إذا عدنا إلى موضوع العلاقة بين خصائص المدرس أو المدرسة وتحصيل الطلاب، فإننا نجد أن أغلب البحوث قد ركزت على أهم الخصائص الشخصيةوالتربوية التي يتمتع بها المدرس -وليس خاصية “الجنس” فقط- وعلاقة هذه الخصائص بالتحصيل الدراسي للتلاميذ.
ومن هذه الدراسات، بحث أجري في بتسوانا سنة 1989 من طرف مواموندا و مواموندا (Mwamweda & Mwamwenda, 1989) حول العلاقة بين خصائص المدرس مثل الجنس والخبرة في التدريس من جهة وتحصيل الطلاب من جهة أخرى. وقد بينت نتائج هذا البحث أن تحصيل الطلاب الذين درستهم مدرسات ذوات خبرة طويلة أعلى من تحصيل الطلاب الذين درسهم مدرسون ذوو خبرة أقل. وبالتالي، فإن عامل الخبرة عند المدرس وعلاقة ذلك بتحصيل الطلاب كما بين هذا البحث عامل أساسي.
ولكن نتائج هذه الدراسة التي أجريت في بتسوانا لم تتفق مع نتائج دراسة أخرى كانت قد أجريت بالولايات المتحدة الأمريكية ونشرت سنة 1988. فقد بين كل من وليس وبوتوري (Wheeless & Potori, 1988) كما ذكرنا أعلاه أن تحصيل الطلاب لم يتأثر بكون القائم بالتدريس هو مدرس أو مدرسة بل إن تحصيل الطلاب سواء كانوا ذكورا أم إناثا قد تأثر بالخصائص الإجمالية للمدرس أو المدرسة (ذكرا كان أو أنثى).
وفي دراسة مقارنة بين عدة بلدان، وجد هوبكنز واسترن سنة 1995 (Hopkins & Stern, 1995) أن أهم خصائص المدرسين المتميزين بنوعية التدريس هي: الإلتزام، حب الأطفال، التحكم في طرق التدريس أو (البيداغوجيا) النماذج المتعددة في التدريس، القدرة على التعاون مع آخرين والقدرة على التأمل.
ومن الدراسات القليلة جدا التي حاولت الربط بين جنس المدرس واتجاهات الطلاب الجامعيين نحو المدرسين، دراسة قامت بها بازو سنة 1995 (Basow, 1995). لقد وجدت هذه الباحثة عندما قارنت تقويم الطلاب الجامعيين للأساتذة خلال مدة أربع سنوات متتالية في إحدى الكليات بالولايات المتحدة الأميريكية أن تقويم الأساتذة الذكور لم يتأثر بجنس الطالب في حين أن تقويم المدرسات قد تأثر بجنس الطالب حيث إن المدرسات قد تلقين أعلى تقويم من طرف الطالبات وأدنى تقويم من طرف الطلاب.
وتوصلت نفس الباحثة في بحث آخر سنة 2000 (Basow, 2000)إلى أن “أحسن المدرسات بالجامعة” قد اخترن من الطالبات كأحسن مدرسات أكثر مما اخترن من طرف الذكور في حين لم توجد أي فروق بين الجنسين في اختيار أسوأ مدرس أو مدرسة. وكانت سمات الأساتذة التي انتقدها الطلاب والطالبات (بغض النظر عن جنس الطالب) هي: قلة التنظيم والوضوح. أما أحسن المدرسين فقد كانت أهم السمات التي وصفوا بها هي: الإهتمام (العناية والرعاية) والمعرفة.
ولكن التأكيد على خصائص المدرس أو المدرسة ودورها في نوعية التعليم وتحصيل الطلاب لم تلق التأييد في بحث نشر مؤخرا (2005) من طرف جبسون (Jepsen, 2005). كان هدف هذا البحث دراسة العلاقة بين خصائص المدرس وتحصيل الطلاب باستعمال مسح بواسطة استبانة لخصائص المدرس المتوفرة في السجلات الإدراية. فبالإضافة إلى خبرة المدرس المتوفرة في السجلات، فإن الاستبانة قد اشتملت على معلومات حول حماس المدرس، الموارد المتوفرة في الصف، استعمال الكمبيوتر، وحجم الواجبات المدرسية المعطاة للتلاميذ. وقد قام الباحث بربط المعلومات (البيانات) المتعلقة بالمدرسين بالبيانات الخاصة بأداء الطلاب (درجاتهم) علما أن عدد الطلاب الذين شملهم هذا البحث هو عشرة آلاف تلميذ من تلاميذ الصفوف الإبتدائية الأولى في مختلف الولايات الأمريكية.
