تجربتي مع الصلب المشثقوق – الله اخذ مني القليل و إعطاني الكثير
السلام عليكم :
إنا فتاة عمري 27 سنة ومصابة بالصلب المشقوق النوع الثالث الذي هو أصعب الأنواع , فكرت في كتابة قصتي لكم وكل ما مررت به من ظروف و عوائق من يأس و فقدان أمل لكن مع تحدي و إصرار في أن أكون فتاة طبيعية و أن أساهم و يكون لي دور في الحياة و إن اسعد أهلي واجعلهم فخورين بي.
ولدت و انا مصابة بالصلب المشقوق ولم يكن احد من عائلتي مصاب به فهو لم يكن مرض وراثي ولكن امي كانت توعز السبب لدواء كان يتناوله أبي للقلب و الله اعلم. وبالطبع فان وجود مشكله في العمود الفقري والأعصاب يؤثر سلبيا في مناطق أخرى في الجسم فإحدى قدمي كانت مصابة بضعف في العصب مع انحراف في الكعب كما ان قدمي الأخرى كانت مصابة بأصابع المطرقة حيث تكون مشدودة و غير منبسطة. لدي عيب في احد إضلاع القفص الصدري مما يجعل تنفسي يكون بصعوبة. عمودي الفقري فيه انحراف بسيط كما إنني عانيت من مشكله السلس البولي عندما كنت طفلة فلم أكن اعرف متى يجب أن اذهب للحمام و كيف يستطيع البقية الاحتفاظ بالبول لحين الذهاب للحمام .
في البداية لم أكن استطيع الوقوف على قدمي بسبب وجود كيس يضغط على الحبل الشوكي .أجريت عملية جراحية في عمر لا يتجاوز البضع اشهر والحمد لله تم ازاله الكيس لكن بقيت هناك عضلة كبيرة تغطي منطقة الفقرة المفتوحة فلم يستطع الطبيب إزالتها لاعتقاده أنها جزء ملئ بالأعصاب والشرايين كما انها تمثل حماية للحبل الشوكي . والغريب في الأمر إنني قد توفيت خلال العملية وتوقف قلبي عن النبض لعدة دقائق لكن يبدو ان الله قد كتب لي حياة جديدة سبحان الله .
و لم تلبث عدة شهور ان تمر حتى دخلت صالة العمليات مرة أخرى لإجراء عملية جراحية لتعديل قدمي لكن مع الاسف لم تكن النتيجة مرضية . فبقيت أعرج في مشيتي حتى ألان.
دخلت المدرسة و كنت أخاف جدا و شخصيتي ضعيفة و الذي زاد الأمر سؤا إن والدتي كانت تخاف علي خوفا شديد فكانت توصيني إن لا امشي كثيرا ولا اركض و هذا جعلني كأنني محبوسة في صف المدرسة و يشعرني بالعجز و الضعف. لم أكن اعلم إنني أعرج حتى بدؤا صديقاتي بالكلام عني و سؤالي لماذا انا هكذا .
في اول مرة عرفت إنني معوقة رجعت للبيت و إنا ابكي و في داخلي غضب شديد كأنني ألوم أمي لماذا لم تخبرني او لماذا ولدتني هكذا . أصبحت أيام المدرسة كابوس فمن جهة إنا مصابة بسلس البولي و يجب ان اذهب للحمام دائما و أحيانا لم استطع السيطرة على نفسي و من جهة أخرى كلما اسمع تعليق عن مشيتي احزن و اغلق باب غرفتي على نفسي و ابكي حتى اتعب من البكاء و أنام. لم تكن أمي تعرف بالذي يحدث لي و عندما كنت اخبرها كانت تبكي حزنا علي و تؤنبني بأنني حساسة جدا و ضعيفة فشعرت إن هناك حاجز كبير بيننا . فانا في ذلك الوقت كنت محتاجة لشخص يتكلم معي و يفهمني يدعمني و ويقوي عزيمتي و يعزز ثقتي بنفسي وفي نفس الوقت لا يبكي أو ينهار كي استطيع إن استمد قوتي منه .
