الأطفال التوحديون.. حاضرهم مقلق ومستقبلهم مشرق!
تحقيق: فوزية المحمد
تزايدت معدلات التوحد في السنوات الأخيرة بصورة مقلقة لدى ذوي الأطفال التوحديين الذين يواجهون الكثير من الصعوبات، كما أن بعض الآباء والأمهات لا ينتبهون لأعراض التوحد منذ الوهلة الأولى، وهذا يؤخر عملية التشخيص والتعامل مع المرض، ويجعل حالات التوحد أكثر تعقيداً.
التحقيق التالي يسلِّط الضوء على المرض، وأعراضه، وتصنيفه، ووسائل العلاج المتاحة حتى الآن.
أعراضة الأساسية
في البداية تحدث الدكتور محمد أبو النجا استشاري نفسي يقول: يظهر التوحد في السنوات الثلاث الأولى من الحياة، ويعرف بأنه عجز يعيق تطوير المهارات الاجتماعية والتواصل اللفظي وغير اللفظي واللعب التخيلي والإبداعي نتيجة اضطراب عصبي يؤثر على الطريقة التي يتم من خلالها جمع المعلومات ومعالجتها بواسطة الدماغ مسببة مشكلات في المهارات الاجتماعية تتمثل في عدم القدرة على الارتباط وخلق علاقات مع الأفراد، وعدم القدرة على اللعب واستخدام وقت الفراغ، وعدم القدرة على التصور البناء والملائمة التخيلية. أما مهارات التواصل فهي تكمن في عدم القدرة على التعبير عن الذات تلقائياً وبطريقة وظيفية ملائمة، وعدم القدرة على فهم ما يقوله الآخرون وعدم القدرة على استخدام مهارات أخرى بجانب المهارات اللفظية لمساعدة الفرد في القدرة على التواصل.
أما مشاكل التأقلم مع البيئة فهي تكمن في عدم القدرة على القيام بعمل وأداء وظيفي بفاعلية في البيئة، وعدم القدرة على مسايرة وتحمل التغييرات في البيئة والتعامل معها بالإضافة إلى عدم القدرة على تحمل تدخلات الأفراد الآخرين.
تقدر نسبة شيوع التوحد تقريباً 4- 5 حالات توحد كلاسيكية في كل… . 10 مولود وللتوحيديين دورة حياة طبيعية كما أن بعض أنواع السلوك المرتبطة بالمصابين قد تتغير أو تختفي بمرور الزمن ويوجد التوحد في جميع أنحاء العالم وفي جميع الطبقات العرقية والاجتماعية في العائلات.
وتوجد حوالي 42500 حالة في المملكة العربية السعودية وهي إحصائية غير رسمية. الطفل المصاب بالتوحد هو طفل تصعب إدارته وذلك بسبب سلوكياته ذات التحدي وبالرغم من هذا فإن السلوكيات الصعبة التي يبديها هي عقبة ثانوية للتوحد، والتوحد ليس فقط مجموعة من السلوكيات العديمة الهدف والغريبة والشاذة والفوضوية ولكنه مجموعة من نواقص خطيرة تجعل الطفل قلقاً، غاضباً، محبطاً، مربكاً، خائفاً حساساً.
هل الوراثة.. هي السبب
كما تحدث الدكتور صالح الصالحي مدير مستشفى الأطفال بالمدينة قائلاً: وأن نسبة حدوث التوحد تصل إلى 3- 4 حالات لكل عشرة آلاف ولادة في المملكة، وتزيد لتصل إلى حالة لكل 500 ولادة في أمريكا، كما أنه يصيب الذكور ثلاثة أضعاف إصابته للإناث وصحح الصالحي المفهوم الخاطئ حول انتشار التوحد في جنس عن آخر مبيناً أن التوحد بلا جنسية يصيب البيض والسود، الأغنياء والفقراء في الشمال والجنوب على حد سواء، وليس كما كان يعتقد في السابق بأنه مرض الطبقة الراقية، ففي الماضي كانت الخدمة الصحية متوفرة للأغنياء، وكانوا هم من يهتم بالحالة النفسية لأبنائهم مؤكداً أن التوحد مرض غامض، حيث لا تعرف الأسباب المباشرة حتى الآن لكن هناك العديد من النظريات المهمة التي تفسر حدوث الاضطراب.