وقبل أن يورد نتائج بحثه الميداني، فقد أكد هذا الباحث أن الدراسات السابقة التي حاولت أن تربط بين خصائص المدرس مثل الخبرة والشهادة وتحصيل الطلاب قد بينت ضعف العلاقة بين هذين المتغيرين، كما بينت أن خصائص المدرسين المتميزين من الصعب قياسها.
ورغم هذه النتيجة، فإن الباحث نفسه يعود ويشير إلى أن المدرس كفرد وكوحدة كلية من أهم العوامل المرتبطة بتحصيل الطلاب مما يعنى أن محاولة الربط بين خاصية واحدة محددة عند المدرس مثل سنوات خبرته أو شهاداته وتحصيل الطلاب لم تبين أية علاقة قوية باستثاء عامل الخبرة الذي يرتبط بالتحصيل الجيد للتلاميذ.
ورغم تأكيده على عدم وجود علاقة بين خصائص المدرس وتحصيل الطلاب، فإن من أهم النتائج التي توصل إليها جبسون (2005) قد تمثلت في الدور الكبير الذي يؤديه المدرسون والأقران في تحصيل الطلاب، وفي أن للأدوات المتوفرة في الأقسام الدراسية (قاعات الدراسة) مثل الكمبيوتر وغيره علاقة بالتحصيل الدراسي.
ومع الأسف، فإن هذه الدراسة لم تدرج جنس المدرس كخاصية من الخصائص التي قد يكون أو لايكون لها تأثير معين في تحصيل الطلاب إلا أنه من الممكن الاستنتاج من هذه الدراسة بطريقة غير مباشرة أنه ليس لجنس المدرس أية علاقة بتحصيل الطلاب.
وقد دعا الباحث في خلاصة بحثه إلى ضرورة مواصلة البحث لمعرفة تأثير مختلف خصائص المدرس في تحصيل الطلاب. ولعل دراستنا الميدانية هذه تندرج في هذا الإطار خاصة وأنها تبحث موضوعا لم يلق العناية الكافية من طرف الباحثين التربويين والنفسانيين.
ومن ناحية تأثر تلاميذ الصف السادس (ذكور) بالمرحلة الإبتدائية بالمدرسين من الناحية السلوكية، فقد بين بحث ميداني أجري في ست دول خليجية وهي: الإمارات العربية المتحدة، البحرين، الكويت، السعودية، عمان وقطر أن 7,7% فقط يعتبرون مدرسيهم أعظم الشخصيات المعاصرة، الأمر الذي يتطلب -كما أكد على ذلك الخطيب في بحثه سنة 1997- كثيرا من الدراسة والتمحيص لواقع العلاقات المدرسية بين الطلاب والمدرسين. وبين الباحث نفسه أن حةالي 2,7% فقط من الطلاب يلجأون إلى المدرسين لحل المشكلات التي تصادفهم مما يعني كما أشار “وجود فجوة كبيرة في العلاقات المدرسية بين الطلاب والمدرسين، وأن المدرسين يعاملون الطلاب معاملة فظة الأمر الذي قد يفوت فرص اقتداء الطلاب بهم….” (الخطيب، 1997، ص123). وقد انتهى الباحث نفسه إلى أن نسبة الطلاب الذين اختاروا المدرسين كنماذج للاقتداء بها لم يتعد نسبة 7,2% عند الذكور مقابل 18,1% عند الإناث مما يعد مؤشرا خطيرا لا يمكن الاستهانة به في تدني مكانة (صورة) المدرس في المجتمعات العربية.
وتبين من نفس البحث أن معظم الطلاب (ذكورا وإناثا) يتخذون آباءهم وأمهاتهم نماذج وقدوات لهم بنسبة 36% مما يبين أن معظم الطلاب يتقمصون شخصية آبائهم وليس شخصية المدرسين لأن التقمص يحدث قبل التحاق الأطفال بالمدارس بل ورياض الأطفال.
ومهما يكن، أود التأكيد أن العملية التربوية عملية معقدة تؤثر فيها عوامل عديدة من أهمها: خصائص الطالب (الطالبة)، خصائص المدرس\المدرسة، طرق التدريس وأدواته، البيئة الأسرية، البيئة المدرسية، البيئة الإجتماعية وخاصة القيم الإجتماعية المرتبطةبالعلم والتعلم وكذلك تأثير الأقران. ويتطلب هذا التأكيد إجراء دراسات عديدة حول مختلف العوامل المذكورة ومدى ارتباطها بالتحصيل الدراسي والإرتقاء السلوكي للطلاب.