أتذكر إنني في مرحلة الثاني الابتدائي أصبت بالتهام بالعظم بسبب عدم توزيع ثقل الجسم بالتساوي على القدمين مما يجعل اغلب الثقل على القدم السليمة .كنت طفلة أحب إن العب و امشي لكن لم استطع عيش طفولتي مهما حاولت كباقي الأطفال في عمري .. لم يستطع إي طبيب تشخيص حالتي على انه التهاب بالعظم كلفني هذا أربعه عمليات لأربعة أطباء و مرت ثلاث سنوات و قدمي تنزف من التقيح و إنا أقوم بتضميدها وتعقيمها بنفسي ليلا و نهارا مدركة بان هذا المرض لا علاج له . بدأت أفكر في إنني بحاجة لمن يستطيع أن يساعدني و يمدني بالقوة الجأ إليه ليلا و صباحا و هو اقرب لي من حبل الوريد . تعلمت الصلاة بقراءتي كتاب تعليم الصلاة و إنا في العاشرة من عمري و بت اقرأ القران كلما أصابني الجزع و الضعف و كثير من الأحيان كنت ابكي و إنا احتضن القران الكريم و أقول " إن مع العسر يسرا " . حتى هداني الله لطبيب استطاع تشخيص حالتي و معالجتي والحمد لله . من ذلك اليوم عرفت إن الله معي في كل خطوة و لن الجأ و اشكي لغيره حتى لو كانت أمي . أكملت مرحلة الابتدائي و إنا من المتفوقات جدا في الدراسة فأصبح لدي طموح و تحدي لظروفي كأنني أريد إن اثبت بان الله اخذ مني القليل و إعطاني الكثير وهو العقل .
دخلت مرحلة الثانوي و أصبحت شخصيتي اقوي و أجمل و استطيع أن أجيب صديقاتي أو مدرساتي إذا سألوني عن قدمي .. فانا ألان لا يهمني سوى رضا الله و تحقيق طموحي و تفوقي بالمدرسة.
لا اخفي عليكم فكما كنت أحس بأنني قوية و استطيع ان أتحمل نضرة الناس إلي لكن في كثير من الأحيان كانت تنتابني حالات من الكآبة والعجز و أحيانا أفكر في الانتحار لكن خوفي من الله و عقابه و ثقتي به جعلني أتراجع و استغفر الله .. وفي تلك المرحلة نصحني الطبيب بإجراء عملية لقدمي الضعيفة فأحوالها بدأت تسؤ و كانت هناك ما يسمى سقوط القدم الذي جعل مشيتي أصعب, و فعلا أجريتها و تغيبت عن المدرسة شهرا كاملا حتى أن مديرة المدرسة أخبرت والدتي بأنني يجب ان اترك السنة الدراسية و أعيدها السنة المقبلة فغيا باتي تجاوزت الحد المطلوب ولكنني اصريت أن أكملها و ذهب للمدرسة بالجبيرة والله اعلم كيف كان حالي و ما سمعت من تعليقات, لم أبالي و درست جيدا و تفوقت على الجميع و احبوني المدرسات و الصديقات كثيرا والحمد لله.
خلال تلك المرحلة لم أراجع أي طبيب مختص بالجهاز البولي فانا كنت متأكدة أن لا علاج لي و لم أرد التفكير بالأمر.
أنهيت مرحلة الثانوي بدرجة عالية تؤهلني لدخول كلية الطب ولكن بسبب ظروفي لم استطع دخولها و اختار أهلي شيئا أسهل لي بدنيًا كي لا اتعب في الدراسة أو في حياتي مستقبلا . لم أكن أحب اختصاصي و كان مجتمع الكلية شي كبير بالنسبة لي فهو مجتمع المظاهر و إنا التي اعتدت ارتداء الأحذية المنبسطة التي نوعا ما تميل إلى إن تكون رياضية, وبالطبع كنت اسمع التعليقات ولم أبالي فهذه ظروفي و يجب إن أتكيف معها. خلال تلك المرحلة بدأت مشاكل الجهاز الهضمي و أصبت بالتهاب حاد في القولون على الأغلب هو سبب نفسي بالاضافه إلى كون إن لدي استعداد لهذا المرض . كما إني قمت بإجراء عملية لقدمي السليمة لتعديل أصابعي و لكنها فشلت مباشرة و رجعت أصابعي اسؤ من ما كانت عليه و أصبحت لا استطيع ارتداء الأحذية التي من مقاسي و بعدها أجريت عملية أخرى لدى طبيب أخر و الحمد لله نجحت لكن المشكلة إن أصابعي أصبحت ثابتة و أصبح من الصعب جدا التوازن في مشيتي و الصعود على الدرج . حتى إنني كنت استعين بسلم الدرج أو بأحد صديقاتي لمجرد صعود درجة واحدة فقط.
