استخدام الكمبيوتر والتعليم الالكتروني في تعليم الصم والبكم
لقد ساعدت التطورات في المجالين التربوي والتكنولوجي إلى زيادة الاهتمام بتقديم برامج تتناسب مع قدرات التلميذ الأصم عن طريق استخدام الكمبيوتر في تعليم هذه الفئة، كونه يتميز بالإثارة والتشويق والتحفيز على التعلم، خاصة وأن التلميذ الأصم يعتمد ويركز على البصر أكثر من باقي الحواس، ولقد أشارت الدراسات التربوية إلى أن أول استخدام للحاسوب في مجال التربية والتعليم لذوي الإعاقة السمعية كان سنة 1970 من قبل المكتب التربوي الأمريكي، حيث أنشئ قسم للدراسات بجامعة " ستانفورد " وأظهرت الدراسات إلى زيادة مهارات التلاميذ ذوي الإعاقة السمعية، كما أكدت على أهمية إتقان المعلمين والأخصائيين في علاج عيوب النطق باستخدام الحاسوب وبعض البرامج في مساعدة وتسهيل التواصل بين التلاميذ الصم والمعلم.
كما أنه يساعد على نقل بعض الظواهر الحقيقية للتلاميذ الصم الذين يعتمدون على حاسة البصر أكثر والتي، خاصة الظواهر التي يصعب مشاهدتها لبعدها المكاني أو لندرة حدوثها ببيئتهم، فتصميم برنامج يعالج هذه الظواهر ويسهل عملية التعلم بأقل وقت ممكن، وهذه العملية المتمثلة في استخدام الكمبيوتر في التعليم تدخل في إطار عملية التعليم.
استخدمنا الكمبيوتر في عام 1993 لتعليم الصم والبكم في سورية
" لقدر خبراء الأمم المتحدة أن ربع سكان أي مجتمع محلي يتأثرون تأثير مباشر بالعجز عن طريق الوقت والموارد التي ينفقها أفراد الأسرة لرعاية المعوقين أما في البلدان النامية لا يستطيع الانتفاع من الخدمات الصحية سوى شخص واحد من كل عشرة أشخاص " . لهذا كان منطلق عملنا في تدريب الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة من طلاب الصم والبكم والذي نلخصه بما يلي :
قد نجد لهؤلاء الأطفال المعوقين عملاً أكثر حضارة وأكثر إنسانية وتقدماً ، أو نجد لهم فرصة أكبر للإحساس بالوجود الحقيقي والثقة بالنفس ، أو نخط لهم معبراً أكثر عمقاً لحياتهم .
- قد نضع الأساس المتين لبناء مستقبلهم المشرق والواقعي في آن واحد .
- فما المانع من أن يكون الطفل ( المعوق ) في المستقبل موظفاً يعمل بقسم الحاسب في أي إدارة أو مؤسسة يقوم بإدخال البيانات والمعلومات ، يتقن العمل بشكل حقيقي على إدخال المعطيات مثله مثل أي موظف سليم .
- وما المانع من أن يكون هذا ( المعوق ) يعمل في إحدى دور النشر المتخصصة في معالجة النصوص (النشر المكتبي) مثله مثل أي إنسان آخر .
- ما هو العائق أمام هذا المعوق الذي يمتلك مخيلة واسعة جداً من جعل الكمبيوتر أداة طيعة بين يديه ينطلق من خلاله كمصمم للأشكال والرسومات المطلوبة في العديد من مجالات الطباعة والإعلان ، إن استخدامه لإحدى برامج التصميم الدعائية والإعلانية يصقل موهبته وبالتالي يضيف بعض اللمسات الإبداعية الخاصة به .
- آفاق كثيرة وكثيرة يمكن أن تفتح أمامه في المستقبل حتى أنه من الممكن أن يصبح مدرساً لعلوم الكمبيوتر والبرمجة في معاهد الصم والبكم أو في معاهد الشلل الدماغي أو في معاهد المكفوفين .
وبالتالي فإن عملنا هذا يكون قد حقق مجموعة من العوامل الهامة بالنسبة لتعليم المعوق علوم الكمبيوتر والتي نلخصها بما يلي:
1. التواصل الاجتماعي للمعوق عن طريق الكمبيوتر .
2. الكم الهائل من المعلومات المقدمة للمعوق .
3. الكمبيوتر الذي يتمتع بطريقة جذابة وسريعة ومتحركة قادرة على جذب انتباه الطفل المعوق .
4. الكمبيوتر مهنة راقية تلائم المعوقين .
5. الكمبيوتر يضمن للمعوق التعليم المستمر طوال الحياة .
