الشلل الدماغي (رؤية نفسية عصبية)

[الصحفي الطائر]

 

الشلل الدماغي (رؤية نفسية عصبية)

د أيمن زهران

كلية التربية – قسم التربية الخاصة

من منا لم يسمع عن هذا النوع من الإعاقات، قد يبدو المصطلح جديدا على البعض من غير المتخصصين، وهو يعني العجز العصبي الحركي الناتج عن تلف أو خلل عضوي في مراكز الحركة في المخ، وأهم أسبابه فمنها عدم توافق العامل الرايزيسي وإصابة الأم الحامل بالسكر والولادة المبكرة وسوء التغذية، وكبر أو صغر سن الأم وتعرض الطفل المولود للسقوط، والأمراض الوراثية واستنشاق المواد السامة وهو اضطراب يتصف بشذوذ حركي مصحوب أو غير مصحوب بتخلف عقلي أو خلل حسي يؤثر على الدماغ، ويعني مجموعة من الاضطرابات تنتج عن سوء قيام المراكز والممرات الحركية في الدماغ بوظائفها وإصابتها بشلل أو ضعف أو سوء تناسق حركي، وينشأ الشلل الدماغي من علة تصيب الدماغ قبل الولادة أو أثناءها أو بعدها.
وأول من قدم وصفا عياديا للشلل الدماغي وليم جون ليتل William John Little جراح العظام الإنجليزي، وقد شبه الشلل الدماغي باللغز الذي يصيب الأطفال في أوائل أعمارهم السنية متسببا في حدوث تصلب وتشنج في العضلات وفي السيقان وبدرجة أقل في الذراعين، وغالبا ما يجد هؤلاء الأطفال صعوبة في الإمساك بالأشياء والزحف على البطن، ولا يتحسن نموهم بل يسير إلى الأسوأ، وقد كان يطلق على الشلل الدماغي المرض الصغيرLittle Disease ولكن فيما يبدو أن هؤلاء الأطفال يولدون بعد ولادة معقدة وصعبة.
ومن أسباب حدوث الشلل الدماغي أيضا بالنسبة للطفل الوراثة أو الالتهابات في رحم الأم الحامل أو نقص الأوكسجين بالنسبة للمولود، وعدم توافق RH (فصيلة الدم) بين الأم والجنين، أو عدم نضج المولود، واستقلاب الحامل (عيب خلقي في الحوض)، وتعرض الجنين لأشعة X، وهناك أسباب أخرى لا تزال مجهولة، هذا ويحدث الشلل الدماغي نتيجة لتلف في المخ قبل الولادة أو أثناءها أو بعدها في السنوات الأولى من عمر الطفل.
ويصنف الشلل الدماغي إلى أربعة أنواع رئيسية: - الشلل الدماغي التشنجي (spastic): وهو أكثر الأنواع شيوعا لدى الأطفال حيث يصيب 7 من كل 10 أطفال. وفي دراسة أجريت في الأردن لتحديد الأعراض السريرية للشلل الدماغي وجد أن 64.5 % منهم يعانون من النوع التشنجي. في هذا النوع تصبح العضلات المتضررة منكمشة ومتشنجة، وفي الحالات الحادة يمكن أن تتيبس العضلات. وتختلف درجة الشلل التشنجي حسب شدة الاصابة. ويحد التيبس حركة العضلات، مما يسبب ضمور أو تلف العضلات. وللشلل الدماغي التشنجي أنواع تحددها الأطراف المتضررة، على سبيل المثال يكون هنالك شلل نصفي عند تضرر ساق وذراع من جانب واحد، أو الشلل الرباعي اذا تضررت اليدان والرجلان. - الشلل الدماغي الرعاش (Athetoid): يحدث هذا في 2 من كل 10 أطفال مصابين بالشلل الدماغي. وفي هذا النوع يعاني الطفل من حركة فجائية بالأطراف أو عضلات الأطراف وربما تكون الحركة ببطء أو بسرعة. وجميع الحركات التي تحدث للطفل هي غير ارادية وفي بعض الأحيان حتى اللسان أو الوجه قد يكون متضررا. وعادة يجد الطفل المصاب صعوبة في البقاء في مكان واحد أو مسك أي شيء. - الشلل الدماغي الترنحي (Ataxic): هذا من أقل انواع الشلل الدماغي حدوثا، ويحدث عادة في أقل من واحد من بين كل 10 أطفال. فالطفل المصاب بهذا النوع يجد صعوبة في التوازن والقيام بالحركات الدقيقة. من الأرجح أن يكون يمشي مترنحا ويده غير ثابتة عند الكتابة أو غيرها من المهام الدقيقة. - الشلل الدماغي المختلط ( mixed): الطفل المصاب بالشلل الدماغي المختلط عادة به نوعان أو ثلاثة من أنواع الشلل الدماغي المختلفة.

وقد أشارت الدراسات بأن نسبة الإصابة بالشلل الدماغي تبلغ شخص أو شخصين أو ثلاثة أشخاص من كل ألف شخص على المستوى العالمي في حين أن منظمة الصحة العالمية أشارت بأن نسبة الأطفال المصابين بالشلل الدماغي تبلغ واحد من كل ثلاثمائة طفل، وقد أثبتت أحدث الدراسات أن عدد الأطفال المصابين بالشلل الدماغي أكثر من طفلين من كل ألف طفل، وقد وجد أن حوالي 27% من حالات الشلل الدماغي لديهم نسبة ذكاء أقل من 50درجة، وأن 21% منهم نسبة ذكاءهم أقل من 70 درجة، مما يؤكد حاجتهم إلى البرامج العلاجية.
ومازال حتى الآن أغلب الأطفال المصابون بالشلل ويعاملون على أنهم متخلفون عقليا، على الرغم من أن الإحصاءات أشارت بأن نسبة 25% منهم أدائهم الوظيفي جيد، ويستطيعون استكمال مسيرتهم التعليمية حتى بعد الجامعة، كما أن نسبة 40% إلى 50% منهم ذكاؤهم متوسط، وأكثر الاضطرابات النفسية التي يعانوها تتمثل في القلق والرغبة في الاستقلال والإحساس بالوحدة النفسية والقصور في مواجهة الآخرين والاعتداء على الذات وعلى الآخرين، بالإضافة إلى الخبرات المحدودة والإحساس بعدم الأمان عند مواجهة المواقف غير المألوفة.