متلازمة داون: معدل الأطفال المصابين به في الإمارات ضعف المعدل العالمي
مروة كريدية
تشير الإحصائيات العالمية إلى أن طفل من بين كل ألف طفل يولد طبيعياً يصاب بمتلازمة داون، في وقت بينت أن معدل ميلاد الحالات الحية من ذوي متلازمة داون في الإمارات وصل إلى نحو الضعف، حيث أظهرت أن 1 من كل 439 طفلاً يحيا بالمتلازمة مقارنة بالرقم العالمي، بينما يعاني هؤلاء الاشخاص نظرة المجتمع الخاطئة إليهم، فيما تسعى بعض الدول إلى دمجهم في المؤسسات العامة.
80 % من أطفال متلازمة الداون يولدون لأمهات لا تتجاوز أعمارهن 35 سنة، وتزداد هذه النسبة مع تقدم الأم في العمر، لتصبح النسبة طفلاً مصاباً بالداون من بين كل خمسين طفلاً، إذا تجاوز عمر الأم 45 سنة، كما إن إنجاب طفل مصاب يزيد من احتمال إنجاب طفل آخر يعاني المرض نفسه.
وتعتبر متلازمة داون، التي تعرف بين الناس بـ"المنغولية" من أكثر الظواهر انتشاراً في العالم، وهي عبارة عن زيادة في عدد المورثات الصبغية عند الشخص المصاب بمتلازمة داون، بحيث يكون إجمالي المورثات الصبغية لدى الشخص 47 مورثاً، بينما يكون العدد الطبيعي للشخص العادي هو 46 مورثاً.
وتوصل العلم إلى بعض أسباب زيادة هذا المورث الصبغي الذي يؤدي إلى تثلث الصبغية 21 المعروفة بمتلازمة داون. أما تسمية هذه الظاهرة بمتلازمة داون فتعود إلى العالم البريطاني جون لانجدون داون، الذي وصفها وصفًا دقيقًا في عام 1866م.
الأشخاص المصابون بمتلازمة داون يتميزون بهذه الصفات الجسدية أو بعضها: صغر غير طبيعي في الذقن وميلان عرضي في شق العين مع جلد زائد في الزاوية الداخلية لها يسمى طية علاية الموق، وتعرف أيضًا بالطية المنغولية، وضعف في تناغم العضلات، وتسطح في جسر الأنف، وطية واحدة فقط في راحة الكف، وبروز في اللسان، وذلك بسبب صغر تجويف الفم وتضخم اللسان، مما يجعله قريبًا من اللوزتين في الحلق، وقصر في الرقبة، ووجود بقع بيضاء في قزحية العين تعرف ببقع برشفيلد، وارتخاء وتهاون مفرط في المفاصل، يتضمن ارتخاء وعدم استقرار في المفصل القهقي المحوري، وعيوب خلقية في تكوين القلب، وكبر في المسافة بين إصبع القدم الكبير والذي يليه، وشق وتقلص وحيد في الأصبع الخامس، وعدد أكبر من تعرجات البصمة في اليد.
غالبية الأشخاص المصابين بمتلازمة داون لديهم تأخر عقلي، ويتراوح بين الخفيف بمعدل ذكاء (IQ 50–70) والمتوسط (IQ 35–50) عادة ما يزيد معدل ذكاء الأفراد الذين يعانون المنغولية الفسيفسائية بين 10–30 نقطة أعلى، إضافة إلى ذلك فإن الأشخاص الذين يعانون المنغولية قد تحدث لهم تغيرات خطرة وغير طبيعية تؤثر على أجهزة الجسم، كما قد تكون لديهم رأس واسعة ووجه مستدير جدًا أو يتميزون بالصلع.
طبياً، فإن النتائج المترتبة على الزيادة غير الطبيعية في الجينات (المادة الوراثية) في متلازمة داون كبيرة ومختلفة جدًا وقد تؤثر على أي وظائف الجسم وأجهزته أو طريقة عمله. والتعامل الصحيح مع المرض يتضمن الإحاطة والاستعداد لمنع أي تأثير سلبي، كما يتضمن الإدراك لكل المشاكل والتعقيدات التي تنتج من الاضطراب الجيني، والتحكم والقدرة على إدارة الأعراض المصاحبة، ومساعدة الشخص المصاب وعائلته للتأقلم والنجاح في تخطي كل الصعوبات المتعلقة بالعجز المرافق للحالة الصحية.
