الإعاقة أو الصعوبة , والاعتماد في هذا علي الجانب العلاجي من جهة , أو حاجات التلاميذ من جهة أخرى .
3) معلمي اللغة العربية الذين يوكل إليهم مهمة تعليم التلاميذ ذوي الاحتياجات الخاصة , حيث يقدم لهم العديد من الاستراتيجيات العامة التي تصلح لجميع التلاميذ من ذوي الإعاقة السمعية , أو البصرية , أو ذوي صعوبات التعلم , أو المتخلفين عقليًا القابلين للتعلم , أو الموهوبين , حيث يقدم الكتاب الأساس العلمي لكل استراتيجية , علاوة علي تقديم النماذج التطبيقية التي يمكن الاسترشاد بها لمحاكاتها عند تعليم أي فئة من هذه الفئات .
4) أولياء الأمور , حيث يقدم الكتاب أيضًا تعريفًا لكل نوع من فئات التربية الخاصة , مع ذكر لخصائصهم العقلية , واللغوية والانفعالية , والاجتماعية ؛ بما يسمح لهم بفهم نفسية كل طفل , وكيفية التعامل معه , ويرفع الحرج عن ذويهم عندما يمارسون معهم المواقف الاجتماعية المختلفة .
5) طلاب الدراسات العليا وخصوصًا طلاب الدبلوم العام في كليات التربية , حيث إن الكتاب يعد تلبية لمقرر جامعي جديد يدرسه هؤلاء الطلاب , ومن ثمَّ يسعى الكتاب إلي تقديم صورة عامة لذوي الاحتياجات الخاصة , مع تقديم الاستراتيجيات التي ربما تتناسب مع جميع الفئات وتطبيقها في مجال التخصص .
6) الباحثين : ربما يكون هذا الكتاب دليلاً للباحثين الذين يعملون في حقل تعليم اللغة العربية لفئة من فئات التربية الخاصة .
محتويات الكتاب :
حرص المؤلفون عند إعداد هذا الكتاب أن يقدم رؤية عامة لذوي الاحتياجات الخاصة , علاوة علي تأكيده علي بعض الاستراتيجيات العامة التي تصلح لجميع الطلاب , بصرف النظر عن نوع الإعاقة أو الصعوبة , وكان هذا الأمر بدافع من طموح جارف لدينا مؤداه أننا يجب أن نقدم في البداية للقاريء إلمامة عامة عن التربية الخاصة وفئاتها وتصنيفاتها , ثم يعقب ذلك – إن شاء الله تعالي – سلسلة من الكتب لتعليم اللغة العربية حسب نوع الإعاقة من جهة , وحسب نوع المادة المتعَلمة من جهة أخرى , بمعنى أننا ينبغي أن نخاطب الحاسة البديلة عند تعليم كل فئة , وأن نستثمرها في كل فن أو فرع أو مهارة من مهارات تعليم اللغة , ولذا فإن المُؤَلَّف الذي بين أيدينا يتناول خمسة فصول :
تناول الفصل الأول تأصيلاً لمفهوم التربية الخاصة , وتصنيفات الطلاب في كل فئة , مع تحديد خصائصها ؛ انطلاقًا – بعد ذلك – من تحديد الاستراتيجيات المناسبة لها , أما الفصل الثاني فقد تناول اتجاهات تعليم اللغة العربية لذوي الاحتياجات الخاصة , حيث أصَّل هذا الفصل لمفهوم اللغة وخصائصها , ومداخل بناء المناهج ولاسيما لذوي التخلف العقلي القابلين للتعلم , بالإضافة إلي تحديد مداخل تعليم اللغة لذوي الاحتياجات الخاصة من المدخل المهاري , والمدخل التكاملي , وأخيرًا المدخل الوظيفي .
أما الفصل الثالث فقد تناول الاستراتيجيات التدريسية العامة لذوي الفئات الخاصة , وتناول هذا الفصل ثلاث فئات من هذه الاستراتيجيات هي : استراتيجيات التعلم النشط وضمت استراتيجيات التعلم التعاوني , والتعلم بالاكتشاف , وإستراتيجية لعب الدور , أما الفئة الثانية فقد تناولت استراتيجيات التدريس العلاجي وضمت إستراتيجيتين هما : استراتيجية التعلم حتى التمكن , وإستراتيجية التدريس التشخيصي العلاجي , أما الفئة الثالثة فقد ضمت استراتيجيات تنمية التفكير وضمت استراتيجيتين هما : استراتيجية KWL , وإستراتيجية العصف الذهني , مع تقديم نموذج تطبيقي لكل استراتيجية من هذه الاستراتيجيات .
أما الفصل الرابع فقد تناول طرائق وأساليب تدريس اللغة العربية لذوي الاحتياجات الخاصة , حيث عرض لبعض الاستراتيجيات الخاصة بذوي التخلف العقلي من تحليل المهمة , والتعلم الإفرادي , والتعلم بالنموذج , والألعاب اللغوية , علاوة علي توصيف البرنامج القرائي لهذه الفئة , ودور القصص المصورة في تعليم المتخلفين عقليًا القابلين للتعلم , فضلاً عن استراتيجيات التدريس لذوي الإعاقة السمعية, وأساليب التدريس لذوي الإعاقة البصرية .
أما الفصل الخامس والأخير فقد تناول الأنشطة اللغوية ودورها في تنمية مهارات التعبير الشفوي الوظيفي لذوي التخلف العقلي , مع توضيح لأهمية الأنشطة لهؤلاء الطلاب , وأسس بناء برنامج النشاط , ثم تدعيم ذلك بذكر العديد من الدراسات العربية والأجنبية التي تناولت الأنشطة اللغوية , والتعبير الشفوي عامة والوظيفي خاصة , وأخيرًا الدراسات التي تناولت المتخلفين عقليًا القابلين للتعلم .
وفي الختام فهذا الجهد يعلم الله أننا قد بلغنا فيه الوسع " لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إلا وُسْعَهَا " , فإن كنا قد وفقنا فهذا فضل الله يؤتيه من يشاء " يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُوا الأَلْبَابِ " , وإن كنا قد قصرنا فهذا جهد بشر يشوبه النقص والتقصير , وحسبنا أننا حاولنا بهذا العمل إضاءة شمعة تنير لنا الطريق عند تعليم وتعلم أبنائنا ذوي الاحتياجات الخاصة للغة العربية في أرجاء وطننا العربي الكبير .
والله من وراء القصد , وهو الهادي إلي سواء السبيل
المؤلفون