#1  
قديم 11-29-2011, 11:10 PM
الصورة الرمزية الصحفي الطائر
الصحفي الطائر الصحفي الطائر غير متواجد حالياً
عضو ذهبي
 
تاريخ التسجيل: Mar 2008
المشاركات: 3,060
افتراضي القضايا الاجتماعية والانفعالية التي تواجهها الفتيات الموهوبات في المدرسة الأساسية والثانوية

 

القضايا الاجتماعية والانفعالية التي تواجهها الفتيات الموهوبات في المدرسة الأساسية والثانوية
Sally M. Reis (2002).Social and emotional issues faced by gifted girls in elementary and secondary school. From The SENG Newsletter. 2002 2(3) 1-5.



ترجمة وتعليق
د. محمد السعيد أبو حلاوة
مدرس الصحة النفسية والتربية الخاصة
كلية التربية، جامعة دمنهور



تمهيد (المترجم):
=========
مازال الجدل مستمر حول مفهوم الموهبة، إذ يوجد انقسام حاد بين الباحثين والمعلمين حول أكثر الطرق فعالية في تعليم وإرشاد المراهقين الموهوبين؛ إلا أن النتائج العامة لمثل هذه البحوث تفيد بأن عملية التعليم والإرشاد النفسي لهذه النوعية من المراهقين يفترض أن تركز بصورة أساسية على تمكينهم من تكوين هوية أنا بؤرتها ومدارها الموهبة ، وبالتالي دفعهم باتجاه تحقيق موهبتهم وإخراج مضامينها من حيز الوجود بالفعل إلى حيز الوجود بالقوة.
إلا أنه توجد الكثير من المعوقات التي قد تحول دون تحقق هذا الأمر، يعزي بعضها إلى عوامل داخلية خاصة بالبروفيل السيكولوجي للموهوب ذاته، وأوضح هذه العوامل تغاير إدراكاته للذات وللعالم وللحياة نوعيًا عن إدراكات العاديين، ويعزى البعض الآخر إلى عوامل سياقية خاصة بطبيعة الوسط الاجتماعي الثقافي لعالم العاديين الذي يدفع باتجاه المسايرة وثقافة التوسط.
بينما تعزى عوامل أخرى إلى طبيعة مرحلة المراهقة ذاتها وما تتضمنه من تغيرات جسمية وفسيولوجية يصاحبها بالضرورة تغيرات في المنظومة المعرفية والانفعالية والاجتماعية في شخصية المراهق الموهوب.
وبالتالي قد يكون من المناسب رصد طبيعة التفاعل بين هذه العوامل وتبيان تأثيراتها على تحقيق الذات لدى الفتيات الموهوبات [1] ؛ نظرًا لكونهم أكثر الفئات تأثرًا بالضغوط الاجتماعية التي قد تدفعهن إلى التنكر لمواهبهن إيثارًا للسلامة ورغبة في الحصول على القبول الاجتماعي.
وبناءًا على ذلك تأتي الورقة الحالية التي آثر المترجم تناولها علها تلقي ضوءًا على طبيعة ومصادر الضغوط النفسية التي تتعرض لها الفتيات الموهوبات وعلها تثير الكثير من البحوث في هذا المجال، وتتناول الورقة العناصر التالية:
(1) مقدمة.
(2) المعوقات الداخلية التي تواجه الفتيات الموهوبات.
(3) المعوقات الخارجية التي تواجه الفتيات الموهوبات.
(4) المراجع.
================================================== ========
وفيما يلي تناول تفصيلي لهذه العناصر:



