الآثار المترتبة على العجز والاعاقة
يصبح العجز ذا جانب شخصي على حين أن مايتبعه يأخذ الشكل الاجتماعي، وينقل الفرد من كونه عاجزاً إلى كونه معوقاً. ويمكن القول أن هذه الآثار يمكن النظر إليها في صورة مجموعات على النحو التالي:
1. الآثار المتصلة بالوظائف البدنية ومطالب الحياة اليومية (القصور في الأداء)
2. الآثار المتصلة بالجوانب النفسية.
3. الآثار المتصلة بالجوانب الاجتماعية.
4. الآثار المتصلة بالجوانب المهنية.
5. الآثار المتصلة بالجوانب التعليمية.
وفي الواقع فإن هذه الآثار متداخلة ومتشابكة بحيث يصبح من الصعب معرفة أيها الأشد وأيها الأخف، ولأنها كلها تقع على شخص واحد، له وحدته التي نحاول دائماً ألا نجزئها، فإن هذا التقسيم إنما نضعه كتصور يساعدنا على التوضيح. أما في التعامل مع الفرد في برنامج التأهيل فنعود للتأكيد من جديد على أهمية النظرة الكلية للفرد ووحدة أهدافه وتكامل وتناغم الجهود الموجهة لخدمته.
إن دراسة الآثار المترتبة على القصور البدني والعقلي سواء تمثلت في إدراكات داخل الفرد أو تجاوزت ذلك إلى حواجز تحول بينه وبين الحياة التي يتطلع إليها تساعدنا على التعرف على الحاجات الخاصة بالمعوقين. وتساعدنا أيضاً على التعرف على كيفية التعامل معهم وعلى كيفية تطويع البرامج لتناسب حاجاتهم الفردية. إن هذه الدراسة كما قلنا تجعلنا نتعرف على الحاجات العامة والتي من خلال مرحلة الدراسة والتقويم يمكن لنا أن نترجمها إلى حاجات فردية لكل فرد معوق على حدة، وأن نستفيد من تحديد حاجات الفرد بدقة في تحديد الأهداف الفردية والأنشطة والبرامج التي يمكن أن تشبع هذه الحاجات، وهو مايعرف بخطة التأهيل الفردية التي يشترك في إعدادها مرشد التأهيل مع العميل.
أولاً:جوانب القصور الوظيفي [الآثار البدنية والعقلية]:Functional Iimitations
يرى (رايت) [1980] أن جوانب القصور الوظيفي الناتجة عن جوانب القصور البدني والعقلي والنفسي كثيرة ومتنوعة. ويقدم تصوراً لتصنيف هذه الجوانب للقصور على النحو التالي:
1- قصور في التنقل: Mobility Iimitation
ويقصد بالتنقل وظيفة الحركة من مكان لآخر. وينتج القصور في التنقل من مجموعة من جوانب القصور مثل كف البصر، الشلل، التخلف العقلي، الاضطراب النفسي. أو نتيجة قيود وعوائق بيئية مثل الحواجز المعمارية ووجود معاملة أسرية تتسم بالحماية. ويرتبط عدم التنقل بالعزلة الاجتماعية بدرجة وثيقة.
2- قصور في التخاطب: communication Iimitation
حيث يكون هناك انقطاع في العملية التي يتم فيها تبادل المعلومات بين الأفراد من خلال الرموز (اللغة) الشائعة والإشارات والسلوك. ويدخل الأشخاص المتخاطبون في دورين متبادلين يمثلان عملية التخاطب، وهما الدور التعبيري (بالكلام مثلاً) والدور الاستقبالي (بالسمع مثلاً) ويحدث القصور نتيجة خلل في إحدى العمليتين أو في كليهما.
