التربية الخاصة وتربية ذوي الاحتياجات التربوية الخاصة
إن المفهوم الرائد "التربية الخاصة" الذي يقع على كل لسان، وبخاصة في الوسط التربوي، أصبح اليوم من المصطلحات غير المحببة التي يفضل استبدالها بالمصطلح "ذوي الاحتياجات التربوية الخاصة". إن التربية الخاصة تفهم على أنها تربية معزولة للأفراد الذين يعانون من تأخر تربوي بسبب إعاقات واضحة، عقلية أو جسدية، في مؤسسات مغلقة كمصحات أو مدارس خاصة، أي خارج التعليم العادي. أما المصطلح الجديد أو المستحدث، فإنه يضم في طياته مجموعة أكبر من الأفراد الذين يعانون من تأخر تربوي لأسباب تتعدى الإعاقات الشائعة، وهذه الأسباب على ما يبدو تمنع تطور الفرد الطبيعي. وهذه المجموعة (ذوو الاحتياجات التربوية الخاصة) تحتاج إلى دعم إضافي من المدرسة التي عليها تبني منهجية تربوية جديدة تساعد في التعامل مع الاحتياجات التربوية للطلاب، سواء في مجال القوى العاملة أم التجهيزات التقنية (ISCED,1997)
ولقد عرف تونبكين وكولاتا (Culatta,2003Tonpkins &) التربية الخاصة على أنها مجموعة من البرامج التربوية المتخصصة والأساليب المنظمة التي تقدَّم للطلاب ذوي الاحتياجات التربوية الخاصة، بهدف مساعدتهم في تنمية قدراتهم إلى أقصى مستوى ممكن، وجلبهم للتكيف العام وتحقيق الذات. وتهدف التربية الخاصة كمجال إلى التعرف على الطلاب من خلال أدوات القياس والتشخيص المناسبة، وإعداد البرامج التربوية والتعليمية المناسبة، مصحوبة بالوسائل التعليمية التي تساعد على التأهيل والتطور.
تعريف الأفراد ذوي الاحتياجات التربوية الخاصة:
هنالك الكثير من المصطلحات التربوية الدارجة في المجتمعات المختلفة التي يقصد من ورائها تحديد فئة الأفراد ذوي الاحتياجات التربوية الخاصة، ومن هذه المصطلحات (التي لا أوافق على استعمالها) مصطلح "غير العاديين"، و"العاجزون"، و"المعوقون"، و "غير الأسوياء"... وغيرها من التسميات السلبية التي لا تعكس إلا الآثار السلبية على الفرد وأسرته؛ لأنها في مكنونها تدل على الضعف والاختلاف السلبي، والأبرز من ذلك الوصمة الاجتماعية بالقصور والعجز، بدل البحث عن الإيجابية والكفاءة في شخصياتهم. وما لا نصل إليه من هذه التسميات السلبية هو تحديد المشكلة التربوية، وبالتالي تحديد الاحتياجات التربوية التي يحتاجها الفرد (القريطي، 2001).
أما التعريف التربوي المذكور في الكثير من الأدبيات، فيتناول الانحراف عن المتوسط العام (والمقصود بالعام هنا المجتمع) الانحراف في القدرات الذهنية، والقدرات الجسدية والحركية، والقدرات الحسية وقدرات الاتصال والتواصل، الأمر الذي يجعل الفرد غير قادر على التكيف مع المتطلبات المدرسية والحياتية وحده، ويحتاج إلى دعم وإلى خدمات تربوية خاصة لتطوير قدراته (الوقفي، 2003).
وإذا ما نظرنا إلى هذا التعريف فسنرى بأنه يستثني فئات أخرى من ذوي الاحتياجات التربوية الخاصة، وهي الفئات التي لا تعاني من أي قصور في القدرات المذكورة أعلاه، ولكن على الرغم من ذلك، فهي تعاني من صعوبات في التأقلم المدرسي والحياتي، ومن هذه الفئات سنجد الموهوبين وذوي الصعوبات التعلمية.