الاختلاف الكبير في أعراض هذا المرض التي تظهر على الأشخاص ما هو إلا نتيجة تفاعل معقد بين البيئة والجينات، حيث تنتج متلازمة داون من مشاكل مختلفة عدة في الجينات. ولا يمكننا الكشف أو توقع الأعراض المصاحبة للأشخاص المصابون بالمنغولية قبل ولادتهم. بعض الأعراض قد تظهر عند الولادة، مثل التشوهات الخلقية في تكوين القلب، والبعض الآخر يظهر مع مرور الوقت مثل داء الصرع.
وهناك ثلاثة أنواع أساسية من متلازمة داون، النوع الأول الثلاثي “21”، ويشكل 95% من متلازمة داون، النوع الثاني، ويطلق عليه اسم الانتقال، ويعني به التصاق مورث زائد زوج من المورثات، ويشكل 4%، النوع الثالث، موزيبك ويشكل 1%.
ويعاني أطفال الداون مجموعة من المشكلات الصحية، أهمها زيادة الوزن الناتج بشكل أساسي من ارتخاء العضلات المصحوب بتأخر المشي وقلة الحركة، وتشوهات في الجهاز الهضمي، عادة ما تكون عند الولادة، إضافة إلى إصابات الحبل الشوكي، ونقص عمل الغدة الدرقية، ويعاني 50% من هؤلاء الأطفال وجود عيوب خلقية في القلب.
الإمارات تسعى إلى دمج المصابين بالمدارس العادية
تسعى دولة الإمارات إلى دمج المصابين بهذه الإعاقة من الأطفال بالمدارس العادية، بينما كشفت إيمان جاد المديرة التنفيذية لجمعية الإمارات لمتلازمة داون، أن معدل الإصابة بمتلازمة داون في الإمارات هو ضعف المعدل العالمي.
وفي ورشة عمل عقدتها مؤسسة الإمارات للنفع الاجتماعي بالتعاون مع جمعية الإمارات لمتلازمة داون في الأسبوع الماضي، استعرضت جاد، خلال نتائج دراستها التقويمية، التي شملت نحو 7000 طالب من المواطنين في 70 مدرسة في أنحاء الدولة كافة، من الفئات العمرية بين عمر 13 وحتى 18 عاماً، واستخلصت منها أن هذه الشريحة تعاني مفاهيم مغلوطة حول الأطفال من ذوي الإعاقة.
الدراسة التي أجرتها جاد، أكدت أن دمج المصابين بمتلازمة داون يؤدي إلى تغيير النظرة السلبية للمجتمع، ويساهم حتمًا في التخفيف من حدة التمييز الذي يتعرض له ذوو الإعاقة العقلية، وأن دمج هذه الفئة من المجتمع في المدارس النظامية يساعد على تطور حالاتهم للأفضل.
وقالت إن هذا البحث كشف عن أهمية التواصل المباشر بين ذوي الإعاقة وغيرهم، ودوره في التقليل من النظرة الفوقية التي يمارسها المجتمع عليهم، وتهيئة المدارس لاستقبال طلاب لديهم هذا النوع من الإعاقة.
وكانت وزارة الشؤون الاجتماعية الإماراتية قد أكدت في الأسبوع الماضي على لسان وفاء سليمان مديرة رعاية تأهيل المعوقين على حرصها الشديد على دراسة الظواهر الاجتماعية كافة، الخاصة بالإعاقة في المجتمع الإماراتي، وأنها تقوم بشكل مستمر، وفق خطة قامت بها إدارة رعاية وتأهيل المعاقين بوضعها بعناية، بتنفيذ مجموعة من الدراسات البحثية حول الظواهر الخاصة بها، وأشارت إلى "أن هناك تزايداً في عدد حالات الأشخاص من ذوي متلازمة داون".
وأوضحت أن إدارة رعاية وتأهيل المعاقين بدأت في تصميم أداة الدراسة وتوزيعها على المستهدفين في مراكز المعاقين في الدولة، حيث تهدف الوصول إلى المعلومات والحقائق الخاصة بهذه الإعاقة، إضافة إلى معرفة العلاقة بين ميلاد طفل من متلازمة داون وعمر الأم، وكذلك الظروف الاجتماعية والثقافية والتعليمية، التي يعيشها هؤلاء الأطفال .
الجدير ذكره أن البنية التشريعية في دولة الامارات تتضمن دمج الأطفال والأشخاص ذوي الإعاقة أو المصابين بمتلازمة داون في المجتمع من خلال التعليم في المدارس من خلال مرسوم رئيس الدولة والقانون 29 لعام 2006 والقانون 14 لعام 2009، التي تعطي الحق للأشخاص ذوي الإعاقة العقلية بالمدمج في المدارس، إلا أن التنفيذ لايزال غائبًا إلى حد كبير.