أشعارنا في المعوقين:البـكاء علـى « الأبطال »!
معاق.. معوق. كلمتان يستخدمها العامة في نعت الإنسان الذي يفضل التربويون والأكاديميون تسميته إنساناً ذا احتياجات خاصة.قديماً .. ولظروف اجتماعية واقتصادية وثقافية كان الطفل ذو الاحتياجات الخاصة لا يجد إلا مصيراً واحداً.. العزلة، فلا إمكانات لتأهيله وتدريبه ومحاولة علاجه، ولا ثقافة تؤهل للتعامل الصحيح معه.ومع مرور الأيام تغيرت الصورة نحو الأحسن، وربما كان تغيرها بطيئاً في الوقت الذي يتزايد فيه أصحاب هذه الاحتياجات بشكل كبير، فتتزايد أهمية العمل على رعايتهم أولاً، ثم على بحث كيفية جعلهم جزءاً لا يتجزأ من المجتمع، على مقاعد الدراسة والتعليم صغاراً.. وفي محافل العمل والإنتاج كباراً.
ورغم أن التكافل والرعاية واجب ديني قبل كل شيء إلا أننا يجب أن نعترف بتقصير المجتمع تجاه دعم ومساعدة الجهات الحكومية والأهلية التي نذرت نفسها لهذه الفئات والتي تعمل الكثير بالقليل من الإمكانات.
ولعل أهم وأخطر زوايا قضية رعاية هذه الفئة من مجتمع الأطفال هو كيفية دمج هؤلاء الأطفال في المجتمع، الأمر الذي لن يتأتى إلا بدمجهم في التعليم بطريقة أو بأخرى، فيما أن المحور الثاني الذي لا يقل أهمية عن الأول هو القصور الشديد الذي تعانيه الجهات والجمعيات المسؤولة عنهم نتيجة التزايد الكبير في أعدادهم الذي - للأسف - لا يقابله تزايد في الدعم والتبرعات من المواطنين والأفراد.
مفهوم الدمج التربوي
يمثل دمج المعوقين- بصرياً وسمعياً ونطقياً وحركياً وعقلياً- إحدى الطرائق الحديثة التي يتم بها تقديم أفضل الخدمات التربوية التي يحتاج إليها ذوو الحاجات الخاصة، ويقصد بالدمج تقديم مختلف الخدمات التربوية والتعليمية لذوي الاحتياجات الخاصة في الظروف البيئية العادية التي يحصل فيها أقرانهم من العاديين على الخدمات نفسها، والعمل بقدر الإمكان على عدم عزلهم في أماكن منفصلة.
إن مفهوم الدمج في جوهره إجتماعي أخلاقي ضد التصنيف والعزل لأي فرد بسبب إعاقته، ورفض الوصمة الاجتماعية للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة.فالدمج هو التطبيق التربوي لمبدأ التطبيع نحو العادية في أقل البيئات قيوداً عند تقديم الخدمات لذوي الاحتياجات الخاصة.ويمكن تطبيق مبدأ الدمج خلال عدد من الأساليب من أبرزها:
1- استحداث فصول ملحقة في المدرسة العادية لإتاحة الفرصة أمام المعوقين للتعامل مع أقرانهم العاديين.
2- توفير غرفة المصادر بالمدرسة العادية حيث يمكن للطفل ذي الاحتياجات التربوية الخاصة أن يتلقى فيها مساعدة خاصة من قبل اختصاصيين كلما دعت الحاجة إلى ذلك.
3- توفير الخدمات المساندة للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة بالمدرسة العادية، بواسطة معلمين متجولين يقومون بزيارات المدارس وفق جدول منظم وذلك لتقديم خدمات التربية الخاصة.
4- تقديم المساعدة داخل الفصل العادي، وقد يقوم بهذه المهمة المدرس العادي باستشارة معلم استشاري متخصص أو بمساعدة في التربية الخاصة، وتشمل هذه المساعدة الوسائل التعليمية أو الأجهزة التعويضية أو إعداد برامج خاصة.
أهمية دمج المعوقين
يمكن إيجاز أهمية دمج المعوقين في الإيجابيات الآتية:
1- تعد المدرسة العادية البيئة الطبيعية التي يمكن للأطفال المعوقين والعاديين أن ينموا فيها معاً على حد سواء، بعد إجراء بعض التعديلات في تلك البيئة لتفي بالاحتياجات الأكاديمية والاجتماعية والنفسية الخاصة بالأطفال المعوقين.
