#1  
قديم 04-06-2013, 12:19 AM
الصورة الرمزية الصحفي الطائر
الصحفي الطائر الصحفي الطائر غير متواجد حالياً
عضو ذهبي
 
تاريخ التسجيل: Mar 2008
المشاركات: 3,060
افتراضي دعوة لتأصيل علم النفس الإيجابي من منظور قيمي إسلامي - د. محمد السعيد أبو حلاوة.

 

دعوة لتأصيل علم النفس الإيجابي من منظور قيمي إسلامي

مناشدة عامة : فهل من مجيب




د. محمد السعيد أبو حلاوة.



يفيد أحمد محمد عبد الخالق (2004،ص ص: 183-184) [1]في صدر دراسته عن الصيغة العربية لمقياس الأمل لسنايدر " من الممكن القول بأننا نعيش اليوم في عصر علم النفس الإيجابي، فقد ركز علم النفس كثيرًا ـ خلال تاريخه القصير ـ على الجوانب السلبية لدى الإنسان مثل القلق، والخوف والاكتئاب والعدوان والانحراف والمرض، قبل أن يركز على السعادة والرضا والأمل والتفاؤل والثقة والتوافق ونظائرها من الفضائل الإنسانية الراقية من مثل: الإيثار والشجاعة والأمانة والواجب والمسئولية والبهجة والمثابرة وغيرها،............. تقع بحوث الأمل [والتفاؤل] في قلب علم النفس الإيجابي ".

وعلم النفس الإيجابي أحد أهم الفروع الجديدة لعلم النفس، ويمكن القول بأن ولادته الفعلية تمت بصورة عامة سنة 1998 كنتيجة مباشرة لأعمال مارتن سليجمان وزملائه على وجه الخصوص التي ابتدأت بدراسة ظاهرة ما يعرف بالعجز المتعلم وتجاوزتها إلى التعامل البحثي النشط مع قضايا تعلم الكفاءة والتفاؤل، لتتالى بعد ذلك الجهود العلمية لبلورة علم النفس الإيجابي في شكله الحالي الذي وإن كان يدعى البعض تمام تبلوره وبالتالي التوجه العلمي إلى ترجمة دلالاته ومضامينه التطبيقية إلى برامج تدخل وقائي وتنموي تتعامل مع مناطق التميز والقوة لدى البشر تنمية وتعزيزًا، إلا أننا نظن أن أمام علم النفس الإيجابي مسار طويل وطويل جدًا في الواقع ليتلخص أولاً من الصياغات والرؤى الفلسفية الجدلية عقيمة الفائدة وللتخلص مما يصح تسميته تمشيًا مع مصطلحات آلان كار الأوهام والخدع السلبية التي تمتلئ بها صفحات الكتب التي يحمل عنوانها زورًا وبهتانًا مسمى علم النفس الإيجابي.


[1] أحمد محمد عبد الخالق (2004). الصيغة العربية لمقياس سنايدر للأمل. دراسات نفسية، المجلد الرابع عشر، العدد الثاني، أبريل، 2004، تصدرها رابطة الأخصائيين النفسيين المصرية (رانم). (ص، ص: 183-192).

وتأتي الدعوة لتأصيل علم نفس إيجابي عربي الوجه قيمي الإطار حتى لا يستغله نفر من المتاجرين بالعلم المروجون للوهم ويكفينا للتدليل على ذلك ما فعله دانيال جولمان بمجال الذكاء الانفعالي منذ سنة 1995، وما نسمعه ونشاهده اليوم من برامج وعروض تليفزيونية تعتمد على دغدغة مشاعر البشر واللعب بعقولهم ووجدانهم بأداء بهلواني ينتظم تحت عناوين براقة لها جاذبية شديدة مثل كيف تصبح قائدًا فعالاً في خمس جلسات! كيف تدير ذاتك بفعالية مطلقة! استرخ وتنفس بعمق وانطلق معانقًا الحياة تفتح لك أبواب السعادة! على الرغم من أن أبواب السعادة غير موجودة أصلاً!! وأنا أتساءل أصلاً من تخاطب مثل هذه النوعية من البرامج؟ وما مدى تأثيرها إن كان لها تأثير أصلا؟! قد نعجب بها لدرجة البكاء والحلف بأوثق الأيمان على تغيير الحال وبعد هنيهة تعود ريمة لعاداتها القديمة. هكذا حالنا يقينًا مع الكثير من العناوين والكتابات مهندمة الشكل مبتذلة المضمون في مجال ما يسمى في الوقت الحالي بعلم النفس الإيجابي [1].
ولا نعدم على أية حال الكثير من الإرهاصات الأولية في الكتابات العربية الجادة التي ولجت هكذا بتلقائية سلسة بدون افتعال صخب أو ضجة قلب ما يسميه المتخصصون مجال علم النفس الإيجابي قبل أن يولد هذا الفرع العلمي أصلاً. إذ يستطيع أي قارئ باحث منصف أن يتلمس إشارات صريحة في كتابات أديب علماء النفس وعالم النفس الأديب سيد أحمد عثمان خاصة في المسئولية الاجتماعية، الشخصية المسلمة، .....، وتتويجها بفكرة الرجاء التي آمل أن يكتمل هيكلها العام، وفيما أدعي تحمل هذه الفكرة " الرجاء " دلالات ومضامين إنسانية أكثر عمقًا وأرحب فضاءً من فكرة الأمل والتفاؤل التي ؛لارتكازها على أسس دينية تخاطب العقل، وتحرك الوجدان، وتدفع إلى السلوك.
ثم ألح طلعت منصور في ورقة نظرية بالغة الدلالة بعنوان " الشخصية السوية " نشرت بأحد أعداد مجلة عالم الفكر (1985) على ضرورة تحول علم النفس من التركيز على دراسة صيغ الخلل والقصور والاضطرابات إلى دراسة كافة الأبعاد ومكامن القوة الإيجابية لدى البشر ووصف بشكل عام مواصفات الشخصية السوية بما يجسد الكثير من القضايا التي تدرس في مجال علم النفس الإيجابي في الوقت الحالي.
وإذا عرجنا على مدرسة علم النفس بآداب القاهرة لوجدنا اهتمامًا مبكرًا بالإبداع والصحة النفسية، ارتقاء القيم، سيكولوجية الصداقة، الضحك والفكاهة والمرح، المثابرة، سيكولوجية الحل الإبداعي للمشكلات والكثير من الموضوعات التي تدخل في إطار اهتمام علم النفس الإيجابي بصورته الحالية.



