#1  
قديم 07-22-2010, 01:13 PM
الصورة الرمزية البدوية
البدوية البدوية غير متواجد حالياً
عضو مشارك
 
تاريخ التسجيل: Mar 2008
المشاركات: 68
افتراضي يحـيـي - تأخر في التحصيل الدراسي إضافة إلى قلق واضطراب أمام الأساتذة

 

حـــالـــة : يحـيـي
المؤسســـة: الجامعة اللبنانية – كلية الصحة العامة (الفرع الأول)
إشراف صحي اجتماعي (سنة رابعة)
مقدم الحالــة: الطالبة رنا جعفر

يحيى صبي في العاشرة من عمره، في الصف الرابع الإبتدائي يعيش في أسرة مؤلفة من أب وأم وأربعة أولاد هو الثاني بينهم.
تعرفت على يحيى خلال تدريبي في المدرسة التي يرتادها في العام الدراسي 2002-2003، وكان وقتها يعاني من تأخر في التحصيل الدراسي إضافة إلى قلق واضطراب أمام الأساتذة (يرتجف أمامهم).
من خلال ملاحظته في الصف، لاحظت أنه يخلط بين الأحرف المتشابهة (ح،ج،خ) والصفحات المتشابهة (173،137)، كما أنه يقرأ بصعوبة وعلاماته في الإملاء متدنية، إجاباته الشفهية تنم عن فهمه للموضوع والسؤال إلا أنه يعجز عن التعبير وتركيبه للجمل غالباً ما يكون خاطئاً، ينجز فروضه، يجلس لوحده في الطبقة الأخيرة، يشرد ذهنه أحياناً، وأحياناً يرفع يده ليشارك ولكن المعلمة لا تصبر عليه ليجد كلماته ولا تعطيه الاهتمام اللازم.
وبمقابلة مع والدته، علمت أنه دخل المدرسة في عمر السنتين ونصف، وحتى الثاني إبتدائي كان جيداً، ولكنه رسب في هذا الصف وأعاده، ومنذ ذلك الوقت بدأت مشكلته الدراسية وصار يتأخر، وما زاد المشكلة أن كل معلمة راحت تخبر زميلتها عنه، فوضعت كل المعلمات عليه إشارة بأنه كسول ولا ينجح، وأخذن منه موقفاً بأنه لن يتقدم، حتى أنه مرة عندما نال على مسابقة الرياضيات 15\15 لم تصدقه المعلمة وقالت بأنه نقل عن زميله وأعادت له المسابقة فكانت نتيجته 12\15.
إن المعلمات يهبّطن من معنوياته كثيراً، لذلك فقد ثقته بنفسه وهو يرتجف دوماً أمامهن. أما رفاقه في الصف فهم يسخرون منه وينعتونه بالكسول (أكسل واحد بالصف). أما في الملعب فهو يشارك الأولاد لعب كرة القدم، هوايته المفضلة، وأكثر رفاقه من خارج صفه.
كما نرى، فإن يحيى قد حكم عليه في مدرسته بأنه ولد كسول لا أمل في تقدمه فنال ما نال من عدم التمييز والإهمال والتهميش، دون محاولة، حتى من العاملة الاجتماعية في المدرسة، للبحث عن الأسباب المختلفة التي قد تكون وراء تأخره الدراسي.
هذه حال يحيى في المدرسة، أما في البيت، فهو ولد مختلف تماماً، إجتماعي ومحبوب، جريء ويشارك بالأحاديث، لطيف ومتعاون، ولا يهمل واجباته. وأهله يعون أن لديه مشكلة ما ويحاولون مساعدته، إنهم يعلمون مدى طاقاته ولا يطلبون منه أن يعطي أكثر مما يستطيع.
بناء لما حصلت عليه من معلومات توفرت لدي باللجوء لتقنيات مختلفة من مقابلة وزيارة منزلية وملاحظة ودراسة ملفات، كان هناك شك بأن يحيى يعاني من صعوبة تعلمية في القراءة والكتابة، وللتأكد من هذا الأمر يلزم عرضه على أخصائي ليقوم بإجراء الإختبارات اللازمة.
أما بالنسبة للخوف والقلق الموجودين لديه، فهما ناتجان عن عدم قدرته على أن يعطي أكثر، ومحاولاته الدائمة المتبوعة بفشله المتكرر، المترافق مع عدم تفهم المعلمين وسخرية رفاقه، مما يعطيه انطباعاً بأنه غير قادر على إرضاء نفسه، ولا أهله، ولا أساتذته، مما يسبب له تدنياً لثقته بنفسه مصحوبة بالخوف والقلق.

وهكذا، أخبرت المدرسة والأهل بضرورة عرض يحيى على أخصائي ليكشف عن مشكلته ويضع لها حلولاً. وبالفعل، تم عرض يحيى على أخصائية في علم النفس العيادي أجرت له عدة اختبارات كانت نتيجتها على الشكل التالي:

إختبار الذكاء: أظهر أن يحيى ذو مستوى ذكاء عادي ولكنه يظهر ضعفاً في التركيز على التفاصيل الصغيرة والأشياء المتشابهة.
إختبار الصعوبات التعلمية: أظهر أن يحيى يعاني من صعوبة تعلمية بالغة في القراءة والكتابة والتهجئة (sever dyslexia).
إختبار القلق لدى الأطفال: أظهر نسبة عالية من القلق وتدنياً شديداً في الثقة بالنفس.
في هذا الوقت، كنت قد بدأت العمل مع أهل يحيى ومعلماته فشرحت لهم وضعه، وطلبت من معلماته أن يتأنين في معاملته ويولينه اهتماماً وعطفاَ أكبر في الصف. وكانت خطة العمل على الشكل التالي:

مع المعلمات:

عدم تأنيبه عندما تأتي نتائجه سيئة.
تشجيعه ومكافأته (ولو بالتصفيق) عند النتائج الجيدة.
تكليفه بمهمات صغيرة داخل الصف (عينوه عريفاً للصف لمدة أسبوع).
مع يحيى:

تعزيز ثقته بنفسه من خلال التشجيع والمكافآت.
تنظيم وقت الدرس واللهو ومشاهدة التلفاز بحيث لا تطغى الواحدة على الأخرى.
أن ينام وقد أنهى جميع دروسه وليس خائفاً من الذهاب إلى المدرسة في اليوم التالي، وهذا يشعره بالراحة والأمان ويخفف قلقه.
مع الأهل:

الكثير من التشجيع.