  • مقدمة:
=======

كشفت نتائج الكثير من الدراسات التي أجريت على الفتيات والسيدات الموهوبات عن وجود عدد من: عوامل الشخصية، الأولويات الشخصية، والمعوقات الاجتماعية والانفعالية التي تسهم بوزن نسبي كبير في عدم تمكينهن من تحقيق ذواتهن وبل وفي تنكرهن لمواهبهن. ولا يعني ذلك أن كل الفتيات الموهوبات يخبرن أو تعانين من هذه المعوقات بشكل متشابه، ومع ذلك تفيد نتائج البحوث بوجود تشكيلة من الأسباب المؤدية إلى عدم تحقيق الفتيات الموهوبات لذواتهن وعدم استفادتهن من قدراتهن الفائقة من هذه الأسباب: الحيرة والارتباك والمآزق المثارة حول القدرات والمواهب، القرارات الشخصية المتعلقة بالأسرة، التناقض بين الآباء والمعلمين فيما يتعلق بتنمية المستويات الفائقة من القدرة أو الإمكانية، القرارات المتعلقة بالواجب والرعاية (وضع احتياجات الآخرين في المقدمة) إضافة إلى المسائل الشخصية، الدينية، والاجتماعية المضادة للموهبة والإبداع.
وتمارس المعوقات الشخصية والاجتماعية الانفعالية تأثيراتها على الفتيات الموهوبات طوال حياتهن. ومع ذلك يقتصر تأثير البعض منها على الموهوبات صغيرات السن بينما تمارس معوقات أخرى تأثيراتها على الفتيات الموهوبات خاصة مع بداية توجههن إلى تكوين علاقات اجتماعية جادة أثناء سنوات الدراسة الثانوية والجامعية، أو عندما تتزوجن وتنجبن.
وربما تتمكن السيدات الموهوبات من حل الكثير من المشكلات الشخصية الناتجة عن كبتهن أو تنكرهن لمواهبهن، في حين ربما تعجز الفتيات الموهوبات صغيرات السن من حل مثل هذه المشكلات. ومن المهم أن نفهم أنه قد يتعذر في الكثير من الحالات حل المآزق والمشكلات الشخصية بصورة مرضية لكل من تعانين منها. وما يحدث هو أن بعض هذه المآزق أو المشكلات الشخصية يحدث لها نوعًا من التحول أثناء مسار حياة السيدة الموهوبة، مثل نضج أطفالهن، فسخ العلاقة، الدخول في علاقة جديدة، أو تغير بيئة العمل أو المنزل.
وعليه من الصعب، بل من المستحيل، عند مناقشة القضايا الاجتماعية والانفعالية ذات العلاقة بالتأثير على الفتيات الموهوبات، تجاهل تناول هذه القضايا لدى السيدات الموهوبات الأكبر سنًا، بسبب أن الفتيات الموهوبات صغيرات السن تعتقدن أنهن قادرات على الجمع بين مواهبهن وحياتهن الاجتماعية، بينما تتعلم السيدات الموهوبات الأكبر سنًا استحالة القيام بذلك.
وعادة ما تكون الفتيات الموهوبات صغيرات السن متوفقات ولامعات جدًا في المدرسة، ولكن من تقدمهن في السن، تصبن بنوع من الحيرة والارتباك والتناقض الشديد فيما يتعلق بالقضايا ذات العلاقة بمستبلهن، مما قد يؤدي إلى التآكل التدريجي
لأمالهن وأحلامهن. وللوقاية من هذه الظاهرة ولفهم أسباب هذا التأكل والتلاشي التدريجي لهذه الأحلام والآمال برزت في السنوات الأخيرة اهتمامات بحثية تركز بصفة محددة على دراسة عوامل تنكر الفتيات الموهوبات لمواهبهن وتضاؤل إمكانيات الموهبة لديهن مع تقدمهن في العمر.
ويطرح بعض العلماء تفسيرات مختلفة لهذه الظاهرة، منها أن الاعتقاد في القدرة والثقة في الذات لدى الإناث الموهوبات تتضائل وتتآكل بالتدريج أثناء سنوات الطفولة والمراهقة، وعادة ما تلعب عوامل اجتماعية محددة دورًا في ذلك، وترتبط هذه العوامل بصورة عامة بما يعرف بالتنميط الجنسي وهوية الدور وترسيخ ثقافة الاحتياج الدائم إلى الآخر والاعتماد عليه، فقد خلصت نتائج دراسات الحالة التي أجراها كالاهان وكيونجهام وبلوكير (1994) أن المراهقات الموهوبات (كل العينة) تعزين تفوقهن في المدرسة إلى عوامل خارجية لا علاقة لها بقدراتهن الشخصية المرتبطة بالتفوق والموهبة (Callahan,Cunningham,&Plucker,1994)..
ويرى باحثون آخرون أنه على الرغم من وجود درجة واضحة من التواضع الأنثوي feminine modesty فإن الكثير من الإناث الموهوبات يظهرن قلقًا وخوفًا شديدًا على مستقبلهن الدراسي بالرغم من إيمانهن بقدراتهن المتميزة، ويذهب رايس وآخرون (1995) في تفسير ذلك إلى أن هؤلاء الفتيات مقتنعات بأن نجاحهن وتميزهن سواء في الدراسة أو الحياة غير مرتبط بقدراتهن ومواهبهن بل مرتبط بعوامل ذات علاقة بتصور المجتمع لأدوارهن الاجتماعية (Reis,Hébert,Diaz,Maxfield,&Ratley,1995).
وحاول باحثون كثيرون الإجابة عن السؤال التالي: ما العوامل التي تساعد بعض الفتيات الموهوبات على إنجاز وتحقيق مواهبهن، وبالتالي تصبحن راشدات ذات مستويات مرتفعة من الإنجاز والسعادة الشخصية؟ وتوفر لنا الدراسات عن السيدات الموهوبات معلومات كثيرة عن خبراتهن كفتيات متميزات أثناء طفولتهن ومراهقتهن. ويستفاد منها أن بعض هذه الخبرات سببت لهن حيرة وغموضًا شديدًا فيما يتعلق بمستقبلهن المهني وأهدافهن الشخصية.


