المعاقون بموريتانيا.. حرمان من الحق في الحياة
نواكشوط - سكينة أصنيب
يعاني المعاقون في موريتانيا من تمييز اجتماعي يحرمهم من العمل والدراسة وممارسة الحياة الاجتماعية، في وقت ينادي فيه المهتمون بالقضية بتشجيع ودعم هذه الفئة ومنحها الامتيازات التي تستحقها.
وتعمد أغلب الأسر الموريتانية إلى تهميش أبنائها من ذوي الاحتياجات الخاصة وإخفائهم عن المجتمع، تجناً للنظرة القاسية تجاههم، أو خوفاً من استغلالهم أو التعرض لمواقف محرجة بسبب حالاتهم، بينما تتقاعس الجهات الرسمية عن مساعدتهم.
ويطالب العديد من ذوي الاحتياجات الخاصة بدمجهم في الحياة من خلال مشاريع تنموية يستطيعون من خلالها المساهمة في إعالة أنفسهم وتنمية مجتمعهم، ويؤكدون أنهم يعانون من تهميش تام وحرمان من الوظائف الحكومية.
وكانت عدة أبحاث متخصصة قد حذرت من الاستمرار في تهميش المعاقين ودفعهم إلى حياة الاستجداء والحرمان في الوقت الذي ترتفع فيه نسبتهم في المجتمع.
التبليغ عن إهانة المعاق
ويعيش المعاقون في موريتانيا حياة على الهامش ولا يستفيدون من البرامج العامة المنفذة لصالح السكان والأخرى الخاصة بهم، حيث تعمد أغلب العوائل إلى تهميشهم، وإبعادهم عن الحياة الاجتماعية أو إخفائهم عن المجتمع.
ويقول الباحث محمود ولد لمرابط لـ"العربية.نت" إنه بالرغم من "تشبث المجتمع الموريتاني عامة بمبدأ التكافل الاجتماعي والأخلاق الدينية، فإن تهميش المعاقين وحرمانهم من المشاركة في الحياة الاجتماعية يناقض ذلك. ويمكن تفسيره بأنه نوع من الخجل من الإعاقة والجهل بحقوق المعاق وقدرته على إفادة مجتمعه".
ويضيف ولد لمرابط أن "أغلب الأسر ترفض مشاركة المعاق في أنشطتها وتفضل تهميشه وأخرى ترمي به إلى حياة التسول والحرمان والتهميش، بينما بعض الأسر تفضل إيداعه لدى أقاربها في القرى النائية".
ويطالب الباحث بمساءلة هذه الأسر عما تلحقه بأبنائها المعاقين، ويقول إنه من باب المسؤولية الاجتماعية يجب أن يتم التبليغ عن أي تقصير أو تعنيف أو إهمال في حق المعاق، ويدعو الجمعيات المهتمة بذوي الاحتياجات الخاصة إلى تسليط الضوء على هذه النقطة وكشف المستور في التعامل مع المعاقين والدفاع بقوة عن حقوق هذه الفئة.
ويعتبر المتحدث أن صدمة الأهل عند اكتشاف حالة الإعاقة هي السبب الرئيسي في تهميش المعاق، لأنهم في ذلك الوقت غير قادرين على التفكير السليم ويعمدون إلى إخفاء وتهميش المعاق، قبل أن يصبح هذا السلوك اعتيادياً يطغى على تعاملهم مع حياة المعاق، لذا فإنهم بحاجة في المرحلة الأولى لمن يدلهم على الطريقة التي يمكنهم استخدامها لمساعدة ابنهم.
ويرى ولد لمرابط أن إرشاد الأسر ومساعدتها وتعريفها بالخيارات الطبية والعلاجية والتربوية والاجتماعية المتوفرة أفضل طريقة لمنع تهميش المعاق، إضافة إلى توعية المجتمع بحقيقة الإعاقة والنتائج السلبية للقسوة على المعاق وأسرته خاصة.
المرأة المعاقة مهمشة أكثر من الرجل
وتقدر نسبة المعاقين في موريتانيا بنحو 7% وتمثل النساء الغالبية العظمى من هذه النسبة، وتعيش المرأة المعاقة تحديات أكثر من الرجل المعاق، وتحظى بفرص أقل منه في التعليم والوظيفة والزواج والاستقلال المالي، كما أنها أكثر عرضة للتهميش والعزلة من الرجل المعاق، فأغلب الأسر تفضل إخفاء المعاقة حتى لا تؤثر على باقي أفراد الأسرة في الزواج.
وتتعرض المرأة المعاقة أكثر للإساءة بجميع أشكالها الجسدية والجنسية والعاطفية والنفسية مقارنة بالرجل المعاق، ونادراً ما يتم النظر إليها للزواج، وتؤثر هذه العزلة على النساء المعاقات بشكل كبير وتزيد من حدة مرضهن النفسي والعضوي.