سياسات حماية الطفل في المؤسسات والمدارس في التعامل مع العنف
د. علاء سبيع
الحقيقة أثناء الإعداد لهذه الورشة تقدمت للدكتورة سهير بفكرة هذا المحور وعملت لسنين في موضوع advocacy وتُرجم لكلمات عديدة ،المدافعة والدعم وهدفها التأثير بشكل مباشر ونجحت أن أضع هذا المحور، وسأبدأ بقصة أسردها عن شخص يعمل أستاذ علوم في إحدى المدارس. ففي هذا العام عندما دخل الفصل الخامس الابتدائي لاحظ وجود بنت من المعاقين ذهنيًا، وذات يوم وجدها خلف المبنى الكبير وكانت تجلس بمفردها وأخذ يتحدث معها ووجد أنها تتعامل معه كما تتعامل مع والدها دون حذر، وقام المربي الفاضل باستغلالها جنسيًا في إحدى الغرف غير المستغلة بالمدرسة. وعندما عادت إلى منزلها قابلتها والدتها وسألتها عن يومها فحكت لها ما حدث مع المعلم، فذهبت الأم بابنتها إلى الطبيب وأكد أنها تعرضت إلى اعتداء جنسي، وذهبت الأم إلى المدرسة وطلبت مقابلة المديرة ودار بينهم الحوار التالي:
الأم: أود أن أطلعك على كارثة تسبب فيها أحد المعلمين بالمدرسة وهذا تقرير الطبيب الذي يؤكد تعرض ابنتي لاعتداء جنسي.
قالت المديرة بفزع: ما هذا، وما دخلي بمثل هذا الأمر؟
الأم: إن الجاني هو مدرس العلوم، لقد قالت ابنتي ذلك وقد تم ذلك داخل جدران المدرسة.
المديرة: لا يمكن أن يحدث ذلك في المدرسة.
الأم: إني أؤكد لك أن ابنتي لا تكذب.
المديرة: سأستدعي لك مدرس العلوم ليقول لك الحقيقة ولم يحدث شيء من ذلك والبنت كاذبة. أتصدقون معاقة ذهنية وتكذبونني أنا!
الإخصائية الاجتماعية: إن الأطفال في هذه السن قد يحلمون أحلام يقظة ويصنعون قصصًا من نسج خيالهم.
الأم: من أين لابنتي أن تعرف مثل هذا الحدث!
المديرة: يا سيدتي إن الأطفال يعرفون كل شيء من التلفاز، أرجوكٍ لا تتحدثي في هذا الأمر فإنها سمعة المدرسة.
خرجت الأم تفكر هل تبلغ الشرطة أم تعرض الحدث على الرأي العام في الصحافة والتليفزيون، هل هناك من يصدقها ويصدق. ابنتها والغريب أنه بعد مرور شهر من هذه الواقعة اعتدى هذا المعلم على فتاتين أخريين أثناء إعطائه درسًا خصوصيًا لهم، وقد أبلغ الأهل الإدارة التعليمية التي قامت بالتحقيق معه وأخيرًا كان القرار أن ينقل لمدرسة أخرى.
العنوان قصة تتكرر، من يعمل في مجال الإعاقة يعلم أن هذه حوادث يومية ومن يثبت عليه الحدث يُنقل، ولذلك يجب أن نعمل بشكل علمي تتبناه سياسات الدول والمؤسسات التي تشمل المدرسة والجمعيات وأي هيئات تلتزم بهذه السياسات.
وهذه المؤسسات والهيئات تقوم بالرصد والمتابعة ومحاولة إيجاد الحلول داخل تلك المؤسسات، وفي حالة عدم التوصل لحلول يُحال الأمر للخارج ووصل الأمر للمؤسسات الدولية في الأمم المتحدة وغيرها من المؤسسات الدولية. وقد أخذت هذه المؤسسات الدولية التي تعمل في مجال الإنقاذ تأخذ هذا الاتجاه وهذه سياسات معلنة، وتبين لنا بعد سنوات من العمل في مجال الإعاقة أنه يجب ألا نكتفي فقط بهذه الهيئات والمؤسسات بل يجب أن نذهب إلى المدارس وكل المؤسسات للتعامل مع ظاهرة العنف بوسيلة عملية ومقننة، وتوجهنا إلى قانون الطفل وبعد معاناة طويلة وكان المستشار خليل من الذين وضعوا قانون الطفل وكان يجب أن تُدرج لائحته التنفيذية في قانون الطفل وأصبحت ملزمة وفقًا للقانون.
وصدرت اللائحة التنفيذية للقانون في شهر أغسطس الماضي، وسأقول لكم النص وهو: (وتلتزم كل مؤسسة عاملة في مجال الطفولة بأن تضع سياسات لحماية الأطفال داخل أماكن تواجدهم بها وأي إساءة عمدية أو ممارسة ضارة وغير عمدية، وإن تتضمن لائحتها الداخلية آليات ومعايير وقواعد وإجراءات لتنفيذ تلك السياسات).
أول المشكلات ، أنه لم يكن هناك إجراءات وقائية في الواقعة التي ذُكرت، ويجب على كل مؤسسة أن تتخذ إجراءات وقائية معلنة وأصبحت موجودة في القانون المصري وأن تكون معلنة لكل العاملين، وتحديد جهة مسئولة عن إدارة تلك السياسات في المؤسسة، كأن يكون هناك لجنة وضع قواعد وإرشادات عامة لتحديد السلوك المقبول وغير المقبول في التعامل مع الطفل.
ما المقصود أولاً بالسياسة، هي تتضمن آليات وتدابير بدءًا من الوقاية إلى النهاية إذًا هي سلسلة من الإجراءات والمعايير تتعامل مع الموضوع بكل محاوره، إذًا في هذا الإطار تنطبق تلك السياسات في التعامل مع جميع العاملين والمتعاملين مع الأطفال في تلك المؤسسات وأن تكون معلنة داخل المؤسسة وللآباء وأن تكون مقننة وفيها مساءلة للحد من العنف والإساءة في كل المؤسسات، وأن ينتقل حيز التنفيذ من الحياة العملية إلى الحياة الشخصية، فمثلاً في المؤسسة التي أعمل بها ممنوع عليَّ وأنا في بيتي أن أدفع بابنتي للعمل وهي أقل من 18 سنة أو أستخدام أي عمالة أقل من 18 سنة حتى ولو كان القانون المحلي يسمح بذلك. إذن هذه السياسات موجودة في المؤسسة التي أعمل بها. ما الخطوات التنفيذية: الوقاية والاكتشاف والإبلاغ والإحالة.