وفيما يلي مراجعة لنتائج البحوث التي ركزت على القضايا والصعوبات الاجتماعية والانفعالية التي تواجهها الفتيات الموهوبات، بما فيها القضايا والصعوبات ذات العلاقة بالمعوقات الخارجية والمعوقات الداخلية التي تخبرها الفتيات والسيدات الموهوبات.
  • المعوقات الخارجية External Barriers:
==============================

لا يمكن على الإطلاق التقليل من أهمية المتغيرات البيئية في نمو الفتيات الموهوبات والمتفوقات. فمنذ الولادة تقريبًا، تجد الإناث أنفسهم في عالم مليء بقوالب التنميط حسب النوع وبالمعوقات التي ربما تحول دون تفتح إمكانيات وقدرات التميز والتفوق الكامنة لدينهم. وحددت البحوث في أدبيات المجال المعوقات الخارجية التي يبدو أن لها تأثيرات سلبية بالغة على نمو إمكانيات التفوق والموهبة لدى الفتيات والسيدات الموهوبات. وتتضمن هذه العوامل: دور الآباء، المدرسة، والبيئة بشكل عام، بالإضافة إلى الحاجة إلى تأسيس وإقرار مجموعة من الاعتقادات الفسلفسية الأساسية لنمو وتطور الإمكانيات الإبداعية والأكاديمية.
ففي مجتمع غالبية قياداته، سياسيه، فنانيه، موسيقييه، ومبتكرييه ذكور، ربما يتعذر على فتاة صغيرة تبنى أو تكوين اعتقاد فلسفي عن قدراتها وإمكانياتها الإبداعية. ونناقش فيما يلي بإيجاز شديد بعض المعوقات الخارجية:
(2-1) تأثيرات الوالدين على الفتيات الموهوبات والمتوفقات:
أثبتت الدراسات الحديثة التأثيرات البالغة للاتجاهات والاعتقدات الوالدية على إدراكات الذات الأكاديمية والتحصيل لدى الأطفال ، راجع على سبيل المثال دراسات (Hess,Holloway,Dickson,&Price,1984;McGillicuddy-De,Lisi,1985;Parsons,Adler,& Kaczala,1982;Stevenson&Newman,1986) .
فقد خلصت نتائج بعض الدراسات إلى أن لاعتقادات الآباء حول قدرات أطفالهم تأثيرات على إدراك هؤلاء الأطفال لذواتهم أكثر من تأثير الأداء الفعلي السابق لهؤلاء الأطفال(Parsons,Adler,&Kaczala,1982). وأكدت فيليبس نتائج هذه الدراسات في دراستها عن التلاميذ ذوي القدرة العقلية المرتفعة، كما خلصت نتائج دراسة ديكينس (1990) إلى وجود تأثيرات واضحة للوالدين على مفهوم الذات الحسابي (الرياضي) لدى عينة من الفتيات المراهقات الموهوبات ووجد رايس (1995، 1998) أن الذكريات المرتبطة بالتعليقات الوالدية السلبية متجذرة في البناء النفسي للسيدات الموهوبات والمتفوقات حتى بعد مرور سنوات طويلة ومفارقتهن منزل آبائهن(Dickens,1990; Reis, 1995; 1998).
