#1  
قديم 07-14-2012, 03:20 AM
الصورة الرمزية الصحفي الطائر
الصحفي الطائر الصحفي الطائر غير متواجد حالياً
عضو ذهبي
 
تاريخ التسجيل: Mar 2008
المشاركات: 3,060
افتراضي الوظيفة الاجتماعية لأدب الأطفال الحديث

 

الوظيفة الاجتماعية لأدب الأطفال الحديث


صهيب محمد خير يوسف


للأدب دوره الحضاري في حياة المجتمعات على مر العصور، وللأديب دوره المؤثر في توعية أفراد المجتمع بقضاياهم المجتمعية والإنسانية والفكرية، خصوصاً إذا قدَّم رسالته في قالب فني جميل وممتع. وهذا ما نراه جليًّا فيما نقرؤه من إنتاج أدبي ينطلق من همٍّ اجتماعي، ويحاول التعريف والتقريب بين المجتمعات المختلفة، وبين أفراد المجتمع الواحد، ويسعى لتناول ومعالجة القضايا والمشكلات الاجتماعية.
وتُعد الوظيفة الاجتماعية إحدى أبرز وظائف الأدب الطفلي الحديث، فهو يشارك في التكييف والتنشئة الاجتماعية للطفل بأسلوب محبب إليه، هذه التنشئة التي تبدأ من الأسرة كمجتمع مصغر، وتصاحب الطفل بقية حياته، وتعلمه طرق التعايش، وتتولد عن طريق التوجيه والمطالعة والتجربة والاحتكاك بالآخرين.
وقد تنبهت المدرسة الحديثة لأدب الأطفال إلى هذه الوظيفة، وصارت المواد المقدمة للنشء تراعي الجانبين الاجتماعي والتربوي، بالتوازي، وبشكل أكثر تركيزاً وعمقاً، بحيث لا يتعارض هذا الطرح مع المراحل العمرية والضوابط الفنية للأجناس الأدبية.
وبنظرةٍ عامة إلى أدب الطفل سنجد أن فيه ذلك التعبير الواضح عن المجتمعات والبيئات المختلفة، بما فيها من جوانب اجتماعية وقيَم وثقافات وعادات. وسنجد أن طفل القرية يدخل عالم المدينة الكبير، وطفل المدينة يعود إلى مجتمع القرية الصغير، وذلك يعتبر شكلاً من أشكال التثاقف الاجتماعي المبكر، لكون الأدب لا ينفصل عن الواقع أو عن التعبير عنه بصورة أو بأخرى، ولأن أديب الأطفال كثيراً ما يستمد مادته من الواقع الاجتماعي.
ولكن وظيفة التوعية الاجتماعية في أدب الطفل لا تقتصر على تقريب الطفل من بيئته ومن البيئات المجاورة له، بل تتجاوز ذلك إلى الإسهام في نشر الوعي وتشكيل البناء الاجتماعي وتكوين السلوك الشخصي التفاعلي لديه.
كما أن هذه الوظيفة تعزز من معرفة الطفل لحقوقه وواجباته الاجتماعية، فضِمنَ قصة تتناول العلاقات الاجتماعية في الأسرة أو المدرسة، سنجد عدة ألوان من القيَم والواجبات الاجتماعية والحقوق والآداب العامة التي تسعى شخصيات القصة إلى التزامها والتعبير عنها، ليستفيد منها الطفل ويطبقها في أسرته أو مدرسته، وربما ليعبر عنها لاحقاً بالرسم والكتابة الإبداعية.
ونجد أيضاً أن أدب الأطفال الحديث قد تناول شخصياتٍ اجتماعية مؤثرة، من المصلحين والقادة والمبدعين، وذلك في نصوص طويلة أو مقتضبة تتناول إنجازاتهم وجوانب من شخصياتهم كقدوات.
وفي جانب برز حديثاً نرى اهتمام هذا الأدب بالأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، فهذه قصيدة تعبر عن اهتمام أُم بطفلها المَعُوق، وتلك مسرحية تعلم الأطفال كيف يتعاملون مع ذوي الاحتياجات الخاصة، وما يزال المجال متسعاً للكثير من الإبداعات في هذا الحقل الاجتماعي المهم.
كذلك نجد لدى بعض الأدباء ميلاً إلى تذكير الأطفال بتراث مجتمعاتهم، لتتكون صورة عنها في أذهانهم، ولكي لا تحدث قطيعة بينهم وبين مجتمع الأجداد. فيتناولون تراث الشعوب والمناسبات والأجواء الشعبية، والمباني التراثية ومحتوياتها في منطقة ما، والحِرف والملابس والألعاب والأطعمة القديمة، وغير ذلك.
وبالإضافة إلى ذلك فإن الطفل يتعلم من الأدب الهادف بعض الأساليب الاجتماعية المهمة، كالتعاون والتحية والتأدب في مخاطبة الوالدين، ويظهر هذا الأخير في القصص التي تعتمد على الحوار في بنائها الفني. ويمتزج الأسلوبان الاجتماعي والتربوي في بعض المواد الأدبية التي تتناول مثلاً: مهارات التعلم والتفكير والمنافسة والكتابة الجماعية، والتي يتعلم فيها الطفل مع المجموعة - لاشعوريًّا - آلياتٍ إبداعية بطريقة علمية مدروسة، بدءًا بمناقشة الموضوع والكلمات المفتاحية، ومروراً بكتابة المادة وطرح وجهات النظر والتفاعل الذهني الجمعي مع المحتوى، وانتهاءً بتجهيز المادة وتقييمها وتطويرها بالرسم والتمثيل والإلقاء وغير ذلك من الأنشطة اللاصفِّية.
ونرى أيضاً أن هذا الأدب يقدِّم للنشء التوعية بكيفية معالجة ومواجهة مختلف المشكلات الاجتماعية قبل وبعد وقوعها. بل يتعدى تناوُل أدب الأطفال لأنواع المشكلات البسيطة إلى التوعية بمشكلات أخطر، كحالات الإيذاء والحرائق والحوادث. وقد يتناول مشكلات أُسْريَّة أكبر، كوفاة أحد الوالدين. ولا شك في أن تناول الأديب لهذه المشكلات يستدعي وجود رصيدٍ كافٍ لديه من الطرق الناجحة لحلها والتعبير الأدبي عنها.
كان ذلك عرضاً مختصراً لجوانب يمكن أن يستفيد الطفل منها أدبيًّا لتعزيز المسؤولية الاجتماعية لديه. وعلى الجانب الآخر نجد أن هذا الأدب يعطي الآباء مفاتيحَ مهمة يتعرفون من خلالها على الرغبات والاحتياجات وطرق التعامل مع أبنائهم، وكذلك طرق تأهيلهم ودمجهم في المجتمع دمجاً سليماً، عن طريق الدراسة الاجتماعية للنماذج الأدبية، واستخلاص المفيد منها لتنشئة الأبناء.
ويمكن أن أصل من خلال ما سبق إلى مفهوم مبسط للوظيفة الاجتماعية في الأدب الطفلي الحديث، وهو: (توظيف الأدب لتنمية وتأهيل الأطفال ومعالجة احتياجاتهم وتوعيتهم وزيادة خبراتهم في جميع القضايا والجوانب الاجتماعية).
وإذا عرف أديب الأطفال والجهات المهتمة بتنمية الطفولة تنوعَ الجوانب الاجتماعية وتشعبها وأهمية تناولها في هذه المرحلة، فإن ذلك سيتطلب منهم السعي لتطوير الأدوات العملية والأدبية والفكرية، ليواكبوا المستجدات اليومية بهدف التعبير الهادف الجميل عنها، وليكون إنتاجهم الإبداعي صالحاً لتقديمه إلى الأطفال الذين يصل تعدادهم إلى ثلث سكان العالم!

