#1  
قديم 05-09-2013, 12:24 PM
الصورة الرمزية معلم متقاعد
معلم متقاعد معلم متقاعد غير متواجد حالياً
عضو ذهبي
 
تاريخ التسجيل: Mar 2008
المشاركات: 1,190
افتراضي دور رياض الأطفال في تنمية القيم لدى طفل ما قبل المدرسة في محافظة خان يونس من وجهة نظر المعلمين

 

دور رياض الأطفال في تنميةالقيم لدى طفل ما قبل المدرسة في محافظة خان يونس من وجهة نظر المعلمين



المقدمة


بادئ ذي بدء أحمد الله وأثني عليه بما هو أهل له على ماأنعم عليّ من نعمة الكثيرة والتي من بينها إتمام هذه الدراسة وذلك عملاً بقولهتعالى :  لَئِنشَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْومن ثمأتقدم بالشكر والتقدير للدكتور المشرف على البحث على المجهود الذي بذله معي في سبيلإتمام هذه الدراسة على ما يجب .

كما أتقدم بالشكر والتقدير للأخوة في المكتبات العامةوالخاصةكما أتقدم بالشكر والتقديرللأصدقاء والزملاء على ما أولوني إياه من تشجيع وتحفيز من أجل إتمام دراستي بشكلعام وإتمام هذه الدراسة بشكل خاص .
وأخيراً أتقدم بالشكر والتقدير لكل من ساهمأو ساعد في إخراج هذه الدراسة للنور ... فجزى الله الجميع عني خير جزاء .





فهرسالمحتويات


الفصل الأول . . . . خطة الدراسة


o المقدمة


o مشكلةالبحث


o أهدافالبحث


o أهميةالبحث


o فرضياتالدراسة


o منهجالدراسة


o مجتمعالدراسة
عينةالدراسة
أداةالدراسة
أسلوبالدراسة
حدودالدراسة



مصطلحاتالدراسة



الفصل الثاني . . . . الإطار النظريالدراسة


o تمهيد


o الطفولة وتشكيلالشخصية


o أهمية مرحلةالطفولة المبكرة


o رياض الأطفال وأهميتها التربوية


o الدور التربويلرياض الأطفال


o ترسيخ القيم عندالطفل


o طرق استيعاب الطفلللقيم


الفصل الثالث . . . . دراساتسابقة


o الدراساتالسابقة
التعقيبعلى الدراساتالسابقة




الفصل الرابع . . . . الطريقة والإجراءات


o مجتمعالدراسة


o منهجالدراسة


o عينةالدراسة


o أداةالدراسة


o خطوات أداةالدراسة


o الخصائصالسيكومترية للاستبانة


o أسلوبالدراسة


الفصل الخامس . . . عرض نتائج الدراسةوتفسيرها


o عرض نتائج الدراسةومناقشتها


o النتائج


o التوصيات


o المقترحات


o قائمةالمراجع
الملاحق




الفصلالأول


خطةالدراسة


o المقدمة
مشكلة البحث
أهداف البحث
أهمية البحث
فرضيات الدراسة
أسلوب الدراسة
عينة الدراسة
أداة الدراسة
مجالات البحث


 

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 05-09-2013, 12:25 PM
الصورة الرمزية معلم متقاعد
معلم متقاعد معلم متقاعد غير متواجد حالياً
عضو ذهبي
 
تاريخ التسجيل: Mar 2008
المشاركات: 1,190
افتراضي

 

الفصل الأول
أولاً - مقـدمة :
أنعملية التنشئة الاجتماعية عملية تكيف الطفل لبيئته الاجتماعية ، وتشكيله على صورةمجتمعه ، وصياغته في القالب والشكل الذي يرتضيه ، فهي عملية تربية وتعليم تضطلع بهاالأسرة والمربون ، بغية تعليم الطفل الامتثال لمطالب المجتمع والاندماج في ثقافته ،والخضوع لالتزاماته ، وتعليمة القيم السائدة ، ومجاراة الآخرين بوجه عام .

وعمليةالتنشئة الاجتماعية تقوم على ضبط سلوك الفرد وكفه عن الأعمال التي لا يقبلهاالمجتمع وتشجيعه على ما يرضاه منها ، حتى يكون متوافقاً مع الثقافة التي يعيش فيها، فالضبط الاجتماعي لازم لحفظ الحياة الاجتماعية ، وضروري لبقاء الإنسان ، وطبيعةالإنسان لا تكون بشرية صالحة للحياة الاجتماعية ، إلا بخضوعها لقيود النظم المختلفةمن عادات وتقاليد وقيم وغير ذلك من الضوابط الاجتماعية ، التي تهذب النفس وتسمو بها، بذلك يعيش الإنسان في سلام مع غيره من الناس ويكتسب حبهم واحترامهم (فوزية دياب ، 2001 ،ص114) .

يولد الطفل مزوداً بقدرة على التعلم ، لكنه لا يولدمزوداً بأنماط السلوك ، فهذه يتهلمها من الحياة الاجتماعية ، فالتعلم يشكل شخصيتهبطريقة تجعله صالحاً لحياة منظمة تبع أنماط معينة ترتضيها المجموعات الصغيرةوالجماعات الكبيرة ، ويرضى عنها المجتمع بوجه عام ، وهذه القدرة الفائقة على التعلمالتي حبت الطبيعة الإنسان بها ، تلك القدرة التي تعلو عند الإنسان على ما يوجد منهاعند سائر المخلوقات الأخرى ، هي الأساس الذي يعتمد عليه المجتمع في ضبط الإنسانوتحديد دوافعه حتى يكون سلوكه متوافقاً مع الحياة الاجتماعية السائدة (فوزية دياب ، 2001 ،ص115) .
يحتل مفهوم القيم في العلوم النفسيةوالاجتماعية أهمية كبرى ، باعتباره أحد العوامل التي توحد سلوك الأفراد والتي تحققوحدة الفكر والحكم والسلوك داخل الحياة الاجتماعية .
وتعتبرالقيم من أكثر سمات الشخصية تأثيراً بالإطار الثقافي في المجتمع ، فلكل مجتمع نسقهالقيمي الخاص الذي يكاد يكون شائعاً بين أبنائه ( يوسف محمد ، 1990 ،ص57) .
ومعرفة القيم السائدة في المجتمع تساعد على معرفة نوعالثقافة الشائعة فيه ، وتساعد على تحديد وفهم الفلسفة العامة لهذا المجتمع ، علىأساس أن القيم انعكاس للأسلوب الذي يفكر به الناس ، في إطار ثقافة معينة وفي فترةزمنية محددة .
تبدأ عمـلية التعلموضبط دوافـع الطفـل في الأسرة منذ سن مبكر جداً . وهناكثلاث درجات لضبط دوافع الطفل وسلوكه .
تعد الدرجة الأولى أدنى درجات الضبط لأنهاتقع في المستوى العضوي ، ووسيلتها الشعور باللذة والألم ، فالضبط من الدرجة الأولىيفيد في تعليم الطفل تعليماً شرطياً في مرحلة مبكرة ، فهو يكرر ما يحدث له ارتياحاًوما يشعره باللذة . وتتكون العادة نتيجة هذا التكرار المصحوب بالارتياح واللذة .

أماالدرجة الثانية للضبط فتقع في المستوى الاجتماعي ، حيث تكون شخصية الطفل قد أخذت فيالنمو ، ويكون عقله قد بدأ يميز ويدرك الأمور تدريجياً ، وتتأثر شخصية الطفل في هذهالمرحلة تأثيراً شديداً بالإيحاء ، والتقليد والإحباط ، ومختلف القوى الأخرىالمشابهة ، والمجموعة ، ممثلة في الأسرة ، وثلة الأصدقاء ، وعصبة الأقران ، والسلطةالعليا في ضبط السلوك ، وتنميطه حسب معاييرها وقيمها ومثلها ومبادئها ، فالفرد فيالأسرة في أغلب الحضارات محدد المكانة ، معتمد على الغير ، آخذ ، ناقل ، مطيع ،خاضع ، وهو في الثلة آخذ معط ، ودود ، مفض بسره ، كاتم لأسرار غيره هادئ ، متعاون ،مستعد للتضحية ، محب للغير ، وهو في العصبية مغامر ، متنافس ، متحد ، مكافح ، مثابر، مبتكر ، أناني .

أما الدرجة الثالثة للضبط فتقه في المستوى الثقافي الذييطلق عليه اصطلاح فوق العضوي ، ويشتمل الضبط في هذه المرحلة على الظواهر الثقافيةوالآداب الشعبية ، والأوامر ، والنواهي ، والأعراف ، والطرائق الفنية ، وأنماطالسلوك الرمزية المستحدثة ، فالثقافة هي القالب الذي يشكل الشخصية وينمط سلوكها (فوزية دياب ، 2001 ،ص116) .

مما أجمع عليه علماء الاجتماع والتربية أن الأسرة لم تعدالمؤسسة الوحيدة التي تعلب الدور في تنشئة الطفل حيث تلعب جهات ومؤسسات أخرى دوركبير في تنشئة الطفل من أهمها المدرسة إلا أن المدرسة أصبحت في الوقت الحاضر تسبقهافترة تحضيرية أو ما يعرف في علم التربية بطفل ما قبل المدرسة ، إذ أصبحت دورالحضانة تلعب دوراً أساسياً في تأسيس الطفل قبل دخوله إلى عالمالمدرسة (فوزية دياب ، 2001 ،ص117) ..
ومماسبق يتبن لنا أن رياض الأطفال يقع على عاتقها دوراً كبير في غرس القيم المجتمعية فينفوس الأطفال قبل دخولهم إلى المدرسة حيث تعتبر حلقة التواصل بين البيت والمدرسة فيغرس القيم لدى أطفال ما قبل المدرسة .
ومن هنا أراد الباحث إجراء هذه الدراسةلمعرفة دور رياض الأطفال في تنمية القيم لدى طفل ما قبل المدرسة في محافظة خان يونس .