يستفاد من ذلك،أن لآراء الآباء وأساليب معاملتهن لأبنائهن والرسائل الضمنية اللفظية وغير الفظية التي يرسلونها إلى أبنائهن أثناء التفاعل معهن تأثيرات بالغة على حياتهن النفسية وأدائهن الدراسي وعلى تصوراتهن لأدوارهن في المستقبل.
(2-2) أدوار المعلم.
تشير كارمر (1985) إلى أن المعلمين قادرون على تعرف واكتشاف الأولاد الموهوبين بسهولة مقارنة بالإناث، وغالبًا ما تتملك المعلمون الدهشة عند اكتشافهم لبنت موهوبة(Kramer,1985)، ووجدت كامر في دراستها أن الفتيات الموهوبات كن ناجحات جدًا في إخفاء ذكائهن وفي إسكات أصواتهن، وفي دراسة تحليلية أخرى عن إدراكات الراشدين لذكاء الفتيات، أعلنت مارا وديفيد سادكير (1994) "تظهر دراسة بعد دراسة أن الراشدين، معلمين وآباء يميلون إلى التقليل من شأن وقدر الذكاء لدى الإناث" (Myra&Sadker,1994,P.95)، كما خلصت نتائج دراسة كيسان (1986) إلى أن المعلمين أقل دقة في تسمية أو ترشيح الإناث الأكثر احتمالاً للتفوق في اختبارات التحصيل الدراسي والتفوق على وجه الخصوص في الرياضيات مقارنة بترشيحاتهم للذكور، كما أن قناعات المعلمين بإمكانية تفوق الإناث في الريضايات والعلوم ضعيفة جدًا مقارنة بقناعاتهم الخاصة بالطلاب الذكور (Kissane,1986).
وخلصت نتائج دراسة أخرى إلى نتائج مشابهة، فقد أكدت نتائج دراسة كولي وتشاوفين وكارنيس (1984) أن لدى المعلمين ذكور وإناث ميلاً قويًا لاعتبار الأولاد المتفوقين أكثر كفاءة وأكثر موهبة من البنات في مجالات مهارات التفكير المنطقي والناقد وقدرات الحل الإبداعي للمشكلات، وميل إلى اعتبار البنات أكثر كفاءة من الذكور في الكتابة الإبداعية، وكانت تصورات المعلمين الذكور للبنات المتفوقات تصورات تقليدية إذ يعتبرون البنات المتفوقات أكثر انفعالية، أكثر قابلية للاستهواء والتأثر بالآخرين، أقل تخيلاً، أقل إقدامًا ومبادرة، أقل ابتكارية، وأقل تفردًا أو أقل إظهارًا للتميز الفردي، أقل اندفاعًا ، مقارنة بالذكور المتفوقين(Cooley,Chauvin&Karnes,1984).
وُوجد كذلك أن المعلمين يعتقدون في ويعززون أطر التنميط حسب النوع بما يعنى أنهم يتصورون أن الذكور أكثر قدرة على وأكثر قابلية للتميز والتفوق مقارنة بالإناث وأن هذه القدرة وتلك القابلية ذات أصل وراثي فطري، وإذ أرادت الإناث التميز والتفوق عليهن العمل والاجتهاد المضني لتعويض عدم القابلية الوراثية هذه، وكشفت نتائج دراسة فيمينا وآخرون (1990) أن المعلمين أكثر ميلاً لإعزاء نجاح الأولاد الذكور في الرياضيات إلى عوامل خاصة بالقدرات الشخصية لهؤلاء الأولاد (58%) بينما يعزى نجاح البنات إلى عوامل لا علاقة لها بالقدرات الشخصية لهن(Fennema,etal.,1990).


