العمل الجماعي والاستشارة في مجال التربية الخاصة
عواطف الشمري
قسم التربية الخاصة
كلية التربية – جامعة الملك سعود
يتعامل أسر ذوى الاحتياجات الخاصة مع عدد من المختصين الذين يساهمون في تنمية مهارات الأسر في العمل مع أطفالهم ، وكذلك في تقديم ما تحتاجه الأسر من معلومات تتعلق بإعاقة أبناءهم . ولكن قد تؤدي أيضا إلى ظهور بعض الضغوط علي الأسر تتمثل في تناقض المختصين فيما يقدمون من معلومات واقتراحات ، وأحيانا في درجة تقييم وتشخيص ذوى الاحتياج، وفي الاقتراحات وكذلك في عدم تنسيق وتعاون وتكامل العمل بينهم في برامج التربية الخاصة .
ونتيجة لتلك الضغوط التي تعاني منها الأسر ، التي ستنعكس سلبا علي الأبناء ومستوى استفادتهم من الخدمات المقدمة لهم ، ستتناول هذه الورقة التعريف والتأكيد بأهمية الاستشارة والعمل الجماعي بين العاملين _ المختصين _ في برامج التربية الخاصة
الاستشارة Consultation:
إن تعريف الاستشارة في المجال المدرسي ( School Settings ) يجب أن يكون عاما بما يكفي للتطبيق في نطاق واسع من الهياكل والأوضاع المدرسية علي أن يكون التعريف مرنا بما يضمن للتكيف مع الاحتياجات المحلية . فقد ظهرت تعريفات ومرادفات واسعة ذات علاقة بكلمة الاستشارة .
تعرف الاستشارة Consultation بأنها " نشاط يتعاون فيه التربويون المختصون وأولياء الأمور ضمن المجال المدرسي عن طريق الاتصال و التعاون والتنسيق للجهود كفريق من اجل خدمة الاحتياجات المعرفية والسلوكية للطلاب .
وقد عرف ( Thompson,2002 ) الاستشارة بأنها : "عملية تعاونية يقوم فيها المستشار بمساعدة المعلمين وغيرهم من العاملين في البيئة التربوية علي التفكير من خلال حل المشكلات ، وتنمية المهارات التي تجعلهم اكثر فاعلية في العمل مع الطلاب ".
وتقوم الاستشارة علي العناصر التالية :
1- المستشار( Consultant )
2- المستشير( Consultee )
3- المستفيد / العميل ( Client )
حيث يعرف المستشار Consultant : بأنه المختص الكفء الذي يسهل التواصل والتعاون وتنسيق العمل الجماعي بين بقية التربويين بهدف التعرف علي الاحتياجات المعرفية والسلوكية ، وتخطيط وتنفيذ وتقييم البرامج التعليمية للوفاء بهذه الاحتياجات .
وعرف كل من ( الشخص ، الدماطي : 1994 ) المستشار بأنه " واحد من أولئك الأشخاص الذين يعدون مصدرا للخدمات في التربية الخاصة . ويقوم بتقديم خدمات تشخيصيه ، بالإضافة إلى مساعدته وتدعيمه للمعلمين بدلا من تقديم الخدمات بشكل مباشر للتلاميذ والطلاب " .
أما المستشير Consultee : فهو من يوفر الخدمة المباشرة للمستفيد ، ويعتبر وسيطا بينه وبين المستشار
و المستفيد Client: هو ذلك الفرد ، المجموعة ، الإدارة ، المجتمع أو أحيانا حتى الأمة التي تستفيد من خدمات الاستشاري .
طرق الاستشارة ModlesConsultation :
أ- الطريقة المباشرة : وفيها يتاح للمستشار العمل مباشرة مع الطالب ذوى الاحتياجات الخاصة . علي سبيل المثال : المعلم الاستشاري لصعوبات التعلم أو أخصائي اللغة والكلام يمكنه أن يستخدم أسلوبا مع الطالب ، بينما يظل ولي الأمر أو المستشير ( معلم الصف ) يراقب أو يساعد في الأسلوب .
ب- الطريقة غير المباشرة : وفيها يتفاعل كلا من المستشار والمستشير بالعمل معا للتعرف علي مشكلات المستفيد ، وإيجاد البدائل والحلول والخدمات المناسبة ،ويقوم المستشير بتقديم تلك الخدمات مباشرة للمستفيد ، وبهذا يكون المستشار قدم خدمة غير مباشرة للمستفيد بواسطة المستشير .
العمل الجماعيCollaboration :
يحظى العمل الجماعي في البيئات المدرسية باهتمام متزايد بين المهنيين التعليميين ، ففي خريف عام 1990م ، وفي فيلم وثائقي عرضت محطة تلفزيون سي بي أس عملاً جماعياً بين المعلمين وكانت المقدمة هي أن المدارس التي تقدم نشاطات جماعية قوية هي أكثر نجاحا من المدارس التي يعمل فيها المعلمون وفريق المدرسة بصفة مستقلة . هذا وتعتبر المدارس ذات التوجه الجماعي نماذج مثالية لمنح صلاحيات للمعلمين ولصناع القرار بصفة مشتركة. بيد أن العمل الجماعي لم يعد فعالا على النحو الذي بالإمكان ، أو يجب أن يكون عليه رينولدس وبيرش (Reynolds &Birch,1988 ) .