التكرار
التعليل
الرقم
31
حاجة الطفل إلى الحنان
1
6
قدرة المدرسة على مراعاة حالة الطفل النفسية في هذا العمر
2
26
صبر المدرسة وتحملها للطفل
3
11
جودة التواصل بين المدرسة و المنزل
4
3
قدرة المدرسة على متابعة الطفل
5
18
شخصية الأمومة لدى المدرسة
6
11
قرب المدرسة من الطفل
7
6
التزام المدرسات بالعملية التعليمية و السلوكية والتربوية
8
2
هذه المرحلة تعتبر استمراراً لمرحلة الروضة
9
3
تقبل أو تجاوب الأطفال للمعلمات أفضل
10
4
عطاء المدرسات أكثر
11
1
المدرسة تزرع في الأطفال الرحمة و العطف و الصبر
12
1
المدرسين أشد من العلمات
13
5
بصفة عامة المدرسات أفضل من المدرسين
14
1
الخوف من بعض الرجال من الناحية الجنسية
15
2
تقبل المدرسات لمشاكل الأطفال
16
13
المدرسات أكثر حرصاً و إخلاصاً من المدرسين
17
1
الخوف من بعض سلوكيات المدرسين
18
2
التأسيس العلمي الأفضل للطفل
19
2
المعاملة الممتازة من قبل المدرسات
20
يلاحظ أن أكثر العوامل تكرارا هي: حاجة الطفل للحنان (31) تكرارا، صبر المدرسة وتحملها للطفل (26) تكرارا، شخصية الأمومة عند المدرسات (18) تكرارا، المدرسات أكثر حرصا وإخلاصا من المدرسين (13) تكرارا وجودة التواصل بين المدرسات وأولياء الطلاب (11) تكرارا. وعليه، فإن هناك شبه إجماع على تفضيل أولياء الطلاب للمدرسات عن المدرسين لتدريس البنين الصغار في الصف الأول الإبتدائي لعوامل جوهرية تتميز بها المدرسات عن المدرسين. أما الذين اختاروا المدرسين لتدريس البنين الصغار في هذا الصف فلم يوردوا إلا ثلاثة عوامل لم يتكرر كل منها إلا مرة واحدة كما هو مبين في الجدول أدناه:
جدول رقم 24: يوضح العوامل التي قدمها أولياء الطلاب في حالة تفضيل المدرسين لتدريس البنين الصغار في الصف الأول الإبتدائي:
التكرار
الفقرة
الرقم
1
المدرس أقرب للأولاد
1
1
قدرة المدرس على تفهم الطالب بطريقة أفضل
2
1
المدرس ليس دقيقاً في الأمور الصغيرة مثل المدرسة
3
أما أولياء الطلاب الذين لم يروا فرقا بين الجنسين، فلم يوردوا إلا عاملين يمكن جمعهما في عامل واحد يتمثل في أهمية تكوين المعلم بدلا من جنسه كما هو مبين أدناه.
جدول رقم 25: يوضح العوامل التي قدمها أولياء الطلاب في حالة “عدم وجود فرق” في جنس المدرس لتدريس البنين الصغار في الصف الأول الإبتدائي:
التكرار
الفقرة
الرقم
1
حسب التميز لكليهما
1
1
المهم هو التأهيل التربوي و العلمي للمعلم أو المدرسة
2
مقارنة التحصيل الدراسي بين ثلاث مدارس
الهدف من هذه المقارنة محاولة معرفة فيما إذا كان تدريس الطلاب في هذه المرحلة من طرف المدرسات فقط -كما هو الشأن في مدارس الجامعة- أو من طرف المدرسين فقط -كما هو الوضع في معظم المدارس بالمملكة العربية السعودية- قد يؤدي إلى فروق في التحصيل الدراسي.
ورغم إدراك الباحث لتدخل متغيرات كثيرة في موضوع التحصيل الدراسي إلى جانب جنس المدرس، فقد افترض أن باقي المتغيرات قد تكون موزعة بطريقة طبيعية أو شبه طبيعية؛ إذ أن الطلاب في هذه المنطقة (الظهران والخبر) ينتمون لمنطقة واحدة يفترض أن الوضع الإقتصادي والمستوى التعليمي لأولياء الطلاب موزع توزيعا شبه طبيعي علما بأن كلا من مدرستي “مدارس الجامعة” و” المنارات” مفتوحة لجميع أطفال المنطقة بما في ذلك أبناء الموفدين باعتبارهما مدرستين خاصتين. وقد تم اختيار هذه المدارس بطريقة قصدية على أساس أن اثنتين منهما: مدارس الجامعة والمنارات مدرستان خاصتان و”الأخرى” مدرسة حكومية، وعلى أساس سهولة إجراء الدراسة بها.