2- يتيح الدمج للأطفال المعوقين فرصة تعليمهم مع بقائهم في منازلهم مع أسرهم طول حياتهم.
3- يشكل الدمج التربوي وسيلة تعليمية مرنة يمكن من خلالها زيادة وتطوير وتنويع الخدمات التربوية المقدمة للتلاميذ المعوقين والحد من مركزية تقديم الخدمات التعليمية.
4- تعمل البيئة الاندماجية على زيادة التقبل الاجتماعي للأطفال المعوقين من قبل أقرانهم العاديين، وإتاحة فرصة التفاعل الاجتماعي معهم، وتمكين المعوقين من محاكاة سلوك الأطفال العاديين وتقليده، وزيادة التواصل بينهم.
5- يسهم احتكاك الأطفال المعوقين بأقرانهم العاديين في سن مبكرة في تحسين اتجاهات الأطفال المعوقين والعاديين نحو بعضهم بعضاً، ويعمل على إيجاد بيئة اجتماعية يتمكن فيها الأطفال العاديون من التخلص من المفاهيم الخاطئة لديهم عن المعوقين.
6- يعمل الدمج التربوي على إيجاد بيئة واقعية يكتسب فيها الأطفال المعوقون خبرات متنوعة من شأنها أن تمكنهم من تكوين مفاهيم صحيحة واقعية عن العالم الذي يعيشون فيه، وأن تشجع التنافس الأكاديمي بين جميع التلاميذ.
عوامل النجاح
لكي تتحقق هذه الأهداف النبيلة التي أصبحنا في حاجة ماسة إليها مع تزايد الطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة، يجب أن تتحقق العوامل التالية وفقاً لدراسات وزارة المعارف:
1- مرونة وتقبل معلم الفصل العادي للتلميذ المعوق.
2- تقبّل تلاميذ الفصل العادي للتلميذ المعوق وتفاعلهم معه.
3- المهارات الاجتماعية لدى التلميذ المعوق.
4- التحصيل الأكاديمي لدى التلميذ المعوق.
5- النظرة الإيجابية لدى التلميذ المعوق نحو مفهوم ذاته.
6- استقلالية واعتماد التلميذ المعوق على نفسه.
7- اتجاهات الأسرة الإيجابية وتقبلها لطفلها المعوق.
8- الدافعية العامة لدى التلميذ المعوق.
9- توافر المستلزمات البشرية المساندة للتلميذ المعوق.
10- توافر المستلزمات التجهيزية الخاصة بالتلميذ المعوق.
الجهود الرسمية
تضطلع المملكة العربية السعودية بدور ريادي في مجال دمج الأطفال ذوي الاحتياجات التربوية الخاصة في المدارس العادية على مستوى المنطقة، فعلى الرغم من قصر عمر تجربة وزارة المعارف السعودية في هذا المجال إلا أنها استطاعت أن تقطع شوطاً كبيراً في هذا الجانب. فقد أصبحت أعداد معاهد التربية الخاصة المطبقة في المدارس العادية تفوق كثيراً أعداد معاهد التربية الخاصة والبرامج التابعة لها، كما أصبحت أعداد التلاميذ الذين يتلقون خدمات التربية الخاصة في المدارس العادية، تفوق أعداد أقرانهم الذين يتلقون تلك الخدمات في المعاهد والبرامج التابعة لها.ويتم الدمج التربوي في المملكة على طريقتين:
-طريقة الدمج الجزئي المتمثلة في الفصول الخاصة الملحقة بالمدارس العادية،
- وطريقة الدمج الكلي التي تتم عن طريق استخدام الأساليب الحديثة مثل: برامج غرف المصادر، وبرامج المعلم المتجول، وبرامج المعلم المستشار، وبرامج المتابعة في التربية الخاصة.