ثانياً - مشكلةالدراسة :
تكمن مشكلة الدراسة في الإجابة على السؤال الرئيس التالي :
ما دوررياض الأطفال في تنمية القيم لدى طفل ما قبل المدرسة في محافظة خان يونس؟
وينبعثمن هذا السؤال الأسئلة الفرعية التالية :
_
هل يختلف دوررياض الأطفال في تنمية القيم لدى طفل ما قبل المدرسة في محافظة خان يونس باختلافالوظيفة ؟
_
هل يختلف دور رياض الأطفال في تنمية القيملدى طفل ما قبل المدرسة في محافظة خان يونس باختلاف مكان السكن؟
_
هل يختلف دور رياض الأطفال في تنمية القيم لدى طفل ماقبل المدرسة في محافظة خان يونس باختلاف سنوات الخبرة؟
_
هل يختلف دور رياض الأطفال في تنمية القيم لدى طفل ماقبل المدرسة في محافظة خان يونس باختلاف المؤهل العلمي؟
ثالثاً - أهداف الدراسة :
هدفت الدراسة إلى ما يلي :
-
التعرف على مدىأهمية رياض الأطفال كحلقة وصل بين البيت والمدرسة في تواصل تعليم القيم لأطفال ماقبل المدرسة .
-
التعرف على دوررياض الأطفال في تنمية القيم لدى طفل ما قبل المدرسة .

-
التعرف على أثر بعض المتغيرات على الدورالذي تلعبه رياض الأطفال في تنشئة أطفال ما قبل المدرسة .

رابعاً - أهمية الدراسة :
- تكمن أهمية الدراسة الحالية في أنها تدرسدور مهم من أدوار تنشئة الأطفال وتنمية القيم لديهم وهو دور رياض الأطفال .
-
هذا بالإضافة إلى أن هذه الدراسة تساعدأصحاب رياض الأطفال في تنمية قدرات رياضهم والارتقاء بها للمستوى الكبير الذي تقومبه .
-
كما أن هذه الدراسة تساعد القائمين على وضعالمناهج التربوية الخاصة برياض الأطفال لتستطيع القيام بواجبها التربوي على أكملوجه .
فروض الدراسة :
_
توجد فروق ذات دلالة إحصائية لدور رياض الأطفال في تنميةالقيم لدى طفل ما قبل المدرسة في محافظة خان يونس تعزى لمتغير الوظيفة ( مديرة ، معلمة ) .
_
توجد فروق ذات دلالةإحصائية لدور رياض الأطفال في تنمية القيم لدى طفل ما قبل المدرسة في محافظة خانيونس تعزى لمتغير مكان السكن ( مدينة ،قرية ، مخيم ) .
_
توجد فروق ذات دلالة إحصائية لدور رياض الأطفال في تنميةالقيم لدى طفل ما قبل المدرسة في محافظة خان يونس تعزى لمتغير سنوات الخبرة ( دون 3 ، 3-10 ، فوقال 10 ) .
_
توجد فروق ذات دلالةإحصائية لدور رياض الأطفال في تنمية القيم لدى طفل ما قبل المدرسة في محافظة خانيونس تعزى لمتغير المؤهل العلمي ( ثانوي ،دبلوم ، جامعي ) .

منهج الدراسة : سوف تتبع الدراسة الحالية المنهجالوصفي التحليلي الذي يعمل على تتبع الظاهرة موضع الدراسة وأسبابها والعواملالمؤثرة فيها وتفسير نتائجها دون التدخل من الباحث ذاته .
مجتمع الدراسة : سوف تطبق هذه الدراسة في محافظة خان يونس .

عينة الدراسة : سوف تطبق الدراسة الحالية علىعينة عشوائية بحجم (50) معلمة ومديرة روضة من معلمات رياض في محافظة خان يونس .

أداة الدراسة : سوف تستخدم هذه الدراسةالاستبانة كأداة لجمع المعلومات .

أسلوب الدراسة : سوف تستخدم الدراسة الأسلوب الإحصائي المتمثل بالتوزيع التكراري والنسب المئويةوالأوساط الحسابية هذا بالإضافة إلى اختبار (T.Test) .

حدود الدراسة :
تقع حدودالدراسة فيما يلي :
الحد المكاني : محافظة خان يونس .
الحدالزماني : الفصل الأول من العام الدراسة 2005-2006 .
الحدالبشري : معلمات ومديرات رياض الأطفال في محافظة خان يونس .
مصطلحات الدراسة :
-
القيم الأخلاقية :
يعرفهاإبراهيم قشقوش ( 1973 )بأنها تنظيمات نفسية يكتسبها الفرد من خلال تشربه لقيموعادات وتقاليد الوسط الاجتماعي الذي يعيش فيه ويمارس دوره من خلاله ، وتتضح هذهالتنظيمات من خلال مواقف الفرد الحياتية وتفاعلاته مع ذاته ومع الآخرين ، فهي تشملكافة جوانب نشاط الإنسان وتفاعله مع بيئته وتصرفاته وسلوكياته التي تنظم علاقتهبالله وبالكون وبالمجتمع ( إبراهيم قشقوش ، 1983 : ص4 ) .
ويعرف الباحث القيم الأخلاقية بأنها مجموعةالقوانين والأهداف والمثل العالية التي نحكم بها على سلوك الفرد وتفاعله مع الآخرين .

-
رياض الأطفال :
هيمؤسسات تربوية ذات مواصفات خاصة ، تستقبل الأطفال في مرحلة عمرية تسبق المدرسةالابتدائية من الذين بلغوا سن الثالثة ولم يتجاوزوا السادسة ، وتهدف إلى تحقيقالنمو المتكامل لطفل هذه المرحلة بما توفر له من ممارسة الأنشطة الهادفة ، واكتسابالمهارات التي تمكنه من مواجهة المواقف الحياتية والتعاون مع الآخرين ( جوزال عبد الرحيم ، 1981 : ص18 ) .

-
معلمة الرياض :
هيالمعلمة المعدة إعداداً دينياً وتربوياً وعملياً لاحتضان الطفل والقيام بتنشئتهوتطبيعه اجتماعياً عن طريق بذل المحاولات الجادة لضبط وتوجيه سلوكه باستخدام أساليبإيجابية فعالة منبثقة من الأهداف التربوية والقيم الأخلاقية ( فضيلة زمزمي ، 1994 : ص10 ) .

-
طفل الرياض :
المقصودبه الطفل الملتحق برياض الأطفال والذي يتراوح عمره من ( 4-6 ) سنواتوتعتبر هذه الفترة هي فترة المرونة والقابلية للتعلم وتطوير المهارات ، كما أنهافترة النشاط الأكبر والنمو اللغوي الأكثر ( أمل القداح ، 1997 : ص10) .


 

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 05-09-2013, 12:28 PM
الصورة الرمزية معلم متقاعد
معلم متقاعد معلم متقاعد غير متواجد حالياً
عضو ذهبي
 
تاريخ التسجيل: Mar 2008
المشاركات: 1,190
افتراضي

 

الفصلالثاني
الإطار النظريللدراسة
H تمهيد :
H
الطفولة وتشكيل الشخصية
H
أهمية مرحلة الطفولة المبكرة :
H
رياضالأطفال وأهميتهاالتربوية
H
الدورالتربوي لرياض الأطفال:
H
ترسيخالقيم عند الطفل
H
طرقاستيعاب الطفل للقيم :
الفصلالثاني
تمهيد :
يشكلالأطفال ثلث عدد سكان العالم تقريباً ، إلا أن أهمية الطفولة لا تنبع من مجرد ضخامةالعدد في حد ذاته بل من كونهم نواة المستقبل ، أو هم المستقبل ذاته لأنه ملك لهمويجب أن نهيئ الظروف المناسبة لكي يسيروا نحوه في خطى قوية وثابتة .
ويمثلالاهتمام بتربية الطفل ورعايته منذ مرحلة الطفولة الباكرة واحداً من أهم المعاييرالتي يمكن أن يقاس بها تقدم أي مجتمع ومدى تطوره ، كما أن رعاية الأطفال وتربيتهمهو إعداد لمواجهة التحديات الحضارية التي تفرضها حتمية التطور والتغير الاجتماعي ،خاصة بالنسبة للمجتمع الفلسطيني الذي يتسم بطبيعة خاصة وظروف متفردة وتحديات حضاريةواجتماعية وسياسية يندر أن يواجهها أي مجتمع آخر ، مما يحتم عليه الاهتمام برعايةأطفاله والاهتمام بتنشئتهم منذ السنوات الأولى من حياتهم التي تعد من أهم المراحلفي تكوين شخصيتهم ، ففي هذه المرحلة يكون شديد القابلية للتأثر بالعوامل المختلفةالمحيطة به في الأسرة والمجتمع بصورة تترك بصماتها الواضحة عليه طوال حياته وخاصةمن الناحية الجسمية والعقلية والنفسية ( ميادة الباسل ، 1987 ، ص3 ) .
الطفولة وتشكيلالشخصية
وتعتبر هذه المرحلة فترة تكوينية حاسمة في حياة الإنسان، لأنها فترة يتم فيها وضع البذور الأولى للشخصية التي تتبلور وتظهر ملامحها فيمستقبل حياة الفرد ، حيث ويكون فيها الطفل فكرة سليمة عن نفسه ومفهوماً متكاملاً عنذاته الجسمية والنفسية والاجتماعية في الحياة والمجتمع ( سعدية بهادر، 1987 ، ص15 ) .
وقد شهد هذا القرن اهتماماً فائقاً بالمراحل الأولى منحياة الطفل لاسيما من قبل المتخصصين والآباء ، لأن الطفل في هذه المرحلة يكتسبكثيراً من معارفه واتجاهاته ، ومهاراته وهي مرحلة لها أهميتها القصوى من الناحيةالاجتماعية من حيث غرس القيم الأخلاقية والاجتماعية التي تدعم روح المواطنة الصالحةوالمبادئ القويمة ، لذا تشير كثير من الدراسات إلى الأثر الراسخ لمرحلة الطفولة فيشخصية الفرد سلبياً أو إيجابياً تبعاً للظروف البيئية والخبرات الحياتية التييعايشها ، ويبرز هذا الاتجاه واضحاً في فكر فرويد Freud وأتباعه من أصحاب مدرسة التحليل النفسي الذين يركزونعلى مرحلة الطفولة ، وعلى الأخص السنوات الخمس الأولى من حياة الطفل ، وأثر ذلك فيشخصيته مستقبلاً ( نايفة قطامي، محمد برهوم، 1989 ، ص18 ) .
كماتعتبر هذه المرحلة من أهم الفترات التأسيسية لبناء شخصية الفرد وتشكيل سلوكياتهالمكتسبة ، حيث يبدأ الطفل في هذه المرحلة في تعلم المعايير والقيم الأخلاقية ،ويشير معنى المعايير والقيم الأخلاقية هنا إلى المقبول والمرفوض في مجتمع الطفلوإلى الأوامر والنواهي . فالطفل لابد له من أن يتعلم قول الصدق وأن يلعب بلطف معرفاقه وأن يطيع والديه ( مفيد حوشين ،وزيدان حوشين ، 1989 ، ص111 ) .
وتعددراسة القيم من الموضوعات الهامة في مجال علم النفس والتربية ، وتحظى تنمية القيمالأخلاقية بأهمية بالغة في الوقت الحاضر في المجتمعات المتقدمة والنامية على حدسواء ( عفاف عويس ، 1987 ، ص47 ) .
ويشمل موضوع القيم الأخلاقية كافة جوانبنشاط الإنسان وتفاعله مع بيئته وتصرفاته وسلوكياته التي تنظم علاقته بالله وبالكونوبالمجتمع ( لويس ملكية ، 1979 ،ص277 ) .
ويعتمد النظام الأخلاقي لأي مجتمع علىمجموعة من القيم يتعارف عليها أفراده ، وتتسق مع عقائده الدينية ومعتقداته ، ويتماكتسابها من خلال عملية التطبيع الاجتماعي للطفل منذ نعومة أظافره بما يفرضهالمجتمع من قيود على سلوك الفرد منذ مرحلة باكرة في حياته ، والتي تبدأ في بيئتهالمحددة بأسرته التي يولد فيها ، وما توفره له من خبرات على شكل أنواع من المسموحات، والممنوعات ، والتفرقة بين ما هو جميلوقبيح ، وما هو خير وما هو شر ، بما يحددالسلوك المرغوب فيه فتتكون بموجبه القيم الأخلاقية والاجتماعية ، التي تستمد قوتهامن مدى تقبل المجتمع أو رفضه لها ( حسنشحاته ، 1989 ، ص90 ) .

