عرض مشاركة واحدة
  #1  
قديم 04-05-2008, 08:09 PM
الصورة الرمزية أم صالح
أم صالح أم صالح غير متواجد حالياً
عضو مميز
 
تاريخ التسجيل: Mar 2008
المشاركات: 158
افتراضي تأثير اضطراب التوحد على مسيرة الحياة الزوجية

 

تأثير اضطراب التوحد على مسيرة الحياة الزوجية

ياسر الفهد
والد طفل توحدي

محاضرة أسرية اجتماعيةتسلط الضوء على تأثير اضطراب التوحد على مجريات الحياةالزوجية بصفة خاصة وحياة الأسرة بصفة عامة


بمناسبة ملتقى التوحد العالمي - أبو ظبي 2008

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على من أرسله تعالى رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه ومن والاه وتبعه بإحسان إلى يوم الدين . وبعد . . .

أيها الأخوة والأخوات الأفاضل أنقل الى حضراتكم واقع خبرتي التي أحاول قدر جهدي ، أن تكون صادقة مع نفسي بالدرجة الأولى، و أن يستفيد منها الآباء والأمهات عند وجود طفل توحدي في الأسرة .

وقبل أن استطرق في هذه الأسطر ، أود أن أذكركم بما جاء في كتاب الله العزيز حيث يقول تعالى وقوله الحق: ( ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله و إنا إليه راجعون اؤلئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة واؤلئك هم المهتدون).

لهذا قبل أن أبدأ حديثي الى حضراتكم أقول وبالله التوفيق لا تقنطوا من رحمة الله فان الله تعالى كما خلق الداء خلق الدواء . . والابتلاء اختبار على الصبر على المكاره. اسأل الله أن يخفف عنا جميعا الهم والكدر والحزن والبلاء إنه سميع مجيب.
وبعد ...

أتناول حديثي مع الاخوة والأخوات الحضور ، وفق الموضوعات الرئيسة التالية :

التعريف باضطراب التوحد :

يعرف التوحد Autism بالاجترارية .. . أو الانفصام . . أو الاجترار العقلي أو التفكير الاجتراري .

والتوحد . . كاضطراب انفعالي . . كان مثار بحث مجهد بين العلماء، منذ أن قام بتعريفه الطبيب الأمريكي . . ليو كانر عام 1943م ، كما عرفه \" باولر \" ليصف به إحدى الحالات الأولية للفصام ، والانشغال التام بالذات ، أكثر من الانشغال بالعالم الخارجي . ومازال البحث حتى يومنا الحاضر ، يحتاج الى تحديد دقيق عن اضطراب التوحد مع الكشف عن الأسباب وراء إصابة الأطفال باضطراب التوحد وخاصة خلال الثلاث السنوات الأولى من أعمارهم ، فينعزلون عن العالم ، بل يتسم سلوكهم بالاضطراب والشذوذ عند التعبير عن شيء ما يريدونه أو عندما يرغبون في شد الانتباه إليهم وفي هذا ما يؤثر تأثيرا مباشرا على الأسرة. وبدلا من أن تواجه الأسرة الواقع ، تبدأ رحلة المعاناة التي لا يعلمها إلا الله . ومن واقع حياتي وتجاربي مع ابني \" مشعل \" وهو طفل توحدي فإنني أحاول جاهدا تقديم الإسهامات العديدة في مجال التوحد في المملكة العربية السعودية ودول مجلس التعاون الخليجي ، كما أحاول إلقاء الضوء عن اضطراب الطيف التوحدي من المنظور الاجتماعي الأسري حيث تعتبر الأسرة هي الأساس في علاج الطفل المصاب باضطراب التوحد فكلما كانت الأسرة على دراية وتوقع بما ستتخلله الحياة كلما انعكس ذلك إيجاباً على مراحل الحياة الزوجية وعلى الحفاظ على هذا الطفل وتقديم أفضل ما يمكن تقديمه لخدمة وترية هذا الطفل أو هذه الطفلة .. سنبحر في الأسطر القادمة ونسلط الضوء على مراحل الحياة وتأثير التوحد على كل من الزوجة والزوج.