يستلزم التعليم الناجح توفر روح الزمالة والمشاركة بين المهنيين وأولياء الأمور ، حيث كانت أخلاقيات التعاون معطلة أو غير موجودة في المدارس أثناء السبعينات ، علما أن المدارس سوف تحتاج إلى إرشادات وتوجيهات دقيقة من اجل تنمية أنظمة الاستشارة والعمل الجماعي .
وبالتالي فان العمل الجماعي Collaboration يعني: المساعدة والتعاون، ويعتبر كلا من الاتصال، التعاون ، التنسيق جوانب حيوية لعملية العمل الجماعي .
يرى ( Shulman,1968 ) أن العمل الجماعي يشتمل علي عنصر هام جداً وهي الجماعة والتي تعرّف بأنها " وحدة اجتماعية ذات إرادة ومقدرة ذاتية ، تتكون من عدد من الأفراد بينهم علاقة تجمعهم اهتمامات ومصالح مشتركة ، ويتفاعلون بناءاً علي قواعد وقيم ومعايير خاصة تنظم سلوك أفرادها ، ويشعرون بأن بينهم تماسك عاطفي يظهر بوجود الجماعة " .
أساليب العمل الجماعي:
قد يتخذ العاملون أساليب مختلفة في ممارسة العمل الجماعي ،وجميعها تصب في هدف واحد وهو التعاون علي حل مشكلة تواجههم أثناء العمل مع فئة ذوى الاحتياجات الخاصة . فقد يأخذ العمل الجماعي الصفة الرسمية ويضم عدد من الأفراد يعملون معا بهدف تحقيق أهدف معينة طبقا لمجموعة من القواعد والمعايير الرسمية الإلزامية ووفقاً للوائح و قوانين معينة ،وقد يأخذ العمل الجماعي الصفة الغير رسمية ويضم عدداً من الأفراد الذين يعملون معا بهدف تحقيق أهداف معينة ، ولا تتسم علاقة أفرادها بالطابع الرسمي ( ماجدة علام :1990 ) .
مظاهر العمل الجماعي بين العاملين في مجال التربية الخاصة :
1- المناقشات الهادفة.
2- الاستماع البناء.
3- المساعدة في التعرف علي أهم المشكلات وتحديدها .
4- تسهيل حل المشكلات .
5- التشجيع علي إيجاد الحلول البديلة .
6- العمل كوسطاء في العملية التربوية .
7- شرح وتفسير بعض الغموض الذي يواجه العاملين.
8- القيادة أو المشاركة في النشاطات المختلفة.
9- المشاركة في تبادل المعلومات والتعليم .
10- المشاركة في نشاطات التقييم والتقويم .
11- المشاركة في مختلف اللجان التربوية و الإدارية .
12- متابعة القضايا التربوية والشكاوى في مختلف التخصصات
الفرق بين كل من الاستشارة والعمل الجماعي :
تشترك الاستشارة والعمل الجماعي في كونها تفاعلات بين أشخاص يعملون معا لحل مشكلة أو تحقيق أهداف مشتركة ، وفي حالة حدوث جميع هذه العمليات ضمن المجال المدرسي فإنها تشمل التفاعل بين العاملين في مجال التربية الخاصة وأولياء أمور ذوي الاحتياجات الخاصة لكن هناك فوارق دقيقة بينهما . فالاستشارة تقوم علي مساهمة الاستشاري بخبراته التخصصية في المشكلة التربوية بينما يقدم المستشير الخدمة مباشرة مستخدما تلك الخبرات ، فعند تعاون الاستشاريين والمستشيرين فانهم يشتركون في المسؤولية والعمل لإيجاد البدائل والحلول للمشكلة . أما العمل الجماعي فأن أدوار قائد العمل واتباعه سوف تنمو وتتطور ،حيث يشترك الأفراد جميعهم في حل المشكلة ويلعب كل فرد منهم دورا في تنفيذ الخطة .
أهمية كل من الاستشارة والعمل الجماعي :
تفرض مواقف الحياة المختلفة علي الأفراد أن يتخذوا الإجراء المناسب حيال الجوانب الهامة حتى وإن لم يكن لديهم المعلومات الكاملة أو الخبرات التي يحتاجونها . ففي هذا العالم المتخصص والمستقل ، ليس هناك الشخص الذي لديه المعرفة التامة والمهارات المطلوبة لكل ظرف من الظروف . لذلك يلجأ الأفراد إلى خدمات المستشارين لتحليل المواقف ووضع البدائل لحل المشاكل . وبالتالي تفاوت الطلب علي الخدمات الاستشارية حسب تفاوت القطاعات ( التجارة ، الطب القانون ، التربية .... ) ، وأحيانا يلجأ المستشارون إلى الاستشارة من مستشارين غيرهم ، علماً أن الاستفادة من تلك الخدمات الاستشارية تبدو محدودة في وقتنا الحاضر .
تعد الاهتمام بالاستشارة والعمل الجماعي كعناصر رئيسة في نظام التعليم ، فالتشعب المتزايد للأوساط المدرسية والجهود المضنية لأجل الإصلاح التعليمي المدرسي وإعادة الهيكلة شجعت علي العمل الجماعي في المدارس ، فعملية التدريس هي عملية أكبر من كونها مسؤولية متعددة الأبعاد فالمعلمون والعاملون في مجال التربية الخاصة مشاركون في كافة الجوانب المتعلقة بتنمية الطالب ذوى الاحتياج الخاص ( أدرا كياً ، عاطفياً ، اجتماعياً ، صحياً ..... ) حيث أن التدريس يتوقف على التفاعل المكثف بين التربويين وفريق العمل مع الأباء وبقية الأفراد في المنزل والمدرسة والمجتمع .