نساء يروين حوادث تحرش من «الليموزين»
الرياض - أحمد المسيند الحياة - 17/10/08//
ما زال الحديث عن معاناة النساء داخل سيارات الأجرة (الليموزين) مستمراً، إذ لجأ بعض الرجال إليها من أجل الرزق وتحقيق مآرب أخرى، وتحت قبة الليموزين يسهل الوصول إلى النساء كما يتداول، وتشهد المصائب التي يجري فيها نمو متسارع وانتشار مطرد.
بعض من العمالة الأجنبية لم يكتف بابتزاز النساء من الجاليات القريبات منهم، بل تجاوزوا إلى إغراء السعوديات من بوابات سيارات الأجرة، التي تعد المورد الأساس لمثل هذه الجرائم، فتستغل ظروف المجبرة بالركوب ويتم تسويق مشاريع خاطئة تحت غطاء «التاكسي»، ولا يعلم هل ستخف المصائب أم ستزداد مع قيادة المرأة السيارة في المستقبل.
الأمر لا يقف عند سائقي الأجرة، بل يصل إلى المستقدمين من سائقي سيارات، إذ كشفت عدد من النساء قصصاً تؤكد المقولة «من مأمنهم يؤتى الحذر»، فتـــنشر الأرقام وتعرف التفاصيل الشخصـــية وأمـــــاكن بيوت من حيث لا يشعر ولي الأمر وتظل المــرأة تحت نيران الشك من الرجل واتهامها لمن حولها.
بعض مـــن الفتيات والنساء لا ينبسن بأي كلمة ولا يبدين أي شكوى خوفاً من أسرهن فـــي البيوت وهدم مشاريعهن المستقبلية إن كانت موظفـــة أو طالبة، ما أدى إلى اتساع هوة الجرائم وتراكمها.
تروي الفتاة (شريفة. ك) قصتها عندما تعرضت إلى مضايقة من السائق الذي كان يوصلها للجامعة قائلة: «عندما استأجر والدي سيارة بسائق خاص لنقلي إلى الجامعة أنا وابنة الجيران، بدأ أولاً بمغازلتنا بالنظرات وتجاذب أطراف الحديث معنا»، وأشارت إلى أنه (السائق) عرض عليهن التعرف على شباب، بغرض تمضية الوقت، موضحة أن خوفهن من أن يمنع الوالد دراستهن اضطرهن إلى السكوت «خشينا أن يحرمنا الوالد من مواصلة الجامعة، فكان السكوت هو الخيار الذي أمامنا، وبعد حين طلبنا من الوالد تغيير السائق».
من جانبها، تذكر الموظفة نورة قصة مماثلة وقالت: «اضطرت إلى استئجار سائق بسيارته الخاصة لإيصالي إلى عملي وهو من إحدى الجنسيات العربية، فحاول مرات عدة التحرش بها بألفاظ غير لائقة وحركات مشينة، تدل على سوء نيته بها، ما اضطرني في إحدى المرات إلى إيقاف السيارة وضربه بحذائي للدفاع عن نفسي»، ومع ذلك لم تبلغ أحد بذلك حتى ولي أمرها، معللة ذلك بأنه «لا يتفهم الوضع، وربما يتحول الأمر ضدي أو فصلي عن عملي أو الشك بي».
المتزوجة سلمى محمد كانت تعيش في رغد عيش مع زوجها وكانت الثقة متبادلة في ما بينهم، إلى أن تفاجأت برقم يتصل عليها ويحاول استمالتها إليه، وفي حال تمنعها سرد لها المتصل اسمها ومكان بيتها وأسماء أطفالها، ما جعلها تصاب بحيرة من أمرها، حتى تظاهرت بخنوعها، وأثناء الحديث ألحت عليه أن يخبرها من أين أتى برقمها، فأوضح أن سائق بيتها هو من سرب هذه المعلومات عنها.وصفت الاختصاصية الاجتماعية الدكتورة ظلال مداح السائقين في البيوت بـ «وكالة الأنباء المتنقلة»، وسائقوا الأجرة بـ «حلقة وصل بين المناطق» يتجولون في كل مكان، وينقلون أي سيئة أو حسنة من حي لآخر ومن منطقة لأخرى، وأشارت إلى أن خبرتهم كبيرة في كل شيء (الخير والشر)، «إذ تجدهم عارفين لخبايا البلد وأسماء العوائل والبيوت». وأكدت أن «الهدف المادي ليس وحده السبب في لجوئهم لهذه المهنة»، وأن «السواق» وسيلة سهلة للوصول لأي شيء، ورفضت فكرة استقطاب سائق وزوجته حتى لا يتعرف «السائق» على أخبار البيت الداخلية عن طريق زوجته «المزعومة».
ومن جهته، أكد أحد أعضاء هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (أبوعبدالله) أن المرأة التي تلتزم باللباس المحافظ والحجاب الساتر لا يتعرض لها سائقوا اللموزين، وقال: «من خلال خبرتنا في الميدان تبين لنا أن هناك نساء يقمن بإغراء سائقي اللموزين، حيث ذكر لنا أحدهم أن امرأة قالت له: «ودنا لأي مكان تريد أنا طفشانة»، معتبراً أن المرأة هي المسؤولة الأولى عن اعتداء الآخرين عليها، وأن المجرمين لا يتقصون إلا من يلحظ عليها عدم الاحتشام واللبس المثير، كما أنه لم يبرئ السائقين، إذ أشار إلى قيام بعضهم بتظليل السيارة، مدعياً أنه أستر للمرأة، في حين أنه يستغل ذلك لما يريده هو.
وترى الاختصاصية النفسية بدرية صالح أن السكوت عن هذه الجرائم يؤدي إلى الفتك بحرمة المجتمع، ويتنافى مع تعاليم ديننا الحنيف، وقالت: «يوم أن كنت أعمل في أحد المستشفيات الحكومية سابقاً كانت ترد إلى المستشفى الكثير من الحالات التي تكون المرأة والطفل هما ضحية لهذا التحرش الذي غالباً ما يصدر عن الخدم والسائقين الذي لا يجدون أي رادع لأعمالهم ولا رقيب لهم»، متذمرة من عدم تفهم أولياء الأمور وعدم الحوار مع ذويهم ما أدى إلى سكوت الأبناء والنساء عن هذه الجرائم.