الحارثي: سأقّدم شهادة لـ«المحكمة» لإثبات تعرض الأطفال لـ«العنف»

[فوزيه الخليوي]

 

الرياض - فاطمة العصيمي الحياة - 26/11/08//
تخصصت في «طب إيذاء الأطفال» لتصبح أول سعودية تتجه إلى هذا المجال، وتخوض تجربة الكشف الطبي على «الأطفال المعنفين» جسدياً وجنسياً من أسرهم.
تقول استشارية الأطفال في مدينة الملك عبدالعزيز للخدمات الطبية الدكتورة نسرين الحارثي: «إنها على كامل الاستعداد لتقديم شهادة في المحكمة كي تثبت تعرض أي طفل للعنف بأشكاله كافة، وذلك بتقديم دليل الفحص والتقارير الطبية، وتسعى إلى تطبيق «نظام معني بحماية الطفل من الإهمال»، يتم إدخال الجانب الطبي فيه، إضافة إلى ربطه بالقضاء والشرطة والمحاماة.
تقول عن اختيارها للتخصص: «بعد تخرجي في كلية الطب، وخلال مرحلة اختيار المسار، وجدت أن الأقرب إلى نفسي كتخصص أمارسه وأبدع فيه «طب الأطفال»، لما لمسته ويلمسه غيري من صدق في التعامل وبراءة في التفكير لدى هذه الفئة، ما أوجد لدي الرغبة الأكيدة على المضي قُدماً لإسعادهم، خصوصاً أنهم لا يزالون يحتاجون إلى الكثير منا.
وأثناء دراستي لطب الأطفال كطبيبة مقيمة، استرعى انتباهي حالات الإهمال التي تتدرج من عدم متابعة الأهل للقاحات أطفالهم ومواعيد العيادات، مروراً بالإهمال النفسي نتيجة الجهل في غالب الأحيان، وانتهاءً بالعقاب الجسدي كسلوك اجتماعي محبب من الكل، اعتقاداً بأن هذا جزء من تربية الطفل وتقويم سلوكه».
تضيف الحارثي: «تعمـــق هذا الاختيار أثناء دراستي في كندا في طب طوارئ الأطفال، إذ صادفت الكثير من حـــالات الإيذاء والعنف والإهمال، ورأيت طرق التشخيــص والدعم الذي يلقاه الأطفال هناك من خلال جمعيـــات مساعدة الأطفال، فحصلت لي الفرصة للاطـــلاع على هذا التخصص عن كثب، وكذلك من خلال الاطلاع على «النظام المعني بحماية الطفـــل مــن الاهمال والإيذاء»، من بداية التشخيص ومروراً بمشاركة المعنيين بالأمر من اختصاصيين اجتماعيين ونفسيين وشرطة ومحامين وقضاة، حتى توفير الملجأ الآمن والبيئة المناسبة لنمو الطفل، وبتسلسل وسلاسة ونظام عمل تكاملي فريد.
لكل شخص دور مرسوم ومعروف مسبقاً، ومن خلال هذه المشاهدات أحببت أن أتعمق فى هذا التخصص، وأن أحاول نقل هذا النظام، أو على الأقل محاكاته وتطبيقه هنا كعضوة في فريق عمل متكامل متناغم، لنسهم ولو بجزء بسيط في توطين ابتسامة غادرت شفاه هؤلاء الأطفال، وحان الوقت لتعود اليهم ابتساماتهم، لتطمئن قلوبهم الخائفة، وتفرح نفوسهم الحزينة، وتبتسم وجوههم العابسة».
وعن أسباب العنف تشير إلى «زيادة عدد السكان، وضغوط الحياة المختلفة، وظهور المشكلات الاقتصادية، وتسارع الحياة»... وتضيف: «بكل ذلك أصبح المجال خصباً للتغيرات النفسية والإحباط، ما يولد مشكلات عدة أحدها إهمال وإيذاء الأطفال، والذي بدأ يطفو الى السطح في السنوات الأخيرة، ربما لازدياد اهتمام الممارسين الصحيين به من جهة، والتسليط الإعلامي عليه من جهة أخرى. لكنه بالتأكيد يبقى ظاهرة تستوجب البحث والدراسة المستفيضة لإيجاد نشء سليم قادر على المضي قدماً للقيام بواجباته المستقبليه في الخطط التنموية».
وأوضحت الحارثي أن الإيذاء الجسدي لا يقتصر على الأطفال، ولكن سجلت حــالات عنف وإيــذاء للبالغين.
وعن نتائج الدراسة تقول الحارثي: «دراستي في مستشفى الأطفال المرضى في «تورنتو» بكندا كانت تتضمن كيفـية تشخيص الأطفال المهملين، أو الذين تعرضوا لإيذاء أو حتى إيذاء نفسي، ومن ثم تبليغ التشخيص الى لجان حماية الأطفال وإعطاء الرأي الطبي بطريقة مبسطة للمحامين والقضاة إذا لزم الأمر، وكذلك حضور بعض الجلسات في المحكمة كشهود إثبات في حال طلب القاضي بذلك، كمــا أن التــدريب لا يبنى على تشخيص سريع، بل ينبغي فحص الطفــل طبياً للــتأكد من عـــدم وجــود حــالات مرضية طبــية قد تكون أدت إلى أعــراض سريرية مماثلة إلى إصـــابات الإيــذاء».
وتتمنى الحارثي، بعد حصولها الدرجة العلمية، على مستوى السعودية والخليج، الاستمرار في مشاريعها كفتاة سعودية لن تتوقف على هذه الشهادة، بل «نحن النساء «شقائق الرجال»، كل يدلو بدلوه وفي مجاله، لنشكل منظـــومــة متكــاملة تُعني بأمور الوطن».