 

__________________
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 04-03-2014, 03:42 AM
جمال احمد جمال احمد غير متواجد حالياً
عضو مشارك
 
تاريخ التسجيل: Mar 2014
المشاركات: 56
افتراضي

 

جزاك الله خيراً موضوع راائع

 

__________________
سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم
براون سيلك ابيل 7......
رد مع اقتباس
إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 المكتبة العلمية | المنتدى | دليل المواقع المقالات | ندوات ومؤتمرات | المجلات | دليل الخدمات | الصلب المشقوق وعيوب العمود الفقري | التوحد وطيف التوحد  | متلازمة داون | العوق الفكري | الشلل الدماغي | الصرع والتشنج | السمع والتخاطب | الاستشارات | صحة الوليد | صحة الطفل | أمراض الأطفال | سلوكيات الطفل | مشاكل النوم | الـربـو | الحساسية | أمراض الدم | التدخل المبكر | الشفة الارنبية وشق الحنك | السكري لدى الأطفال | فرط الحركة وقلة النشاط | التبول الليلي اللاإرادي | صعوبات التعلم | العوق الحركي | العوق البصري | الدمج التربوي | المتلازمات | الإرشاد الأسري | امراض الروماتيزم | الصلب المشقوق | القدم السكرية



الساعة الآن 09:12 PM.