فئات ذوي الاحتياجات التربوية الخاصة:
سأقف الآن عند فئات ذوي الاحتياجات التربوية الخاصة التي تتحدث عنها غالبية المرجعيات الأدبية التي تعتمد المدرسة النفس-تربوية، وهذه الفئات تشمل الإعاقة العقلية، والصعوبات التعليمية، والإعاقة البصرية والسمعية، والإعاقة الجسدية، والاضطرابات اللغوية، والاضطرابات الانفعالية والسلوكية، والموهبة والإبداع:
1- الإعاقة العقلية (التخلف العقلي):
إن التأخر العقلي أو الإعاقة العقلية ناجمة عن ضرر دماغي كبير، سببه إصابة تكون في جهاز الأعصاب المركزي تؤدي إلى تلف الأجزاء المسؤولة عن مهارات التعلم والتفكير وغيرها من المهارات التي يحتاجها الفرد ليتطور وينمو بشكل سليم. وهناك الكثير من التعريفات التي كتبت في القرن الماضي حول مفهوم التخلف العقلي، واخترتُ هنا تعريف الجمعية الأمريكية للتخلف العقلي؛ لأنه يحظى بدعم كبير في الوسط التربوي، وتم تحديثه في العام 1993، وينص على الآتي: "حالة تشير إلى جوانب قصور واضحة في الأداء الوظيفي الحالي للفرد، تتصف بأداء عقلي يقل عن المتوسط، وتصحبه جوانب قصور في مجالين أو أكثر من مجالات المهارات التكيفية التالية: التواصل، العناية بالذات، الحياة المنزلية، المهارات الاجتماعية، استخدام المرافق المجتمعية، توجيه الذات، المهارات الأكاديمية، المهارات المهنية، استغلال أوقات الفراغ، على أن يظهر كل ذلك قبل سن الثامنة عشرة" AAMR,1993
أما الأسباب التي تؤدي إلى الإعاقة العقلية فتقسم إلى نوعين أساسين، وهما العامل الجيني والعوامل المكتسبة. وتتعلق العوامل الجينية بنقل الإعاقة من خلال الوراثة من الآباء إلى الأبناء في حالة وجود حالات إعاقة وراثية في العائلة، أو حدوث خلل في المادة الوراثية (الكروموزومات) أثناء الانقسام الجنسي، أو الإخصاب، أو تكوّن الجنين. أما العوامل المكتسبة، فقد تحدث أثناء الحمل من خلال تعرض الأم الحامل إلى الإصابة بالأمراض المعدية، أو الإصابة المباشرة على الرحم أو تناولها السموم، أو تعرضها للأشعة، أو التعرض إلى المشاكل أثناء الولادة، مثل نقص الأوكسجين، أو التعقيدات في الولادة، ويمكن أن تحدث الإصابة بعد الولادة من خلال تعرض الفرد إلى الحوادث القاسية، وبخاصة على الرأس، والأمراض التي تؤثر على الدماغ.
وتصنف الإعاقة العقلية إلى مستويات تتعلق بأداء الفرد مقارنة مع أبناء جيله، وتحدد هذه المستويات حسب مقياس الذكاء المقنن (ويكسلر)، الذي بموجبه حدد المستوى العام للذكاء، وهو بين الـ85 والـ105، وكل ما هو دون الـ70 يكون من ذوي الإعاقة العقلية، أما من هم بين الـ85 والـ70 فهم فئة بطيئي التعلم (مع تحفظي الخاص على مقياس ويكسلر).
أما المستويات المحددة بناءً على هذا المقياس فهي كالتالي:
· التخلف العقلي البسيط (من 70 – 55)، ويدعون بالقادرين على التعلم؛ لأنهم يملكون القدرة على الاستفادة من البرامج التعليمية المدرسية حتى مستويات متقدمة، لكن يكون تعلمهم وتقدمهم أبطأ بشكل ملحوظ من تقدم طلاب الجيل ذاته، وكذلك فأنهم قادرون على التكيف مع المجتمع ومتطلباته، ويحققون الاستقلالية الاقتصادية والاجتماعية إلى حد كبير، لكنهم يحتاجون إلى التوجيه بين الحين والآخر.