ومن العوامل المؤثرة على إمكانيات التفوق لدى الإناث الموهوبات توقعات المعلمين فيما يخص أدائهن الدراسي، إذ أن غالبية المعلمين لا يتوقعون تفوق البنات في كل من الرياضيات والعلوم على وجه التحديد، وتميل البنات إلى استدخال هذا التوقعات في بنائهن النفسي والتماهي معه في كل مجالات الحياة.
  • المعوقات الداخلية (عوامل الشخصية، الاختيارات والقرارات الشحصية) Internal Barriers .
====================================== =

كشفت نتائج الدراسات التي أجريت على الفتيات الموهوبات والمتفوقات عن وجود عدد من عوامل الشخصية، الأولويات الشخصية، والقرارات الشخصية ذات العلاقة بتصوراتهن لعدم قدرتهن على تحقيق التفوق والتميز في المجالات الدراسية والمهنية. ومن هذه العوامل: الشك في القدرات والمواهب، الاختيارات الشخصية المرتبطة بالأسرة، الاختيارات الشخصية المرتبطة بالواجبات والاهتمامات بتنمية المواهب داخل أنفسهم مقابل وضع احتياجات الآخرين في المرتبة الأولى، القضايا الدينية والاجتماعية التي تؤثر على المرأة خلال دورة حياتها؛ سوء التخطيط، سوء اختيار الشريك، والرسائل الغامضة من المنزل عن الأدب واللياقة(Reis,1998).
(3-1) فقد الاعتقاد في القدرات وفقدان الثقة في الذات.
كشفت نتائج الكثير من الدراسات أن بعض الفتيات الموهوبات تفقدن، بدرجات متفاوتة، تحمسهن للتعلم وشجاعتهن للتعبير عن وإظهار قدراتهن. وخلص بعض الباحثون من مراجعتهم لأدبيات المجال(Arnold,1995;Bell,1989;Cramer,1989;Hany,1994;Krame r,1991;Leroux,1988;Perleth& Heller,1994;Reis&Callahan,1989;Subotnik,1988) ، إلى أن بعض الفتيات الموهوبات يبدأن في فقد ثقتهن بأنفسهن منذ المدرسة الأساسية ويستمر ذلك الفقد خلال المدرسة الثانوية وحتى التخرج من التعليم. ويتزايد لدى هؤلاء الفتيات بالتدريج الشك في كفاءاتهن العقلية، ويعتبرون أنفسهن أقل قدرة وأقل كفاءة مما هن عليه بالفعل، ويعتقدون أن الأولاد أكثر قدرة وأكثر كفاءة بالفطرة. وأشارت نتائج بعض هذه البحوث أيضًا أن هؤلاء الفتيات يتجنبن المنافسة من أجل الحفاظ على العلاقات، حتى وإن كانوا مقتنعين بفوزهن في هذه المنافسات وحتى مع اعتقادهن أن عدم دخولهن في مثل هذه المنافسات يعنى فقدان فرص استخدام قدراتهن ومهاراتهن التي يمتلكنوها بالفعل.
وخلصت دراسة كلاين وشورت ( Kline & Short,1991) من خلال مراجعتهم لأدبيات المجال، أن الثقة بالذات وقدرات الذات المدركة لدى الفتيات الموهوبات تتناقص بالتدريج خلال سنوات الدراسة في المدرسة الأساسية وسنوات الدراسة في المرحلة الثانوية، في حين توصلت نتائج دراسة بوتشير أوسيفسكي وهيجهام (Buescher,Olszewski,&Higham,1987) أن الذكور الموهوبين والفتيات الموهوبات أكثر اشتراكًا في الكثير من الخصائص مقارنة بالأولاد والفتيات العاديات، إلا في مجال حيوي واحد هو تقدير وتقبل مستوى القدرة، إذ وجدت الدراسة أن الإناث الموهوبات أقل تقديرًا وأقل تقبلاً لقدراتهن العقلية، بل خلصت نتائج المقابلات مع الفتيات الموهوبات في مرحلة المدرسة المتوسطة والأساسية (الإعدادية في النظام التعليمي المصري) ميلهن إلى تجنب التعبير عن قدراتهن العقلية الفائقة، بل يسعون إلى إتباع معايير جماعة الأقران (Callahan,Cunningham,&Plucker,1994).
(3-2) المشكلات الاجتماعية والعزلة Social Problems and Isolation :