تم الإتصال بمديري هذه المدارس، وحصل الإتفاق على إجراء دراسة مقارنة بين طلاب الصف الثاني في كل من هاتين المدرستين وطلاب الصف نفسه بمدارس الجامعة.
- عينة البحث: نظرا لوجود أكثر من فوج في هذا الصف (أفواج: أ، ب، ج، د) بمختلف المدارس المذكورة، تم اختيار الفوج (ب) بطريقة عشوائية.
جدول رقم 57: يبين عدد الطلاب في كل فوج بالمدارس الثلاث:
اسم المدرسة
عدد الطلاب بالصف ب
مدارس الجامعة (الظهران)
20
المنارات الشرقية (الخبر)
19
حنين (الدوحة)
20
المجموع
59
يلاحظ أن عدد الطلاب متساو تقريبا في كل المدارس، وقد حصل هذا بمحض الصدفة. وبالتالي، فإن تأثير هذا المتغير (عدد الطلاب بالصف قد استبعد أو ثبت بشكل تلقائي).
أجريت الإختبارات في الأسبوعين الثاني والثالث من شهر مايو 2005، وذلك بحضور مدرسي الطلاب بهذه الصفوف إلى جانب المختبرين الذين وزعوا أسئلة قياس المهارات الثلاث، وشرحوا المطلوب من الأسئلة عند الحاجة.
- أسئلة الإختبارات:
اختار الباحث أن يجري المقارنة في ثلاث مواد رئيسية وهي: الرياضيات والعلوم والفقه والسلوك. وطلب من المدارس الثلاث إرسال عينات من الأسئلة الخاصة بقياس مهارات التحصيل الدراسي في الفصل الأول من هذا الصف (الثاني ابتدائي). أرسلت كل من مدرستي “الجامعة” و “المنارات” عينات من الأسئلة المستعملة لقياس مهارات التحصيل عند الطلاب في المواد المذكورة. ولكن مدرسة “حنين” لم ترسل عينات.
تم اختيار عينة من المهارات في المواد الثلاث المذكورة والتي من المفروض أن طلاب الصف الثاني ابتدائي بالمدارس الثلاث قد اختبروا فيها أثناء الفصل الماضي (الأول). وقد تم التأكد من طرف الباحث بأن هذه الأسئلة متضمنة في الكتب المدرسية الخاصة بالصف الثاني الإبتدائي.
نتائج دراسة قياس المهارات:
1- قياس مهارات الرياضيات:
يتشكل اختبار قياس مهارات الرياضيات من 57سؤال كما هو موضح بالملحق. وقد أعطيت لكل إجابة صحيحة نقطة واحدة ثم حسبت المتوسطات لكل الصفوف بالمدارس الثلاث وتمت مقارنة المتوسطات باستعمال تحليل التباين كما هو موضح أدناه.
وقد تبين من تحليل التباين واستعمال تقنية “شفيه” تفوق طلاب مدراس الجامعة عن بقية الطلاب الآخرين في كل من مدارس المنارات الشرقية ومدرسة حنين بالدوحة. وبينما كان الفرق بين متوسط طلاب مدارس الجامعة وطلاب مدارس المنارات غير دال من الناحية الإحصائية فإن الفرق بين متوسطي طلاب مدارس الجامعة ومدرسة حنين دال إحصائيا عند 0,004. أما الفرق بين مدارس المنارات ومدرسة حنين فلم يكن ذا دلالة إحصائية؛ وإن كان الفرق لصالح مدارس المنارات كما هو موضح في الجدول أدناه.
جدول رقم 58: يبين متوسطات اختبار الرياضيات في المدارس الثلاث.
المدرسة
متوسط الدرجات
الانحراف المعياري
الجامعة
52.05
8.19
المنارات
44.63
11.72
حنين
40.70
10.50
وعليه، فالترتيب فالرياضيات كان على النحو التالي:
1- مدارس الجامعة
2- مدارس المنارات.
3- مدرسة حنين.
وفيما يلي تحليل التباين لتبيان الفروق بين متوسطات الطلاب في الرياضيات بالمدارس الثلاث:
جدول رقم 59: يبين الفروق بين متوسطات اختبار الرياضيات في المدارس الثلاث.
مجموع المربعات
درجة الحرية
مربع المتوسطات
ف
الدلالة
بين الجماعات
1327.37
2
663.68
6.35
.003
داخل الجماعات
5845.57
56
104.38
المجموع
7172.94
58
ملاحظة: لوحظ وجود بعض الأخطاء في التمارين الرياضية التي سلمت لنا من إحدى المدارس، وقد أعطيت التمارين بأخطائها لكل الطلاب لمعرفة مدى تفطن الطلاب لهذ الأخطاء. وقد تفطن الطلاب بالمدارس الثلاث للأخطاء الموجودة بالتمارين. وقد أوردنا التمارين في الملحق الخاص بالرياضيات بأخطائها.
