علم نفس النمو (Developmental psychology)
هو فرعٌ من فروع علم النفس يدرس الإنسان عن قُرب بكلّ ما يتعلق بتطوره ونموّه، ويُسلّط الضوء على مراحل نموه بدءاً من طفولته مروراً بمراهقته وصولاً لسن الشيخوخة، ويهتم بسلوكيات الإنسان والتغيرات التي تطرأ عليه خلال هذه المراحل، بالإضافة إلى خصائصه الجسمانية والانفعالية.
إنّ مفهوم النمو يشير إلى عددٍ من المراحل الأساسية التي يمر بها الإنسان إلزامياً خلال حياته، وتطرأ على جسمه تغييرات مرافقة لكلّ مرحلة من هذه المراحل تحت تأثير مجموعةٍ من العوامل، فيتغير تفكيره وبنيته الجسمانية وسلوكه النفسي والجنسي والاجتماعي.
فروع علم نفس النمو
فروع نظرية عامة: وهي تلك التي تُعنى بسلوك الأفراد وتدرسها بدقة بالاعتماد على دراسةٍ نظرية ليصار إلى صياغة مجموعةٍ من النتائج والبديهيات والحقائق العامة بناءً على نتائج هذه الدراسة النظرية، ومن أهمها: نظريات الأنا، والشعور، والشخصية، والذكاء.
فروع تطبيقية: تهتم هذه الفروع بضرورة تطبيق ما آلت إليه الفروع العامة من نظرياتٍ على فئاتٍ أو ظواهر سلوكية ما، ومنها: علم النفس الصناعي الذي يركز الضوء على سلوك المنتجين، وعلم النفس العسكري.
مبادئ علم نفس النمو
الاستمرار والتتابع: يشير هذا المبدأ إلى توجّه عملية النمو بشكلٍ متصلٍ ومتدّرج نحو هدفٍ معين ومحدد وهو النضج، وبالرغم من أنّ عملية النمو تعتبر عملية مستمرة ومتصلة من حيث الجوانب البنائية والوظيفية؛ إلّا أنّ هذه الحلقة المتصلة تمرّ بعدة مراحل، كلّ مرحلة لها خصائص وسمات معينة.
التكامل: تفاوتت الآراء حول الكيفية التي تبدأ بها المراحل وتنتهي، ولا يتمثل الاختلاف فقط بالاهتمامات ووجهات النظر وإنّما بديناميكية النمو، أي شكل السلوك الذي تكون عليه عملية النمو.
اختلاف معدل النمو: يكشف هذا المبدأ عن وجود اختلافٍ كبيرٍ بين معدل سرعتي النمو البدني والحركي على مرّ المراحل العمرية المتفاوتة، بالإضافة إلى وجود اختلافٍ قائم بين مجموعةٍ من المكوّنات البدنية والحركية من حيث معدل سرعة نموها.
اتجاه النمو: يبدأ النمو بالتسلسل من الطور البنائي التكويني الوظيفي بالاعتماد على اتجاهين، هما:
الاتجاه الطولي للنمو: ويشتمل على الأجزاء العلوية من جسم الإنسان، حيث تسبق في نموها الأجزاء السفلية منه.
الاتجاه المستعرض الأفقي: ويشير إلى نمو الأجزاء من المحور الرأسي نحو الأطراف الخارجية.
الفروق الفردية: وتكمن الفروق بأنّ لكلّ إنسان فردية وذاتية ومسيرة وإمكانيات خاصة بالنمو، ويشار إلى أنّ هذا الأمر طبيعي للغاية نظراً لتأثر عملية النمو بما يحيط بالفرد من عوامل مرتبطة بكلٍّ من: الوراثة، والبيئة التي يعيش فيها.
مبدأ الانتقال من العام إلى الخاص (العكس صحيح): ينتقل المسير بالنمو بدءاً من العام إلى الخاص، ومن النمو الإجمالي إلى النمو المفصل، كما يسير من عدم التحديد إلى التحديد، ويجدر بنا القول إلى أنّ النمو الحركي لا يقف عند الاستجابات المتخصصة أو الجزئية بواسطة السلوك العام أو غير المميز.
قوانين علم نفس النمو
يُقصد بقوانين علم نفس النمو بأنّها كافة المسارات والمظاهر التنموية التي يمرّ بها الإنسان إلزامياً خلال حياته، وتعتبر هذه القوانين عامة نظراً لشمولها كافة الناس دون استثناء، وهذه القوانين هي:
استمرار عملية النمو: يشير مفهوم النمو إلى كافة المظاهر سواءً كان ذلك بالزيادة أو النقصان في جسم الإنسان، يٌشار إلى أنّ النمو الجسمي لا يقترن توقفه بمرحلةٍ معينة وذلك نظراً لاستمرارية التفاعل بين الجسم وأجهزته دون توقف، وتبقى التغيرات في النواحي العقلية والمعرفية والإنفعالية مستمرة منذ لحظة الولادة وحتى الممات.