ربما يفضي إسقاط وصف موهوب أو مبدع على الإناث تخليق ظروف مواتية لمعاناتهن من مشكلات اجتماعية (Bell, 1989; Buescher, Olszewski, & Higham, 1987; Eccles, Midgley, & Adler, 1984; Kerr, Colangelo, & Gaeth, 1988; Kramer, 1991; Reis, 1987, 1995; Reis, Callahan, & Goldsmith, 1996). إذ يفيد بعض الباحثون أن الإناث الموهوبات يعتقدن أن إسقاط وصف موهوب عليهن يحرمهن من كثير من الامتيازات الاجتماعية بسبب ردود الأفعال السلبية المتوقعة من الأقران على وجه التحديد. فنتيجة للخوف من استهجان الأقران وعدم استحسانهم لهن ربما تتعمد الإناث الموهوبات إلى إخفاء قدراتهن والتنكر لها لتجنب احتمالات الظهور بمظهر عدم الجاذبية البدنية أو الافتقاد إلى الكفاءة الاجتماعية. بمعني آخر، ربما يندفعن إلى ممارسة ما يعرف بلعبة الغباء play dumb .
وربما يرسل الآباء رسائل سلبية أيضًا للموهوبات تتضمن تحديدًا للكيفية التي يجدر أن يتصرفن بها، مدى التأدب الذي يجب أن يتحلين به، نوعية الملابس التي يفترض أن يرتدينها، الكيفية التي يتعين عليهن التحدث بها في المواقف المختلفة مما يمثل ضغوطًا كثيرة عليهن، يعتقدن أن مواجهتها تقتضي تجنب التعبير عن تميزهن ومواهبهن والظهور بمظهر الإنسان العادي فكرًا وانفعالاً وسلوكًا إيثارًا للسلامة وتلمس لراحة البال.
(3-3) الكمالية Perfectionism :
ربما تدفع الكمالية أو الرغبة في الإتقان والكمال الموهوبات باتجاه وضع وتبنى أهدافًا من نوعية مفارقة وشديدة التميز والطموح وسعيًا بالتالي في جهد غير منقطع لتحقيقها بمستويات تحقيق عالية جدًا. والأخطر من ذلك أن هذا الأمر بما يدفعهن إلى الجهاد الدائم لتحقيق أهدافًا شبه مستحيلة وفقًا لمنطق العاديين، ومن هنا ربما يقضين حياتهن كلها في محاولات مضنية لا تتوقف لتحقيق الإتقان والكمال التام في: العمل، المنزل، البدن، الأطفال، وغير ذلك من المجالات.
ويرى هماتشيك (1978) أن الكمالية طريقة في التفكير حول السلوك، ويصف نمطين مختلفين للكمالية مدخل عادي وسوي، ومدخل عصابي مرضي، ويكون هذين النمطين ما سماه متصل سلوكيات الكمالية، فالكمالية السوية أو العادية Normal perfectionists تميز الموهوبين الذين يحصلون على النشوة أو الابتهاج من مجرد بذل المجهود دون تقصير والوصول إلى أقصى مستوى ممكن من الإتقان حسبما تسمح به الظروف، أما الكمالية العُصابية أو المرضية Neurotic perfectionists فتميز الموهوبين غير القادرين على الإحساس بالرضا بسبب اعتقادهم الدائم أن ما ينجزونه ليس جيدًا بالدرجة المطلوبة (Hamachek,1978).
وكشفت نتائج دراسة شولير (1997) عن الكمالية لدى المراهقين الموهوبين في المرحلة المتوسطة أن الكمالية عبارة عن متصل يستوعب سلوكيات تتراوح بين السلوكيات السوية/ العادية، إلى السلوكيات غير السوية/ المختلة وظيفيًا، ووجد أن الانتظام وترتيب الأولويات، ونظم المساندة، والمجهود الشخصي هي العوامل التي تؤثر على أداء ذوي الكمالية السوية الذين يتلقون التشجيع الكاف الدافع لهم باتجاه بذل كل ما في وسعهم، والذين يعتقدون أن الأخطاء أمورًا مقبولة وجزء طبيعي ومتوقع أثناء عملية التعلم، على الجانب الآخر، فإن الاهتمام والخوف المبالغ فيه من الفشل أو الأخطاء، ومن إدراك توقعات الآباء، وتوقع انتقادات الآباء هي العوامل الرئيسية الكامنة وراء سلوكيات الكمالية العصابية أو غير السوية أو المختلة وظيفيًا لدى الموهوبات المراهقات، فلدى مثل هؤلاء الموهوبات تثبيتات حول الأخطاء، مما يرتب معاناة متصل مما يعرف بحالة القلق، كما أن تعريفهن للكمالية يركز على فكرة ضرورة أو حتمية عدم القيام بأية أخطاء (Schuler,1997).