· التخلف المتوسط (من 54- 40)، ويدعون أيضاً بالقادرين على التعلم؛ لأن لديهم القدرة على تعلم مهارات قبل أكاديمية وحتى الأكاديمية الأولى من خلال التعلم المحسوس، كما بإمكانهم التواصل الكلامي مع المحيط، وتعلم المهارات الاجتماعية والعناية بالذات، ولكن من خلال المراقبة والتوجيه الكلامي.
· التخلف العقلي الشديد (من 39- 25)، ويدعون بالقابلين للتدريب؛ لأنهم قادرين على التدرب على المهارات الحياتية اليومية وأساليب رعاية الذات، قدراتهم اللغوية والحركية محدودة، وبالتالي فهم يحتاجون إلى مراقبة وإرشاد لفظي وحتى جسدي دائم.
· التخلف العقلي العميق (ما دون الـ25)، وهم غالباً غير قادرين على التدرب على المهارات الحياتية، ويحتاجون إلى رعاية وإشراف وتحفيز مستمر للحواس لأنهم غالباً يعانون من إعاقات جسدية تحد حركتهم، وذلك يعود إلى الضرر الدماغي الكبير الذي أصاب أجزاء عديدة من الدماغ.
2- الصعوبات التعلمية :
عرفت الجمعية الأمريكية الوطنية للصعوبات التعلمية الصعوبات التعلمية بأنها "اصطلاح عام لمجموعة غير متجانسة من الاضطرابات الملحوظة في واحدة أو أكثر من العمليات العقلية الأساسية، المتضمنة فهم اللغة أو استخدامها شفهياً، أو كتابياً، أو التهجئة، أو الحساب، أو التفكير. ويعود سببها إلى سوء في أداء الجهاز العصبي المركزي، وقد يحدث في مرحلة من مراحل العمر" (TheNationalJointCommitteeOnLearningDisabilities).
وأثبتت الأبحاث أن الإصابة بالصعوبات التعليمية قد تحدث في فترة الحمل نتيجة تعرض الأم للأمراض والأشعة والسموم، أو أثناء الولادة نتيجة نقص في الأوكسجين أو مشاكل في الولادة، أو بعد الولادة، وفي مراحل الحياة نتيجة التعرض إلى حادث أو أمراض تصيب جهاز الأعصاب المركزي للفرد، وتؤدي إلى تلف دماغي صغير.
وتنقسم الصعوبات التعلمية إلى نوعين أساسيين، هما: الصعوبات النمائية، وتتضمن مشاكل الإصغاء، والتركيز، والانتباه، والذاكرة، واللغة، والتفكير، والإدراك الحسي، والإدراك الحسحركي، والصعوبات الأكاديمية التي تتوزع إلى صعوبات القراءة، وصعوبات الكتابة، وصعوبات الحساب.
ما يهم في تعريف الصعوبات التعلمية هو الانتباه إلى أن الطالب الذي يعاني منها هو طالب عادي في قدراته العقلية، لا يعاني من مشاكل في الحواس، ولا يعاني من اضطرابات انفعالية، وغير محروم من المثيرات التعليمية في البيت أو في الصف، وعلى الرغم من ذلك، فانه يفشل في واحدة أو أكثر من المهارات الأكاديمية المطلوبة من أبناء جيله.
3- الإعاقة البصرية :
العين هي المسؤولة عن حاسة البصر، وهي التي تنقل إلى الدماغ المثيرات البصرية التي نشاهدها حتى تتحول إلى رسائل نفهمها بحسب خبراتنا، وتنقسم العين إلى أجزاء عدة مهمة، وهي البؤبؤ الذي يسمح للضوء بالدخول للعين، وحول البؤبؤ هناك القزحية، وهي الجزء الملون من العين، ووظيفتها توسيع أو تضييق البؤبؤ حسب الضوء، والقرنية عبارة عن الغشاء الذي يغطي العين لحمايتها، ثم هنالك العدسة خلف البؤبؤ، ووظيفتها استقبال الأشعة الضوئية وتجميعها لتنقلها إلى القسم الخلفي من العين المسمى الشبكية، بحيث تتكوّن الصورة وتنقل إلى الدماغ.