وأشار الدكتور الصالحي أن الدراسات التي أجريت لم تشر إلى أي دور مباشر للوراثة في حدوث التوحد حتى الآن ولكن بالتأكيد فإن للوراثة النصيب الأكبر من التأييد العلمي ونوَّه إلى أن المجتمع يستطيع مساعدة الأطفال المصابين بالتوحد وإن لم يكن هناك علاج تام وشاف، فنحن لا نستطيع إصلاح الخلل الدماغي ولكن يمكن تعديل الكثير من السلوكيات والمشاكل اللغوية ليستطيع العيش بسهولة في المجتمع الكبير.
وحول إصابة أطفال التوحد بالتخلف الفكري قال الصالحي: إن الذكاء يعتمد على وجود عقل سليم وحواس سليمة قادرة على اكتساب المهارات والقدرات من المجتمع المحيط به، وكلما زادت المكتسبات زادت درجة الذكاء وقد تبدو بعض علامات التخلف الفكري عند 70% من الأطفال التوحديين ولكن فقط 30% من أطفال التوحد لديهم تخلف فكري أقل من 50 نقطة تخلف شديد.
كيفية التشخيص
الدكتور علي الحبيب استشاري الطب النفسي يقول: يتساءل الكثير من الآباء والأمهات كيف يتم تشخيص التوحد؟ لعل هذا الأمر يعد من أصعب الأمور وأكثرها تعقيداً، وخاصة في الدول العربية، حيث يقل عدد الأشخاص المهيئين بطريقة علمية لتشخيص التوحد، مما يؤدي إلى وجود خطأ في التشخيص، أو إلى تجاهل التوحد في المراحل المبكرة من حياة الطفل، مما يؤدي إلى صعوبة التدخل في أوقات لاحقة. حيث لا يمكن تشخيص الطفل دون وجود ملاحظة دقيقة لسلوك الطفل، ولمهارات التواصل لديه، ومقارنة ذلك بالمستويات المعتادة من النمو والتطور. ولكن مما يزيد من صعوبة التشخيص أن كثيراً من السلوك التوحدي يوجد كذلك في اضطرابات أخرى.
ولذلك فإنه في الظروف المثالية يجب أن يتم تقييم حالة الطفل من قبل فريق كامل من تخصصات مختلفة، حيث يمكن أن يضم هذا الفريق طبيب أعصاب وطبيباً نفسياً وطبيب أطفال متخصص في النمو وأخصائياً نفسياً وأخصائي علاج لغة وأمراض نطق وأخصائي علاج مهني وأخصائياً تعليمياً، كما يمكن أن يشمل الفريق المختصين الآخرين ممن لديهم معرفة جيدة بالتوحد. أما أعراض التوحد؟عادة لا يمكن ملاحظة التوحد بشكل واضح حتى سن 24-30 شهراً، حينما يلاحظ الوالدان تأخراً في اللغة أو اللعب أو التفاعل الاجتماعي، وعادة ما تكون الأعراض واضحة في كثير من الجوانب.