وتعدتنمية الأخلاق من أهم وظائف التربية ، وذلك بحكم الارتباط العضوي للقيم الأخلاقيةبثقافة المجتمع وقوة تأثيرها فيه ، لأنها تعبر عن القيم التي اختارها المجتمعلتحديد سلوكياته وأهدافه وأساليب تطوره ونموه ، كما أن التربية تستمد أهدافهاالأساسية من هذه القيم وتستند إليها في اختبار أنواع المعرفة المقدمة للطلابوالأساليب التي تتبعها في تحقيق أهدافها التربوية ، وفي ضوء القيم أيضاً يتم اختيارالأنماط السلوكية التي تسعى التربية إلى ترسيخها في نفوس الأطفال ( إبراهيم عصمت مطاوع، 1990 ، ص123 ) .
يجب أن يعمل مجتمع الروضة على تكاملالمعلومات والمعارف والخبرات الانفعالية والوجدانية ، لأن الاقتصار على الشكلياتوالجانب النظري فقط يؤدي إلى الازدواجية ما بين القول والعمل وإلى فشل المؤسساتالتربوية والتي تبدأ بالروضة في تحقيق أهدافها الفعلية في إعداد الإنسان القادر علىتحقيق ذاته وخدمة مجتمعه والنهوض به .
وعلى الرغم من تلك الأهمية الحيوية لدورالقيم الأخلاقية في حياة كل المجتمعات والأمم فإن هذه القيم وتنميتها خاصة لدىأطفال الرياض لم تحظ بالاهتمام اللائق بها في مجتمعنا العربي بعد ، هذا بالإضافةإلى أن مجتمعنا الفلسطيني الناهض - بظروفه الخاصة والمتفردة - أكثر احتياجاً إلىتدعيم القيم الأخلاقية والروحية والإنسانية لدى أبنائه منذ المرحلة الباكرة فيحياتهم حتى يمكنهم النهوض بمجتمعهم من الناحية التكنولوجية والعملية جنباً إلى جنبمع تنمية الجوانب الروحية والأخلاقية ، حيث تؤدي قوة القيم الاجتماعية والأخلاقيةوثباتها إلى ثبات المجتمع واستقراره لأنها أشبه بالأعمدة القوية التي تدعم المجتمعويستند عليها بنيانه ، وهي بمثابة الأعمدة الواقية للفرد وللمجتمع الذي يمكن أنيحمي من أي غواية أو انحراف .
وإذا كان الطفل في مرحلة الطفولة الباكرة يتمتع بالقدرةالفائقة على التعلم والمرونة والقابلية للتغير والتأثير بالمحيطين به خاصة منالأشخاص ذوي الأهمية في حياته ولاسيما والديه ومربيته في الروضة ، لذا فإنه ينبغيالتأكيد على أهمية اكتساب الطفل للقيم الملائمة والتي يرى المجتمع ضرورة غرسها فينفسه خلال هذه المرحلة العمرية ( عليالدسوقي ، ميادة الباسل 1995 ،ص 6 ) ، لأنما يتعلمه الطفل ويكتسبه في صغره باق ومستمر مهما أحاطته ظروف عصبية أو تغيراجتماعي أو اقتصادي ، وكلما اهتم المتخصصون في التربية بدراسة القيم منذ المراحلالباكرة في حياة الطفل كلما أمكن تعديلها أو تغييرها بما يحقق الأثر الفعال والقويفي بناء الإنسان الأفضل وفقاً لفلسفة المجتمع وأهدافه ( أمل حراك ، 1990 ، ص3 ) .
ويؤكد بياجيه Piaget أن القيم الأخلاقية ليست قيماً فطرية يولد الطفل مزوداًبها ، بل أنها قيماً مكتسبة ومتعلمة يتشربها الطفل من خلال تمثله للمعاييرالأخلاقية والاجتماعية السائدة في بيئته وتكيفه معها وخضوعه لتأثيرات الوسط الأسريالذي يعيش فيه منذ بداية حياته ( غسانيعقوب ، 1982 ، ص44 ) .
ولطفلالروضة مهارات تلقائية تجعله قادراً على التقبل أو الرفض فقد يعمد على تقبل بعض مايقدم إليه من قيم ويرفض البعض الآخر ، إلا أن ذلك الرفض ، والقبول لا يعتمد إلىعملية الاستحسان أو الكره فقط ، بل أنه يعتمد أيضاً على طريقة التفاعل وصور تقديمتلك الخبرات التي تؤدي إلى القدرة على الاستيعاب أو الرفض ( يوسف أسعد ، 1979 ، ص51 ) .


ومن هنا جاء الاهتمام بغرس القيم باعتباره أحد الأهدافالرئيسية التي تعنى بها التربية ، ذلك لأن الفرد الذي يفقد قيمه يفقد اتزانه ،ويربط جون ديوى الأخلاق بالتربية ، ويرى أن الأخلاق يمكن تهذيبها عن طريق التربيةلأن عملية التربية والعملية الأخلاقية شيء واحد ، وقد تناول ديوى (1948) الصلة بينالأخلاق والتربية في كتابيه : الخبرة والتربية Experience & Education ، والمبادئ الأخلاقية في التربية Moral Principles in Education ، وقد تحدثفي كتابة الأخير عن الفهم والإدراك الجوهري للمبادئ الأخلاقية في التربيةA Fundamental Understanding of Moral Principles of Education ( سامية عبدالسلام ، 1992 ، ص117 ) .
وتمثلالقيم بالنسبة للمجتمع أعمدة البناء التي ترتكز عليها البناية الاجتماعية بأكملها ،لذا كان غرس القيم ضرورة فردية واجتماعية في آن واحد ( شفيق علاونة وآخرون ، 1991 ، ص108 ) .
ولا تقتصر أهمية دراسة القيم الأخلاقية على مجال واحدفقط مثل المجال الفلسفي أو الاجتماعي ولكنها تتعدى ذلك لترتبط بجميع الميادين وتمسجميع العلاقات الإنسانية في كافة صورها وأشكالها لأنها ضرورة اجتماعية موجودةوواضحة في كل أسلوب منظم ، وهي تتغلغل في الأفراد في شكل اتجاهات ودوافع وتطلعاتوتظهر في السلوك الظاهري الشعوري واللاشعوري للفرد ( فوزية دياب ، 1966 ، ص34 ) .
ومما لاشك فيه أن روضة الأطفال هي المؤسسة التي تليالأسرة مباشرة في تنشئة الطفل أخلاقياً لما لها من دور كبير في تكوين القيمالأخلاقية والتنشئة الاجتماعية السليمة من خلال استخدام المناهج الملائمة الموجهةمباشرة نحو الهدف ، ومن بين هذه الوسائل نجد أن التربية من خلال البرمجة هي الأكثرتأثيراً وأهمية وانتشاراً ، إلا أن تلك البرمجة ليست غاية في حد ذاتها ولا نموذجاًصارماً ومحدداً ، يتحتم على الطفل تعلمه والتكيف معه ، ولكنها وسيلة وطريقة تهدفإلى تنمية شخصية الطفل وهذه البرمجة يجب أن تتناسب مع الأطفال من حيث واقعهموإمكاناتهم واحتياجاتهم وطاقاتهم الكامنة ، كما يجب أن تتسم بالمرونة والقابليةللدراسة والتمحص المستمر ، ويجب أن تهدف أساساً إلى حث وتعزيز النمو السوي للأطفال، بحيث تكسبهم معاني وقيماً جديدة ، مع صقل خبراتهم ، والربط بين الثقافة والجوانبالإنسانية وتشجيع مراحل النمو الأساسية في حياتهم ( تشيكويتي بيوكنكتي ، 1996 ، ص37 ).
ويعتبر التخطيط الدقيق والمبتكر للبرامج الموجهة لأطفالالرياض ضرورة قومية ملحة في العصر الحاضر الذي تفجرت فيه سبل المعرفة وتدفقت لتغمرعالم الأطفال وتثري بيئتهم ، وأصبح لزاماً على المسئولين عن الإعداد والتخطيطالتربوي للأطفال أن يعدوا البرامج التي تزودهم بالمفاهيم والخبرات والتي تكسبهمالاتجاهات والميول والعادات ، والتي تمكنهم من الحياة في مجتمع الميول وتساعدهم علىفهم البيئة التي يعيشون فيها مع الحفاظ على أصالتهم من خلال التمسك بقيم وتقاليدمجتمعهم في مواجهة الغزو الثقافي ورياح العولمة العاتية ( سعدية بهادر ، 1994 ، ص27 ) .