3- القصور الحسي: Sensory Iimitation
ينتج القصور الحسي نتيجة لعيوب في نقل المعلومات من البيئة إلى المخ ويحدث ذلك عادة كنتيجة لتلف في الجهاز العصبي الذي يشتمل على المخ وأعضاء الحس. وتشتمل هذه الفئة على الحواس الخارجية فقط (الإبصار- السمع- اللمس- الشم- التذوق)
4- المظهر المختلف: Atypical Appearance
يقصد بالمظهر المختلف الخصائص البدنية والشكل الذي يعتبر غير متسق مع ماتراه الحضارة التي يوجد فيها الفرد مقبولاً. ويعتبر التشوه جانباً من المظهر البدني الذي يقع خارج توقعات المجتمع. وبذلك فإن المشكلة هنا اجتماعية وليست حركية. ويكون هناك ميل من جانب الآخرين أن يتوقعوا سلوكاً مختلفاً من أولئك الذين يظهرون في صورة مختلفة.
5- القصور غير الواضح (غير الظاهر): Invisible Limitaton
هناك ظروف تكون مختبئة أو غير واضحة أمام الناس، وهي تمثل مشكلة للفرد المصاب، وتخلق مجموعة من المشكلات. فالأشخاص الذين يبدون في هيئة عادية ينتظر منهم أن يؤدوا العمل بدون اعتبارات خاصة. والشخص الذي لديه قصور في القلب قد لا يكون باستطاعته رفع أشياء ثقيلة. وقد يشعر الأشخاص الذين يؤدون الأعمال الشاقة نيابة عنه بنوع من الضيق.
6- البيئة المقيدة: Restricted environment
ينتج هذا الحاجز من العجز الذي يمنع الفرد من اختيار المكان الذي يكون فيه حراً وآمناً، ويكون الفرد المتأثر مقيداً بمكان أو حالة معينة أو محدوداً في النشاط أو المناخ أو التقدم.
ويشتمل هذا القصور على المواقف التي يكون الفرد المصاب معرضاً للإصابة أو لخطر على الصحة أو لحالته العامة لسبب عدم القدرة على التحمل والتواؤم مع البيئة.
7- القصور العقلي: Mental Iimitation
تشتمل هذه المجموعة على التخلف العقلي وصعوبات التعلم رغم أن الظروف المؤدية لهما قد تكون مختلفة تماماً. وتشير كلا الفئتين إلى إعاقة أو تأثير سالب في تعلم وأداء الأنشطة وغيرها من الجوانب الظاهرة لأداء عقلي غير مناسب.
8- الاعتماد على العقاقير (الإدمان): Substance Dependency
يشتمل هذا الجانب على الاعتماد النفسي (الحاجة العقلية أو النفسية لتناول عقار للتخلص من التوترات أو عدم الارتياح أو لجلب السرور) مصحوباً أو غير مصحوب باعتماد بدني (وجود ردود فعل كيميائية حيوية أو أعراض بدنية عند توقف العقار)
9- الألم: Pain Limitation
يشير الألم إلى إحساس غير سار يتسم الإحساس بالألم والأوجاع وغيرها من المشاعر المكدرة المرتبطة بإصابة أو اضطراب بدني. وبينما يؤدي الألم وظائف إنذارية إلا أنه عندما يستمر ويتكرر ولايمكن السيطرة عليه وبشكل شديد فإنه يؤدي إلى قصور أدائي للحياة العادية. ويتوقف ذلك كثيراً على تحمل الفرد الألم وماينتج عن الألم من نتائج ثانوية تعزيزية.
10- قصور فقدان الوعي (فقدان الشعور): unconsciousness Limitation
إن فقدان الوعي وغيره من أنواع النقص في الوعي تمثل نقصاً وظيفياً خطيراً. ويعتبر الصرع أخطر الأسباب، ومع ذلك فهناك كثير من ظروف العجز التي تسهم في مشكلات الانتباه والتوجه في الواقع والإدراك والوعي إلى Awareness ومنها على سبيل المثال حالات الذهان العضوي وحالات تعاطي العقاقير والكحوليات.