[1] للمزيد راجع:
- محمد السعيد أبو حلاوة (2001). تحقيق الموهبة: تأثيرات الإدراكات المختلة للذات وللعالم على المراهقين الموهوبين، بحث مقبول للنشر، مجلة الدراسات التربوية والإنسانية، إصدار كلية التربية، جامعة دمنهور.



 

__________________
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 11-29-2011, 11:13 PM
الصورة الرمزية الصحفي الطائر
الصحفي الطائر الصحفي الطائر غير متواجد حالياً
عضو ذهبي
 
تاريخ التسجيل: Mar 2008
المشاركات: 3,060
افتراضي

 

1. المراجع :
========

- Arnold, K. D. (1995). Lives of Promise. San Francisco: Jossey-Bass Publishers.


- Bell, L. A. (1989). Something's wrong here and it's not me: Challenging the dilemmas that block girls' success. Journal for the Education of the Gifted, 12(2), 118-130.


- Buescher, T. M., Olszewski, P., & Higham, S. J. (1987). Influences on strategies adolescents use to cope with their own recognized talents. (Report No. EC 200 755). Paper presented at the biennial meeting of the Society for Research in Child Development, Baltimore, MD.


- Callahan, C. M., Cunningham, C. M., & Plucker, J. A. (1994). Foundations for the future: The socio-emotional development of gifted, adolescent women. Roeper Review, 17, 99-105.


- Cooley, D., Chauvin, J., & Karnes, F. (1984). Gifted females: A comparison of attitudes by male and female teachers. Roeper Review, 6, 164-167.


- Cramer, R. H. (1989). Attitudes of gifted boys and girls towards math: A qualitative study. Roeper Review, 11, 128-133.


- Dickens, M. N. (1990). Parental influences on the mathematics self-concept of high achieving adolescent girls. Unpublished doctoral dissertation, University of Virginia, Charlottesville.


- Eccles, J. S., Midgley, C., & Adler, T. F. (1984). Grade-related changes in the school environment: Effects on achievement motivation. In J. Nicholls (Ed.), Advances in motivation and achievement (Vol. 3, pp. 283-331). Greenwich, CT: JAI Press.


- Fennema, E., Peterson, P.L., Carpenter, T.P., & Lubinski, C.A. (1990). Teachers' attributions and beliefs about girls, boys and mathematics. Educational Studies in Mathematics, 21, 55-69.


- Hamachek, D. E. (1978). Psychodynamics of normal and neurotic perfectionism. Psychology, 15, 27-33.


- Hany, E. A. (1994). The development of basic cognitive components of technical creativity: A longitudinal comparison of children and youth with high and average intelligence. In R. F. Subotnik & K. D. Arnold (Eds.), Beyond Terman: Contemporary longitudinal studies of giftedness and talent (pp. 115-154). Norwood, NJ: Ablex.


- Hess, R. D., Holloway, S. D., Dickson, W. P., & Price, G. G. (1984). Maternal variables as predictors of children's school readiness and later achievement in vocabulary and mathematics in sixth grade. Child Development, 55, 1902-1912.


- Kerr, B., Colangelo, N., & Gaeth, J. (1988). Gifted adolescents' attitudes toward their giftedness. Gifted Child Quarterly, 32(2), 245-247.


- Kimball, M. M. (1989). A new perspective on women's math achievement. Psychological Bulletin, 105, 198-214.


- Kissane, B. V. (1986). Selection of mathematically talented students. Educational Studies in Mathematics, 17, 221-241.


- Kline, B. E., & Short, E. B. (1991). Changes in emotional resilience: Gifted adolescent females. Roeper Review, 13, 118-121


- Kramer, L. R. (1985). Social interaction and perceptions of ability: A study of gifted adolescent females. Paper presented at the annual meeting of the American Educational Research Association. Chicago, IL.