كما يمكن للطفل الصغير أن يتعرف من خلال تلك البرامج علىالقيم الملائمة والمستحسنة اجتماعياً مما يمكنه - وبصورة تدريجية - من تبني أساليبالحياة وقواعد السلوك مما يمكنه بعد ذلك من أن يتبنى هو نفسه مواقفه الذاتيةالمستقبلية ، نتيجة نضج قدراته وخبراته الشخصية ، وبفضل تمثله نماذج الحياة التيتحيط به ، وما يتوفر له فيها من خبرات ، وكلما كبر الطفل كلما كف عن التصرف والسلوكبدافع من احتياجاته فقط ، ولكن يتعدل سلوكه بناءً على قوة مبادئ الحياة وقوة القيمالإنسانية والروحية والأخلاقية والشخصية التي اكتسبها ( تشتكويتي بيوكنكتي ، 1996 ، ص16 ) .
والقيم الأخلاقية قيم أساسية لا يمكنناالاستغناء عنها إذ أنها من صلب الدين الإسلامي الحنيف الذي ندين به في مجتمعناالعربي ، ولكي يكون لها دور واضح في حياتنا يجب ربطها بالواقع الذي نعيش فيه حتىيؤمن الأفراد بقيمتها العملية إلى جانب إيمانهم بقيمتها النظرية .
وينتج عناتصال الأخلاق بالواقع الذي يعيش فيه الإنسان إنها لا تصبح مجرد قائمة من القواعدالتي يتم تطبيقها بدون تفكير لأن دخول التفكير وقيامه بعمله في ميدانها هو الذييضفي عليها قيمتها الأخلاقية ، وبذلك يستطيع الإنسان أن يحدد مواطن الصعاب التيتعترضه والمغريات التي تواجهه ، وأن يحدد المساوئ والشرور التي يصادفها ، مما يمكنهمن التوصل إلى حلول مناسبة وسبل ملائمة للقضاء عليها ( محمد النجيحي ، 1974 ، ص259 ) .
وتكتسب برامج التربية الأخلاقية لطفلالروضة في المجتمع الفلسطيني أهمية خاصة نظراً لما يعانيه ذلك المجتمع من ظروفالاحتلال والتغيرات والتحولات الاجتماعية الكبيرة والعنيفة والمتلاحقة التي يمكن أنتعرض الطفل لتشوه بناء نظامه القيمي ، خاصة بالنسبة للقيم الأخلاقية التي يعايشالطفل الفلسطيني كل يوم خبرات قاسية لانتهاكها تحت وطأة الاحتلال اليهودي لأراضيهوممارسته القمعية المستمرة التي يمكن أن ترسخ في نفوس الأطفال قيماً همجية هي أبعدما تكون عن قيم ديننا الإسلامي الحنيف .
ويؤكد مخططو المناهج الفلسطينية في مرحلةالرياض على ضرورة التمسك بالقيم الأخلاقية واحترام الحريات الفردية والاجتماعيةوتنظيم فكر الطفل وسلوكه ، وذلك من خلال الأنشطة التعليمية التي تبدأ بوادرها فيمرحلة الرياض ، والتي تهدف إلى :
1.
خلق المواطنالمعتز بهويته الوطنية وعروبته وإسلامه .
2.
المعتز بوطنه الفلسطيني والمنتمي إليه .
3.
المعتز بلغته العربية والقادر على التعبيرعن حاجاته والواعي بتراثه الوطني .
4.
المشجعللمبادرات الفردية والجماعية ، المنتجة والمحافظة على حقوق الآخرين وممتلكاتهم ( فاطمة صبح ، 1999 ، ص14 ) .
لذا فقد اتجهت الباحثة - مع تلك الأهدافالتي يتطلع إليها المجتمع الفلسطيني - إلى السعي نحو تحقيق جانب هام من تلك الأهدافوالمتمثل في تنمية القيم الأخلاقية لدى أطفال الرياض ، حيث تمثل هذه المرحلةالباكرة في حياتهم البداية السليمة لتشكيل شخصياتهم المشبعة بقيمنا الأخلاقيةالعربية والفلسطينية الأصلية .


أهمية مرحلةالطفولة المبكرة :
يعد الاهتمام الباكر بتنمية شخصية الطفل بمختلف جوانبهاوأبعادها ، والتي من أهمها الجانب الأخلاقي من المهام الأساسية التي يجب أن يتصدىالتربويون والقائمون على العملية التعليمية للقيام بها ، لأن الاهتمام بالطفولةالباكرة يعد من أهم المعايير التي يقاس بها رقي الأمم وتحضرها حيث لا يجب أن يتركالأطفال في هذه المرحلة الهامة في حياتهم للنمو بصورة عشوائية دون تخطيط علمي دقيقومنظم لأساليب تربيتهم ووسائل رعايتهم مما يجعلهم يواجهون المستقبل بإمكاناتواستعدادات ضعيفة ودون المستوى ، لا تمكنهم من الرقي بمجتمعاتهم ( حامد الفقي ، 1986 ، ص7 ) ، خاصة وأن ما يكتسبه الطفل في هذه المرحلة من حياتهمن قيم وعادات وسلوكيات قد يصعب - إن لم يكن من المستحيل - تغييرها في المراحلاللاحقة من حياته ، مما يستدعي ضرورة إعداد البرامج الإثرائية التربوية والإرشاديةالتي تساعد على تنمية شخصية الطفل بمختلف جوانبها ، نظراً لما تؤكده الدراساتالنفسية والتربوية من أهمية مرحلة الطفولة الباكرة ، وضرورة إمداد الطفل بالمثيراتالحافزة لنموه حيث يحتاج النمو في هذه المرحلة إلى مثيرات بيئية ثرية وتهيئة مواقفاجتماعية تسمح باستغلال وتوظيف قدرة الطفل الفائقة على التعلم في هذه المرحلة ،خاصة وأن الجميع من آباء ومربين ومعلمين يحرصون على تنمية القيم الأخلاقية لدىالأطفال دون معرفة السبيل إلى ذلك .
ويعد تدريب الطفلومساعدته على تنمية القيم الأخلاقية لديه في هذه السنوات الباكرة أمراً في غايةالأهمية والخطورة لأن تنمية القيم الأخلاقية تعد مطلباً حيوياً وهاماً من أجل إعدادالأطفال الناشئة للقيام بأدوارهم المستقبلية والمشاركة في بناء المجتمع بصورة سويةوفعالة .
فقد أجمع معظم علماء النفس والتربية على أن سنواتالطفولة الباكرة ذات أثر حاسم في تحديد شخصية الفرد خلال المراحل التالية من عمره ،ويؤكد عبد العزيز القوصي ( 1980 ،ص145 ) أن فترة الطفولة الباكرة هي فترةنمو مستمر في جميع النواحي يتلقى الطفل خلالها دروساً للعادات والتقاليد والقيمالسائدة في مجتمعه ، وهي مرحلة تتميز بالمرونة والقابلية للتعلم .
لذا أكدبياجيه Piaget على أهمية السنوات الأولى فيحياة الطفل في تكوين المفاهيم والقيم لديه ( سعديه بهادر ، 1994 : 9 ) .
ويشير فروبل - هو من الرواد الذين أسهم في رياض الأطفالعلى المستوى العالمي - إلى أنه ينبغي الاستفادة الجادة من الاستعدادات والقدراتالخاصة المتوفرة لدى الطفل في مرحلة الطفولة الباكرة وتوجيهها نحو مسارها السليم ( كاميليا عبد الفتاح ، 1989 : 15 ) .
كما أكد أيضاً على أهمية دور رياض الأطفالفي تحقيق النمو المتكامل لشخصية الطفل ، حيث تعد رياض الأطفال من أهم المؤسساتالتربوية والاجتماعية التي ترعى الطفل منذ مرحلة باكرة فيحياته.
ويربط " جون ديوي " بين الأخلاق والتربية ، ويرى أنالأخلاق يمكن تهذيبها عن طريق التربية ، واكتساب الطفل للقيم الأخلاقية القومية ،لأن التربية والعملية الأخلاقية شيء واحد ( سامية عبد السلام ، 1992 : 117 ) .