استراتيجية وطنية
من أهداف سياسة التعليم في المملكة اعتبار تعليم المتفوقين والمعوقين جزءاً لا يتجزأ من النظام التعليمي، ويأتي وضع هذه الأهداف كاستجابة للتطور السريع والتوسع الكبير اللذين يشهدهما مجال تربية وتعليم الفئات الخاصة في المملكة والعالم، وإدراكاً من الوزارة لحجم المشكلة التي تتمثل في أن أكثر من 20% من تلاميذ المدارس العادية في أي بلد من بلدان العالم هم في حاجة إلى خدمات التربية الخاصة، وإيماناً منها بأن المردود الذي سينجم عن تقديم تلك الخدمات للفئات المستفيدة لن يقتصر على تلك الفئات فحسب، بل سيحدث نقلة نوعية في العملية التربوية ويترك أثراً إيجابياً على مخرجات التعليم. ولإنجاز ذلك تم وضع استراتيجية تربوية تهدف إلى توفير خدمات التربية الخاصة لجميع التلاميذ غير العاديين ترتكز على عشرة محاور رئيسة أهمها:
1- تفعيل دور المدارس العادية في مجال تربية وتعليم الأطفال غير العاديين انطلاقاً من مبدأ أن المدرسة العادية هي المكان التربوي الطبيعي للغالبية العظمى من الأطفال غير العاديين، وستسعى وزارة المعارف إلى تفعيل دور المدارس العادية من خلال مايلي:
أ- التوسع في استحداث برامج الفصول الملحقة بالمدارس العادية وهي على نوعين: النوع الأول فصول تطبق مناهج معاهد التربية الخاصة، مثل فصول الأطفال القابلين للتعلم من المتخلفين عقلياً، وفصول الأطفال الصم.
والنوع الثاني، فصول تطبق مناهج المدارس العادية مثل فصول الأطفال المكفوفين وفصول الأطفال ضعاف السمع.
ب- الاستفادة من الأساليب التربوية الحديثة المتمثلة في استحداث برامج غرف المصادر وبرامج المعلم المتجول، وبرامج المعلم المستشار، وبرامج المتابعة في التربية الخاصة، وذلك بغرض تحقيق مطلبين تربويين أساسيين يتمثل الأول في إيصال خدمات التربية الخاصة إلى الأطفال غير العاديين الموجودين أصلاً في المدارس العادية، والذين يستفيدون بالفعل من خدمتها التربوية مثل: فئة الموهوبين والمتفوقين، فئة ذوي صعوبات التعلم، فئة المعوقين جسمياً وحركياً، فئة ضعاف البصر فئة المضطربين سلوكياً وانفعالياً، وفئة المضطربين تواصلياً.أما المطلب الثاني فيتمثل في تقديم خدمات التربية الخاصة في المدارس العادية إلى بعض الفئات التي تدرس تقليدياً في معاهد التربية الخاصة، أو برامج الفصول الملحقة في المدارس العادية مثل فئة المكفوفين، وفئة ضعاف السمع.
2- توسيع نطاق دور معاهد التربية الخاصة بالوزارة:ذلك أن تفعيل دور المدارس العادية لا يلغي بأي حال من الأحوال دور معاهد التربية الخاصة أو يقلل من أهميته، فهذه المعاهد تمثل خياراً تربوياً جيداً يخرج الأجيال تلو الأجيال، غير أن التوجهات الحديثة في مجال تربية وتعليم الفئات الخاصة تحتم على هذه المعاهد أن تضطلع بأدوار أخرى إضافية مستقبلية تتمثل فيما يلي:
أ- استحداث برامج متخصصة بها لرعاية وتربية الأطفال مزدوجي ومتعددي الإعاقة، وغيرهم من الأطفال الذين يصعب على المدارس العادية استيعابهم.
ب- تحويل هذه المعاهد إلى مراكز معلومات وخدمات مساندة تقوم بتزويد برامج التربية الخاصة في المدارس العادية بالخبرات والمعلومات والأساليب والوسائل والمواد والأدوات التعليمية، لتمكن هذه البرامج من القيام بمهامها على الوجه المطلوب.
ج- تحويل هذه المعاهد إلى مراكز تدريب يتم من خلالها إقامة الدورات التدريبية المتخصصة للمعلمين والمشرفين التربويين والإداريين الذين هم على رأس العمل. وتهدف الأمانة العامة للتربية الخاصة بالوزارة من وراء تبني استراتيجيتها ذات المحاور العشرة إلى إيجاد نظام تربوي مساند متكامل، يمكن من خلاله تقديم خدمات التربية الخاصة لجميع الفئات المحتاجة إليها، وذلك انطلاقاً من المفهوم الشامل للتربية الخاصة الذي يعنى بجميع الأطفال غير العاديين.
3- تنمية الكوادر في معاهد وبرامج التربية الخاصة عن طريق استقطاب الكفاءات المتميزة من الخريجين الجدد وإقامة الدورات التدريبية للقائمين على رأس العمل.
