معاق يقضي حاجات أسرته على دراجته النارية كتب عليها «السائق لا يسمع»
الجبيل – محمد الزهراني
يتجوَّل بدراجته النارية في شوراع الجبيل، ليقضي شتى احتياجات أسرته، ولد أصم أبكم، ولكنه لم يستسلم لإعاقته، وبات مضرباً للمثل في محيطه، وقد وضع على دراجته عبارة «السائق لا يسمع»، كي يحتاط السائقون من حوله.
لم أعرف اليأس
«الشرق» التقت به (وتحتفظ باسمه)، حيث تحدث بلغة الإشارة والبسمة لا تفارق شفتيه، وشرح كلامه أحد أبنائه، وقال: «أبلغ من العمر 52 عاماً، وأعمل في إحدى الدوائر الحكومية، ومنذ ولادتي لم أسمع كلمة واحدة، ولم يعرف اليأس لي طريقاً، على العكس، فأنا أقضي يومي كأي شخص سليم، وقد استعنت بدراجتي النارية لأسدَّ من خلالها احتياجات أسرتي، وكتبت عليها عبارة «ماشاء الله تبارك الله.. السائق لايسمع» حرصاً مني لأن يعرف كل مرتادي الطرق أني أعاني سمعياً، كما أني متقيد بجميع وسائل الأمن والسلامة في قيادتي، وملتزم بالتعليمات المرورية، ولا أخشى من «ساهر» أبدا، فكل احتياجاتي أقضيها من المحلات التجارية القريبة من منزلي».
يحملون نفس إعاقتي
وعن يومه، وكيف يقضيه يقول: «أصحو باكراً لأداء صلاة الفجر، ثم أستعد للخروج لأداء عملي في إحدى الدوائر الحكومية، وأعود ظهراً إلى منزلي لأقضي وقتي بين عائلتي، وأشاهد التلفاز معهم، ثم أخرج بعد صلاة المغرب بدراجتي النارية لقضاء بعض احتياجاتي، وأعود بعدها للمنزل للنوم مبكراً».
وعن حياته الاجتماعية يقول: «الحمد لله كوَّنتُ لي صداقات مع أناس يحملون نفس إعاقتي، أزورهم ويزورونني، فلا يكاد يمر يوم أو يومان دون أن نلتقي، كذلك؛ فإن أصحاب المحال التجارية متفهمون لوضعي، ويسارعون لقضاء احتياجاتي، الجميع هنا يعرفونني يبادرون بالسلام عليَّ، وكثير منهم يعرضون علي المساعدة، إلا أنني، ولله الحمد، أعيش بين أبنائي وإخواتي مستور الحال، والحمد لله».
فنون الصبر
وبيَّن أن إخوته وأبناءه لا يبخلون عليه بأي مساعدة، ويوضح «أبنائي وإخوتي هم من يخففون عليَّ إعاقتي، فالحمد لله لم يقصِّروا معي يوماً، حيث إنهم حريصون على رضاي ومساعدتي»، مشيراً إلى أنه يستطيع القراءة، ويحمل معه جوالاً، وحين يتصل به أحد أبنائه يعود للمنزل، وأضاف «الإعاقة ليست عقبة في طريق الإنسان، بل حافز لتقدمه، وتعليمه فنون الصبر».