ويتضح مما سبق أهمية دراسة القيم الأخلاقيةلدى الأطفال وتنميتها لديهم منذ المرحلة الباكرة في حياتهم ، ويمكن إيجاز أهميةالقيم الأخلاقية للأطفال في عدة نقاط من أهمها :
1.
تساعد القيم الأخلاقية الطفل على تنمية وتدعم بنائهوتكوينه النفسي بصورة إيجابية وفعاله من خلال التغلب على المشاكل والاضطراباتالنفسية التي يمكن أن تصيب الطفل في المراحل العمرية الباكرة من حياته .
2.
تسمو القيم الأخلاقية بوجدان الأطفال وتنيرأمامهم الطريق إلى كل ما هو إنساني ونبيل بما يتفق مع المعايير والقيم والأخلاقياتالسائدة في مجتمعهم .
3.
تعد القيمالأخلاقية عاملاً هاماً في تحديد هوية الجماعة وتزايد تماسكها وربط أفراد المجتمعببعضهم البعض من خلال توحيد الأهداف والقيم التي تربط بين الجميع وتوجههم نحو هدفواحد .
4.
تمثل القيم الأخلاقية أساساً متيناًوإطاراً مرجعياً دقيقاً يساعد الفرد على تقييم سلوكياته وتصرفاته في مختلف جوانبالحياة .
5.
تعد القيم الأخلاقية الأساس الأول لبناءالمجتمعات الراقية حيث لايمكن أن تستقيم حياة المجتمع دون تلك المنظومة الأخلاقيةالتي تعد القيم أول وأهم لبنة فيها .
6.
تمثل القيمالأخلاقية عاملاً هاماً في تزايد قدرة الفرد على التكيف مع البيئة والمجتمع الذييعيش فيه من خلال تفهمه لتلك المبادئ والقيم الأخلاقية والالتزام بها .

7.
تساعد الفرد على تعلم الانتظام والالتزامفي حياته حيث يتعود الطفل منذ مرحلة باكرة في حياته على الالتزام بالقيم والمبادئالأخلاقية والعمل بها .
8.
تعد القيمالأخلاقية الأساس الأول في بناء الشخصية الأخلاقية لدى الطفل مما يساعده على تنميةالشخصية السوية البعيدة عن الاضطرابات والصراعات النفسية .

رياض الأطفال وأهميتهاالتربوية
تعتبررياض الأطفال مؤسسات تربوية واجتماعية تسعىإلى تأهيل الطفل تأهيلاً سليماً للالتحاق بالمرحلةالابتدائية وذلك حتى لا يشعرالطفلبالانتقال المفاجئ من البيت إلى المدرسة، حيث تترك له الحرية التامة فيممارسة نشاطاته واكتشاف قدراته وميوله وإمكانياته وبذلكفهي تسعى إلى مساعدة الطفلفي اكتساب مهاراتوخبرات جديدة، وتتراوح أعمار الأطفال في هذه المرحلة ما بين عمرالثالثة والسادسة.
ويحتاج الأطفال في هذه المرحلة إلى التشجيع المستمر منمعلماتهذه الرياض من أجل تنمية حب العملالفريقي لديهم ، وغرس روح التعاون والمشاركةالإيجابية، والاعتماد على النفس والثقة فيها، واكتسابالكثير من المهارات اللغويةوالاجتماعيةوتكوين الاتجاهات السليمة تجاه العملية التعليمية ( شبل بدران ،2000 ، ص 118 ) .
ويعتبر الطفل فيالمناهج الحديثة هو المحور الأساسي في جميع نشاطاتها فهيتدعوه دائماً إلى النشاطاتالذاتية، وتنميفيه عنصر التجريب والمحاولة والاكتشاف، وتشجعه على اللعب الحر،وترفض مبدأ الإجبار والقسر بل تركز على مبدأ المرونةوالإبداع والتجديد والشمول،وهذا كله يستوجبوجود المعلمة المدربة المحبة لمهنتها والتي تتمكن من التعامل معالأطفال بحب وسعة صدر وصبر.

إن مرحلة رياض الأطفال مرحلة تعليمية هادفة لاتقلأهمية عن المراحل التعليمية الأخرى كماأنها مرحلة تربوية متميزة، وقائمة بذاتهالها فلسفتها التربوية وأهدافها السلوكية وسيكولوجيتهاالتعليمية والتعلمية الخاصةبها، وترتكزأهداف رياض الأطفال على احترام ذاتية الأطفال وفرديتهم واستثارةتفكيرهم الإبداعي المستقل وتشجيعهم على التغير دون خوف،ورعاية الأطفال بدنياًوتعويدهم العاداتالصحية السليمة ومساعدتهم على المعيشة والعمل واللعب مع الآخرينوتذوق الموسيقى والفن وجمال الطبيعة وتعويدهم التضحيةببعض رغباتهم في سبيل صالحالجماعة (حنان العناني ،2002 ، ص50 ) .
ومع أن منهاج رياض الأطفال لا يقوم على أسسأكاديمية أو خبرات محددةوإنما يقوم علىتوفير مختلف الخبرات والتجارب التي تخدم الطفل وتكسبه الخبرةاللازمة وتعمل على تنميته في مختلف مجالات النمو وهذاالأمر مختلف من روضة إلى أخرىومن منطقة إلىأخرى وهنا المطلب الملح والضروري بأن تقوم الجهات الرسمية المسئولةبوضع منهج موحد يعمم على الجميع ويجب الاعتناء بمعلماترياض الأطفال وتحسين أدائهنالمهني وعملدورات تدريبية لهن وتحسين رواتبهن حتى يتماشى مع طبيعة رسالتهن في بناءاللبنات الأولى في حياة الأجيال القادمة ( شبل بدران ،2000 ، ص 119 ) .
ومما سبق يمكنتلخيص أهداف رياضالأطفال فيمايلي:
إمتاع الأطفال في جو من الحرية والحركة.

إكساب الأطفالالمعلومات والفوائد المتنوعة من خلال اللعبوالمرح.

تنمية القيم والآدابوالسلوكالمرغوب عند الأطفال.

تنمية الثقة بالنفس والانتماء لدىالأطفال.

تدريبالأطفال على تحمل المسئولية والاعتماد علىالنفس.

تحفيز الأطفال وخلقالدوافعالإيجابية عندهم نحوالعمل.

تنمية المهارات المختلفةوالقدرات الإبداعية لدىالأطفال.

تعويد الأطفال على حب الجماعة والعملالتعاوني.

المساهمة في حلكثيرمن المشكلات لدى الأطفال كالخجل،والانطواء والعدوان....الخ.

إطلاق سراح الطاقاتالمخزونة عند الأطفال وتفريغها بطريقةإيجابية.
§
توطيد العلاقة بين الطفل ومعلمتهمن خلال التفاعل معه بصورة فردية ( شبل بدران ،2000 ، ص 120 ) .


الدور التربوي لرياض الأطفال:
إن أهدافالتربيةفي رياض الأطفال لا تنفصل عن أهداف التربية بشكل عام، فإذا كانتالتربيةتهدف إلى بناء المواطن الصالح الذييسهم في بناء وطنه بشخصية متكاملة، فإن الدورالتربوي لرياض الأطفال يتمثل في:
تنمية شخصية الطفل من النواحي الجسميةوالعقليةوالحركية واللغوية والانفعاليةوالاجتماعية.
مساعدة الطفل على التعبير عن نفسهبالرموز الكلامية.
مساعدة الطفل على التعبير عن خيالاتهوتطويرها.
تساعدالطفل علىالاندماج مع الأقران.
تنمية احترام الحقوق والملكياتالخاصةوالعامة.
تنمية قدرة الطفل على حل المشكلات.
تأهيل الطفل للتعليم النظامي وإكسابه المفاهيم والمهارات الخاصة بالتربية الدينيةواللغة العربية والرياضيات والفنونوالموسيقى والتربية الصحية والاجتماعية.
يؤهل الطفل للانتقال الطبيعي منالأسرة إلى المدرسة بعد سن السادسة.
تنمية ثقة الطفل بذاته كإنسان له قدراتهومميزاته.
التعاون مع الأسرة في تربية الأطفال ( رافدة الحريري، 2002 ، ص85 ) .

يقاستطور الأمم والمجتمعاتبمدى اهتمامهاوتطويرها لنظامها التربوي بما يتلاءم مع مستجدات العصر ومتطلباته،لذا يجب السعي حثيثاً لتحديث مناهج رياض الأطفال بمايتناسب مع حاجات الطلابوالمستجدات التربويةوالانفجار المعرفي الهائل المتلاحق (حنان العناني،2002 ، ص53 ) .

ترسيخالقيم عند الطفل


لكل منهج تربوي قيم يسعى إلى ترسيخها في نفوس المتربين وتكون معياراً بينالمربين لتقييم وتقويم السلوك، وغني عن القول إن القيم أوسع وأشمل من البعد الخلقيلأنها تشمل أبعاداً أخرى قد تكون اجتماعية أو نفسية أو علمية أو ثقافية أو غيرها منالأبعاد التي تلوّن سلوك الإنسان.

ويفرد المنهج التربوي الإسلامي مساحة مهمة لتوضيحالآليات التربوية التي يستخدمها في ترسيخ القيم الإسلامية التي يدعو إليها، وحينمانتحدث عن الآليات التي يستخدمها المنهج التربوي الإسلامي في ترسيخ القيم، يجب أننتذكر دوماً أن تلك الآليات هي آليات متغيرة تتبع حالة الفرد من جهة والمحيط أوالبيئة التي تؤثر عليه من جهة أخرى، ومثال ذلك أن آليات تقديم القيم وترسيخها فيالمجتمع المكي تختلف عن الآليات التي أشار إليها فيما يخص المجتمع المدني، وهذاالاختلاف في الآليات مع ثبات القيم يشير إلى دقة المنهج التربوي الإسلامي فيالتعامل الواقعي السليم مع كل حالة تربوية على حدة، أضف إلى ذلك أن الآليات التيتستخدم في التعامل مع الطفل المسلم تختلف أيضاً حسب المرحلة العمرية التي يمر بهاالطفل كما أشار إلى ذلك الإمام علي عليه السلام في كتاب نهج البلاغة (حنان العناني ،2002 ، ص55 ) .

وتعتبر العاطفة الأسرية من أهم الآلياتالتي يستخدمها المنهج التربوي الإسلامي في ترسيخ القيم وتثبيتها عند الطفل وتدريبهعلى استيعابها، بل أنها المدخل الرئيسي لتدريب الطفل على الطاعة والالتزام الخلقي،كما في قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ( أدّبوا أولادكم على ثلاث خصال : حبنبيكم ، وحب أهل بيته ، وقراءة القرآن ) ( علاء الدين الهنـدي، 1993، ص 456 ) .

