الصم وجلد الذات
بقلم / خالد بن عبدالله المرشود
نقلا عن جريدة الجزيرة
تجود الأمم بمخزونها من الارتباطات المتأقلمة مع أقرانها مستلهمين اعتبار الذات في ثنايا تعابيرها وهاجسها الأوحد، وتظل تتعايش في بوتقة الحياة مترنحة في البذل لتحقيق كينونتها العظيمة؛ والتي تحاول تجسيدها في رحاب الغايات والأهداف المستمدة من تشريعاتها.
وفي أثناء ذلك تتضاعف الجهود في سبيل نيل أفق أوسع يحاكي ما تعانيه شريحة من شرائح المجتمع الأرحب، في حين يطغى طيف ملمح بوجود ثقب يلمح من خلالها بوجود وهج لشعاع قادم ليضيء به الآفاق.
وفي ظل اللوائح المدنية قد تتهاوى بنفسها إلى عمق الاضمحلال المبيت لها، وعندما تحاول الانطلاق قد يعوقها شيء من الثنايا المحيلة بينها وبين مراميها واستلهاماتها المتينة المبنية على زمجرة حياتها وفق رحابها الأوسع.
الصم فئة وهبها الله المحنة بتحويله لمنحة ربانيها فلا تسمع لغواً ولا باطلاً ولا كذباً ولا دجلاً ولا غيبة ولا نميمة.. بهذا وذاك استلهمت حياتها على أفق شاسع وكينونة ذاتية مبجلة باحترام الآخرين وهي حقيقة ليس إنسانياً بل إجلال وتقدير في ردم هوة الانغلاق والتقوقع المتأزم في حياة كثير ممن يعتريه شيء من البلطجة والكبرياء.
في حين قد تتوافر لدى الصم عوامل متباينة في التأرجح بين قطبين هما الأهم لديهم في ظل الدعم المقومي المعلوماتي المنصهر بدفع الذات.
تسطر الأيام ملامح بتقصير الفجوة المجتمعية والتي تحتمها العولمة بمبتكراتها وتقنيتها العالمية في قرينت العالم بإمداداته المتزايدة.
ويحاول الصم بقضهم وقضيضهم ركوب القطار العالمي نحو الآفاق معلنين تألقهم في شتى الميادين وفي خضم ما يعيشونه من دعم مادي ومعنوي وقمع للمناوشين والمزدرئين لهم.
وتتجدد روحهم العالية تألقاً وأنفة ويلتقطون أنفاسهم في -هذا- أسبوعهم العالمي (أسبوع الأصم العالمي) كلما نسوا أو مجرد محاولة تناسيهم ليجبر الآخرين بتذكرهم والحاجة الماسة لهم ومعهم وفيهم.
حيث يقوم النادي بما أنيط به من برامج وأنشطة في سبيل تفعيل أسبوع الأصم العالمي بإقامة برنامج تعريفي بالأصم وقدراته ووسائل رعايته وتربيته وتعليمه وتأهيله وإعداده للحياة الاجتماعية والمهنية إلى جانب التعريف بطريق التواصل بينه وبين أفراد المجتمع وتوجيه وسائل الإعلام والرأي العام للاهتمام بذلك وشرح الحاجات الأساسية والصحية والتربوية والنفسية والتأهيلية للصم صغاراً وكباراً.
ويحاول الصم بكافة فئاته وأطيافه إظهار كينونتهم في بوتقة مجتمعه المعطاء ليشرع مبحراً في عالم الإبداع بما أتاه الله من قوة في الصبر والتحمل وجلد الذات المنحازة إلى إثبات الوجود في ظل تناسٍ مجتمعي لمفرداتهم الجلية.
وفي هذا الصدد يلتقي الصم وضعاف السمع في كافة مدن ومحافظات المنطقة الشرقية بمقر نادي الصم بالدمام لممارسة هوياتهم وألعابهم وتنمية وصقل مواهبهم وشخصياتهم جنباً إلى جنب مع أولياء أمورهم والمهتمين بذوي الاحتياجات الخاصة عموماً وفئة الصم خصوصاً داخل أروقة النادي.
أمين عام نادي الصم بالمنطقة الشرقية (الدمام)