كما يكون تطور اللغة بطيئاً، وقد لا تتطور بتاتاً، ويتم استخدام الكلمات بشكل مختلف عن الأطفال الآخرين، حيث ترتبط الكلمات بمعانٍ غير معتادة لهذه الكلمات، ويكون التواصل عن طريق الإشارات بدلاً من الكلمات، ويكون الانتباه والتركيز لمدة قصيرة. ويشمل خلل التواصل المهارات اللفظية وغير اللفظية، فقد تغيب اللغة كلياً وقد تنمو ولكن دون نضج وبتركيب لغوى ركيك مع ترديد الكلام مثل إعادة آخر كلمة من الجملة التي سمعها والاستعمال الخاطئ للضمائر حيث يستعمل الطفل ضمير “أنت” عندما يود أن يقول “أنا” فمثلاً لا يقول: “أنا أريد أن اشرب” بل يستعمل اسمه فيقول: “علي يريد أن يشرب” وعدم القدرة على تسمية الأشياء وعدم القدرة على استعمال المصطلحات المجردة، ويكون للطفل نطق خاص به يعرف معناه فقط من يخبرون ماضي الطفل. التفاعل الاجتماعي: ضعف في العلاقات الاجتماعية مع أمه.. أبيه.. أهله والغرباء. بمعنى أن الطفل لا يسلم على أحد.. لا يفرح عندما يرى أمه أو أبوه.. لا ينظر إلى الشخص الذي يكلمه… لا يستمتع بوجود الآخرين ولا يشاركهم اهتماماتهم… ولا يحب أن يشاركوه ألعابه.. يحب أن يلعب بمفرده… ولا يحب أن يختلط بالأطفال الآخرين.
مستقبل مطمئن
ويشير أخصائي القياس والتربية الدكتور عصام الحبيب إلى أن التوحديون يتحسن بعضهم ما بين السادسة والسابعة من العمر. ويقول إنه ونظراً لغموض هذه الحالة فإنه يتبع ذلك ضعف في التشخيص، فيستخدم المختصون قوائم الملاحظة مثل قائمة ادرين أو الشطب مثل “قائمة ايرك” حيث ينظر في مدى تطابق الخصائص الموجودة في الطفل في الحكم عليه مع مراعاة استمرارية الملاحظة والمتابعة للتاكد من الاصابة.
ويوضح أنه فيما يتعلق بمستقبل الطفل التوحدي، تشير الدراسات إلى أنه يحدث تحسن في الحالة بين سني السادسة والسابعة ونسبة 20 بالمائة منهم يمكن أن تخدم نفسها وتعيش باستقلالية. اما الباقي فهم بحاجة إلى مساعدة، مضيفاً أن الاكتشاف المبكر يساعد في عملية التحسن للحالة مع استخدام التدريبات السلوكية والسمعية والبصرية والحركية والادوية لعلاج هذه الحالة. ويبين أنه توجد حالات شبيهة بالتوحد نتيجة وجود الخادمات التي تعمد إلى تركيز نظر الطفل على التلفزيون لفترات طويلة لضمان بقائه منشغلاً عنها ويبقى هادئاً مما يشكل لديه حالة انفصال عن الواقع شبيهة بالتوحد وهذا يؤثر بشكل مباشر على خلايا الدماغ.
علاجات ناجعة
وعن الجانب التربوي العلاجي لحالات التوحد يقول خالد الضبعان أخصائي التربية الخاصة “رئيس قسم الاعاقة العقلية”: لا توجد طريقة أو دواء بعينه يساعد في علاج حالات التوحد لكن هناك مجموعة من الحلول مجتمعة اكتشفتها عائلات الأطفال والمتخصصون، وهي حلول فعالة في علاج الأعراض والسلوك التي تمنع الأطفال من ممارسة حياتهم بشكل طبيعي تتمثل بعلاج ثلاثي الأبعاد “نفسي واجتماعي ودوائي”
كما أن التغيير في النظام الغذائي والاستعانة ببعض الفيتامينات والمعادن يساعد كثيراً ومنها فيتامينات “ب 6″ و “ب 21″ مبيناً أن استبعاد الجلوتين والكازين من النظام الغذائي للطفل يساعد على هضم أفضل واستجابة شعورية في التفاعل مع الآخرين لكن لم يجمع كل الباحثين على هذه النتائج. ويشير إلى أن العلاج ببعض الأدوية له تأثير فعال في علاج سلوك الطفل الذي يعاني من التوحد، ومن هذا السلوك فرط النشاط والقلق ونقص القدرة على التركيز والاندفاع مشيراً إلى أن الهدف من الأدوية هو تخفيف حدة السلوك حتى يستطيع الطفل ممارسة حياته التعليمية والاجتماعية بشكل سوي إلى حد ما، فضلاً عن العلاج السمعي الذي يعتمد على سماع الطفل وتركيزه بحيث لا يكون عنده أي مشاكل سمعية والعلاج بالاسترخاء والموسيقى إضافة إلى العلاج بالتكامل الحسي.