حالات الطلاقمما لا شك فيه هو تأثر الأسرة في حال وجود طفل أو طفلة معاقة بغض النظر عن نوعية تلك الإعاقة، فقد تنشأ الاختلافات الزوجية بين الطرفين وربما ينتج عن ذلك حالات طلاق لم تكن في الحسبان. ووفق الدراسات التي عملت في الولايات المتحدة فإن حالات الطلاق تقدر مابين 50 – 70% في حال وجدود طفل معاق في الأسرة. وتتفاوت هذه النسبة من بلد إلى آخر ....
ويبقى الواقع المرير والصعب هو وجود طفل مصاب باضطراب التوحد لدى الأسرة.


الصعوباتتكمن الصعوبة الأساسية في عملية التحمل حيث تكمن هناك صعوبة تحمل الأسرة والتأقلم مع طفلها الذي تم تشخيصه بأنه مصاب من ذوي التوحد.

أحدى الصعوبات الأخرى ألا وهي تدخل الأطباء والمتخصصين والمعالجين والمعلمين أو المعلمات في حياة الأسرة بشكل مستمر ومتواصل وهذا الوضع لا نراه في الأسر التي ليس لديها أطفال من ذوي العوق.

كيف تتأثر الأم؟

التحول من امرأة إلى أم لحظة تنتظرها العديد من النساء ولهذه المرحلة طعم خاص في حياة كل زوجة .. فتمر الزوجة في كل مرحلة وتتحمل عبئها وتعيش متعتها بشعورها بهذا التحول في حياتها.. تبدأ هذه المرحلة بمرحلة الحمل بحيث تتحمل الأم مشقة الحمل .. وتبدي سعادتها بحركات الجنين داخل أحشائها .. مع انشغالها الدائم بالتفكير في هذا الجنين الذي هو طفلها .. وعلى الرغم من آلام المخاض إلا أنها تستمتع بالألم أثناء الولادة.. فسبحان الله العظيم الذي أعطاها تلك القدرة ... بعد ذلك وعندما تلد ترغب في النظر إلى مولودها وتتعرف عليه سواءً كان ذكراً أم أنثى ... حتى هذه اللحظة ما زال هناك سؤال مهم يراود كل أم وهو: هل الطفل كامل النمو؟؟؟ هل الطفل دون إعاقات؟ فإذا كان الجواب نعم ... تتنفس الصعداء.. وتدب الفرحة لديها.. وترى السعادة على وجهها مستبشرة بهذا الطفل .. هذا هو حال كل امرأة في هذا الوجود.

انتكاسة الطفل وتأثيرها على الأم

بعد ولادة طفل سليم لا يوجد للإعاقة أي أثر ظاهر على هذا الطفل فالجسم سليما والصحة ظاهرة على هذا الطفل تبدأ مراحل النمو ويبدأ الطفل و بعد مرور عامين يبدأ انحراف الطفل عن مسار نموه الطبيعي ... تتلاشى بعض كلماته الممتعة ... تقل ضحكاته .. تقلق الأم وتنطفئ فرحتها.. لم يعد الطفل ينظر في عينيها.. لم يعد الطفل يتعلم كلمات جديدة..أحيانا لم يعد ينطق نفس الكلمات التي تعلمها مسبقا.. لم يعد يسمعها.. تتساءل الأم عن الخطأ الذي حصل وما سببه ولماذا؟؟ بالتأكيد فإن هذا موقف صعب ومؤلم وقاسي!

تتأثر الأم في خمس مراحل:

1- مرحلة الطفولة، تتبعثر الآمال والأحلام وتدرك الحقيقة وهي أن شيئا ما قد حصل خطئاً.

2- مرحلة بداية خطوات الطفل، بداية التحقق بأنه يجب التعايش مع ما تم تحديده على أنه خطأ ما .. لأنه سيستمر هكذا..