- Kramer, L. R. (1991). The social construction of ability perceptions: An ethnographic study of gifted adolescent girls. Journal of Early Adolescence, 11(3), 340-362.


- Leroux, J. A. (1988). Voices from the classroom: Academic and social self-concepts of gifted adolescents. Journal for the Education of the Gifted, 11(3), 3-18.


- McGillicuddy-De Lisi, A. V. (1985). The relationship between parental beliefs and children's cognitive level. In R. Sigel (Ed.), Parental belief systems (pp. 7-24). Hillsdale, NJ: Erlbaum.


- Parsons, J. E., Adler, T. F., & Kaczala, C. (1982). Socialization of achievement attitudes and beliefs: Parental influences. Child Development, 53, 310-321.


- Perleth, C., & Heller, K. A. (1994). The Munich longitudinal study of giftedness. In R. F. Subotnik & K. K. Arnold (Eds.), Beyond Terman: Contemporary longitudinal studies of giftedness and talent (pp. 77-114). Norwood, NJ: Ablex


- Phillips, D.A. (1987). Socialization of perceived academic competence among highly competent children. Child Development, 58, 1308-1320.


- Reis, S. M. (1987). We can't change what we don't recognize: Understanding the special needs of gifted females. Gifted Child Quarterly, 31, 83-89.


- Reis, S. M. (1995). Talent ignored, talent diverted: The cultural context underlying giftedness in females. Gifted Child Quarterly, 39(3), 162-170.


- Reis, S. M. (1998). Work left undone: compromises and challenges of talented females. Mansfield Ctr., CT: Creative Learning Press.


- Reis, S. M., & Callahan, C. M. (1989). Gifted females: They've come a long way-or have they? Journal for the Education of the Gifted, 12(2), 99-117.


- Reis, S. M., Callahan, C. M., & Goldsmith, D. (1996). Attitudes of adolescent gifted girls and boys toward education, achievement, and the future. In K. D. Arnold, K. D.


- Noble., & R. F. Subotnik (Eds.), Remarkable women: Perspectives on female talent development (pp. 209-224). Cresskill, NJ: Hampton Press, Inc.


- Reis, S. M., Hébert, T. P., Diaz, E. I., Maxfield, L. R., & Ratley, M. E. (1995). Case studies of talented students who achieve and underachieve in an urban high school. Manuscript in preparation.


- Sadker, M., & Sadker, D. (1994). Failing at fairness: How America's schools cheat girls. New York: Charles Scribner's Sons.


- Schuler, P. A. (1997). Characteristics and perceptions of perfectionism in gifted adolescents in a rural school environment. Unpublished doctoral dissertation, University of Connecticut, Storrs.


- Stevenson, H. W., & Newman, R. S. (1986). Long-term prediction of achievement in mathematics and reading. Child Development, 57, 646-659.


- Subotnik, R. (1988). The motivation to experiment: A study of gifted adolescents' attitudes toward scientific research. Journal for the Education of the Gifted, 11(3), 19-35.


 

__________________
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 02-20-2015, 12:37 AM
محمد الدين مصباح محمد الدين مصباح غير متواجد حالياً
عضو مشارك
 
تاريخ التسجيل: Dec 2013
المشاركات: 48
افتراضي

 

بارك الله فيك علي الموضوع الرائع

 

رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 المكتبة العلمية | المنتدى | دليل المواقع المقالات | ندوات ومؤتمرات | المجلات | دليل الخدمات | الصلب المشقوق وعيوب العمود الفقري | التوحد وطيف التوحد  | متلازمة داون | العوق الفكري | الشلل الدماغي | الصرع والتشنج | السمع والتخاطب | الاستشارات | صحة الوليد | صحة الطفل | أمراض الأطفال | سلوكيات الطفل | مشاكل النوم | الـربـو | الحساسية | أمراض الدم | التدخل المبكر | الشفة الارنبية وشق الحنك | السكري لدى الأطفال | فرط الحركة وقلة النشاط | التبول الليلي اللاإرادي | صعوبات التعلم | العوق الحركي | العوق البصري | الدمج التربوي | المتلازمات | الإرشاد الأسري | امراض الروماتيزم | الصلب المشقوق | القدم السكرية



الساعة الآن 09:24 PM.