وأفضل ما اتفق عليه المختصون هو استخدام وسائل التعليم الخاص بالتوحد مع وضع خطة لتعديل السلوك.
قدرات متميزة
ويؤكد الدكتور سامي نوح حسن استشاري أمراض الأطفال: أن لدى الأطفال التوحديون قدرات عقلية خارقة في بعض الحالات ويقول: ربع هؤلاء الأطفال يكون معامل الذكاء IQ لديهم أكثر من المعدل الطبيعي أي أن درجة ذكائهم تكون عالية! ومن الغريب أن نسبة 10% من هؤلاء الأطفال يكونون أذكياء في مادة الرياضيات! كما أن هناك علاقة طردية بين أعراض المرض ومعدل الذكاء، أي أن المرضى الذين يعانون من أعراض شديدة يكون معدل الذكاء لديهم أقل. وكلما كان معدل الذكاء لدى الطفل منخفضاً نحتاج إلى خبرة أعلى لتشخيص التوحد. يوجد طيف واسع لأعراض المرض يتراوح بين أعراض طفيفة بحيث يعيش الشخص حياة طبيعية لا تقوده أو تقود أهله لطلب المساعدة الطبية، أو يعاني المريض من أعراض شديدة طيلة حياته ويصبح معتمداً على غيره للتمكن من العيش. وعليه فإن الطب الحديث يعتبر التوحد مجموعة من الاضطرابات يسميها حرفياً “اضطرابات طيف التوحد. وتشتمل الأعراض على: عدم القدرة على تبادل الأفكار والآراء أو المعلومات عن طريق الكلام أو الكتابة أو الاشارات.
ولا يستطيع الطفل المصاب النظر إلى الآخرين عيناً بعين ووجهاً لوجه. وعندما يقوم الطبيب بفحص الطفل فإنه يناديه باسمه ثم يشير إلى لعبة في الغرفة ويقول له (انظر هناك لعبة). لكن الطفل المريض لا يستجيب ولا ينظر. وقد يفقد الطفل منذ البداية القدره أو الإشارة باصبعه إلى الأشياء التي تثير انتباهه، أو ترديد اسمها.
العنصر الوراثي
الدكتور باقر حمزة العوامي أستاذ طب الأطفال واستشاري أمراض الدم والسرطان عن المستقبل المرضي لهذه الحالات ويصف بعض العلماء مرض التوحد بأنه عبارة عن عدم الاتزان العصبي الذي يجعل المصابين أكثر حساسية من ناحية الألم الكثير من المثيرات الخارجية وعلى العموم فإن مريض التوحد لا يختلف عن الأطفال الآخرين من الناحية العضوية ولا يوجد علاج شاف لمرض التوحد إلا أنه ينصح بتناول مركبات فيتامين ب والماغنيسيوم والتي قد تعطي نتائج جيدة في المتوحدين من الأطفال – والحقيقة أنه من الصعب التكهن بسير حالة مرض التوحد في الأطفال – وهناك بعض الحالات التي طرأ عليها تحسن ملحوظ بعد البلوغ إلا أن بعض الأطفال قد يبدو أنهم يتقدمون بشكل جيد تم يصلون إلى مرحلة تدهور مرة أخرى ولا يستطيع الطبيب تفسير ذلك – إلا أن الكثير من مرضى التوحد قد يصلون إلى ما يقارب الاعتماد على النفس أو قد يستقلون بذاتهم، ومع ذلك فإن معظم الأطفال المصابين بمرض التوحد يحتاجون في النهاية إلى رعاية خاصة مدى الحياة.