3- مرحلة بداية المدرسة أحلام أخرى تتبدد عندما يدخل الطفل المدرسة.. تلاحظ الأم الفرق بين طفلها وبين الأطفال الآخرين..

4- مرحلة العمر المتقدم في المدرسة ، يتقدم الطفل ويحرز بعض التحسن.. تركز الأم الاهتمام الخاص بمرحلة البلوغ والرجولة..

5- مرحلة الرشد، تدرك الأم بأن طفلها قد تحول إلى رجل بالغ.. تتساءل الأم ما هو مصير هذا الابن عندما ترحل؟؟لذلك أيها الزوج أيها الأب أيها الرجل تذكر أنه من الصعب على أي أم شابة استيعاب كل هذا..

وتذكر أن جميع الأمهات يفكرن في الخمس المراحل لعدة أشهر منذ بداية التشخيص.. لذا حاول أن تكون عوناً لها في هذا الابتلاء ..


العلامات التي تظهر على الأم

يظهر عدد من العلامات البارزة على الأم عند معرفتها بأن هناك خطئا ما قد حدث وأثر على حياة هذا الطفل ومن العلامات البارزة التي قد تكون واضحة عليها هي: الضغط ، والنكران ، والقلق ، والحيرة ، والتشتت والإحباط ، وهذا أمر ربما يكون ناتجاً عن الصدمة التي ربما تحدث لكل إنسان يمر في مثل تلك المرحلة.


التشخيص وتصحيح مسار الحياة

تتأثر الأم بقوة عند بداية التشخيص..فغريزة الأمومة تسبب الشعور بالاستياء تجاه الأطباء المختصين بسبب طول عملية التشخيص.. ولن تستسلم تلك الأم فتقاوم فترة من الزمن وتواجه وقت عصيب ولكن التسليم والقبول يأتي بعد هذه الفترة من العصيبة .. ستهدأ جميع المشاعر العاصفة لدى الأم على الرغم من كون بعضها لن يتلاشى نهائياً، وعند الإحساس بالقبول بما قسمه الله ستكون هناك قوة في التحكم بالمشاعر.
بالتأكيد ستكون هناك أوقات قد تشعر الأم فيها بالحزن والإحباط ... لكن يجب أن تتعلم الأم القبول وأفضل ما يفعله الأمهات هو: الحب. نعم هو الحب .. سيدتي الفاضلة أيتها الأم العظيمة تستطيعين تقديم الحب والحنان لهذا الطفل الذي يحتاجك كثيراً في حياته. يجب عليك أن تصححي مسار الحياة وتتقبلي التغييرات الجديدة التي طرأت وتطوعي حياتك لتتواءم مع الحدث.

كيف يتأثر الأب؟

ربما تعتقد بعض الأمهات بأن الآباء لا يهتمون أو يتأثرون عندما يتم إخبارهم بأن طفلهم يعاني من خلل ما أو يعاني من اضطراب توحد .. هذا اعتقاد خاطئ أيتها الزوجة العزيزة فالأب بالتأكيد يتأثر الأب عندما يدرك بأن ابنه قد تم تشخيصه بالتوحد، ولكن ردة الفعل لديهم بالتأكيد تختلف عن ردة فعل الأمهات.. لذلك فإن على الأمهات الادارك بأن اختلاف ردة الفعل لدى الزوج أمر طبيعي.. ويمر الأب بعدد من المراحل يتأثر بها وتبدأبمرحلة بداية خطوات الطفل: وفي هذه المرحلة الحقيقة تدفع نفسها بقوة لتصل إلى عقل الأب ولتغلغل داخله وهو يقاومها بقوة .. فإما أن يتقبل الأب المشكلة ويحاول إيجاد الحلول و إما أن يتقوقع ويبحث عن من يلقي اللوم عليه.. أيتها الزوجة الفاضلة اعلمي أن النكران يعتبر ردة فعل مشتركة بين الآباء وهو نابع عن شعورهم بالمسئولية إزاء ما يحدث للأسرة..

