معوق ... ومعوقة (1 من 2)
سوزان المشهدي الحياة - 28/05/08//
وأن يكون لهم دورة مياه خاصة يمكنهم استخدامها بسهولة، وأن تسمح الجامعات لهم بالخروج من أقرب بوابة إلي كلياتهم، وأن تكون هناك مستخدمات مهمتهن الوحيدة مساعدتهم في التنقل والتصوير، وفي لبس العباءة وغيرها.
راسلتني إحدى الطالبات التي سأنقل قصتها كاملة بكلماتها الخاصة عن مواقف حدثت لها ينبغي التوقف عندها كثيراً، وأهمها بأنها كانت تعاني من إصابة في أحد ساقيها وكانت تسير بمساعدة عكازين طبيين واضطرت يوماً ما لاستخدام دورة المياه فطلبت مساعدة الطالبات فتخوفن من مساعدتها، فتوجهت لطلب المساعدة من إحدى الإداريات وطلبت منها أن توجه إحدى المستخدمات لمساعدتها لأن إحدى يديها أيضا كانت مصابة، فرفضت الإدارية بشدة وتلفظت بكلمات معناها «لماذا لا تجلسين في منزلكم وتريحينا»؟
دخلت الفتاة مضطرة بمفردها إلى دورة المياه التي وجدتها مبتلة كالعادة فسقطت وأصيبت بكسر في الحوض والمزيد من المضاعفات في ساقها المصابة أصلاً، وتحولت إلى معوقة رسمياً بسبب عدم تجهيز دورات مياه مزودة بأعمدة تمكنهن من قضاء حاجتهن من دون الحاجة إلى مساعدة من أحد، وثانياً بسبب عدم الوعي بأهمية مساعدة من هن بمثل حالتها، خصوصاً في موقف إنساني ضروري ومُلح!
وتم تسفيرها إلى ألمانيا ومن هناك بعثت لي برسالة مختصرة تحتوي على الكثير وختمتها قائلة: «أليوم أشعر أنني إنسانة إذ تصطحبني الممرضة للتسوق في باصات عامة، وأتصرف كأي إنسانة عادية، فكل شيء مهيأ لي، حتى الناس يتعاملون معي من دون نظرات الشفقة، فعلاً ألمانيا بلد احترام وخدمة المعوقين والمعوقات.
كانت فكرة تجربة الكرسي عملية جداً، ولكنها للأسف بقيت فكرة ذات نجاح محدود، فمعظم الشوارع عندنا كما هي، والأماكن المخصصة للمعوقين «محتلة» من الأصحاء وسياراتهم من دون غرامات، وحتى العلامات التي يفترض أن توضع بوضوح على السيارات التي يقودها أو يٌنقل من خلالها معوق ليست محجوزة لهم كما ينبغي!
كتبت يوماً ما عن مستشفى خاص ضم إلى طاقمه رجلاً على كرسي متحرك ليعمل كرئيس لخدمات المرضى وهو بالفعل أكثر شخص تجده في كل مكان في المستشفى، فالمكان مجهز له ولغيره وكفاءته ونشاطه وفكره وخدماته الجلية وجهوده الجبارة تُعلن عن فكر راقٍ مهيمن على إدارة رائعة تعلم جيداً أن التميز لا يعوقه «كرسي»!