الطريف إنني كان لدي معجبين في الكلية فالله سبحانه رزقني بشكل جميل و هيئة لا باس بها ولكن بالطبع لم يتجرأ احد للتقدم لخطبتي فانا مهما كنت ذكية و جميله فلازلت عرجاء وهذا شي ليس من السهل تقبله, إلا شاب واحد قد تجرأ و حاول عدة مرات إن يفاتحني بالخطبة لكنني كنت اهرب كهروب الجبناء على الرغم إنني أحببته كثيرا و لم استطع إن أنساه حتى اليوم . استمر الشاب بالمحاولة لأربعة سنوات دون كلل أو ملل و إنا استمريت بالهروب أيضا و هنا تظهر مشكله فلم أجد احد ينصحني أو يعزز ثقتي بنفسي فكان من المفروض إن ينصحني احد من أهلي في كيفية التعامل مع هكذا ظرف و يجب إن أواجه الشخص لا إن اهرب منه .ومع هذا كان الموضوع اكبر مني فحتى لو استطعت إخباره باني لدي الصلب المشقوق فكيف اخبره إن لدي مشكله في المثانة مما يجعل مسألة زواجي مستحيلة . بعد إن اختفى الشاب من حياتي و تخرجت من الكلية أحسست بندم فضيع ورحت أتخبط من طبيب لأخر عسى إن تكون هنالك حل لمشكله المثانة. وفعلا و عن طريق الصدفة شاهدت احد الأطباء في التلفزيون يتكلم عن هذا المرض و اتصلت بالقناة و أخذت معلومات الطبيب وزرته بالعيادة , عملت الكثير من التحاليل و اكتشف الطبيب إن لدي مثانة عصبية مليئة بالعقد العصبية و هذا المرض لا علاج له سوى حبوب تكون نسبة تأثيرها 60%. و بالتأكيد أصبت بانهيار عصبي و كآبة و فقدان شهية و تركت الصلاة و قراءة القران فعرفت وقتها إنني من المستحيل إن أتزوج و أكون أسرة و هذا كان كالقشة التي تقصم ظهر البعير. بعدها فكرت كثيرا بأنني يجب إن اعتمد على نفسي و إن أتابع حياتي و رحت ابحث عن عمل. بقيت سنتان ابحث عن فرصة عمل و أجريت كثيرا من المقابلات حتى في مجال العمل الأهلي و لم يقبلني احد . كان عذرهم إنني غير قادرة على العمل بدنيًا فالعمل يتطلب الصعود و النزول و ذهاب و إياب و هم يعتقدون إنني سوف أؤخر عملهم . حتى إنني بدأت أتقبل واقع الحال و فوضت أمري لله ..لكن الله لا يضيع اجر من أحسن عملا .. حصلت على فرصة عمل أفضل من جميع التي أردتها فكانت فرصة ذهبية و راتب مجزي والحمد لله .. إنا ألان إنسانة ناجحة جدا بالعمل و أساعد أهلي و أقربائي ماديا و مديري يحبني و يقدرني والحمد لله. ما اسعد الإنسان عندما يحصد ثمار تعبه و صبره فلم يكن احد من عائلتي يتخيل إنني سوف ادخل المدرسة الابتدائي و لم يتخيلوا إن ادخل الجامعة و ها إنا ألان أكملت كل شي بتفوق على الرغم من العوائق والاحباطات التي أصابتني, لم يكن هناك من يمسح دمعي عندما ابكي أو يمدني بالقوة عندما اضعف سوى الله الذي خلقني و هو اقرب لي من حبل الوريد و أتذكر كلام الله تعالى "إن مع العسر يسرا". و ألان إنا أدعو الله إن يرزقني بزوج صالح عسى إن يعوضني ما فقدته و يستطيع ان يفهمني و يقدر ظرفي وأكيد لا يوجد شي صعب أو مستحيل فالله إذا أراد شيئا فإنما يقول له كن فيكن.
ملاحظة: أكتب قصتي لدعم المصابين بالصلب المشقوق ، ومستعدة لتقديم النصيحة للمصابين والمصابات بالصلب المشقوق وعائلاتهم من خلال المنتدى