وكما نعرف أيضاً أن الإعاقة Disability بكافة أنواعها المختلفة مثل ( الإعاقة السمعية اللفظية – الصم والبكم – Deaf Mute والإعاقة العقلية Mentally Paralyzed - والإعاقة البصرية Sight Impaired - - لها مشاكل جمة يمكن أن تواجه أصحابها مثل :
1- قلة العناية الصحية بهم
2- صعوبات اندماج اجتماعي
3- تأمين فرص عمل لهم بما يتناسب ودرجة العجز لديهم
4- عدم وجود خدمات اجتماعية كافية
لذلك كان من الأفضل لنا إيجاد طرق توسيع فرص العمل لهؤلاء المعوقين بحيث أن تأمين العمل المناسب لكل معوق يعتبر علاجاً نفسياً ومعنوياً يشعر من خلاله بأنه إنسان منتج ونافع في المجتمع وليس عالة على أحد وفق الأسس التالية :
1- الاحتفاظ بوظائف معينة مخصصة للمعوقين
2- إقدام أصحاب العمل في القطاعين العام والخاص على تشغيل نسبة مئوية منهم
3- إنشاء التعاونيات أو مؤسسات تدار من قبل المعاقين أنفسهم وتسخر مادياً لمصالحهم
4- توفي عمل محمي للمعوقين بإقامة ورش محمية في مكان تواجدهم .
وكلنا يعلم أن الهيئة العامة للأمم المتحدة التي تحتفل في 3 كانون الأول من كل عام باليوم العالمي للمعوقين وتوصي بأن تضم الحكومات وكافة المنظمات كل جهودها لزيادة وعي شرائح المجتمع بالصعوبات الخاصة التي تواجه المعوقين " جسمياً – نفسياً – اجتماعياً.
من هذا المنطلق كان الإصرار ومن هذا الإصرار يمكن أن يكون النجاح ، المهم أنه لم يعد ينظر للمعوقين على أنهم أدنى مرتبة من الأصحاء ، لقد اختلفت النظرة الحديثة إليهم ، ليس من باب العطف ، بل أصبح يُنظر إليهم بأن لهم دوراً هاماً في المجتمع كطاقة إنتاجية كبيرة ، لهم حق المشاركة مع السوي في العمل والدراسة ومن الممكن أن يتفوق بعض المعوقين على الأصحاء .
والهدف إذاً : جعل هذه الشرائح الثلاث ( شريحة الصم والبكم - شريحة الشلل الدماغي – شريحة المكفوفين ) فعالة ناجحة في مجتمعها تؤدي دورها على أكمل وجه .
الخطة الزمنية التي تم وضعها لتدريب المعوقين :
1- جمع المعلومات وإجراء الدراسة النفسية للطالب المعوق :
تمت الدراسة النفسية وجمع المعلومات من خلال إجراء اختبارات محددة للطلاب المعوقين بإجراء عملية الفرز والاصطفاء وبالتالي تأهيلهم نفسياً من حيث كسر حاجز الإحساس بالخوف والضعف .( استندنا إلى جمع المعلومات من ذوي أطفال المعوقين وأقاربهم وأصدقائهم ).
2- تحليل الدراسة :
- تحليل الدراسة :كان من خلال إجراء اختبار على مستوى الطلاب العلمي ومستوى ذكائهم ومدى استيعابهم وقدرتهم على تذكر المعلومات إذ تم الاختبار لكل طالب بشكل إفرادي لنستخلص مدى قبولهم ورغبتهم في المتابعة يشكل ممتاز .
- تأهيل الطفل المعوق نفسياً وعلمياً : للبدء بالعمل الفعلي على أجهزة الكمبيوتر ، تم في هذه المرحلة إضفاء الطابع الإنساني على جو العمل بحيث يصبح المدرس أباً والطلاب أبناءً وأخوة ويصبح الكمبيوتر صديقاً لهم ووسيلة للتعبير عن أفكارهم وخيالاتهم ، فالكمبيوتر صلة الوصل بين المدرس والطلاب من خلال ( الإشارة ، البرنامج ، الصوت ) .
- أعمار الطلاب : تم البدء باستيعاب أطفال معوقين أعمارهم تتراوح بين السابعة والرابعة عشر .
- المستوى العلمي للطلاب : كان البعض منهم يجيد القراءة والكتابة والبعض الآخر لا يتقن شيء من أيهما .
- مدى الإعاقة :
أ- أ- شريحة الصم والبكم :
القسم الأول ( انعدام السمع والنطق بشكل كامل )
القسم الثاني ( محاولة النطق لكن بشكل صعب جداً )
- أسباب الإعاقة : وراثية – مرضية
من خلال تحديد مدى الإعاقة عند الطالب حددنا طريقة التفاهم من حيث الإشارات أو حركة الشفاه بعد أن تم تقسيمهم إلى مجموعات دراسية للتدريب .