2- قياس مهارات العلوم:
تشكل اختبار مهارات العلوم من ثمانية أسئلة كما هو موضح في الملحق. وقد كان هناك تغيير طفيف في عدد الطلاب المشاركين في هذا الإختبار حيث كان على الشكل التالي:
- مدارس الجامعة: 21 طالبا
- المنارات الشرقية: 18 طالبا
- مدرسة حنين: 21 طالبا
وكان الأداء في هذا الإختبار أيضا لصالح طلاب مدارس الجامعة يليهم طلاب مدارس المنارات ثم طلاب مدرسة حنين؛ وذلك كما تبينه الفروق بين المتوسطات التي حصل عليها الطلاب في المدارس الثلاث في الجدول أدناه:
جدول رقم 60: يبين متوسطات اختبار العلوم في المدارس الثلاث.
المدرسة
متوسط الدرجات
الانحراف المعياري
الجامعة
16.33
5.95
المنارات
9.56
2.54
حنين
6.71
3.40
وتبين من تحليل التباين أن الفروق بين متوسطات الطلاب في المدارس الثلاث ذات دلالة إحصائية عند .003
وبتطبيق تقنية شفيه تبين أن الفرق بين متوسط طلاب الجامعة ومتوسط طلاب مدرسة حني ذو دلالة إحصائية عند .004
أما الفرق بين متوسطي طلاب مدارس الجامعة ومدرسة المنارات فليس ذا دلالة إحصائية وإن كان الفرق لصالح طلاب الجامعة. فعليه، فالترتيب في مهارات العلوم هو نفسه الترتيب في مادة الرياضيات كما هو مبين أعلاه. وينوه هنا أن مجموع الدرجات في مادة العلوم يختلف عنه في مادة الرياضيات؛ ويعود ذلك إلى اختلاف عدد الأسئلة في العلوم وكذلك الأمر في مادة الفقه والسلوك كما هو موضح أدناه.
3- قياس مهارات الفقه والسلوك:
لم يختلف عدد الطلاب الذين شاركوا في اختبار الفقه والسلوك عن العدد الذي شارك في اختبار العلوم؛ ذلك لأن اختباري العلوم والفقه والسلوك تما في نفس اليوم حيث أعطي اختبار العلوم أولا ثم أعطي اختبار الفقه والسلوك بعد استراحة قصيرة للطلاب بين الإختبارين.
وتبين من دراسة الدرجات التي حصل عليها الطلاب في مادة الفقه والسلوك تفوق طلاب مدارس الجامعة أيضا عن بقية الطلاب في المدرستين الأخريين ولكن باختلاف في الترتيب المذكور أعلاه في مادتي الرياضيات والعلوم حيث حصلت مدرسة حنين على الترتيب الثاني في هذه المادة باختلاف طفيف عن مدارس المنارات، ولم يكن هذا الفرق ذا دلالة إحصائية. وفيما يلي المتوسطات التي حصل عليها الطلاب في المدارس الثلاث في مادة الفقه والسلوك:
جدول رقم 61: يبين متوسطات اختبار الفقه والسلوك في المدارس الثلاث.
المدرسة
متوسط الدرجات
الانحراف المعياري
الجامعة
26.05
3.98
المنارات
18.72
4.41
حنين
19.29
2.63
وقد تبين من تحليل التباين أن الفروق بين متوسط طلاب الجامعة ومتوسطي مدرستي المنارات وحنين في هذه المادة ذات دلالة إحصائية مما يبين بوضوح تفوق طلاب مدارس الجامعة عن طلاب هاتين المدرستين في مادة الفقه والسلوك ويتجلى ذلك في المتوسطات أعلاه وكما يتبين من دلالة الفروق في تحليل التباين حيث كانت الفروق دالة عند .001
- النتيجة العامة من المقارنة:
رغم النقائص التي قد تسجل في هذا الإختبار من حيث ضبط المتغيرات الخارجية التي تؤثر في أداء الطلاب في المدارس الثلاث، ورغم صغر العينة حيث تم استعمال صف واحد في المدارس الثلاث؛ فإن تفوق طلاب مدارس الجامعة عن طلاب المدرستين الأخريين في المواد الثلاث التي كانت موضوع القياس باختيار من الباحث قد يقوي من صدق النتائج المحصل عليها خاصة إذا علمنا أن اختيار الصف (ب) في المدارس الثلاث تم بطريقة عشوائية، ويقوي هذا أيضا أن المهارات التي تم قياسها تندرج ضمن المنهاج الوزاري المقرر لهذا الصف. وقد تم التأكد من ذلك بالرجوع إلى الكتب المدرسية المقررة لهذه المواد بالصف الثاني الإبتدائي (الفصل الأول). ومما يقوي هذه النتيجة أيضا هو أن عدد الطلاب في الصف المختار بالطريقة العشوائية متقارب بل شبه متساو في المدارس الثلاث. وقد يتحفظ على النتيجة بالقول إن أغلب طلاب مدارس الجامعة هم أبناء أساتذة جامعيين وأن البيئة الأسرية والمستوى التعليمي للوالدين قد يؤدي دورا مهما في هذه الفروق.
