ولدي كثير الحركة فهل نوع الغذاء هو السبب؟

[أم صالح]

 

ولدي كثيرالحركة فهل نوع الغذاء هو السبب؟

خالد طالب في الصف الرابع الأساسي ببساطة لا يستطيع الجلوس على المقعد في المدرسة، هو دائم الحركة وقليل الانتباه في الحصة، وأثناء النقاش في الحصص الدراسية، يكون سريع الإجابة لا يركز فيها ..مما دفع معلمته والمرشدة التربوية إلى متابعة حالة خالد.
وأكثر ما لفت النظر في الموضوع أن خالد يتناول كميات كبيرة من الحلويات والسكاكر والعصائر الصناعية، لذلك كانت توصية مسئول الصحة في المدرسة أنه (يجب عليه تقنين تناوله من الحلويات والمواد الغذائية المصنعة..).

والسؤال هنا : هل حقيقة أن هناك علاقة وثيقة بين نوع الغذاء وتصرفات الإنسان؟ وأن الأطفال كثيري النشاط ممكن أن يقللوا من نشاطهم من خلال تقنين تناول الأغذية المصنعة والحلويات ؟ ؟

قبل الإجابة على هذا السؤال لنلقي معا نظرة سريعة على عمل خلايا المخ:
يحتوى مخ الإنسان على خلايا عصبية تضاهى في عددها عدد النجوم في درب التبانة (100 مليار خلية عصبية). وقطعة صغيرة من مخك في حجم حبة الرمل تحتوى عـلى آلاف (الخلايا العصبية) وملايين المشابك جميعها تتـواصل أو تتحدث مع بعضها البعض.
والخلايا العصبية عبارة عن خلايا عنكبوتيه الشـكل ذات زوائد ولها محاور تنطلق عبرها إشارات كهربائـية جيئة وذهابـاً على مدار الساعة طوال حياة الإنسان دون كـلل أو ملل.
ويوجد منها أشكال عديدة، الكبير والصغير..السميك والرفيع والمستدير.. الخ، ولـكن مهما اختلف شكلها فوظيفتها واحدة ألا وهى إرسال واستقبال الإشارات الكهربائية والكيماوية.
وتنتقل الإشارات من خلية إلى أخرى كيماوياً عن طريق ما يسمى بالمرسلات العصبية التي تفرزها الخلية ، فتمر خلال المشبك الذي يصل بـين كل خلية والأخرى ولا يلامسها ، فتحدث بها تياراً كهربائياً آخر ، وهكـذا تنتقل الإشارة من خلية إلى أخرى بهذه الطريقة حتى تصل من مخك مثلاً إلى أصابع قدميك في أقل من جزء من الثانية.
وقد ثبت أن تركيب المخ يتأثر بما يأكله الإنسان، بيد أن الطريق من الفم إلى المخ طويل ومعقد والمواد الغذائية بعد هضمها وامتصاصها لا تدخل خلايا المخ مباشرة بالطريقة التي تدخل بها خلايا أنسجة الجسم الأخرى، فعلى العكس من بقية أعضاء الجسم يتميز المخ بخاصية الاختيارية (اختيار نوعية المواد التي تدخل إليه من تيار الدم).

ولعلك تتساءل الآن كيف تحدث هذه الاختيارية ولماذا؟
فعلى الرغم من أن المخ يشكل حوالي 2-2.5% من وزن الجسم، إلا أنه نشط جدا من الناحية التمثيلية حيث يستهلك وحده حوالي 30% من السعرات الحرارية التي يتناولها الفرد يوميا (يستهلك 90 كيلو كالورى/ساعة في حالة العمـل الفكري)، ولا يكتفـي المخ بذلك من الكربوهيدرات عالية الجودة سهلة الاحتراق مثل الجلوكوز، ولا يتوقف مخك عن استعمال هـذا الوقود السريع حتى وأنت نائم لذلك فانه يحتاج إلى حوالي 120-150جم جلوكوز يومياً، ولأن المخ يحتوى على قليل من الجليكوجين فإنه يعتمد على الجلوكوز الواصـل إليه عن طريق الدم، وعندما تنخفض نسبة جلوكوز الدم مثلا إلى نصف المعدل الطبيعي، وهو 80 ملجم/100مل، ولو لفـترة قـصيرة تظهر على الإنسان أعراض اختلال المخ وإذا ما وصل إلى 20 ملجم /100 مل أو أقل يصاب الإنسان بالغيبوبة كما يستهلك من 20-30%من الأكسجين الذي يستخدمه الجسم والخلايا العصبية خلايا في غايـة النشاط والازدحام، حيث يستقبل الواحد منها إشارات من 100ألف خلية عصبية أخرى وكل منهم يطلق آلاف الإشارات في الثانية الواحدة، تصل إلى الخلايا العصبية المجاورة المجاورة خلال المشابك العصبية التي تمتلئ بمئات الآلاف من الموصلات العصبية.
والمدهش أن تصنيع الموصلات العصبية يعتمد على الإنزيمات التي تستخدم الأملاح المعدنية والفيتامينات لإنهاء هذه المهمة كذلك العديد من الأحماض الأمينية من البروتينات الموجودة في الغذاء أي بمعنى آخر أن الغذاء يرتبط ارتباطا وثيقا بعمل الدماغ فالحديد والزنك وفيتامين C ومجموعة فيتامين B تساعد كثيرا في عمل الموصلات العصبية والكثير من الدراسات أثبتت أن الطلاب الذين يعانون من نقص الحديد ينعكس ذلك على قدرتهم على التركيز والتحصيل العلمي وغيرها من الدراسات التي أثبتت أن تناول الفيتامينات والبروتينات تزيد من تركيز الطلاب وبالنسبة للسكر وتأثيره على النشاط قام مجموعة من العلماء بعمل دراسة على مجموعة طلاب بإعطائهم كمية من الماء والسكر الطبيعي والصناعي على سبع محاولات متباعدة بالوقت على نفس العينة ومن خلال دراسة التأثيرات كنت النتيجة أن لا تأثير بالنسبة للسكر على زيادة نشاط الطلاب وبنفس الطريقة قاموا بفحص تأثير الأصباغ والماد المضافة وكانت النتيجة متقاربة لا تأثير مباشر على النشاط .

الخلاصة :
بالرغم من أن كثير من الدراسات أثبتت علاقة الغذاء والعناصر الغذائية المختلفة على عمل خلايا الدماغ والذكاء إلا أن الدراسات لم تؤكد علاقة الغذاء بالتصرفات مثل النشاط الفائق و الجريمة والموضوع مازال قيد الدراسة .

المراجع :
-NUTRITION .NIEMAN. CHAPTER 14