[1] راجع إن شئت سلسلة كتابات دكتور إبراهيم الفقي بدءًا من البرمجة اللغوية العصبية وفن الاتصال اللامحدود، وغيرها.


كما لا ينسي فضل ما يصح تسميته بمدرسة أحمد عبد الخالق وتلاميذه في هذا المجال وسلسلة دراساتهم الممتعة عن التفاؤل والتشاؤم. ناهيك عن بعض الاجتهادات البحثية الفردية للبعض من شباب الباحثين في علم النفس مثل الفرحاتي السيد محمود في عملين هامين في المجال الأول: سيكولوجية العجز المتعلم: مفاهيم، نظريات، تطبيقات. والثاني: سيكولوجية تحصين الأطفال ضد العجز المتعلم " رؤية معرفية"؛ ومحمد الفنجري في أحد الأعمال العربية التي تحمل مباشرة عنوان علم النفس الإيجابي وسيكولوجية السعادة.
ويمكن الادعاء بأن التوفيق بين كل هذه الإرهاصات الأولية وتأسيها على أرضية العمق الحضاري للثقافة العربية في المجال خاصة أعمال بن حزم الظاهري " طوق الحمامة مثلاً " وغيره ثم عقلنتها بالتوجه الديني الذي يجعل الإيمان قرينة الرجاء والكفر قرينة القنوط واليأس والتمثيل لها بسيرة سيد الخلق المصطفي صلى الله عليه وسلم فكرًا وانفعالاً وسلوكًا أن نؤسس لعلم نفس إيجابي عربي الهندام والمضمون يحمل ملامح بنيوية نظرية أصيلة وله في الوقت نفسه فنيات وإجراءات تطبيقية تسقط على ظواهر أو قضايا خاصة بنا.
وتأسيسًا على ما تقدم أظن أن العمل الجاد في مسار التأصيل العربي والإسلامي لعلم النفس الإيجابي خطوة في الاتجاه الصحيح نحو هذه الغاية الحميدة التي تستأهل أن تستغرق الحياة العلمية لفريق عمل يؤمه أساتذة علماء النفس الأجلاء ذوي التوجه الإنساني بصفة خاصة في مصر والدول العربية وكثير ما هم .
ويسعدني أن أرفق لأساتذتي الأجلاء مقدمة سلسلة علم النفس الإيجابي في صيغته الغربية؛ عليها تستدعي فينا همة النهوض وبالبناء في هذا الاتجاه ارتكازًا على منظومتنا القيمية وخصوصية الحالة العربية المعاصرة من حيث قضاياها وأحداثها.
مع أسمى آيات المنى وأرق تحياتي

 

__________________
رد مع اقتباس
 


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 المكتبة العلمية | المنتدى | دليل المواقع المقالات | ندوات ومؤتمرات | المجلات | دليل الخدمات | الصلب المشقوق وعيوب العمود الفقري | التوحد وطيف التوحد  | متلازمة داون | العوق الفكري | الشلل الدماغي | الصرع والتشنج | السمع والتخاطب | الاستشارات | صحة الوليد | صحة الطفل | أمراض الأطفال | سلوكيات الطفل | مشاكل النوم | الـربـو | الحساسية | أمراض الدم | التدخل المبكر | الشفة الارنبية وشق الحنك | السكري لدى الأطفال | فرط الحركة وقلة النشاط | التبول الليلي اللاإرادي | صعوبات التعلم | العوق الحركي | العوق البصري | الدمج التربوي | المتلازمات | الإرشاد الأسري | امراض الروماتيزم | الصلب المشقوق | القدم السكرية



الساعة الآن 10:03 PM.