وعليه، إذا افترضنا أن كل المتغيرات الأخرى قد توزعت بصفة طبيعية؛ فإنه يلاحظ تفوق كبير لطلاب مدارس الجامعة في المواد الثلاث. ولاشك، أن هذا التفوق قد يرجع إلى عدة عوامل من أهمها: حرض المدرات على المستوى الجيد، حرض الإدارة على المستوى الجيد ودور الآباء في المتابعة والتحصيل.
ونظرا لأهمية هذه النتائج، فإنه يوصى بإجراء بحوث ميدانية في هذا الجانب للمقارنة بين أداء الطلاب في مختلف المدارس والمواد مع ضبط مختلف المتغيرات الأسرية والبيئية والتنظيمية (مدارس خاصة وحكومية) التي قد تؤثر في أداء الطلاب.
النتائج العامة للبحث:
1- يلاحظ شبه إجماع من طرف أولياء الطلاب والمدرسات والمدرسين أنفسهم وطلاب الثانوية على ضرورة تدريس البنين الصغار في الصفين الأول والثاني الإبتدائيين من طرف المدرسات فقط وتفضيلهن عن المدرسين.
2- ليس هناك إجماع من الأطراف المشاركة في البحث على تفضيل المدرسين أو المدرسات لتدريس البنين الصغار في الصف الثالث الإبتدائي من طرف المدرسين أو المدرسات فقط. ولكن هناك ميلا لتفضيل المدرسات عن المدرسين لتدريس البنين في هذا الصف؛ وذلك بمقارنة عدد الذين فضلوا المدرسات عن المدرسين.
3- تفوق طلاب الصف الثاني الإبتدائي بمدارس الجامعة على نفس طلاب مدرستي المنارات الشرقية (مدرسة خاصة) وحنين (مدرسة حكومية) في المواد الثلاث التالية: الرياضيات والعلوم والفقه والسلوك رغم تدريس طلاب مدارس الجامعة من المدرسات فقط وتدريس طلاب المدرستين الأخريين من طلاف المدرسين فقط.
4- لا يفضل أغلب طلاب الثانوية بمدارس الجامعة والذين درسوا حسب نظام مدارس الجامعة منذ الصف الأول الإبتدائي أن تدرسهم مدرسات فقط في الصف الثالث الإبتدائي بل يفضلون تدريسهم من طرف مدرسين فقط أو من طرف الجنسين معا.
5- يفضل أغلب طلاب الثانوية الذين درسوا حسب نظام مدارس الجامعة أن يدرسهم مدرسون فقط في الصف الرابع الإبتدائي.
6- يفضل أغلبية أولياء الطلاب الذين شاركوا في البحث الإبقاء على الوضع الحالي في تدريس البنين الصغار في الصف الثالث الإبتدائي؛ أي تدريسهم من طرف المدرسين والمدرسات معا.
7- عند مقارنة اتجاه أولياء الطلاب بين تفضيل المدرسين أو المدرسات لتدريس البنين الصغار في الصف الثالث الإبتدائي نلاحظ أنهم يميلون للمدرسات أكثر مما يميلون للمدرسين رغم أن الأغلبية تميل إلى الإبقاء على الوضع الحالي كما أشير أعلاه.
8- لأولياء الطلاب تحفظات على استعمال القسوة من طرف المدرسين كما أن لديهم عدة تحفظات على الوضع الحالي بمدارس الجامعة من ناحية الإرشاد النفسي والتربوي ومن ناحية ترقية سلوك الطلاب وخاصة عند الطلاب الكبار.
9- يميل أغلبية طلاب المرحلة الإبتدائية وفي مختلف الصفوف إلى تفضيل تدريسهم من طرف المدرسين فقط.
10- يفضل أغلب المدرسين تدريس البنين الصغار في الصف الثالث الإبتدائي من طرف المدرسين فقط.
11- تفضل أغلبية المدرسات تدريس البنين الصغار في الصف الثالث الإبتدائي من طرف المدرسات فقط.
