إعداد : ايهم الفاعوري
استثمار الموهبة و التفوق :
كثيراً ما نلحظ في النظم التربوية في عالمنا العربي التركيز على ما يسمى تنمية الموهبة , حسناً ماذا تعني هذه العبارة بالنسبة لهذه النظم , إنها عبارة عن فرز الطلاب ذوي التحصيل المرتفع عن الطلاب العاديين وتقديم خدمات تربوية متكاملة لهم , ماذا بعد ذلك ؟ إشارة استفهام كبيرة تطرح وخاصة حول المفاهيم التي تستخدم لدينا عن التفوق والموهبة , نسمع عن تجارب وعن محاولات لرعاية الموهبة وهي ليست في الصراحة سوى عناية بالطلاب ذوي التحصيل المرتفع لا غير , و في هذا الأمر لا نحاول أبداً الانتقاص من إمكانيات الطلبة ذوي التحصيل المرتفع ولكن نقف عند مسألة مهمة وهي أن أنظمتنا التربوية عاجزة بشكل كبير عن إعداد الكوادر ذات الكفاءة العالية وحتى إذا أعدتها فإنّها لا تقدم لها فرص الانخراط المباشر في ميدان العمل والذي يناسب الميدان الذي أعدت له هذا إذا كان هناك تطوير لهذا التفوق وتوجيه في أحد الميادين , وغالباً تهاجر هذه الكفاءات نتيجة لعدم استثمارها الاستثمار الجيد أو عدم قدرة بلادها على تنمية طموحاتها . إذاً ما المطلوب ؟
من خلال ما سبق لابد من الدعوة إلى مفهوم جديد في التعامل مع مفهومي التفوق والموهبة ’ هذا المفهوم قد أشير إليه في كتابات عربية ولكنها كانت خجولة أو منقولة لا غير , هذا المفهوم هو مفهوم استثمار الموهبة , وإذا حاولنا إعطاء تعريف لهذا المفهوم نستطيع أن نعرفه بأنه: جملة التدابير والخطوات التي تتخذ في مجال الكشف عن الأطفال المتفوقين والموهوبين وتقديم الرعاية المناسبة لهم , وتوجيه تفوقهم وموهبتهم نحو الميدان الذي يتوقع أن ترتقي فيه , ومن ثم التكفل بتأمين العمل المناسب لهذه الموهبة , مع الأخذ بالاعتبار عملية توفير الجو العلمي والعملي المناسب لكي تكشف هذه المواهب عن إمكانياتها .
هذا التعريف يتضمن مجموعة من الخطوات والتوصيات يمكننا حصرها في شكل مجموعة من التوصيات هي:
1. إعداد خطط على مستوى الدولة تتضمن الأيمان بأهمية وضرورة رعاية التفوق والموهبة , والسعي إلى تحقيقها.
2. تخريج كوادر علمية قادرة على التعامل مع المهمات الملقاة على عاتقها في رعاية التفوق والموهبة (وهذه المهمات سنذكرها لاحقاً ).
3. إعداد أدوات الكشف اللازمة لمثل هكذا مهمات وتتضمن ( قوائم رصد , سجلات متابعة , دفاتر ملاحظات , مقاييس ذات صلة ) على أن تكون هذه الأدوات قد صممت في بيئتها العربية, بحيث تكون معبرة فعلاً لما وضعت لقياسه وذات دلالة وصدق كبيرين يمكن الارتكان إلى نتائجها .
4. الاستعانة بالأدوات التي تم إعدادها لهذه الأغراض لفرز الطلاب بهدف الكشف عن الطلاب الموهوبين والمتفوقين بهدف رعاية هذه الصفات لديهم .
5. بعد فرز الطلاب يتم إعداد الخطط والبرامج المناسبة لهم , مع الأخذ في الاعتبار الميادين التي تبرز فيها موهبتهم وتفوقهم , بغرض تدعيمها .
6. التعاون مع مؤسسات المجتمع بحيث يتم تشكيل دورات تدريبية للطلاب تتضمن المساهمة والمتابعة بشكل مباشر في ميدان العمل ( مثال على ذلك نعد دورات للطلاب الذين يظهر لديهم ميل قوي في مجال الإلكترون في أحد المؤسسات التي تصنّع الأدوات الكهربائية , بحيث يؤدي ذلك إلى احتكاك مباشر لهؤلاء الطلاب مع الاختصاص الذي يميلون إليه وتقديم خبرة عملية لهم في هذا الميدان ).
7. بعد تخرج الطلاب يتم تحويلهم نحو المؤسسات و المعامل و الوظائف التي اعدوا لها والتي كانت موافقة لميولهم.
8. تخصيص ريع سنوي لهؤلاء الطلاب في حال حاول احدهم الإتيان بفكرة جديدة يتضح إنها ذات فائدة وذلك بعد فحصها من لجنة مختصة , بحيث يكون قادراً على تنفيذ فكرته , وفي حال ثبت نجاحها يتم تقديم مكافأة له عليها.
9. التأكيد على دور وسائل الإعلام في تشكيل رأي عام داعم للموهبة والتفوق ومحضٍّ عليها .
طبعاً هذه الأهداف ليست كاملة بكل معنى الكلمة ويمكننا عدها كمجرد اقتراحات يمكن الاستفادة منها في هذا الميدان .
إن من دواعي كتابة الأسطر السابقة هو الشعور بوجود حلقة مفقودة توجد عند انتهاء هذا الموهوب أو المتفوق من تعليمه , حيث يصدم بواقع لا يراعي هذه الصفات لديه أو لنسميها هذه الطاقة , وبالتالي هذا الأمر سيؤدي إلى محاولة البحث عن فرص أكثر ملائمة لها خارج البلد الذي توجد فيه , وبالتالي يخسر البلد مثل هكذا طاقات يكون قد تعب عليها ولكن لم يستطع استثمارها .
« آخــر المشـاركــات »
01-09-2009, 04:34 PM
استثمار الموهبة والتفوق
العرض العادي