أما الإعاقة البصرية، فهي حالة من الضعف البصري الشديد الذي يؤثر على الأداء التربوي للفرد بشكل سلبي، وتقسم إلى ثلاثة مستويات، وهي: فقدان النظر الكامل، وقوة الإبصار لا تزيد على 3/60 في العين الأقوى بعد وضع العدسات، وتقلص في مجال الرؤية إلى زاوية تقل عن 20 درجة. وهناك أنواع أخرى من الإعاقات البصرية الشائعة التي تعالج عن طريق العدسات وهي؛ طول النظر، وقصر النظر، وصعوبة تركيز النظر. هذه الحالات أسبابها غالباً تعود إلى إصابة في جهاز الأعصاب المركزي.
قد تصيب الأفراد بعد الولادة أمراض مثل المياه البيضاء، والمياه السوداء، والسكري، وأمراض الشبكية، والتهاب العيون المزمن، وهذه الأمراض تؤدي أيضاً إلى إعاقة بصرية.
الأفراد ذوو الإعاقات البصرية (ضعفاء الإبصار) لا يؤدون المهام التعليمية مثل القراءة والكتابة إلا بمساعدة أجهزة بصرية تعمل على التكبير، أما الكفيف أي الذي يعاني من فقدان كامل للبصر يحتاج إلى طرق بديلة للتعلم معروف منها طريقة برايل، واستعمال الحاسوب المتكلم، وتطوير باقي الحواس، وغيرها.
4- الإعاقة السمعية :
حاسة السمع تعتبر من الوظائف المعقدة والمهمة لدى الكائن الحي، وبخاصة الإنسان، وهذه الوظيفة تقوم فيها الأذن التي تعتبر قناة اتصال بين الفرد والعالم الخارجي. وبشكل عام تقسم الأذن إلى ثلاثة أقسام، وهي؛ الأذن الخارجية، ثم الأذن الوسطى، تليها الأذن الداخلية، ولكل قسم مهمته في عملية التوصيل السمعي فالإذن الخارجية تلتقط الموجات الصوتية وتمررها عبر القناة السمعية إلى الأذن الوسطى التي تعمل من خلال الطبلة، والعظام الثلاث على تكبير وتضخيم الأمواج الصوتية ونقلها إلى الأذن الداخلية، حيث تتحرك الموجات الصوتية في داخل السائل الموجود فيها، وتحفز الشعيرات الحسية التي تحوّل الحركة إلى جهد كهربائي ينتقل بواسطة الألياف العصبية إلى مركز السمع في الدماغ، وهناك يتم تفسير المعلومات وفهمها.
من هنا يمكن أن نستخلص أن أي ضرر أو تلف في أجزاء الأذن المتعددة سيؤثر على القدرة السمعية للفرد. وتقسم الإعاقة السمعية إلى ثلاثة أجزاء، وهي: الإعاقة السمعية التوصيلية، وتكون الإصابة في الأذن الخارجية، أو الوسطى، والإعاقة السمعية العصبية وهي اضطراب في الأذن الداخلية والعصب السمعي، والإعاقة السمعية المركزية التي يكون مصدرها في الدماغ.
هناك عاملان أساسيان يؤثران على تطور اللغة والتعلم عند الفرد المصاب بالإعاقة السمعية، وهما جيل الإصابة بالإعاقة ومدى الخسارة السمعية، فكلما كانت الإصابة في جيل مبكر أكثر، وبخاصة قبل اكتساب اللغة، ستكون هناك صعوبة في اكتساب اللغة بالشكل الكامل والسليم، وكلما كانت حدة الإعاقة أقوى، كان من الصعب تعليم الفرد عن الأصوات واللغة. وبما أن اللغة هي الوسيط في عملية التعلم والتعليم نستنتج أن الأفراد ذوي الإعاقة السمعية قد يعانون من صعوبات في التعليم، وبالتالي يجب تزويدهم ببدائل للتعليم أو مساعدتهم على تحسين أداء الأذن من خلال الأجهزة التي توضع خلف الأذن أو تزرع داخلها.