4- تطوير المناهج والخطط الدراسية والكتب المدرسية.
5- تطوير التقنية الحديثة لخدمة الفئات الخاصة «استخدام أجهزة الإبصار والسمع والحركة».
6- تطوير الهيكل التنظيمي للأمانة العامة للتربية الخاصة واستحداث إدارات جديدة.
7- دراسة اللوائح القائمة وتطويرها وإعداد لوائح جديدة للبرامج المستقبلية.
8- تفعيل دور أقسام التربية الخاصة في الإدارات التعليمية عن طريق تزويدها بالكوادر البشرية والتجهيزات والأمكنة.
9- تفعيل دور البحث العلمي في مجال التربية الخاصة.
10- التعاون والتنسيق مع الجهات ذات العلاقة داخل المملكة وخارجها.
تقويم تجربة الدمج
رغم أن هناك محاولات جادة تهدف إلى إجراء دراسات علمية على مستوى المملكة بغرض التعرف على بعض المتغيرات مثل: التحصيل الدراسي لدى التلاميذ، المهارات الاجتماعية، السلوك التكيفي، وغير ذلك من المتغيرات ذات العلاقة، إلا أن أياً من هذه الدراسات لم يتم تنفيذه بعد، رغم حرص الوزارة الشديد على الاستفادة من نتائج هذه الدراسات في أسرع وقت ممكن، وعلى هذا الأساس فإن عمليات تقويم برامج التربية الخاصة في المدارس العادية تعتمد اعتماداً كبيراً على نتائج الجولات الميدانية التي يقوم بها المشرفون التربويون بشكل منظم، ويقدمون من خلالها تقارير مفصلة تشتمل على معلومات قيمة مثل:طبيعة سير العمل في البرامج، ونقاط القوة والضعف في البرامج، والمشكلات التي تواجه البرامج، والتوصيات والمقترحات والحلول المناسبة للمشكلات. وينبغي التنويه هنا أن عمليات تقويم برامج الدمج التربوي تتم في المملكة بغرض النهوض بمستوى خدمات التربية الخاصة المقدمة من خلالها كماً ونوعاً، وليس بغرض الحكم عليها بالنجاح أو الفشل، وهذا يجعل من وجودها في المدارس ضرورة قصوى لأنها تقدم آلية تعليمية مرنة تمكن من الوفاء باحتياجات جميع الأطفال غير العاديين في المملكة.وقد وضعت الأمانة العامة للتربية الخاصة مجموعة من الضوابط لتطبيق مبدأ الدمج منها: إيجابية الاتجاهات التربوية لإدارة المدرسة والمعلمين نحو تطبيق البرنامج، وألا تزيد كثافة الفصل في المدرسة المزمع الدمج فيها على «25» طالباً، ووجود نظام مساند تقدم من خلاله خدمات التربية الخاصة، كما حددت مجموعة من الإجراءات الأولية الضرورية لتنفيذ عملية الدمج، منها عقد دورات تأهيلية قصيرة للمعلمين عن مفهوم الدمج وأهدافه ونظامه ومتطلباته بقصد تغيير اتجاهاتهم نحو المعوقين وإمكانية دمجهم.