فالمدخل إلى التربية هو الحب وهو المفتاح الحقيقي لكلأنواع الآداب، وهو مطلب ضروري لعملية التأديب، وشرط أساسي في تربية الطفل المسلم،بل توصل بعض الباحثين في هذا المجال إلى أن أهم العوامل التي تساعد الطفل علىالطاعة والالتزام بالقيم هي الحب والحنان الذي يشعر به الطفل من كل أفراد الأسرة،ومنبع هذا الحب هما الوالدين فحب الأطفال للوالدين هو رد فعل لحب الوالدين لهما، بلأن هذا الحب هو ما يعين الطفل على استيعاب القيم وهو يوفر المناخ الملائم للنموالخلقي في النفس، كما في قول رسول الله ( رحـم الله من أعـان ولده على برّه .. يقبلميسوره ، ويتجاوز عن معسوره ، ولا يرهقه ولا يخرق به ) ( الكليني ، 1980 ، ص 6 ) .
وقوله صلى الله عليه وآله وسلّم ( رحم الله عبداً أعانولده على بره بالإحسان إليه والتآلف له وتعليمه وتأديبه ) ( النوري ، 1966 ، ص626 ) .

والآن لنتساءل عن أهم الطرق التي يستطيعالطفل من خلالها استيعاب تلك القيم ، وتشربها في نفسه بحيث تغدو مظهراً من بنياتسلوكه الحياتي ..
إن أول تلك الطرق هي:
طرق استيعاب الطفل للقيم :
1-
الأنموذج أو القدوة
يقول الله عز وجل في كتابه الكريم (ولكم فيرسول الله أسوة حسنة) وهو خطاب شامل للإنسانية جمعاء، أما الوالدين فهما قدوة الطفلوهما منبع القيم لديه بقول رسول الله (ما من مولود إلا ويولد على الفطرة، فأبواهيهودانه أو يمجسانه أو ينصرانه).


ومن الضروري أن يكون النموذج الذي يقتدي به الطفلنموذجاً صالحاً يعبر عن تلك القيم لا باللسان فقط أو بالدعوة إليها، بل يجب أنتتمثل تلك القيم في سلوك الوالدين أو من يحتذي بهم الطفل ( عبد الرسول عداي ،2004 ،ص72 ) .

فالطفل لا يحتذي بالقول فقط بل يعتبر في النموذج الملاحظله من خلال السلوك، وقد نبّه المنهج التربوي الإسلامي إلى هذا الفصل بين القولوالفعل بالنسبة للنموذج كما في قوله تعالى {أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكموأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون}(البقرة- 44).
فمن يتصدى لأن يكون أنموذجا في المجتمعسواء على مستوى الأنموذج العقيدي أو على مستوى الأنموذج الأسري، فعليه أن يطابق بينقوله وفعله وإلا فسيكون مظهراً من مظاهر النفاق التي تدعو الآخرين إلى نبذه وعدماتباعه، وفي هذا الصدد أشار الإمام جعفر الصادق عليه السلام (برّوا آباءكم يبركمأبناؤكم) (الحراني، 1962، ص267 ).
فمن استطاع أن يستحضر سلوكاً حسناً فيحياته اليومية فإنه يقدم بذلك الأنموذج والقدوة الحسنة لأطفاله، لاستيعاب ذلكالسلوك ولامتصاص تلك القيم حتى وأن غفل من الدعوة إليها أو الحثعليها.
فهناك قدر كبير من سلوك الأطفال يكتسب عن هذا الطريق ملاحظة الأنموذج أوالقدوة، وما يؤيد ذلك سلسلة التجارب والبحوث التي دارت حول السلوك العدواني لدىالأطفال حيث تبين أن السلوك العدواني يظهر لدى الأطفال الذين يظهر كلا والديهم أوأحدهما سلوكاً عدوانياً أمام الطفل، فيقوم الطفل بتقليد تلك الاستجابات العدوانيةمع الآخرين.
وقد يشاهد الطفل نموذجاً لشخصية عدوانية في التلفزيونفيقوم بتقليد ذلك النموذج، وبالعكس إذا شاهد الطفل نموذجاً متسامحاً محبّاً فيقلدسلوك الحب والتسامح، على أن تحظى تلك الشخصية بملاحظة الطفل وعلى تقبلها واستيعابهاكأنموذج أو قدوة ( عبد الرسول عداي،2004 ،ص72 ) .

2-
التقليــــد
يكتسب الطفل الكثير من القيم والسلوك المعبر عن تلك القيم من خلال التقليد،والتقليد آلية مهمة في نمو الطفل ونضجه فعن طريق تقليد الحركات الصحيحة يتعلم الطفلالمشي ويكتسب المهارات اللغوية والمعارف والسلوكيات الاجتماعية المقبولة، وسلوكياتالنمط الجنسي الذي ينتمي إليه، والعادات الصحية السليمةوغيرها.
ويمارس الطفل تقليد أفعال الآخرين منذ الأشهر الأولى، وهو يعتمد في البدءعلى الملاحظة المباشرة للفعل، ثم يتطور تقليده للفعل من خلال احتفاظه بصورة ذهنيةللفعل يسترجعها في وقت لاحق، فنرى الطفل وقد بدأ في محاولات تقليد حركات الآخرين أووضعيات جلوسهم في أفعال لا تخلو من الطرافة، فالطفل حينما ينجح في تقليد فعل مافإنه يشعر بمتعة كبيرة لأن هذا الفعل أصبح له، ومن الآن فصاعداً يستطيع استخدامهمتى يشاء، ولا شك أن كل مهارة يكتسبها الطفل تمكنه من التكيف السليم مع المحيطوتزيد من شعوره بإمكانية السيطرة على البيئة.

ومن المهم أن نشير إلى أن اكتساب الطفلللمهارات عن طريق تقليد الآخرين، سواء كانت مهارات لغوية أو حركية أو مواقف تجاهقيم لا تتناقض مع نزعته الفطرية إلى تنمية شخصية مستقلة، بل بالعكس فإن الطفل منخلال اكتساب المهارات الجديدة يشعر بأنه أكثر استقلالاً من خلال سيطرته على البيئةالمحيطة، ومن خلال تأكيده على ذاتيته التي تستطيع أن تقوم بما يقوم به الآخرونالأكبر منه سنـّاً.
3-
الثوابوالعقاب
يستخدم الثواب والعقاب كآلية لترسيخ القيم أو إحلال قيم جديدة محل قيم أخرىغير مرغوب بها على نطاق واسع من قبل الآباء والمربين فيكافئ الوالدان طفلهما حينمايقوم بالسلوك المرغوب فيه كأداء الأمانة أو التعاون مع الأصدقاء أو المشاركة في بعضالأعمال المنزلية، وقد يلجأ الآباء إلى معاقبتهم إذا لم يفعلواذلك.
وترىنظريات التعلم وعلى الخصوص النظريات السلوكية بأن الثواب والعقاب لا يقتصر أثرهماعلى الاستجابات المعززة أو المعاقبة عليها فحسب بل أن أثرها يشمل الشخصية ككل،فتتكون السمات العامة والاتجاهات والقيم.
ويؤكد المنهج التربوي الإسلامي على ضرورةالتوازن بين الثواب والعقاب في تربية الطفل حيث أكدت الروايات الكثيرة على الاعتدالفي التعامل مع الطفل فلا إفراط ولا تفريط.
فعلى الوالدين أن يناسبا بين حجم المكافأةوالسلوك المرغوب حتى لا تتحول المكافأة إلى غاية يسعى إليها الطفل من دون الالتفاتإلى سلامة السلوك المقبول، وأن يقدر تماماً موضع المكافأة فلا يغرقان الطفلبالمكافآت فلا يستطيع أن يعي أن كان من طبيعة والديه إغراقه بالمكافآت أم أنالمكافأة هي نتيجة لسلوكه سلوكاً صحيحاً، مع ضرورة أن يتم شرح معنى ذلك السلوكالمرغوب، فالطفل الذي يكافأ على سلوك التعاون مع أصدقائه يجب إفهامه أن ذلك السلوكهو سلوك صحيح، وأن الواجب يحتم عليه عمله ليجازى ليس بمكافأة (مثل قطعة حلوى) بل أنالمكافأة الحقيقية لذلك السلوك هي اكتساب محبة الآخرين واحترامهم ودوام رفقتهم، وأنالطفل حينما يقوم بسلوك ما فإنه يكتسب صفته، فالطفل الذي يتعاون مع أصدقائه سوفيسمى متعاوناً والطفل الذي يؤدي الأمانة سوف يعرف بالأمين، والطفل الذي لا يكذب سوفيدعى بالصادق.
ويعتبر المنهج التربوي الإسلامي أن العقوبة العاطفية هيعقوبة مؤثرة وفاعلة ومن الممكن أن تؤدي إلى تغيير السلوك الخاطيء للطفل، فإقناعالطفل بأن سلوكه السلوك الخاطيء سوف يؤدي إلى فقدانه لهذا الحب وإلى إضعاف تلكالمحبة والمقبولية التي يحوزها من والديه، ومن ثم يمكن أن يأتي دور التأنيب والزجر،فقد سُـئـِلَ الإمام موسى الكاظم عليه السلام عن كيفيـــة التعامل مع الطفل حينيسلك سلوكاً خاطئاً فأجاب: لا تضربه وأهجره.. ولا تطل. (تاريخ اليعقوبي، د.ت ، ص320).