12- تفضل أغلبية المدرسات تدريس البنين الصغار في الصف الرابع الإبتدائي من طرف المدرسين فقط.
13- أهم العوامل التي تجعل الطلاب يفضلون المدرسات عن المدرسين هي: الحنان والرعاية والإهتمام والعلاقة الجيدة والشرح الجيد.
14- أهم العوامل السلبية التي ينبغي للمدرسات تجنبها هي: الحماية المفرطة (الدلع والتدليل).
15- أهم العوامل التي تجعل الطلاب يفضلون المدرسين عن المدرسات هي: الحزم والإنضباط و”الرجولة”.
16- أهم العوامل التي ينبغي للمدرسين تجنبها هي: القسوة (لفظيا وعمليا) والعقاب الجماعي.
مناقشة النتائج:
إجابة عن السؤال المطروح في هذه الدارسة: “هل من الأفضل تدريس البنين الصغار في الصف الثالث الإبتدائي بمدارس الجامعة من طرف المدرسين والمدرسات معا كما هو الوضع الحالي أم تدريسهم من طرف المدرسين فقط دون مشاركة المدرسات؟”.
ولعل مبعث هذا السؤال اهتمام مجلس إدارة مدارس الجامعة وبعض الآباء بالتحصيل الدراسي والنمو النفسي-الإجتماعي لأولادهم مقارنة بالأولاد الآخرين الذين يدرسونهم مدرسون فقط في باقي المدارس الحكومية والأهلية بالمنطقة الشرقية بل وفي المملكة كلها إلا في بعض الاستثناءآت. وإذا قلنا بأن هذا الأسلوب المتبع في مدارس الجامعة بالمنطقة الشرقية مفيد في التحصيل الدراسي والنمو النفسي-الإجتماعي للطفل، فهل يمكن تعميمه على باقي مدارس المملكة لتقليص حجم البطالة في صفوف المدرسات؟
يلاحظ من إجابات المدرسين والمدرسات -عندما سئلوا عن عوامل تفضيلهم لتدريس البنين الصغار من طرف المدرسين أو المدرسات فقط- عدم معرفتهم بالنمو المعرفي والجنسي عند الطفل وخاصة عدم معرفة المرحلة التي تتم فيها عملية تقمص الأدوار الجنسية بالنسبة للطفل؛ وهذا ما جعل المدرسين والمدرسات معا يخلطون في قضية اكتساب “الرجولة” بالنسبة للبنين الصغار، وكأن هذه الأخيرة عملية بيولوجية بحتة بينما تؤكد الدراسات السابقة أن التقمص الجنسي يتم قبل التحاق الأطفال حتى برياض الأطفال؛ أي أنه يتم أساسا في الوسط الأسري.
وعليه، فإن أغلب الأطفال الذكور يتخذون آباءهم قدوة في الأخلاق والسلوك ويتقمصون دورهم من الناحية الجنسية (الرجولة) قبل الدخول المدرسي. وهذا لا يعني بطبيعة الحال، إغفال دور المدرسين في تعليم الأخلاق الفاضلة وأخلاق “الرجولة” للبنين في المدارس.
ويبدو من النتائج الكلية المحصل عليها من هذا البحث -حيث يلاحظ بعض التباين في الإتجاهات بين مختلف المشاركين- أن المهم في العملية التربوية ليس جنس المدرس بل شخصية المدرس بغض النظر عن جنسه. وتتماشى هذه النتيجة مع ما أكدته دراسة ويلس و بوتري سنة 1989 والتي أشارت إلى أن الطلاب في المرحلة الإبتدائية يتأثرون بالخصائص الكلية للمدرس بدلا من جنسه (كونه ذكرا أو أنثى).
وأوضحت هذه الدراسة نفسها -التي أجريت بالولايات المتحدة كما أشير في مراجعة الدراسات السابقة- أن المدرسين الأكثر تأثيرا في تلاميذهم هم المدرسون الذين يتصفون بخصائص الدفء والإهتمام بالإضافة إلى الحزم والسيطرة (Weeless & Potori, 1989).
ويعزز هذه النتيجة أيضا ما توصل إليه جبسون في بحث جديد (2005) حيث بين أن المدرس كفرد وكوحدة كلية من أهم العوامل المرتبطة بتحصيل الطلاب؛ الشيء الذي يعني أن محاولة الربط بين خاصية واحدة محددة عند المدرس مثل سنوات خبرته أو شهاداته وتحصيل الطلاب لم تبين أية علاقة قوية باستثاء عامل الخبرة الذي يرتبط بالتحصيل الجيد للتلاميذ (Jepsen, 2005).
