زوّجتا في الثامنة من عمريهما... «زوجتان » تلجآن لـ«حقوق الإنسان» هرباً من قسوة زوجيهما «المسنين»

[فوزيه الخليوي]

 

جدة - بدر محفوظ الحياة - 01/11/08//


استغاثت سيدتان سعوديتان أخيراً بفرع جمعية حقوق الإنسان في مكة المكرمة، لإنقاذهما وأطفالهما مما وصفاه بـ «المصير المظلم»، جرّاء ما تجدانه من «معاملة قاسية من زوجيهما المسنين»، واللذين اتهمتهما بممارسة شتى أنواع الحرمان والتعذيب النفسي في حقهما وحق أطفالهما، خصوصاً وأنه تم تزويجهما وهما في سن الثامنة، وتدرسان في الصف الثاني الابتدائي.
وقالت إحدى السيدتين (رفضت الإفصاح عن اسمها) لـ «الحياة»: «تم تزويجي أنا وشقيقتي عنوة من طريق أهلي من رجلين مسنين، تجاوزا الـ70 عاماً، ولم تتجاوز أعمارنا حينها الثماني سنوات».
وأضافت السيدة البالغة من العمر 22 عاماً: «عشت أنا وشقيقتي البالغة من العمر 20 عاماً ضغوطات كبيرة وحياة تعيسة، وما زاد في الأمر أن أهلي عملوا على تزويج شقيقتي الثالثة من أحد أبناء زوجي الذي يكبرني سناً، فأصبح يتحكم في حياتنا بشكل مباشر، بينما كان زوجي على الطرف الآخر يعنفني ويضربني أمام ابنه، وأمام أطفالي، من دون مراعاة لأحاسيسي ومشاعري البسيطة».
وأشارت إلى أنها حاولت ثلاث مرات قتل زوجها بالسكين أثناء خلوده للنوم، لكنها كانت تتردد في كل مرة، حتى اضطرت إلى الذهاب إلى أهلها وطلب الطلاق، إلا أنهم رفضوا طلبها بحجة حماية أطفالها، وأنهم سيصبحون عرضة للضياع إن لم تصبر وتتحمل، ما جعلني عرضة للأمراض والاكتئاب والقلق المزمن»،
وأكدت السيدة أن أختها الأخرى تزوجت أيضاً من رجل مسن، وتقول: «تم تزويج أختي إلى رجل مسن مقابل سداد دين مادي مستحق لذلك الرجل على والدي، وتم إرغامها على الزواج من دون أخذ موافقتها أو استشارتها، ولم تعترض نظراً لخوفها الشديد من والدي، لتدفع حياتها ومستقبلها ثمناً بخســاً عن دين».
وكشفت تفاصيل القضية المثيرة أثناء زيارة تلك السيدة بطفلها المعوق لإحدى الاختصاصيات النفسيات السعوديات في جمعية الأطفال المعوقين بمكة، لإجراء بعض جلسات العلاج الطبيعي، إلا أنها أنهارت أثناء الجلسة العلاجية، وكشفت لتلك الاختصاصية جميع جوانب حياتها وحياة شقيقتها.
وقالت الاختصاصية النفسية تهاني العمودي: «إن وجه الغرابة هو أن أهل السيدة زوجوها وهي لا تزال قاصراً في عمر الثماني سنوات إلى رجل مسن، ولم يراعوا صغر سنها وعدم إدراكها لحجم المسؤولية الملقاة على عاتقها حال زواجها»، متهمة إياهم بأنهم حكموا على ابنتهم بتزويجها إلى رجل يكبرها بعشرات السنين، إنما يحكمون على حياتها بالضياع والنهاية المؤلمة.
وأضافت العمودي: «إن الفتاة كانت تتردد علي لعمل بعض الجلسات العلاجية لطفلها المعوق، ولم أكن أتوقع أنها تحمل هذه المأساة الكبرى في داخلها، حتى انهارت أمامي وكشفت لي الحقيقة المرة أثناء إحدى الجلسات، ولم أكن لأصدق ما تقصه تلك الفتاة حتى زرت منزلها، فوجدت كيف أنها تعيش في مكان لا يمت للزوجية بأي صفة».
وتضيف الاختصاصية النفسية: «إن الفتاة تعيش وضعاً مأسوياً صعباً، وتعاني من آلام مبرحة في جسمها نتيجة المعاملة القاسية التي تجدها من زوجها، كما أنها تجهل ماذا يمكن لها أن تفعل، على رغم وعودي لها بأنني سأقف معها حتى تنتصر لنفسها ولقضيتها ولشقيقتيها اللتين تسيران في الطريق المظلم نفسه».

أبو رياش: الموضوع قضائي


< أكد عضو جمعية حقوق الإنسان في مكة المكرمة منصور أبو رياش لـ «الحياة»، أن قضية الفتاتين موضوع قضائي بحت لا يمكن للجمعية أن تتدخل فيه إلا في حال واحدة، وهي أن تقوم الفتاتان بتحرير دعوى قضائية ضد زوجيهما في المحكمة الشرعية، ومن هنا يبدأ دور الجمعية في تبني القضية ومطالبة القاضي بتسريع إجراءات الحكم.
وأوضح أبو رياش أن الجمعية تعمل على منع الزوج من الاستفادة من المرافق الحكومية، ومنعه أيضاً من السفر إلى خارج السعودية حتى يتم الانتهاء من درس القضية وإصدار الحكم النهائي فيها.
ورفض أبو رياش الاتهامات التي طالت فرع جمعية حقوق الإنسان في مكة المكرمة أخيراً، وخصوصاً القسم النسائي من أنه غير فعال، وقال: «على العكس تماماً فالقسم نشيط وفعال، وأنجز العديد من المعاملات في شتى المجالات، كما أنه يضم قسماً كبيراً من الباحثات والناشطات اللائي يعملن في تفعيل القضايا وتسجيلها، ومن ثم متابعتها من طريق المستشار القانوني للجمعية.
وألمح إلى أن دور جمعية حقوق الإنسان لا يتعدى كونه توجيهياً وإرشادياً، فيما توجد قنوات أخرى إلزامية، وتعنى بالدور التنفيذي لمثل هذه القضايا، مثل أقسام الشرطة والمحاكم.