أن يوضع بين يديه عدد من الكتب والقصص حيث تكون الكلمات واضحة وكبيرة والمقاطع صغيرة وتتخللها صور.
أن يعوِّدوه على أنه كلما انتهى من قراءة مقطع يعيد التفكير فيه ويكتب على ورقة النقاط الأساسية، وعندما تتضح الفكرة يناقشها مع الأهل.
بعدها اتصلت بالدكتورة التي أجرت الإختبارات ليحيى وحددنا موعداً لحضورها إلى المدرسة واجتماعها بالإدارة والمعلمين حيث اتفقت معهم على خطة عمل أكاديمية شملت الخطوات الآتية:

القراءة:

يعطى مثل بقية رفاقه كل الدروس للفهم والإجابة عن الأسئلة ولا يعطى للقراءة إلا مقطعاً واحداً فقط، تختاره المعلمة، على أن يقرأ وفق الشروط التالية:
القراءة مع الحركات كافة.
التوقف عند علامات الوقف كلها: نقطة، إستفهام، تعجب...
تغيير نبرة الصوت حسب معنى الجملة وتبعاً لعلامات الوقف.
عدم السماح له بالقراءة على وتيرة واحدة وكأنه يقرأ كلمات لا معنى لها.
الإملاء:

الإملاء محضرة دائماً وقصيرة.
أن تكون المعلمة قريبة منه نسبياً أثناء قراءة الإملاء ليتمكن من مراقبة شفاهها وسماع صوتها بوضوح؛ ومن الضروري التأكد من أنه قد انتهى من كتابة الكلمة قبل الإنتقال إلى كلمة جديدة.
أن تلفظ الكلمات بوضوح وبسرعة معتدلة خاصة الكلمات الطويلة والكلمات التي تحتوي أصواتاً متشابهة المخارج (س، ص- ت، ط، د...) أو تلك التي تحتوي أصواتاً طويلة.
غالباً ما لا يتمكن الأولاد المصابون بـdyslexia من قراءة ما كتبوه بأنفسهم، خاصة الكلمات الطويلة المنقّطة والتي فيها احتمالات خطأ عالية. لذلك من المهم أن تسأله المعلمة إذا كان هناك كلمات غير واضحة له لتعيدها ثانية.
أخطاء الهمزة فوق أو تحت الألف لا تؤخذ بعين الإعتبار (أ- إ ).
أخطاء النقطتين على التاء المربوطة وإلغاء بعض النقاط لا تؤخذ بعين الإعتبار في المرحلة الأولى.
الرياضيات:

يعطى مثل بقية رفاقه في الفروض المنزلية وفي الامتحان تقرأ له الأسئلة بحيث كلما انتهى من سؤال يقرأ له السؤال التالي.
العلوم:

في المرحلة الأولى يجب أن يكون الإمتحان شفهياً.
وتجدر الإشارة إلى أنه تم إعطاء الأهل نسخة عن هذا البرنامج ليكونوا على اطلاع على الأسلوب المتبع مع ولدهم.
بعد أسبوعين تقريباً، اجتمعت مع أساتذة يحيى لتقييم سير خطة العمل، وكانت النتيجة أنهم يلاحظون تقدماً وإن كان بطيئاً، وقد كان يحيى سعيداً عندما أحسن القراءة والإجابة عن الأسئلة وصفق له رفاقه.
وكذلك عائلته، التي شعرت بالإرتياح لمعرفة المشكلة الحقيقية لابنها وحصولها على التوجيه المناسب لمساعدته.
لقد، تحول يحيى، بقليل من الإهتمام من طفل مهمش في مدرسته إلى تلميذ مميَز يعاني من صعوبة وجب التعرف عليها وتفهمها، من أجل مساعدة صاحبها على التقدم وإظهار قدراته إلى أقصى حد ممكن.

 

رد مع اقتباس
 

أدوات الموضوع
طريقة عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 المكتبة العلمية | المنتدى | دليل المواقع المقالات | ندوات ومؤتمرات | المجلات | دليل الخدمات | الصلب المشقوق وعيوب العمود الفقري | التوحد وطيف التوحد  | متلازمة داون | العوق الفكري | الشلل الدماغي | الصرع والتشنج | السمع والتخاطب | الاستشارات | صحة الوليد | صحة الطفل | أمراض الأطفال | سلوكيات الطفل | مشاكل النوم | الـربـو | الحساسية | أمراض الدم | التدخل المبكر | الشفة الارنبية وشق الحنك | السكري لدى الأطفال | فرط الحركة وقلة النشاط | التبول الليلي اللاإرادي | صعوبات التعلم | العوق الحركي | العوق البصري | الدمج التربوي | المتلازمات | الإرشاد الأسري | امراض الروماتيزم | الصلب المشقوق | القدم السكرية



الساعة الآن 06:03 AM.