3- الشروع في العمل :
· مراحل المستوى العلمي الذي وصلت إليه شريحة الصم والبكم :
- المرحلة الأولى : كانت في نادي الشبيبة للعلوم والحاسوب ومن ثم المركز الاستشاري المعلوماتي في سلمية حيث تم تأهيل الطلاب على لغة البرمجة "بيسك" من خلال أجهزة صخر " AX - 170 " بسبب عدم توفر أجهزة شخصية PC في تلك الفترة ( 1993 م ) وقد تم دعوة النادي للمشاركة في مؤتمر ورشة العمل العربية بعنوان : (الحاسوب في خدمة التعليم والتعلم ) وذلك في دمشق بتاريخ 25/10/1994 تحت عنوان( مداخلة نادي السلمية حول تجربتها الرائدة في تعليم الصم والبكم في استخدام الحاسوب ) .
حضر المؤتمر مجموعة من خبراء ( منظمة الجايكا اليابانية ) للإطلاع على هذه التجربة الفريدة من نوعها في العالم وقد تم الإعتراف فيها واقرارها
- المرحلة الثانية : والمراحل التي تليها تمت في مركز سلمية للكمبيوتر ، مراعاة لتطور المستوى التقني والعلمي للطلاب تم الانتقال إلى هذا المركز حيث الأجهزة والبرمجيات متطورة ووسائل الشرح أكثر تلائماً وبدأنا بوضع خطة منهجية للتعلم تناولت في هذه المرحلة التعريف بالأجهزة الشخصية مع التدريب على استخدام لوحة المفاتيح لتحقيق السرعة المطلوبة في اللغتين ( عربي – إنكليزي ) من خلال برامج متنوعة .
- المرحلة الثالثة : إتقان أوامر نظام تشغيل MS-DOS للتحكم في إدارة الملفات والبرمجيات والملخص المرفق مع الدراسة بعنوان : ( مراحل تدريب المعوقين التي قام بها مركز سلمية للكمبيوتر ) يوضح ذلك .
- المرحلة الرابعة : الانتقال إلى أنظمة التشغيل الأكثر شمولية ومرونة نظام تشغيل النوافذ MS - WINDOWS بكافة إصداراته بدءاً من WINDOWS 3.1 وحتى النظام الحالي WINDOWS 98 – WINDOWS 2000 ( تم تدريبهم مؤخراً على الخيارات الجديدة في هذا النظام ) .
- المرحلة الخامسة : تكثيف وتخصيص العمل بشكل تقني وواسع من خلال برامج النشر المكتبي بدءاً من برامج Microsoft office 97 كبرنامج ( Word 97- 2000 – Power point ……… ) .
- المرحلة السادسة : الانتقال إلى برامج الدعاية والإعلان – تصميم بطاقات – بروشورات – أغلفة مجلات من خلال برامج ( Corel draw – Photo shop برامج استخدام المسح الضوئي من خلال Scanner……… ) .
- المرحلة السابعة : استخدام برامج التصميم الهندسي لرسم المخططات الهندسية المعمارية وذلك بإعطائهم أبعاد التصميم وبالتالي خلق المخطط المطلوب وفق ما يرونه مناسباً .
- المرحلة الثامنة : متابعة التطور الحالي لكافة النظم والبرمجيات .
4- استخلاص النتائج :
أحب أن ننوه أننا بصدد ثورة تكنولوجية معلوماتية ، اندماج كامل بين تكنولوجيا المعلومات وتكنولوجيا الاتصالات عبر شبكات فائقة السرعة إذ فتحت شبكة الانترنيت الحالية القيود المفروضة للتعامل مع المراكز والفروع وكسرت الحواجز بين كافة شرائح المعوقين حيث يمكن تبادل المعلومات بين مواقع العمل ، بين المنزل والمؤسسة … الخ .
هنا أطرح السؤال التالي :
- ما فائدة النطق والسمع في خضم هذه التفاعلات التكنولوجية المتقدمة عندما يلبس المعوق قفازات ذات مجسات ووسائل ضوئية حساسة كأداة وصل لإحداث التفاعل الفوري مع الآلة ، عندما يضع المعوق النظارة على عينيه ويعتمر الخوذة ويلبس الرداء الكامل ذا المجسات بربط أعضاء الجسم مع الآلة …………..
- المهم لنا من كل هذا أن نبعث الحياة الحقيقية والفعلية في هذه الشرائح لتؤدي دورها في خدمة مجتمعها .