ميدان فلسطين وسط مدينة غزة كهذا يبدو قبل عدة أيام من العام الدراسى و رمضان والذى يتفرض ان يشهد حركة تجارية
ينتظر أهالي قطاع غزة "ببرود" قدوم شهر رمضان ليس من قلة شوقهم له ,ولكن لأنه يأتي في ظروف غير اعتيادية ,فمنذ شهور قليلة خرج ذلك القطاع من حرب مدمرة طاحنة طالت كافة النواحي فيه السياسية والأمنية والاجتماعية والحياتية والاقتصادية ,,,ولكنه لم يخرج حتى هذه اللحظة من الحصار الخانق الذي استمر لما يزيد عن ثلاثة أعوام ,فالحصار هو نتاج "سياسة صهيونية لجعل الناس في حاجة متواصلة وعوز، بحيث لا يجد العمال أي مصدر رزق، ويبقى القطاع في حالة مستمرة من الفقر والبطالة.
زيادة البطالة والفقر بين أوساط الشعب الفلسطيني بفعل الحصار وإغلاق المعابر منذ ثلاث سنوات حرمت العديد من الأسر الفلسطينية من التحضير لشراء مستلزمات شهر رمضان من "قطايف ,حلويات ,أجبان ,حلاوة ,مربى ,قمر الدين .....الخ"
فمعدلات البطالة والفقر في قطاع غزة سجلت ارتفاعاً غير مسبوق، حيث بلغ معدل البطالة مع دخول الحصار المفروض على القطاع عامه الرابع 65% ومعدل الفقر 80%.، كما يشكو 140 ألف عامل فلسطيني من عدم وجود فرصة عمل لهم ,علاوة على ذلك، يعيش أكثر من مليون ومائة ألف مواطن فلسطيني في قطاع غزة على المساعدات التي يتلقونها من وكالة الغوث "الأونروا" وبرنامج الغذاء العالمي، ومؤسسات عربية وإسلامية ودولية مختلفة.
وفي تقرير سابق للغرفة التجارية أشارت الى أن 85% من سكان قطاع غزة يعتمدون على التبرعات والمساعدات الإنسانية المقدمة إليهم من وكالة الغوث الدولية وبرنامج الغذاء العالمي والجمعيات الخيرية والإغاثة المختلفة.
ألم قبل الصيام
أم سمير زيارة (52عاماً) من سكان غزة لها عشرة أبناء أغلبهم يعيلون صغارا ، قالت بعد تنهيدة عميقة :"وضعنا الاقتصادي صعب جدا ، حيث لا نستطيع شراء كافة ما يلزمنا لأن زوجي عاطل عن العمل وأبنائي كذلك لا يجدون أي فرصة لتوفير المال نظرا للحصار الظالم الذي أثر وبشكل كبير على نفسية الجميع وعلى نفسيتي شخصيا ,عندما أرى أبنائي وأحفادي محرومين من كل شئ حتى من الفرحة باستقبال شهر رمضان الكريم كباقي مسلمي شعوب المعمورة".
وتابعت سردها قائلة : "إغلاق المعابر أثر بشكل كبير على كافة مناحي الحياة، فالأسواق تشهد قلة في البضائع خاصة مستلزمات شهر رمضان، إضافة الى ارتفاع الأسعار بشكل جنوني على البضائع القليلة المتواجدة حاليا مما يصعب ذلك الأمر علينا فتلك الأسعار لا تتناسب مع وضعنا الاقتصادي السيئ".
السائق خليل عويضة (38عاماً)وجدناه واقفا بسيارته في مواقف "سيارات الجنوب" , كان غارقا بالتفكير بعد أن وضع يده على خده وسندها على حافة شباك سيارته ,اخترقت القدس تلك اللحظات الأليمة التي كان يعيشها مع نفسه بعد أن لاحظت ملامح الألم تكسو وجهه ,لامسنا يده بلطف وسألناه عن استعداداته لشهر رمضان ,فاستغرب كثيرا لأن سبب غرقه بالتفكير هو الموضوع ذاته ,وقال بحسرة :" في ظل ارتفاع الأسعار فإننا نضطر لعدم شراء كل ما يلزم من مستلزمات الشهر الكريم ونكتفي بشراء بعض الحاجيات الأساسية التي تساعد على سد رمق أبنائي الخمسة الذين ينتظروا عودتي بعد أن أسلم السيارة لصاحبها وأشتري لهم الطعام".
ولم يكن حال الشباب أفضل من سابقيهم فهم يعانوا أيضا من الفقر والبطالة الذين أثرا بشكل كبير على أوضاعهم النفسية والمادية ,وعلى الرغم من أن فترة الشباب هي فترة الحيوية والنشاط والانطلاق إلا أن الحصار الإسرائيلي ساهم وبشكل كبير في إطفاء تلك الحيوية بعد أن نشر البطالة في كافة شوارع القطاع
وعبر الشاب محمد نويجع "22 عام" عن أمنيته بالقدرة على مساعدة أهله في استقبال الشهر الكريم ,ولكن "العين بصيرة والايد قصيرة" ,فهو يتمنى أن يعمل في أي مجال كي يساعد والده المنهك من الإنفاق على الأسرة التي لا يعمل فيها شخص سواه على الرغم من كبر سنه".
وقال بنبرة حزينة :"كان والدي يعمل داخل الأراضي المحتلة عام 48 وكان وضعنا المادي متوسط، ولكنه الآن أمتهن بيع الخضروات بعد أن أصبح عاطلاً عن العمل بسبب الحصار".
وأضاف:"والدي لا يستطيع توفير ما يحتاجه أخوتي الستة من مستلزمات ، فمعاناتنا تزداد يوماً بعد يوم لدرجة أننا بتنا ننتظر المساعدات من المؤسسات الخيرية كي نستطيع شراء ما نحتاجه".
تجار غزة
ومع اقتراب شهر رمضان المبارك، طالب التاجر محمد الخيري "47 عام" صاحب أحد المحلات التجارية المتخوفة من خفوت في الوضع الشرائي لموسم شهر رمضان المؤسسات الدولية الداعمة والمانحة للشعب الفلسطيني، بتوفير "برامج إغاثة فورية وعاجلة لمحاربة الزيادة المتنامية في معدلات البطالة والفقر في المجتمع الفلسطيني ,مؤكدا على ضرورة العمل على إيجاد "حلول جذرية ونهائية لقضية المعابر، بحيث تعمل على مدار الساعة ودون عوائق، لافتاً إلى أنّ الاحتلال الصهيوني"