- الآثار السلبية لإساءة معاملة الأطفال:-
توجد آثار سلبية لهذا العنف يعاني منها الابن المعاق عقليا، كما يتوقف الضرر النفسي والانفعالي والبدني الناتج عن تعرض الطفل لإساءة المعاملة على طبيعة وأبعاد الإساءة ذاتها، كما تظهر لدى هذه الفئة مشكلات سلوكية خطيرة؛ نتيجة تعرضهم للإساءة البدنية والنفسية( 8)، حيث يعاني الأطفال ضحايا الإهمال الانفعالي في مرحلة الطفولة المبكرة من تأخر نمائي في الكثير من مجالات النمو النفسي، خاصة النمو الاجتماعي والانفعالي، فالرابط بين الطفل الصغير والقائمين على شؤون رعايته تعد الوسيلة الرئيسية للنمو العقلي والانفعالي (9).
وقد صنف مارتن (Martin , 1980) آثار سوء معاملة الطفل في أربعة آثار، هي: الآثار الطبية، النمائية، النفسية، والبعيدة المدى. وأضاف دورن (Dorne, 1989) التعدي الجنسي على الأطفال.
o الأذى الطبي (Medical Harm):
تظهر آثار التعديات الجنسية على الأطفال على شكل إصابات نتيجة التعدي أو الإهمال، وقد تظهر بشكل كسر عظام، أو خدوش، أو تمزق عضلي، أو تشوه، أو إصابات في الرأس أو الوجه، أو جروح، كما تظهر على شكل صعوبات، أو إعاقات في السمع أو النظر، أو تخلف عقلي. كما أن الإصابات الخطيرة قد تؤدي إلى الارتعاش لدى الطفل، أو التسمم، أو الغرق، أو الخنق. كما تشمل آثار الأذى الطبي عدم تقديم الرعاية الصحية، مثل: وجبات الطعام الرئيسية (Drone , 1980)، كما أن انتقال الأمراض المعدية والخطيرة (مثل الإيدز) قد يودي بحياة هؤلاء الأطفال.
o سوء النمو (Mal-development):
يتعرض الأطفال الذين تساء معاملتهم إلى مشكلات متنوعة في النمو، بعضها قد تكون دائمة، ومن أمثلة هذه المشكلات: انخفاض الذكاء، أو التخلف العقلي، والآثار العصبية، من مثل: مشاكل النطق، والتأخر في اكتساب المهارات اللغوية، وقد يعاني هؤلاء الأطفال مشكلات في التعلم (Martin, 1980).
o الآثار الاجتماعية:
إن شيوع السلوكيات المنحرفة، والمتمثلة في سوء معاملة الطفل، مؤشر قوي على فشل الأسرة في أداء وظائفها الاجتماعية، ففي الوقت الذي يفترض أن تكون الأسرة مكان الأمان والحماية للطفل، تتحول إلى مصدر تهديد لأمنه وحاجته، وظرف ضاغط لانحرافه.
o الآثار النفسية Psychological :
كما أن هناك احتمالا كبيراً أن تحدث للأطفال الذين أسيئت معاملتهم نفسياً (Psychological) آثار نفسية، منها: أن الأطفال الذين تساء معاملتهم يكونون بصفة عامة غير سعداء، رغبتهم محطمة في الاستمتاع بالألعاب، كما أنهم لم يتعلموا إقامة علاقات صحية وممتعة مع أقرانهم، أو مع البالغين، كما أن هؤلاء الأطفال يجدون صعوبة في إقامة علاقات مع الزملاء الأقران، ويمكن أن تظهر عليهم اضطرابات صحية وعقلية (Patterson , 1992) (10).
- وقاية الأطفال من إساءة المعاملة:
يمكن التقليل من معدل حدوث الإساءة البدنية والانفعالية عن طريق المساندة الأسرية، المتمثلة في تنمية مهارات التربية، والرعاية الوالدية، وتنمية معرفة الأسرة، وتفهمها لخصائص النمو النفسي للأطفال، ومساعدتهم على تبني توقعات واقعية لسلوكيات الطفل، ومساعدة الآباء على تنمية أساليب التعامل السوي مع الأبناء، وتصحيح الانحرافات التي تحدث في سلوك الأطفال بطرق دورية، مع ضرورة تقديم مساندة مستمرة للأسر، خاصة وقت الأزمات(11).