5- الإعاقة الجسدية :
تعرف الإعاقة الجسدية بأنها قصور وظيفي أو خلل عضوي موضوعي يؤثر على أداء الفرد في ظروف معينة، ويحتاج إلى تدخل علاجي أو حتى تعديلات في البيئة (الوقفي، 2003). وتضم الإعاقات الجسمية قائمة واسعة من الحالات التي تختلف حدتها ونوع التدخل المطلوب لعلاجها، لكنها بالأساس مصنفة إلى إعاقات عصبية وإعاقات عضلية وعظمية، وتحدث الإصابة إما أثناء الحمل وإما أثناء الولادة أو بعدها.
الإعاقات العصبية تعود إلى تلف أو ضرر يحدث في جهاز الأعصاب المركزي والحبل الشوكي، ومن المعروف أن جهاز الأعصاب المركزي هو الأساس في أداء الجسم لوظائفه، وبالتالي الأفراد المصابون بهذا الخلل يعانون من مشاكل وصعوبات في القدرة على التعلم، إضافة إلى المشاكل والاضطرابات الحركية. ومن هذه الإعاقات؛ اضطرابات الإدراك الحركي، واضطرابات اللغة والكلام، واضطرابات تشنجية كالصرع وضمور أو ارتخاء العضلات، والشلل الدماغي، ومشكلات حسية- حركية، والاستسقاء الدماغي والعمود الفقري المفتوح.
أما الإعاقات العضلية العظمية، فهي خلل يصيب الجسم ويؤثر على حركته ووظائفه لأسباب غير عصبية مثل التهاب العظام، وعدم نضوج العظام، وانحناء العمود الفقري، والقدم الملتوية، وخلع الورك، والأطراف المشوهة، والتهاب المفاصل والشفة المفتوحة.
6- الاضطرابات اللغوية :
تعتبر اللغة من الوسائط الأساسية التي يستعملها الإنسان للتعبير عن ذاته وإقامة العلاقات الاجتماعية والتواصل مع الذات والمحيط، وهي أساس لا يمكن الاستغناء عنه في عملية التعلم، فالتعلم مبني بشكل كبير على الخبرات اللغوية والقدرات اللغوية، وأي عيب أو اضطراب في هذا المجال سوف يؤثر بشكل مباشر على التواصل مع البيئة والقدرة على التعلم.
تنقسم الاضطرابات اللغوية إلى عيوب الكلام وعيوب اللغة: عيوب الكلام تضم عيوب الإيقاع، وعيوب النطق وعيوب الصوت. أما عيوب اللغة، فتضم اضطراب التعبير الكلامي الحسي أو الحركي، واضطراب في تخزين اللغة المسموعة، وعيب صدى الصوت، وعيوب الاتصال وصعوبات القراءة والكتابة.
وتعود الأسباب التي تؤدي إلى الاضطرابات اللغوية إلى مشاكل في جهاز الأعصاب المركزي الذي يصاب إما أثناء الحمل، أو أثناء الولادة أو بعدها، أو أسباب متعلقة بالإعاقات الأخرى أو مشاكل وظيفية ونفسية مثل الحرمان البيئي الذي يؤدي إلى عدم اكتساب اللغة بالشكل السليم.
7- الاضطرابات الانفعالية والسلوكية :
إن الاضطرابات الانفعالية والسلوكية تعد من أكثر الاضطرابات المثيرة للجدل، فكانت لوقت ليس ببعيد لا تعتبر من فئات التربية الخاصة، أما في السنوات الأخيرة من القرن الماضي، فتم ضم هذه الفئة إلى فئات ذوي الاحتياجات التربوية الخاصة، لكن على الرغم من ذلك لم يحدد تعريف واضح ومفصل للحالة، ولا حتى مواصفات واضحة أو أسباب واضحة، فقد تكون الأسباب عصبية أو نفسية مكتسبة.
وقد أجملت غالبية التعريفات على عدد من العناصر المشتركة في سلوك ذوي الاضطرابات السلوكية ومنها:
· الانحراف عن مستوى المعايير السائدة.