فالعاطفة الأسرية حينما تكون فاعلة وقويةوحاضرة لدى الطفل تكون في المقابل أداة تربوية مهمة في ترسيخ القيم لدىالطفل.
وتتعدد النظريات النفسية الحديثة في تفسير استيعاب الطفلللقيم والمعايير السلوكية أثناء التنشئة الاجتماعية، إلا إنها لا تخرج عن آلياتالثواب والعقاب والأنموذج أو القدرة والتقليد الذي ينقسم إلى قسمين تقليد شعوري؛وهو ما أشرنا إليه في فقرة التقليد، وتقليد لا شعوري؛ وهو ما يعرف بالتوحد Identification وهو العملية التي تجعلالطفل يفكر ويشعر كما لو كانت له خصائص شخص آخر وقد تكون هذه العملية لا شعورية إلىحد كبير، أي أن الطفل قد يتوحد مع نموذج ما ويقيم على هذا التوحد من غير أن يكونعلى وعي بذلك، فالتوحد ليست عملية تبدأ بإرادة الفرد مثل تعلمه ركوب الدراجة مثلاً،وإنما هي أقرب إلى اكتساب القدرة على التحدث بالجمل بمعنى أنها عملية دقيقة تحدث فيالعادة من غير أن يكون لدى الفرد قصد شعوري بها ( جون كونجر وآخرون، 1970، ص335).
ويرى بعض الباحثين في دراسة النمو النفسي والاجتماعيللطفل أن مفهوم التوحد يشير إلى عمليتين، الأولى: تتضمن ملاحظة الطفل أنه يشبهالشخص الذي يتوحد معه، والثانية تتضمن مشاركة الطفـل لهذا الشخص الآخـر فيانفعالاته وهذا الشخص في الغالب أحد والدي الطفل ( محمدإسماعيل، 1986، ص277).
وقدأكدت النظريات الاجتماعية إلى أهمية التوحد أو التطابق كمبدأ عام يحكم البعدالاجتماعي في بناء الشخصية، حيث يعرف التطابق على أنه ميكانزم على المستوىاللاشعوري إذ يتقبّل الفرد عادات وأفكار وقيم النموذج الذي سيطابقه، ويتم ذلكغالباً من منطلق الإعجاب بالشخص الأفضل أو الألمع أو الأقوى في أي مجال، فالطفل قديتوحد أو يتطابق مع الأب وقد يحـدث التطابق حين يتمنى الفرد أن يكتسب سمات الشخـصالآخـر الذي يطابقه ( عزيز داود وناظم العبيدي، 1990، ص 64- 65).
ولعل من أشهر الشخصيات التي تطابقت وتوحدتمع شخصية الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلّم هي الشخصية التي رعى طفولتها وسهرعلى تغذيتها روحياً وفكرياً ألا وهي شخصية أمير المؤمنين علي عليه السلام، وقد أشارالقرآن الكريم إلى هذا التوحد في آية المباهلة في قوله تعالى (وأنفسنا وأنفسكم) ففيتعبيرها عن نفس الرسول بأنها نفس علي بن أبي طالب، فإنها تدل على ذلك التوحد الذيجمع بين الشخصيتين سواء على المستوى الشعوري والمستوى اللاشعوري، فتوحد شخصية أميرالمؤمنين مع شخصية الرسول أبرز أتم حالات التطابق بين الشخصيات في التجاربالإنسانية، وتفردت هذه التجربة بأنها كانت على أكثر من مستوى وشملت أكثر من جانبوتعمقت إلى أكثر من بعد، وبذلك فإنها تستحق من الباحثين دراسة واهتمام ليس فيالمستوى العقيدي فحسب، وإنما في بعدها العلمي كتجربة فريدة في مجال العلوم النفسيةوالاجتماعية.

فالتوحد والتقليد والثواب والعقاب والقدوة أو الأنموذج تقوم بالدور الرئيسيفي ترسيخ القيم، لكنها تفقد فاعليتها عندما لا تتوفر العاطفة الأسرية بصورة كافيةأو بشكل صحيح، فقد أثبتت الدراسات بالفعل أن تبني الطفل لقيم ومعايير الوالدينيعتمد على مقدار الدفء والحب اللذان يحيطانه به، وبذلك فإننا نستطيع أن نرى أن نموالضمير الخلقي يتضمن عملية توحد وأن ذلك التوحد يقوى بين الطفل والوالد كلما كانالوالد أشد رعاية وأكثر حباً، ومعنى ذلك أن الطفل الذي يتوحد بقوة مع الوالد يكونأسرع بالطبع في تبني المعايير السلوكية لذلك الوالد، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرىفإن الطفل الذي يتمتع بعلاقة عاطفية دافئة مع الوالدين يكون حريصاً على الاحتفاظبهذه العلاقة، ويخشى دون شك من فقدانها. إن معظم الأطفال يقلقهم بالطبع احتمالفقدان العطف والحب اللذان يتمتعون به مع والديهم، ولذلك فهم يحافظون على معاييرهمالسلوكية حتى يقللوا من حدة ذلك القلق.
وهكذا تتضح أهمية الحب والتراحم في ترسيخالقيم والمعايير التي يتبناها الوالدين، فالطفل يحافظ على تلك القيم حتى لا يفقد حبوالديه ولكن هذا القلق من فقدان الحب يعتمد أصلاً على وجود مثل هذا الحب، بعبارةأخرى فإن الطفل الذي لا يشعر بحب والديه لا يكون لديه ما يخشى فقدانه، وبالتاليفإنه يصعب أن نتصوّر في هذه الحالة كيف يمكن أن يتمثل الطفل معايير وقيم المجتمع ( محمدإسماعيل، 1986، ص 296).
وبالمقابل فإن الحب والحنان مواد لست ذاتكم مادي يمكن أن توزن وبالتالي قد يمكن الحرص على توزيعها بعدالة بين أعضاء الأسرةالواحدة أو بما يتناسب مع حالة كل فرد، لكن الحب والحنان والدفء مظاهر متعددة تتجلىمن خلال سلوكيات متنوعة، وهذه السلوكيات هي التي أشار إليها المنهج التربويالإسلامي إلى ضرورة الحرص في العدالة. والعدالة في توزيع العاطفة الأسرية تشملثلاثة جوانب من العلاقات الأسرية:

*
العلاقة بينالوالدين.

*
العلاقة بين الآباء والأبناء.
*
العلاقة بينالأبناء.
ولكـل جانب من هذه الجوانب صور متعددة أخرى يمكن أن يدرس من خلالها، فقدتكون العلاقة العاطفية بين الوالدين سيئة وقد تكون غير متبادلة كأن تحب وتحترمالمرأة زوجها وهو لا يبالي بها ويعاملها بصورة منفرة وقاسية وتشعر إنها منبوذة وغيرمقبولة.
وقد يحدث العكس فيحب الرجل زوجته ويهتم بها ويلبي طلباتها لكنه يشعر بأنهاتهمله ولا تبادله نفس المحبة أو نفس القدر من الاحترام، وقد ينزوي الوالدانبعواطفهما مع بعضهما البعض ولا يباليان بالعلاقة مع الأطفال، فيشعر الأطفال بأنهمغير مرغوب فيهم أو إنهم منبوذين.
ويبدو أن العلاقة بين الأبناء ما هي إلاانعكاس لصورة العلاقة بين الوالدين أو العلاقة بين الوالدين والأبناء أو رد فعلعليها، فكما بينا سابقاً أن الطفل يقلّد والديه وهما منبع الثواب والعقاب فيالأسرة، وبالتالي فإن صورة الوالدين واهتماماتهما هي التي تخلق طبيعة العلاقة بينالطفل وبقية أخوته، بل تتعدى لتشمل علاقة الطفل مع أقرانه في الجماعة المحلية أوالمدرسة. ويتحمل الوالدان مسؤولية طبيعة العلاقة بينهم وبين أبنائهم من خلالالاهتمام لتحقيق العدالة وفق قاعدتين رئيسيتين:
الأولى: بين الأبناء جميعهم بغض النظر عن ترتيب الطفل فيالعائلة.
الثانية: بين الذكور والإناث وعدم تفضيلجنس على آخر بالنسبة للأب أو بالنسبة للأم.
فالطفل الأول في الأسرة يكون موضع اهتمام وعناية والديهفيغرقانه بحبهما وعطفهما ويهرعان إلى تلبية جميع احتياجاته، خصوصاً وأن العائلة ماتزل صغيرة، فيشعر بالغيرة من قدوم مولود جديد يخطف منه هذه العاطفة الكبيرةوالاهتمام الشديد، بل تتحول هذه الغيرة إلى كراهية حينما لا يلتفت الوالدان إلىموضوع تلك الغيرة وأخذها على محمل الجد، بل نجد أن بعض الآباء يعمد إلى زجر الطفلالأول ومعاقبته على تلك الغيرة فيزداد حسد الطفل الأول على أخيه الثاني، بينما يكمنالحل في إشعار الطفل الأول بالحنان والعطف وتحبيبه للطفل الثاني وعلاج هذه الغيرةمن خلال المساواة في المحبة والاهتمام كما أوصى بذلك رسول الله صلى الله عليه وآلهوسلّم (اعدلوا بين أولادكم كما تحبون أن يعدلوا بينكم في البر واللطف) ، وسواء كانتهذه العدالة معنوية كما في قول الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم (إن الله تعالى يحبأن تعدلوا بين أولادكم حتى في القـُبـَل). ( علاء الدينالهندي، 1993، ص445 ) أو كانت هذه العدالة مادية كما في قوله صلى الله عليهوآله وسلّم (ساووا بين أولادكم في العطية، فلو كنت مفضلاً أحداً لفضّلت النساء). ( علاء الدين الهندي، 1993، ص 444 )
ولكي نفهمإشارة النبي الكريم على تفضيل البنت فلو كان التفضيل جائز فلا بد وأن نلاحظ أنالبنت في الثقافة التي نعيش فيها تشعر أنها الأضعف أو الأقل حضورا وهذا قد يثيرغيرتها، في حين أن الأولاد تقل غيرتهم وذلك لما يتمتعون به من امتيازات في الرعايةوالاهتمام.
ومن ناحيةأخرى نلاحظ أن حالات الغيرة من المولود الجديد تزداد في الأسر الصغيرة التي يتركزفيها الاهتمام بالطفل من ناحية الوالدين فقط، في حين قد تقل هذه الحالات في الأسرالكبيرة التي يجد الطفل فيها من يعوّضه عن اهتمام الأبوين من أخوال أو أعمام أوجدود أو حتى أخوة كبار.
كذلك قد تقل مظاهر الغيرة إذا زاد الفارق الزمني بينالوليدين بحيث يمكن أن ينظر الطفل الأكبر إلى نفسه كـواحد من أعضـاء الأسرة الذينيمكن أن يشاركوا في رعاية المولود الجديد ( محمد إسماعيل، 1986، ص 265).
ويمكن اعتبار قصة يوسف عليه السلام وأخوتهالعبرة والموعظة لما يمكن أن تؤدي إليه الغيرة والتنافس بين الأخوة من أجل الحصولعلى العاطفة الأسرية، وهي تحذير صريح إلى أن ما يزرع في الطفولة يمكن أن ينمو ويظلفاعلاً في مراحل النمو التالية.