11- المآل غير المؤكد: uncertain Prognosis
يشتمل هذا القصور الأدائي على ضغط وغموض تلك الحالات الطبية التي يكون مسارها غير ممكن التنبؤ به. وبعض هذه الحالات يكون صفة دورية، وبعضها لايعطي الأمل في الشفاء، والبعض يبدو أكثر أو أقل خطورة مما هو واقعه. وكل هذه الحالات تترك المريض ولديه حالة من القلق حول عدم التأكد من خطط المستقبل.
12- قصور الجهد: Deblitation ar exertional Iimiation
وفيها يكون الفرد في حالة من الضعف لفترة طويلة نسبياً، وينتج عن هذا الضعف تناقص
الطاقة للاشتراك في المهام البدنية المختلفة، وقد ينتج مثل هذا الضعف من أنواع القصور البدني والنفسي والعقلي على اختلافها.
13- قصور الحركة: motivty limitation
وهذا النوع من القصور هو عدم القدرة على تكوين أو توجيه أو ضبط حركات الجسم التي تتطلبها مختلف الأنشطة والمواقف. وبينما تتصل هذه الجوانب بالتنقل فإنها تمثل مفهوماً مختلفاً. فالحركة تشير إلى القدرة أو القوة على تحريك شيء أو أداء مهمة أخرى مما يتم عادة باستخدام الجهاز العضلي الحركي فضلاً عن الإشارة إلى تحريك الجسم من مكان إلى آخر.
ويرى (رايت) أن هذا التصنيف يعمل كجسر موصل بين التصنيفات الطبية لجوانب القصور Impairments وبين الإعاقات. وأن هذا التصنيف أكثر ملائمة للاستخدام من جانب مرشدي التأهيل عن غيره من التصنيفات الأخرى. وقد ظهر في السنوات الأخيرة عدد من الأساليب والأدوات التي تستخدم في وصف وقياس جوانب القصور في الأداء الوظيفي البدني والعقلي والنفسي.
ثانياً:الجوانب النفسية للعجز: Psychological Aepects
الإنسان كائن متفرد في خصائصه وإن كان يشترك مع غيره من الكائنات الحية في خصائص الحياة مثل النمو والتغذية والإخراج والتنفس والإحساس والحركة والتكاثر والتكيف، لكنه ينفرد بما حباه الله به من تفضيل له وتكريم بالخلق، ومامنحه من الدين والعقل والإرادة والخير والمسئولية وبأن سخر له مافي السموات والأرض وغيرها كثير.
وإذا أصيب الإنسان بالمرض أو القصور و العجز المستديم في وظائفه البدنية أو العقلية، فإنه لايفقد جانباً من جوانب آدميته وحقوقه كإنسان مكرم، ولاتنقص حاجاته عن حاجات غيره من البشر، رغم أنه قد يحتاج إلى وسائل مناسبة تساعده على إشباع هذه الحاجات.
ويمكن لتبسيط موضوع الآثار النفسية أن ننظر إلى الفرد على أنه يمثل منظومة Systemلها مدخلاتها الذاتية والبيئية، ولها عملياتها النفسية والفزيولوجية ولها نواتجها الحيوية والاجتماعية. ولا يعيش الإنسان في فراغ أو في واقع ذاتي، وإنما يعيش في بيئة من حوله، يتفاعل معها، ويتأثر بها، كما يؤثر هو أيضاً فيها، ومنذ أن يكون مضغة في رحم أمه فإنه يتفاعل مع هذه الظروف البيئية التي حوله.
وفي الواقع فإن الجوانب النفسية للإعاقة متعددة وتتناولها نظرات عديدة، وتتوقف الآثار النفسية للعجز بصفة عامة على مجموعة من العوامل هي:
1. عمر الفرد عند حدوث القصور أو العجز.
2. عمر الفرد عند اكتشاف العجز.
3. نوع العجز.
4. درجة العجز.
5. نوع الفرد ذكر/أنثى.
6. الدور الذي يقوم به الفرد.
7. الخبرات النفسية والبدنية والاجتماعية السابقة على العجز.
8. بنية الشخصية السابقة على العجز.
9. المؤثرات البيئية والاجتماعية.