· الحالة مزمنة ومتكررة.
· تأثير السلوك على التقدير الذاتي والعلاقات الشخصية والتحصيل الأكاديمي.
· يحتاج إلى تربية مختصة.
وتناول كوفمان (1981) التعريف الآتي: "الأطفال المضطربون سلوكياً هم أولئك الذين يستجيبون بشكل ملحوظ ومزمن لبيئاتهم بأساليب غير مقبولة اجتماعياً أو غير مرضية شخصياً، ومع ذلك فإنه يمكن تعليمهم السلوك الأكثر قبولاً من الناحية الاجتماعية وأكثر إشباعاً من الناحية الشخصية ..." (Kauffman,1981).
هناك تصنيفات عدة للاضطرابات الانفعالية والسلوكية أهمها التصنيف على أساس شدة الحالة وترددها، أما التصنيف الأكثر شيوعاً، فهو التصنيف العيادي او الإكليني الذي يتحدث عن حالات محددة ومعرفة، أذكر منها اضطراب القلق أو الارتياب، والاكتئاب، واضطراب بايبولر، واضطراب التركيز والانتباه والحركة الزائدة، واضطراب إدارة الذات، واضطرابات الأكل، وانفصام الشخصية، والتوحد (قد يعتبر أيضا فئة إضافية من فئات ذوي الاحتياجات التربوية الخاصة).
أما أسباب الاضطرابات السلوكية والانفعالية، فتختلف باختلاف المدرسة التي تدرس الحالة فالمدرسة الطبية تعيد الأسباب إلى مشاكل جسدية لها علاقة بالجينات والأنزيمات والاختلالات الدماغية، أما المدرسة النفسية فترى أن الأسباب تعود إلى صحة النفسية، وبخاصة في الطفولة المبكرة والأزمات النفسية الاجتماعية التي يمر بها الفرد خلال حياته، والمدرسة السلوكية تقول إن السلوكيات مكتسبة واضطرابات السلوك سببها تعلم مضطرب من خلال النمذجة. ولعل أفضل هذه التفسيرات وشاملها الذي يعتبر كل الأسباب المذكورة صحيحة وواردة، وبالتالي يسعى إلى الاستفادة من جميع التفسيرات لمصلحة الفرد ومساعدته، وبالتالي يتبع الفرد حسب حالته التدخل الطبي أو الإرشاد النفسي، أو التدخل التربوي والاجتماعي، أو الجمع بين بعضها أو كلها.
8- الموهبة والإبداع :
الموهبة كما الاضطرابات الانفعالية لا تحظى بتعريف واحد محدد، وإنما يختلف الباحثون حولها باختلاف اتجاهاتهم النظرية وخبراتهم العملية. وقد تطورت التفسيرات والتعريفات لهذه المفاهيم في العقود القليلة الماضية مع ازدياد الاهتمام بمجتمع ذوي الاحتياجات التربوية الخاصة، التي تعتبر الموهبة والتفوق إحدى فئاتها.
بشكل عام، يجمع اليوم الباحثون على أن الموهبة تشمل الموهبة العقلية (الذكاء)، والموهبة الإبداعية والانفعالية والاجتماعية والنفسحركية، وتمتاز كمقدرة موروثة، أما التفوق فيشمل التميز في الحقول الأكاديمية، والتقنية، والرياضية، والفنية، والاجتماعية (جروان، 1998).
إن تعدد التعريفات التي جاءت من الحقول المختلفة مثل التربوية والنفسية والسلوكية ساعد في توسع المجال وزيادة الاهتمام فيه، ما طور ونوّع البرامج التربوية وأساليب الكشف عن الطلبة الموهوبين والمتفوقين.
إن الطالب أكان متفوقاً أم موهوباً فهو يحتاج في نهاية الأمر إلى تربية خاصة، وأساليب دراسية خاصة، تساعده على إطلاق العنان لقدراته وتطويرها، وبالتالي، فإن من حقه أن يعتبر من ذوي الاحتياجات التربوية الخاصة.