تعقيب الباحثة:
تناولت الباحثة أنماط العنف الأسرى الموجه للطفل المعاق ذهنيا، الذي تتضح آثاره في العديد من أنماط وأساليب التنشئة الاجتماعية السلبية، القائمة على إهمال الطفل المعاق عقلياً، حيث توجد صور متعددة لهذا الإهمال، منها: الإهمال الجسدي، إهمال العناية بالطفل، نقص الإشراف الوالدي على الطفل، إهمال تعليم الطفل، فضلا عن الإهمال العاطفي والنفسي.
وتميل الباحثة - من خلال عملها في مجال " إرشاد أسر المعاقين عقليا (حاشية:1) إلى الرأي القائل بأهمية الإرشاد الأسري لأسر المعاقين عقليا، وهو موضوع أكدت على أهميته المفاهيم التربوية الحديثة، التي ترتكز على إرشاد أسر المعاقين عقليا لأساليب التنشئة الاجتماعية السوية للأبناء المعاقين عقليا، حيث إن فوائد تدريب الوالدين تساعد الأسرة على أداء الأدوار والوظائف الإيجابية المنوطة بهم تجاه الأبناء المعاقين، فضلا عن اكتساب المهارات التي تجعل من الأبوين مدربين ومعلمين فاعلين لطفلهما المعاق؛ مما يساعد على تقدمه ونموه بطريقة تمكنه من اكتساب الخبرات الحياتية اللازمة لنموه وارتقائه، فضلا عن تعليم الأبوين أساليب تعديل سلوك الابن غير المرغوب فيه من ناحية، ومن ناحية أخرى تدريب الأسرة على تعليم الابن المعاق ذهنيا قواعد السلوك الشخصي والاجتماعي المناسب لمعايير وأعراف المجتمع، وهذا أمر لن يتم إلا من خلال جلسات الإرشاد النفسي والتربوي للأسرة، التي يقوم بها أخصائي اجتماعي وتربوي متخصص ومدرب، يعمل على إتاحة الفرص الكاملة للأسر للتفاعل معه ومع المسؤولين في المؤسسة. كما يساعد تدريب و إرشاد أسر المعاقين عقليا على تقبل الأسرة لإعاقة الابن، وفهم الحاجات الخاصة به، كما أنها تعتبر فرصة هامة للأسرة للإجابة – بطريقة علمية مبسطة – على تساؤلاتها حول الإعاقة العقلية: "مفهومها، و أسبابها، و أساليب الوقاية والعلاج"، وحول خصائص الابن المعاق عقليا؛ مما يساعد على تقبلهما لهذا الابن المعاق. كذلك يساعد الإرشاد الأسري على تصحيح أي خلل في علاقة التفاعل الأسري مع الأبناء المعاقين، وتصحيح أساليب التنشئة الاجتماعية القائمة على العقاب البدني للطفل دون معرفة أسباب سلوكه وطبيعة إعاقته، ويكون ذلك من خلال إفهام الوالدين ضرورة تجنب العقاب البدني للطفل المعاق، والإكثار من المعززات الاجتماعية واللفظية والمادية؛ مما يساعد على تغيير السلوك غير الملائم، وتعزيز السلوك الملائم.
والخلاصة:
إن للجمعيات الأهلية والمنظمات الخيرية دورا كبيرا في مواجهة الإساءة النفسية الموجهة للأطفال ذوي الإعاقة الذهنية، من خلال: برامج إرشاد أسر الأطفال المعاقين عقليا، التي تساعد على تحسين نظرة الأسرة لهذه الفئة، فضلا عن الحد من صور العنف أو إساءة التعامل مع هذه الفئة، التي لا تعتبر مسؤولة عن إعاقتها؛ حيث إن المسؤولية الأولى لحدوث الإعاقة مسؤولية أسرية ومجتمعية، وهذا ما سنتحدث عنه لاحقا.