تعديل السلوك
ويوصي الأستاذ إبراهيم الحـرز أخصائي اجتماعي بتكثيف برامج تعديل السلوك بهذه الفئة فيقول:
وبرامج تعديل السلوك تمتاز بأنها لا تخفّض فقط أو توقف السلوك غير المرغوب فيه ولكنها تستخدم في تعليم الطفل التوحدي الكثير من المهارات السلوكية. ويوجد عدة طرق لتعديل السلوك منها طريقة المحاولة المنفصلة ومن ثم تدريسها للطفل وتكرار التدريب عليها إلى أن يتم اتقانها ثم ربطها بالأجزاء الأخرى وهكذا حتى يتعلم الطفل المهارة المطلوبة، وهناك أيضاً البرنامج المعروف بـ”تيتش” Teach ويهدف هذا البرنامج إلى تعليم الطفل وتدريبه على المهارات في بيئة تربوية منظمة. وبجانب هذه البرامج هناك برنامج الحمية الغذائية حيث يعطي الطفل التوحدي حمية خالية من الجلوتين (Gluten)، والكيسين Casein)) والعلاج بهرمون السكيرتين. والعلاج بالفيتامينات والمغنيسيوم التي وجد لها كبير الأثر على سلوك الأطفال التوحديين. وعند نجاح هذه البرامج في كف الأعراض أو بعضها لدى الطفل التوحدي هنا يمكن أن يستفيد الطفل التوحدي من برامج الدمج ويواصل تعليمه في المدارس العادية بعد أن يتم تهيئته التهيئة التعليمية وكذلك الطفل وأسرته حتى ينجح الدمج.
متلازمة اسبرقر
وهناك توحديون استطاعوا إنهاء دراساتهم الجامعية وهؤلاء من الذين لديهم أعراض خفيفة مثل متلازمة إسبرقر. لا يخفى على أحد ما أكدته البحوث العلمية من أهمية الأسرة ككل في المشاركة بعلاج الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة وأكثر ما ينطبق هذا حسب ما نعتقد على أطفال التوحد.
ونعني بالمشاركة جميع مراحل التدخل أي التشخيص والعلاج والتقييم وكلما كانت الأسرة متعاونة مع الفريق الطبي والتربوي لتطبيق الخطط العلاجية والتعليمية كانت النتائج المرجوة أفضل لا سيما أن علاج التوحد جزء كبير منه هو تعديل سلوكي.
عض الأطفال التوحديين: يتسم سلوكهم بالعدوانية أو إيذاء الذات فبعضهم يضربون رؤوسهم بشدة على الجدران أو الأرضيات مما يؤدي إلى إصابتهم بانفصال الشبكية أو كسر في الجمجمة أو الصمم. والبعض يضربون أنفسهم بقبضة اليد أو الركبة بشكل عنيف قد يؤدي إلى كسر الأنف أو فقدان البصر أو تشوهات للأذن. وقد يكون شعور الطفل التوحدي بألم شديد في جزء من جسمه يؤدي إلى مثل هذا السلوك الإيذائي أو العدواني، لذا يجب أن يفحص فحصاً شاملاً لمعرفة مصدر هذا الألم الذي يكمن وراء هذا السلوك غير المحتمل.