نظـرة إحصـائيـة
بلغ عدد معاهد وبرامج التربية الخاصة بوزارة المعارف في المملكة في العام الدراسي «1419- 1420هـ» 223 معهداً وبرنامجاً، وتحتل معاهد وبرامج التربية الفكرية مكان الصدارة في القائمة من حيث العدد، تليها برامج صعوبات التعلم، ثم معاهد وبرامج العوق السمعي، فمعاهد وبرامج العوق البصري، وتأتي برامج التوحديين وبرامج متعددي العوق في المؤخرة، متقدمة بذلك فقط على الفئات ذات البرنامج الواحد. أما بالنسبة لأعداد التلاميذ في المعهد والبرامج فيمكن ترتيبها تنازلياً على النحو التالي:- تلاميذ معاهد وبرامج التربية الفكرية.-تلاميذ معاهد وبرامج العوق السمعي.-تلاميذ معاهد وبرامج العوق البصري.- تلاميذ برامج صعوبات التكلم.- تلاميذ برنامج العوق الجسمي والحركي.- تلاميذ برامج التوحد.- تلاميذ برامج متعددي العوق.ورغم أن وزارة المعارف لم تبدأ في تطبيق برامج صعوبات التعلم إلا في العام الدراسي 1416- 1417هـ ، إلا أن هذه البرامج انتشرت بشكل سريع، إذ يبلغ عدد المدارس العادية التي تطبق فيها برامج غرف المصادر الخاصة بالتلاميذ ذوي صعوبات التعلم في هذا العام الدراسي «65» مدرسة موزعة في مختلف أنحاء المملكة، بالإضافة إلى ثلاثة مراكز مسائية.ومن المتوقع أن يتضاعف عدد هذه المدارس بشكل كبير، ذلك أن استحداث برامج غرف المصادر لذوي صعوبات التعلم في المدارس العادية يعتمد على الاستفادة من خدمات المعلمين المتخرجين من قسم التربية الخاصة بجامعة الملك سعود، الذين تتزايد أعدادهم دفعة بعد أخرى.كما تم في مطلع العام الدراسي 1418-1419هـ استحداث مشروع عملاق هومشروع الكشف عن الموهوبين ورعايتهم تحت مظلّة «مؤسسة الملك عبد العزيز ورجاله لرعاية الموهوبين» وهو يهدف إلى تقديم خدمات التربية الخاصة لهذه الفئة، وكما يظهر اسمه فإنه يتكون من مرحلتين: الأولى، الكشف عن الموهوبين باستخدام مقاييس مقننة على البيئة السعودية، أو مصممة لغرض البرنامج. والثانية، تقديم الرعاية التربوية والاجتماعية والنفسية لهم. ويتم التركيز في هذه المرحلة على استخدام البرامج التي سيتم توفيرها للتلاميذ في البداية من خلال مراكز مسائية، تتحول حسب خطة البرنامج إلى برامج غرف مصادر في المدارس العادية فيما بعد.
وبالرغم من ذلك فإن هناك بعض الفئات التي لم تستفد من خدمات التربية الخاصة بعد، مثل فئة المضطربين سلوكياً وانفعالياً، وفئة المضطربين تواصلياً، وجارٍ العمل على استحداث برامج لهاتين الفئتين وغيرهما من الفئات التي تحتاج إلى خدمات التربية الخاصة.
ويلاحظ كثرة وتنوع أنماط تقديم خدمات التربية الخاصة في المملكة ، وهذا يعني أن تعليم الأطفال غير العاديين في المملكة قد تجاوز مرحلة التعليم بالضرورة إلى مرحلة التعليم بالانتقاء، وهي بلاشك مرحلة مهمة يمكن من خلالها التعرف على أفضل الأساليب وأكثرها فاعلية، مع ملاحظة أن الإبقاء على هذه الكثرة وذلك التنوع في تقديم الخدمة يعد ضرورة تتطلبها عملية الوفاء باحتياجات جميع الأطفال.
ولو بشق «فزعة»وبعد ..
فإذا كان عدد ذوي الاحتياجات الخاصة تقارب نسبة 20% من التلاميذ المنتسبين للتعليم العام فنحن إذاً أمام تحدٍّ كبير . ويعلم الجميع أن هناك منشآت خيرية كثيرة لدعم البرامج التأهيلية ليس هذا مجال حصرها، لعل من أبرزها جمعية الأطفال المعاقين بفروعها في المملكة، ومركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة التابع للجمعية في الرياض، ومركز العون في جدة،و،و،و،.. الكثير من معاقل الخير- إن صحت التسمية- تعاني بالاشتراك مع المنشآت التابعة للوزارة أو التابعة للجمعيات الخيرية قضيتين أساسيتين:
الأولى: التزايد الكبير للأطفال الذين يحتاجون إلى الرعاية الخاصة والمتعارف على تسميتهم بالمعوقين رغم اختلاف درجات هذه الإعاقة، واختلاف طرائق رعايتها وتأهيل المبتلين بها، وهذه الزيادة أصبحت تشكل هاجساً نفسياً وتشغيلياً.
القضية الثانية هي الدعم لجميع منشآت وجمعيات ومؤسسات رعاية هؤلاء الأطفال والكبار أحياناً. والواجب الديني أولاً، والاجتماعي ثانياً، والإنساني ثالثاً يخبرنا جميعاً -إلا من رحم ربي- أننا مقصرون، وغائبون عن المساهمة الفعالة بالتبرعات العينية والمادية، وبتقديم الخدمات التطوعية، والبحثية والدراسية.
المصدر- مجلة المعرفة