وعليه، فإن جنس المدرس وإن كان من العوامل التي ينبغي عدم إهمالها إلا أنه ليس العامل الحاسم في التحصيل الدراسي والسلوكي للطلاب مما يقودنا إلى تأكيد أهمية ودور شخصية المدرس والمدرسة ككل وتكوينهما علميا ونفسيا وبيداغوجيا (طرق التدريس) مما يستدعي الإهتمام بتكوين المدرسين والمدرسات، وإعدادهم إعداد جيدا للقيام بالرسالة التربوية المناطة بهم، وتدريبهم بصفة مستمرة على أسس علمية ووفق مقاييس عالمية في جودة الأداء والسلوك المهني.
وبالتالي، فإن التعليم وخاصة في المرحلة الإبتدائية ينبغي أن يكون مفتوحا للجنسين (المدرسين والمدرسات) من الصف الأول الإبتدائي دون تمييز على أن يتقيد المدرسون والمدرسات بالآداب العامة والأخلاق الإسلامية كما يعود الطالب ومنذ الصف الأول الإبتدائي –إن لم يكن قبل ذلك في الحضانة مثلا- على الأخلاق الفاضلة والآداب العامة وخاصة احترام المدرسين والمدرسات والنظر إليهم كآباء وأمهات. وبالطبع، لا يمكن أن يتحقق هذا دون اهتمام أولياء الطلاب بهذا الجانب والإعتناء به؛ إذ أن احترام الأولياء للمدرسة والتعليم والمدرسين والمدرسات ينعكس على اتجاهات وسلوك الطلاب نحو مدرسيهم ومدرساتهم.
ويمكن التدرج في هذا المسعى بفتح الصفوف الإبتدائية الأولى (الأول والثاني والثالث الإبتدائي) في وجه المدرسين والمدرسات دون تمييز من ناحية الجنس ثم الإنتقال إلى الصفوف الأخرى إذا توفرت الشروط التربوية والأخلاقية والسلوكية والإدارية لذلك.
أما بعض حالات التعلق العاطفي بل وحتى الجنسي لبعض المدرسين والمدرسات بطلابهم أو بعض حالات تعلق الطلاب عاطفيا أو جنسيا بمدرسيهم ومدرساتهم فلا ينبغي النظر إليها إلا باعتبارها حالات شاذة قد تقع في المدارس وخارجها، كما يمكن أن تقع بين الذكور فقط (طلاب ومدرسون)، كما قد تقع بين الإناث فقط (طالبات ومدرسات) أو بين الذكور والإناث (طلاب ومدرسات، مدرسات وذكور). وينبغي في كل الأحوال الإهتمام بهذه الظاهرة دون إنكارها تماما أو التهويل من شأنها، كما ينبغي الإهتمام بغيرها من أنواع الشذوذ والإضطرابات النفسية والسلوكية. ولعل التكوين الجيد والإختيار الدقيق للمدرسين والمدرسات من الناحية المهنية والأخلاقية والعلمية وتوفير الإرشاد النفسي بالمدارس والإدارة اليقظة والحازمة قد يقضي على هذه الظاهرة تماما.
ومهما يكن، فإن نتائج هذا البحث لا يمكن تعميمها على بقية المدارس بالسعودية؛ إذ أنها مقيدة بالعينات التي تمت دراستها والتي لا تمثل بأي حال من الأحوال نظرة المجتمع السعودي ككل لموضوع تدريس البنين في مختلف مراحل التعليم وخاصة في المرحلة الإبتدائية الأولى، كما لا تعكس المستوى التعليمي للطلاب بالبلد؛ وذلك راجع إلى حدود البحث المتمثلة في “مدارس الجامعة” التي تعتبر مدرسة خاصة؛ وإن كانت المقارنة قد اشتملت على مدرستين أخريين بالمنطقة الشرقية.
وعليه، فإن مثل هذه المواضيع التي تتباين فيها الآراء والمواقف وخاصة في المجتمع السعودي الذي يشهد تغيرات في الإتجاهات والمواقف في حاجة إلى دراسات ميدانية موضوعية تأخذ بعين الإعتبار مختلف العوامل المؤثرة في العملية التربوية بمختلف مراحل التعليم في المدارس الحكومية والخاصة من ناحية التحصيل الدراسي ومن الناحية السلوكية والثقافية حيث تصبح نتائج هذه الدرسات منطلقا لإحداث تغييرات جوهرية في محتوى المناهج وطرق التدريس وفي مناهج تكوين المدرسين وإعادة الإعتبار للمدرس في المجتمع وفي دور الأسرة وبقية مؤسسات المجتمع في العملية التربوية وإعداد أجيال المستقبل.