الذكاء الانفعالي:
على مدى طويل اعتبرت الانفعالات منفصلة عن التفكير حيث اعتبرا نقيضان لبعضهما البعض , إلا انه حالياً فقد بدءا النظر إلى الانفعالات على أنها سلوكيات منظمة تحكمها قوانين تعتمد بشكل كبير على المعرفة والبنية المعرفية للفرد , ويشير كل من ماير وسالوفي (Mayer&Salovey ,1997) إلى أن الذكاء و الانفعال يعملان معاً حيث تعكس الانفعالات معلومات عن الفرد من حيث قدراته وعلاقاته مع الآخرين لا بل علاقاته مع ذاته وذاكرته وتفكيره , ومن هنا ظهرت مفاهيم الذكاء الانفعالي (Emotional Intelligence).
ولعل الفضل يعود إلى كل من ماير وسالوفي (Mayer&Salovey ,1990) في ظهور مفهوم الذكاء الانفعالي والذي هو قدرة الفرد على مراقبة انفعالاته الذاتية وانفعالات الآخرين واستغلال هذه المعلومات لتوجيه سلوكه وتفكيره , وحدد غولمان (Goleman,1995) في أول كتاب عن الذكاء الانفعالي أن الذكاء الانفعالي يدرس أهم الانفعالات الذاتية وإدارتها , وتحفيز الذات , والتعرف على انفعالات الآخرين وحسن التعامل معهم.
أبعاد الذكاء الانفعالي : حدد ماير وسالوفي (Mayer&Salovey ,1997) أربعة أبعاد رئيسية للذكاء الانفعالي وهي :
1. إدراك وتقييم الانفعالات والتعبير عنها :
يمثل هذا البعد أدنى مستويات الذكاء الانفعالي حيث يرتبط بقدرة الفرد على إدراك انفعالاته الذاتية وانفعالات الآخرين , وتقييمها , والتعبير عنها بدقة وبشكل فعّال أمام الآخرين دون أية حساسية.
2. استخدام الانفعالات لتسهيل التفكير:
ويشير هذا البعد إلى القدرة على توليد واستخدام الانفعالات كوسيلة لتوليد التفكير من خلال نقل المشاعر والأحاسيس وفهمها وتحليلها وتوظيفها في عملياته المعرفية لتسهيل عمل هذه العمليات وعدم إعاقتها . ففهم الانفعالات يعني شكل من أشكال المعالجات المعرفية وبالتالي يعني استثارة للبنية المعرفية محدثة فيها تغييرات فيها , مما ينعكس على النظام المعرفي العام للفرد من خلال معالجته المعرفية للمواقف الأخرى.
كذلك فان علاقة الأمزجة الانفعالية بالتفكير علاقة واضحة ومعروفة حيث إن نمط المزاج ينعكس سلباً أو إيجاباً على نمط التفكير وأسلوبه و النتائج المترتبة عليه.
3. فهم وتحليل الانفعالات :
ويتمثل هذا البعد بالقدرة على فهم الانفعالات وترابطها وتكاملها وتقدير معانيها , فالأطفال قادرون على التعرف على الانفعالات وتصنيفها وإدراك العلاقات بينها من حيث التشابه و الاختلاف مثل علاقة الإعجاب أو الحب أو الغضب أو الانزعاج , ويتعلم الفرد مع الخبرة أن يدرك أن الانفعالات البسيطة قادرة على تشكيل الانفعالات المركبة فأنت قادر على أن تحب وتكره نفس الشخص أو أن تحبه في الصباح وتتضايق منه في السماء , وهذا شيء طبيعي في الانفعالات وإدارتها , كذلك يتعلم الفرد أن الانفعال قابل للنمو و التغير وفق معطيات البيئة , فأنت تغضب من شخص ما , ثم تثور وينتابك الهيجان إذا اصدر منه سلوك أو فعل يبرر ذلك الهيجان أو تنتقل إلى حالة من الهدوء إذا اعتذر منك.
4. التنظيم التأملي للانفعالات :
ويعد هذا البعد أعلى مستويات الذكاء الانفعالي لأنه يركز على التنظيم الواعي للانفعالات من اجل تعزيز النمو الانفعالي السليم للفرد , ويتمثل هذا البعد بالقدرة على الانفتاح على المشاعر و الأحاسيس وتعديلها من أجل تطوير النمو الشخصي للذات انفعالياً . وعندما يتقبل الفرد ردود الفعل الانفعالية السارة وغير السارة أو يميز بين الوقت المناسب و غير المناسب للاندماج مع الآخرين , فانه مؤشر جيد على الانفتاح على المشاعر وفهمها والنضج الانفعالي الجيد.
عندما ينضج الفرد انفعالياً , فانه يبدأ بفهم انفعالاته ويظهر التأملات الواعية للاستجابات الانفعالية لذاته أو نحو الآخرين مما يدل على اكتسابه لما عرف بما وراء الخبرة الانفعالية أو المزاجية , ولذلك فان التفكير ما وراء المعرفي و الانفعال ما وراء المعرفي يمكن اعتبارهما نموذجان على التفكير بالتفكير في القضايا الانفعالية وغيرها مما يواجه الفرد من مهمات يومية.
مكونات الذكاء الانفعالي :
توصل الباحثون إلى أن الذكاء الانفعالي خاصية مركبة من خمس مكونات أساسية وهي :
1. المعرفة الانفعالية :
وهي الركيزة الأساسية للذكاء الانفعالي , وتتمثل في القدرة على الانتباه و الإدراك الجيد للانفعالات والمشاعر الذاتية وحسن التمييز بينها , والوعي بالعلاقة بين الأفكار والمشاعر.
2. إدارة الانفعالات :
وتشير إلى القدرة على التحكم في الانفعالات السلبية وكسب الوقت للتحكم فيها وتحويلها إلى انفعالات ايجابية و وهزيمة القلق و الاكتئاب وممارسة مهارات الحياة.
3. تنظيم الانفعالات :
وتشير إلى القدرة على تنظيم الانفعالات و المشاعر وتوجيهها إلى تحقيق الانجاز و التفوق , واستعمال المشاعر و الانفعالات في صنع أفضل القرارات , وفهم كيف يتفاعل الآخرون بالانفعالات المختلفة و وكيف تتحول الانفعالات من مرحلة إلى أخرى.
4. التعاطف :
ويشير إلى القدرة على إدراك انفعالات الآخرين و التوحد معهم انفعالياً وفهم مشاعرهم وانفعالاتهم والتناغم معهم والاتصال بهم دون أن يكون السلوك محملاً بالانفعالات الشخصية.
5. التواصل :
ويشير إلى التأثير الايجابي و القوي في الآخرين , عن طريق إدراك انفعالاتهم ومشاعرهم ومعرفة متى تقود ومتى تتبع الآخرين وتساندهم, والتصرف معهم بطريقة لائقة.:coo l:
المصادر:
1. العتوم , عدنان يوسف , (2004), (علم النفس المعرفي ـ النظرية و التطبيق) , الطبعة الأولى , دار المسيرة , عمّان, الأردن.
2. عبده , عبد الهادي السيد ـ عثمان , فاروق السيد , ( 2002) , ( القياس والاختبارات النفسية أسس وأدوات ) , الطبعة الأولى , دار الفكر العربي , القاهرة, مصر.