سيكولوجية التمكين وتحسين نوعية الحياة - د. محمد السعيد أبو حلاوة

[الصحفي الطائر]

 

سيكولوجية التمكين وتحسين نوعية الحياة

د. محمد السعيد أبو حلاوة

علم النفس الإيجابي نبت جديد في صرح فروع علم النفس المتعارف عليها له وجهته وتوجهه الخاص الذي قد يبرر للبعض اعتباره ثورة على المستقر، على الثابت، على الراسخ في بنية علم النفس، موضوعًا، هدفًا، وقيمة. علم النفس موضوعًا يدرس السلوك وما يقف ورائه من عمليات دافعية، معرفية، فسيولوجية،....0علم النفس هدفًا فهم السلوك وضبطه والتنبؤ به0 وعلم النفس قيمة تخليص الإنسان من كافة صيغ المعاناة والأداء النفسي المختل وظيفيًا. هكذا عرفناه، تعلمناه، اقتنعنا به، دافعنا عنه، ....... ثم اكتشفنا أنه حطم كل ما فينا، أظهر كل ما فينا من عورات، مسالب، نقائص، اكتشفنا معه صورة بشعة للإنسان فينا، عدوان وجنس، غيرة وحقد، عجز ويأس، اكتئاب وتشاؤم، سلبية وخنوع، عبودية واستسلام، زيف وخديعة، غاية تبرر الوسيلة، آلة رادة للفعل سلبية يمكن أن نفعل بها ما نشاء فقط سيطر على البيئة التي تتحرك فيها، .... لتقتنع بهذه الصورة راجع فقط الافتراضات ونقاط الانطلاق التي توجه رؤى ما يسمى المدارس الكبرى في علم النفس: التحليل النفسي الكلاسيكي ستجد أن الأصل في الإنسان عدوان وجنس وزيف، الحضارة قهرُ، والدين وهم وعُصاب، التحليل النفسي غير الكلاسيكي: الإنسان نقص، عقدة الإحساس بالدونية، التحرك ضد الناس، التحرك مع الناس، والتحرك بعيدًا عن الناس، عُصاب القدر، أزمات النمو النفسي. فإذا توجهت إلى المدرسة السلوكية بكافة صيغها الكلاسيكية والإجرائية تجد تأصيل لعبودية الإنسان لظرفه، لسياقه، بل للآخر. وعرج معي على الموجة الثالثة في علم النفس، علم النفس الإنساني ستجد فقط فلسفة جميلة إيجابية جدًا بلغة تبهرك، تبكيك طربًا، لكن تتركك كمن نزل البحر وخرج عطشانًا. إذن محقون من قالوا أن علم النفس بصيغته التي تربينا عليها لا أمل زرع ولا قيمة حصد. في سياق هذا الفهم واتتني فرصة ذهبية جاءت كرمية من غير رام صادفت في الحقيقة بناء نفسيًا عقليًا متحفظًا على كل ما طالع وقرأ في مجال علم النفس على الرغم من روعة وقيمة الكثير مما فيه نتيجة تصفحي للقضايا الجديدة في علم النفس على شبكة المعلومات العالمية فوجدت عناوين كثيرة تحمل هكذا مباشرة عناوين من قبيل " علم النفس الإيجابي " " ثقافة التمكين النفسي " " التربية السيكولوجية " " علم النفس الإيجابي، علم السعادة ومكامن القوة لدى البشر " ..... من هنا بدأت مشروع قراءة مكثفة في هذا المجال تركيزًا على كافة الموضوعات التي تمس بصورة مباشرة أفضل ما في الإنسان من سجايا وفضائل، فكانت هذه السلسلة التي آمل بها ومعها على الأقل رمى حجر في بحيرة علم النفس كما نتعاطاه في بيئتنا العربية علنا نتلمس كل ما هو حق، خير، وجمال.

وضبط إيقاع اختيار موضوعات هذه السلسلة عدة محكات منها:-

• أن يكون الموضوع مكونًا أصيلاً في بنية علم النفس الإيجابي.
• أن يكون الموضوع من تأليف من هم جديرون بحق بأن يسقط عليهم رواد حركة علم النفس الإيجابي.
• التسلسل المنطقي للموضوعات بحيث يبنى كل موضوع على ما سبقه ويمهد لما يليه.
• أن يفتح كل موضوع قضايا بحثية ذات علاقة مباشرة بمجال علم النفس الإيجابي.

وبناء عليه كان الموضوع الأول لهذه السلسلة بعنوان " علم النفس الإيجابي، الوقاية الإيجابية، والعلاج النفسي الإيجابي " للمؤسس الأول لحركة علم النفس الإيجابي مارتين سليجمان أستاذ علم النفس بجامعة بنسلفانيا ورائد دراسات وبحوث العجز المتعلم، الكفاءة المتعلمة، والتفاؤل المتعلم. وقد تناول فيه بإيجاز شديد وكافٍ في نفس الوقت فكرة علم النفس الإيجابي وهدفه ودلالاته في سياق المقارنة الضمنية الموجزة بينه وبين علم النفس التقليدي السائد.

هذا وبالله التوفيق ومنه جل شأنه العون والسداد