سير النمو في مراحل: بالرغم من عدم توقف عملية النمو على الإطلاق، إلّا أنّ كل مرحلة من مراحل النمو تنفرد بمجموعة من الخصائص عن غيرها من المراحل، وتتشابه مراحل النمو مع فصول السنة من حيث التداخل والبداية والنهاية، حيث تبدأ صفات فصل الشتاء بالتلاشي تدريجياً ليبدأ فصل الربيع وهكذا، ويتشابه ذلك مع مراحل النمو منذ الطفولة وحتّى الكهولة.
تفاوت سرعة النمو بين مراحله المختلفة: يٌشار إلى أنّ السرعة في النمو تتفاوت من شخصٍ إلى آخر، ومعنى ذلك أنّها ليست ثابتة حتى في جوانب النمو في ذات الفرد.
تأثر النمو بالظروف الداخلية والخارجية: إذ تتأثر مراحل النمو بما يحيط بالإنسان من عوامل ومؤثرات كالبيئة والتدريب، بالإضافة إلى التأثير الكبير من قِبل العوامل الداخلية كالغدد والوراثة والنضج أيضاً، وقد يكون تأثير كلّ مؤثر إمّا سلبياً أو يجابياً.
تداخل عمليات النمو: ترتبط أجزاء جسم الإنسان وأجهزته مع بعضها البعض بعلاقةٍ تكاملية فيما بينها، ويتمثل ذلك بالجهاز العصبي الذي يفرض سيطرته على كافة العمليات الخاصة بالنمو العضوي والوظيفي، ويستند الجهاز العصبي بشكلٍ كاملٍ على الغذاء القادم إليه بواسطة الدم، ويحدث ذلك بعد أن تكون أجهزة الجسم قد انتهت من إنتاجه، وبذلك تعتمد الأجهزة على بعضها البعض.
الفروق الفردية في النمو: يمتاز كل إنسان عن آخر من حيث طريقة النمو، وقد يتمثل ذلك بالسرعة أو الكيفية،، لذلك نلاحظ فروقاً واضحةً بين الأفراد بالنمو بالرغم من بلوغ نفس العمر.
النمو يتجه من أعلى إلى أسفل: يبدأ النمو عادةً في جسم الإنسان من الأعلى إلى الأسفل؛ فمثلاً النمو العضوي والوظيفي ينتقل من الجهاز العصبي الموجود في الرأس انتقالاً إلى أسفل الجسم تدريجياً، ويكون دائماً من الأهم فالمهم.
النمو يتجه من الوسط إلى الأطراف: يتمثل ذلك بنمو أجهزة التنفس والهضم، وهي تلك التي تؤدي أولى وظائف الجسم ثمّ تنتقل عملية النمو تدريجياً للعضلات الكبيرة والقوية كالعمود الفقري مثلاً، ويبدأ التدرج بهذا النمو.
النمو يتجه من العموم إلى الخصوصية: يتشابه هذا القانون مع النمو الجسمي الذي يبدأ مراحله من الكبير انتقالاً إلى الصغير؛ فينتقل النمو من النواحي الإدراكية والمعرفية والاجتماعية والإنفعالية من حالة العموميات إلى الخصوصيات، حيث يبدأ الإدراك للأمر بشكلٍ عام في بدايته وينتقل تدريجياً للتعمق بجزيئاته.
مناهج بحث علم نفس النمو
المنهج التجريبي: ويعّد من أكثر المناهج دقة وكفاءة وموضوعية نظراً لتطبيقه لعددٍ من الإجراءات والخطوات الخاصة بالأسلوب العلمي بوساطته؛ ويتمثل ذلك بضبط المتغيرات التي قد تؤثر على سير التجربة، واحتمالية إرجاعها للتحقق من دقة نتائجها من ناحيةٍ أخرى.
المنهج الوصفي: ويشير مفهومة إلى إعطاء وصفٍ دقيقٍ للظواهر السلوكية وملاحظتها، ويتمثل باستقطاب البيانات وجمعها في ظل الوضع الراهن دون إجراء أي تعديلٍ عليها أو تأثرها بالمتغيرات الجديدة.
الطريقة الطولية: وهي الطريقة التي ينتهجها الباحث لدراسة ظاهرةٍ معينة وتأثيرها لفترةٍ زمنية محددة، ليصار إلى استنتاج الباحث إلى كمٍّ هائل من المعلومات الوصفية حول ظاهرة معينة.
الطريقة المستعرضة: وهي الطريقة المستخدمة في دراسة كمٍّ كبير من المجموعات التي تركز الضوء على العلوم السلوكية.