4-
الحرمان العاطفيوالجنوح
لميعد اليوم هناك أدنى شك حول العلاقة بين الحرمان العاطفي والانحراف (الابتعاد عنالقيم المرغوبة في المجتمع) حيث ثبت من الدراسات العديدة- أشهرها دراسة بولبي عنالعلاقة بين الحرمان من حنان الأم والسرقة- مدى تكرار التصرفات غير المتكيفة فيمؤسسات رعاية الأطفال المحرومين عاطفياً، كما أن الممارسة العملية تظهر أن معظمالجانحين والمتشردين يعانون من أحد أشكال الحرمان الدائم أو المحدد بفترة زمنية منحياتهم، وأن هذا الحرمان لا زال قوة فاعلة في الآلام المعنوية التي يعانونها التيتساهم في دفعهم إلى الانحراف ( مصطفىحجازي، 1981، ص 267 وما بعدها).

وقد قسمت بولبي حالات الحرمان العاطفي منحيث الشدة إلى ثلاث فئات أساسية:
أ*- الحرمان العاطفيالكلي:
ويقصد به فقدان الطفل لأية علاقة بالأم أو من يحل محلها وذلك منذ الشهورالأولى للحياة، ويترك هذا النوع من الحرمان أثارا سيئة وخطيرة ودائمة على نمو الطفلجسمياً وعقلياً وعاطفياً واجتماعياً، وحينما يكبر هؤلاء الأطفال فإنهم يتصفونبشخصيات قلقة ويعانون من الخوف في مواجهة ضغوط الحياة ويتسمون بسلوك رضوخي انقيادي،وعندما يخرجون من المؤسسة التي ترعاهم إلى المجتمع يبدأ منهم في الأغلب نشاط جانحمثل السرقة لتأمين الطعام أو يسقطون في شرك العصابات والجانحين المحترفين، فيصبحونأدوات طيّعة لتنفيذ مآرب أولئك المجرمين.
ب*- الحرمانالعاطفي الجزئي:
فيه يمر الطفل فيمقتبل حياته بعلاقة مع الوالدين ويعقب ذلك الانهيار الجزئي أو الكلي لهذه العلاقة،وغالباً ما يحدث هذا الحرمان في فترة الكمون وقد يتأخر أو يتقدم، وهو يترك آثاراواضحة على توازن وتكيف الشخصية مستقبلاً، وتتوقف هذه الآثار على أمرين اثنين: السنالتي حدث فيها الحرمان، فكلما صغرت السن كانت الأضرار اللاحقة بالشخصية أكبر، وعلىنوعية العلاقة السابقة بين الطفل ووالديه قبل الحرمان، فكلما كانت العلاقة سلبيةأدت إلى أخطار أكبر من ناحية التوازن العاطفي والتكيف الاجتماعياللاحق.
ومن أسباب الحرمان العاطفي الجزئي طلاق الوالدين وزواج أحدهما أو كليهماثانية أو موت أحدهما وزواج الآخر، أو هجر زوجي وسفر إلى أماكن بعيدة، مما يجعلالقرين عاجزاً عن تحمّل أعباء الأطفال فيهملهم بدوره جزئياً أوكلياً.

ج - النبذ العاطفي من قبل الأهل:
في النبذ العاطفي يظل الطفل مقيماً مع أهلهويحتفظ بروابط أسرية سقيمة، ولا تنهار العلاقة بين الطفل والأهل إلا بعد أن يجتازمرحلة الطفولة أو في نهاياتها، وقد تمر بالعلاقة بين الطفل والأهل فترات من الوفاققد تطول أو قد تقصر لكنها تتضمن فترات حرجة من الانتكاسات المتعددة، وهي ما تؤديعادةً إلى مزيد من التباعد بين الطفل ووالديه.
أسرة الطفل قد تكون متماسكة ظاهرياً وذاتسمعة مقبولة اجتماعياً، وتبدو حالة بقية أطفال الأسرة طبيعية، وهذا ما يجعلنا أمامحالة النبذ النوعي الذي ينصب على أحد الأبناء دون غيره، وينتج هذا النبذ إجمالاً عندوافع نفسيــة لدى الوالديــن أو أحدهما أو يكون تعبيراً عن صراع زوجي غير ظاهر،ويبدو الأمر عندئذ وكأن الفرد (الطفل المنبوذ) هو المصدر الوحيد لمعاناة الأسرةومشاكلها.
ويستجيب الحدث للنبذ في مختلف الحالات بأساليب متنوعةتبعاً للسن والتاريخ السابق والشخصية، وهكذا نلاحظ ردود فعل عدوانية اضطهادية أوردود فعل تتصف بالتوتر والقلق الشديد أو ردود فعل قدرية تدميرية؛ نحو تدمير الذاتولكن نادراً ما يكون رد الفعل صافياً بل هو يتخذ في معظم الحالات مزيجاً من كل هذهالمظاهر ( مصطفى حجازي، 1981، ص 274).

وبعد هذا الموجز عن مفهوم الحرمان العاطفيوأنواعه وتأثيرات كل نوع على جنوح الطفل نتساءل ما هي الخطوات التي أشار إليهاالمنهج التربوي الإسلامي لتجنب الأسرة المسلمة ظاهرة الحرمان العاطفي، التي لا تهددفقط مصير الطفل وشخصيته بل لها تأثيرات تدميرية على مستوى الأسرة وتخريب البناءوالتماسك الاجتماعي؟
في هذا الموضعسنكتفي فقط بالإشارة إلى أهم تلك الخطوات التي تجنب الأسرة المسلمة ظاهرة الحرمانالعاطفي:
* إشاعة مبدأالتعاطف والتسامح والأخوة والتكافل والتعاون بين أفراد المجتمع الإسلامي والحث علىما يزيد من هذه الروابط المبدئية بين مكونات المجتمع الإسلامي سواء أكانوا أفراداًجماعات أم مؤسسات وعلى المستويات الدينية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية كافة،وتكريس جزء مهم من الجانب العبادي لترسيخ وإشاعة هذا المبدأ. وهذا ما يجعل الأسرةالإسلامية وأفرادها ضمن نسيج حي من العاطفة الاجتماعية التي يدعو إليها المنهجالتربوي الإسلامي.

*
هناك تشريعات اقتصادية تكفل حياة كريمة لليتيم في المجتمع الإسلامي، وهناكتشريعات اجتماعية وتربوية تكفل حياة طبيعية تمكن لليتيم أن ينمو سليماً معافى من أيانحراف نفسي أو اجتماعي.

*
وهناك تشريعات قانونية تحمي الطفل وحقوقهفي الإسلام بصورة عامة وتحمي حقوق اليتيم بصورة خاصة، وتوفر سوراً من الرعايةوالاهتمام به.

*
يعتبر المنهج التربوي الإسلامي أن فترة الإعداد النفسي والاجتماعي للزواجفي الإسلام لا تبدأ من فترة الخطوبة التي تسبق الزواج بقليل بل تبدأ من فترةالطفولة، ومن أساسيات التربية الإسلامية في كيفية التعامل مع الجنس الآخر ومهماتووظائف كل جنس ودوره في الحياة والرسالة.

*
قدم المنهج التربوي الإسلامي فلسفة خاصةبمفهوم الزواج ورسالته ودوره في بناء المجتمع وتكليف المسلم أو المسلمة إزاءه ودورالمجتمع في تكوينه وديمومته، وعلى الرغم من حلية الطلاق في الإسلام واعتباره الحلالالبغيض إلا أن تلك الحلية ارتبطت بإعدادات مالية واجتماعية ونفسية يحافظ من خلالهاالمشرّع الإسلامي على صورة الأسرة وديمومة أثرها بما لا يؤدي إلى تدمير الروابطالاجتماعية وتخريب شخصيات الأطفال.

*
ركز المنهج التربوي الإسلامي على أهميةالعاطفة الأسرية واعتبرها الأساس الحقيقي للتكوين الاجتماعي من خلال الزواج وإنضعفها أو انعدامها يؤدي إلى تفكيك وتدمير العلاقاتالأسرية.

 

رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 المكتبة العلمية | المنتدى | دليل المواقع المقالات | ندوات ومؤتمرات | المجلات | دليل الخدمات | الصلب المشقوق وعيوب العمود الفقري | التوحد وطيف التوحد  | متلازمة داون | العوق الفكري | الشلل الدماغي | الصرع والتشنج | السمع والتخاطب | الاستشارات | صحة الوليد | صحة الطفل | أمراض الأطفال | سلوكيات الطفل | مشاكل النوم | الـربـو | الحساسية | أمراض الدم | التدخل المبكر | الشفة الارنبية وشق الحنك | السكري لدى الأطفال | فرط الحركة وقلة النشاط | التبول الليلي اللاإرادي | صعوبات التعلم | العوق الحركي | العوق البصري | الدمج التربوي | المتلازمات | الإرشاد الأسري | امراض الروماتيزم | الصلب المشقوق | القدم السكرية



الساعة الآن 06:00 PM.