مشاعر إنسانية
أما الأستاذة فاتن السويلم صاحبة مركز المئوية لذوي الاحتياجات الخاصة، أوضحت أن السبب الذي دفعها للاستثمار في مجال ذوي الاحتياجات الخاصة: على الرغم من معرفتي التامة بالتكلفة الباهظة للمشاريع التي تخدم ذوي الاحتياجات الخاصة، إلا إن قراري جاء تحديا لهوى النفس، واحتساب الأجر من الله سبحانه وتعالى، وإحساساً بالمسؤولية تجاه هذه الفئة من أبناء وطني، والإيمان بحقهم بالعيش حياة كريمة في ظل مجتمع محب للخير، بالإضافة لقناعتي بأنهم إذا تلقوا تدريباً مبكراً مبنياً على أسس علمية صحيحة على أيد مؤمنة برسالة العمل مع ذوي الاحتياجات الخاصة ستكون هذه الفئة قادرة على إعانة نفسها ولها دور في بناء الوطن، من هذا المنطلق كان مركز المئوية لذوي الاحتياجات الخاصة من أهم إنجازات حياتي التي افتخر بها دون النظر للعائد المالي وحول اتهام المراكز الأهلية لذوي الاحتياجات الخاصة باستغلال معاناة الأهالي من خلال فرض رسوم مالية كبيرة تفوق الخدمات المقدمة لهم، أوضحت: ليست كل المراكز الخاصة تقدم خدمة كاملة وشاملة، على الرغم من أن لديها كادراً مدرباً ومؤهلاً تأهيلاً جيداً، كما أن الأهالي لا يعرفون قدرات أبنائهم بالتحديد ولا احتياجاتهم، ويطالبون المركز بخلق معجزة في فترة وجيزة، كما أرجو ألا يتم الحكم على المركز باستغلاله لمعاناة الأهالي.
كادر متخصص
وعن أسباب ارتفاع الرسوم قالت: إن من المعروف أن تدريب وتأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة يحتاج إلى كادر متخصص ومدرب تدريباً عالياً، حيث يحتاج إلى أخصائي نطق وتخاطب، وأخصائي تعديل سلوك، ومشرف تربوي يشرف على البرامج التربوية التي تطبقها المعلمات أثناء اليوم الدراسي في الفصل الأول، بالإضافة إلى أن عدد الأطفال في الفصول يتراوح من 4-8 أطفال حسب حالتهم، وبالضرورة أن يكون في كل فصل معلمتان لتتمكن إحداهما من التدريس الفردي بينما تقوم الأخرى بتقديم الأنشطة الجماعية، أيضاً الوسائل التعليمية التي تحتاج إلى تغيير مستمر لتتناسب مع أهداف الأطفال وقدراتهم، وحاجة المبنى لتجهيزات بمواصفات معينة تتناسب مع الحالات، كل ذلك يفرض على مالك المركز رفع الرسوم الدراسية ليس أملاً بالكسب المادي، بقدر ما هو سعي منه لتغطية المصروفات والالتزامات المترتبة عليه من رواتب وإيجارات وتأمينات وزكاة.
دعم معرفي ومعنوي
وأضافت: يجب أن يكون للدولة دور رائد في حل هذه المشكلة وذلك من خلال منح الأراضي لمالك المركز، ليقوم ببنائها مما يوفر عليه دفع الإيجارات ويحقق المواصفات المطلوبة لذوي الاحتياجات الخاصة، كما أن صيانة المبنى الجديد لن تكون مكلفة كالمبنى القديم، أيضاً تقديم تسهيلات مثل القروض الميسرة لبناء مثل هذه المراكز، أيضاً تقديم مساعدة مالية سنوية للمراكز الخاصة حسب عدد الأطفال، وبذلك سنتمكن من تخفيض رسوم وتكلفة وتأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة. وأضافت: القطاع الخاص يظل أكثر مرونة وأكثر تفهماً لاحتياجات الأهالي ويظل مواكباً لأحدث البرامج الملاحظ ارتفاع التكاليف المالية للمراكز الأهلية دون حل ينهي معاناة الأهالي التي تزداد يوماً بعد يوم في ظل غياب للمدارس الحكومية المتخصصة لهذه الفئة. كذلك الاستغلال شمل الجانب المعرفي والدعم المعنوي، فالورش التي تقام في بعض المستشفيات الخاصة، تقام بأسعار تثقل كاهل الأهالي. متى سيحين الوقت لإنشاء مستشفى تشرف عليه وزارة الصحة في كل مدينة لذوي الاحتياجات الخاصة، وتخصيص قسم خاص لأطفال التوحد؟!