عدنان القاضي
مذكرة1:”نطقت أبرار أوّل كلمة لها في سن تسعة شُهور، وسرعان ما تعلَّمت الكلام، وتحدَّثت بجملٍ طويلة بخلاف أخواتها، وتتسم بالمثابرة والتركيز على موضوع ما لفترة أطول منْ غيرها، تعلَّمت المشي، ركضت بتوازنٍ في وقت مُبكر، كانت دائمة اللعب بأدواتها وألعابها حتى الألعاب الصغيرة التي تحتاج إلى عضلات دقيقة، مثل: ألعاب الخياطة، الكتابة، والتلوين”. (ورد عند عبيدات وعقل، 2007).
مذكرة2:”الطفل السوداني الخارق/ سُمبر2، أكتشف عند عُمر أربع سنوات وشهرين عندما أحرز على معامل ذكاء 168 حسب أدائه في اختبار ستانفورد بينيه، وقد تميَّز الطفل بعدَّة سمات شخصية بارزة منْ بينها: حبّ الاستطلاع، الثقة بالنفس، الخيال، الحساسية المُفرطة، التركيز والمثابرة، الاستقلال والنظام. ومنْ مواهبه: القراءة، الحاسوب، والمعلومات الجغرافية”. (ورد عند الخليفة، 2007).
مذكرة3:”أمينة تتعلَّم بسرعة وسهولة، تختار رفيقاتٍ لها أطفالاً أكبر منها أو راشدات، تتمرَّد على ما يبدو أنَّ ما يطلبه الآخرون منها غير معقول، لديها اهتمام مُبكِّر جداً بكتب الصور، ذاكرتها للقصص مبكرة النضج جداً، كانت تقرأ في البيت للمتعة قبل أنْ تدخل المدرسة، تلعبُ وحدها بألعابٍ من اختراعها منذُ نعومة أظفارها، ولها رفيقات متخيَّلات تعيشه معهُنَّ بعيداً عن الواقع”. (ورد في: العجمي، 2000).
منْ خلال طرح المذكرات أعلاه، تبدو مؤشرات الموهبة لدى جُلّ الأطفال في وقتٍ مُبكِّر، ويُمكننا تأصيل ظاهرة الأطفال الموهوبين أو الخارقين أو المُعجزة كما يحلو للبعض تسميتهم منْ خلال ما ورد في الكتب السماوية وقصص الأنبياء والرُّسل، فمثلاً قصة سيدنا عيسى عليه السلام عندما تكلُّم في المهد صبياً.
تذكر سيلفيا ريم (2003) في هذا الصدد بأنَّ بعض الأطفال الموهوبين يكون بمقدورهم في هذا السنّ المُبكِّر أنْ يُلاحظوا تفاصيل بيئة معينة وأن يلتفتوا إليها في الوقت الذي نجدُ فيه أنَّ كثرين جداً غيرهم منَ الأطفال الآخرين قد لا يقومون حتى بالنظر إليها أو الالتفات إليها، وبالتالي لا تشغل بالهم مُطلقاً منْ قريبٍ أو بعيد، كما أنَّ الأسئلة التي يُثيرها الأطفال الموهوبون تكشف بشكلٍ جليٍّ عنْ عُمق واضح لفهمهم لمختلف الأمور لا يتوافر للأطفال العاديين في مرحلة ما قبل المدرسة.
ومنْ ناحية أخرى، فإنَّنا قد نجد الأطفال الموهوبين أيضاً يُظهرون كثيراً منَ الحساسية غير العادية إذ قد يتعلَّمون بعض الحروف والأعداد والألوان والأشكال بقدرٍ كبيرٍ منَ السرعة والاهتمام.
ويذكر القريطي (2005) بأنَّه ينبغي تجميع قدرٍ وافٍ منَ السلوكات عنِ الطفل الموهوب كي نستيقن منْ وجود مؤشرات الموهبة، وتتحدد المعلومات الأساسية في: اهتماماته وميوله، تفضيلاته الشخصية وهواياته المحببة إلى نفسه، النشاطات التي يُزاولها في وقت الفراغ، الكتب والمجلات التي تجذبه وينغمسُ في قراءتها، علاقاته الاجتماعية في محيط الأسرة والمدرسة والمجتمع، الأنشطة المفضلة لديه عندما يكون بمفرده، الانجازات غير العادية له في الماضي والحاضر، والمشكلات والاحتياجات الخاصة به.
وفي موضوع الموهبة هنا تساؤلات عدَّة تحتاج إلى بسط أكاديمي (علم نفس الموهبة) لا يكفي تناولها في مقالة علمية، ومنها: هل الموهبة فطرية بحتة تصنعها الجينات والكروموزومات المتنقلة منَ منْ كلا الوالديْن للطفل؟ أو نتاج موهبة حقيقية منْ أحد الوالديْن و/ أو كليهما؟ أو التقاليد الأسرية المتمثلة في التربية الصارمة والبيئة التعليمية الثرية والتدعيمات المحفزة؟ ويُمكنُ القولَ بأنَّ كلّ ما طُرح منْ تساؤلات مُجتمعة له علاقة بزرع بذور الموهبة، ولكن لكلِّ طرف نسبة يؤثر بها على الطفل محل الاهتمام والدراسة.
وعليه كما ذكر مُختار (2005) أنْ تهيَّأ للطفل قبل دخوله رياض الأطفال أو المدرسة الفرص التعليمية والمواقف التربوية لمعرفة أوجه العلوم المتعددة، الأمر الذي يُساعده على كشف ميوله ومواهبه، حيثُ يكون الطفل بحاجة إلى جوٍ يستثيره، ليتبيَّن الإبداع، ويكشفُ استعداداته ونشاطاته المختلفة.
ختاماً، نحنُ مُطالبون كأولياء أمور عموماً للتعامل السليم معَ أطفالنا، ويسرُّنا أنْ نضع مجموعة منَ الإرشادات الرئيسة لا نشك في قدرتنا على تفعيلها على الواقع، وهي:
· تقبُّل الأطفال.
· الاستماع إليهم.
· حلّ النزاعات معهم.
· إشراكهم في القرار.
· إحساسهم بالكمال.
· الرعاية الوالدية منْ خلال أسلوب موحَّد.
· ملاحظة تصرّفاتهم بشيءٍ منَ البصيرة والفهم، ومقارنتهم بأقرانهم في السنّ منْ حيثُ الطلاقة اللغوية، وحُسن التصرُّف في المواقف المختلفة.
· القراءة المُعمَّقة والاطلاع المُستمر عنْ طبيعة الطفل الموهوب، خصائصه، وأساليب الكشف عنه ورعايته.
· تشجيع وتطوير ميول الطفل وقدراته.
· ضبط القلق والحرص، وتقنين الحِماية الزائدة للطفل.
· لكي تجد طفلاً موهوباً حسبُك أنْ تؤمن بذلك، وترغب رغبةً حقيقية في اكتشافه.
· اختيار الروضة التي سوف يلتحق بها الطفل بعناية، عنْ طريق زيارتها والاطلاع على مناهجها وتفقدُّ مرافقها.
· إتاحة الفرص للكفل بأنْ يبدي رأيه فيما يتعلَّق بشئونه الخاصة في جو ديمقراطي.