اليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة
إذا كان العالم قد احتفل العام المنصرم باليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة وبعد تغيير المسمى في 18 ديسمبر 2007 من مسمى اليوم العالمي للأشخاص المعاقين إلى المسمى الجديد (اليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة ) و تحت شعار اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة: الكرامة والعدالة لنا جميعاً، وجاء هذا الشعار انسجاماً مع شعار الذكرى السنوية الستين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان الكرامة والعدالة لنا جميعاً، فالكرامة والمساواة هي مبدأ عالمي لجميع البشر، تبنته الأمم المتحدة منذ تأسيسها باعتبار أن الكرامة والمساواة وحقوق جميع أفراد المجتمع هي ما تقوم عليه مبادئ الحرية والعدالة والسلام في العالم.
حيث قادت هذه المبادئ جنباً إلى جنب مع المساواة وعدم التمييز جوانب العمل في الأمم المتحدة خلال الستين سنة الماضية، والتي انعكست على شكل مجموعة من الإعلانات والاتفاقيات العالمية ومن أهمها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ومؤخراً اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة التي جاءت لتؤكد من جديد بأن حقوق الإنسان هي عالمية كلية، غير مجزأة ومترابطة ويعزز بعضها بعضاً.
وتنص المادة (25) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أن لكل شخص الحق في الضمان في حال البطالة، المرض، الإعاقة، الترمل، كبر السن، أو أي نقص في مصادر الرزق في ظل ظروف خارجة عن نطاق إرادته، وقد نصت مواد أخرى على الحق في الضمان وحثت الدول على اتخاذ إجراءات أكثر أمناً وتعزيزاً للحقوق، وفق معايير كافية للضمان الاجتماعي بما فيه ضمان قدرة الأشخاص ذوي الإعاقة على الوصول، ومساعدة أسر الذين يعيشون في أوضاع الفقر على تلقي التدريب الكافي، الإرشاد، المساعدة الاقتصادية والعناية. وهذا يؤكد على حق الأشخاص ذوي الإعاقة في التمتع الكافي بحقوق الإنسان كغيرهم من بقية أفراد المجتمع، وكذلك فإنها تشير بشكل صريح إلى الكرامة والمساواة لنا جميعا.
فالعالم كله وخاصة عالمنا العربي احتفل هذه السنة بالمناسبة وتحت شعار ”تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية للجميع: تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة ومجتمعاتهم المحلية في جميع أنحاء العالم “. وموضوع الاحتفال باليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة مبني على هدف التمتع الكامل والمتكافئ بحقوق الإنسان ومشاركة الأشخاص ذوي الإعاقة في بناء الأمة والمجتمع
لقد جاء شعار اليوم العالمي للأشخاص المعاقين هذا العام، ليعبر من جديد عن الجانب الحقوقي الهام الذي يجب أن يكون إطاراً في التعامل مع قضية الإعاقة، والتخلص من التعاطي مع هذه القضية من منطلق التمنن والتعاطف الذي يعتمد على مزاجية المحسن ورغباته، وإن توقيع بعض الدول العربية على الاتفاقية الدولية هو إنجاز وانتصار لإرادة المعاقين الذين تمتعوا بالكثير من الحقوق منذ السنوات الأولى لتأسيس هذه الدول التي تعاملت معهم كأفراد من نسيج هذا المجتمع، حيث جاء القانون رقم (29) لسنة 2006م في شأن حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة ليعزز هذه الحقوق ويضعها في قالب قانوني، يكفل لهم ممارسة حياتهم على قدر المساواة مع بقية أفراد المجتمع.
ومع ذلك فإن التشريعات وحدها لا تضمن تمتع الأشخاص المعاقين وممارستهم لحقوقهم، بل الأمر يحتاج إلى صياغة سياسات فعالة وبرامج من شأنها تحويل أحكام الاتفاقية الدولية إلى ممارسات لها تأثير حقيقي على حياة المعاقين، وإن التنكر لحق من هذه الحقوق من شأنه أن يقود إلى التنكر للحقوق الأخرى وحرمان المعاق من الكثير من الفرص الحياتية أسوة بغيره،