أما في مرحلة العمر المتقدم في المدرسة، فإن الأب يلاحظ العجز واضحاً ولا يرى أي تقدم ظاهراً على الطفل..

ولكن من المهم جدا أن يقوم المعالجين، والأطباء، والمتخصصين، ومقدمي الرعاية، وأيضاً الأم بتوضيح أي تقدم يطرأ على الطفل لوالده لكي يستطيع الأب أن ينظر بإيجابية إلى الجزء الممتلئ من الكأس. ..

وفي مرحلة الرشد، يدرك الأب أن ابنه قد أصبح رجلاً بالغاً.. ويستحوذ التفكير على الأب حيث يفكر الأب أنه لن يكون دائماً موجوداً لحماية ابنه التوحدي أو ابنته التوحدية..و يبدأ الأب بالتخطيط لتأمين الرعاية والعمل على حماية ابنه أو ابنته حتى بعد رحيل الأب أو الأم أو بعد رحيلهما جميعاً من الحياة..

تعلم التعايش والكفاح

كما هو معروف بأن الأب لديه الكثير من الأعباء التي يتحملها تماماً مثل الأم.. فطريقة الأب في التعامل مع التشخيص لا تقل فاعلية عن طريقة الأم ... حتى وإن بدا أن الأب لا يتعامل مع الموقف بالطريقة صحيحة أو اللازمة من وجهة نظر الأم..
بالتأكيد أيتها الزوجة أن النكران له عامل مساعد في ذلك ، لذلك أعطي زوجك بعض الوقت وسوف يحدث القبول بما قسمه الله..

لكل أم وأب أحلامهما الخاصة تجاه مواليدهم، لذلك من الصعوبة على الوالدين تحمل فقدان أحلامهم تجاه طفلهم، وبالتأكيد فإن الوالدان بحاجة لبعض الوقت للتصحيح ووضع أهداف جديدة في حياتهم..

وكما هو معروف فإن الرجال هم حلالين المشاكل ، ولذلك يحاولون حل مشكلة التوحد بسرعة .. ولكن للأسف لا يستطيعون حلها! لذلك أيها الرجل أيها الأب .. لا تقلق .. إن لم تستطع حل المشكلة أو إصلاح الأمر، فأنت لم تفشل.. واعلم أن الطفل المصاب باضطراب التوحد ليس له ذنب وليس أبواه هم السبب في إصابته بالتوحد..

أيتها الزوجة الفاضلة اعلمي أن النساء يستطعن عمل الكثير لمساعدة أزواجهن للتصحيح والتعايش مع الوضع عن طريق فهم طبيعة الرجل الرامية إلى حل المشكلة.. ولا ننسى بأن الأسرة القوية هي المفتاح.. كما أنه أمر أساسي بالنسبة للأب أن يبقى على الترابط القوي بينه وبين زوجته وأبنائه الآخرين.. وأن ما هو مطلوب من الأب هو تقديم العواطف والقيادة الروحية لكل فرد من أفراد الأسرة للتخفيف من حدة العبء المرهق.. وفي النهاية القبول سوف يتحقق وسينشأ الروتين..

وعلى الأمهات والآباء التذكر بأن الأولوية القصوى هي لزواجهم القائم.. والاعتناء ببعضهما البعض ، وهذا ما سيمكنهم من العناية بأسرتهم بما فيها الطفل المصاب بالتوحد مدى الحياة..

لا تجعل التوحد يؤثر على حياتك!

أقوى نصيحة يقدمها المعالجون للزوجين الذين لديهم طفل تم تشخيصه على أنه مصاب بالتوحد هي : -

.. ((لا تسمح للتوحد بأن يكون كلّ حياتك )) ...

هناك ضغوطات كافية على مسيرة الزواج خصوصا في ظل وجود طفل مصاب بالتوحد.. ونتائج الضغط المتوقعة على الزوجين هي: سرعة الغضب ، ضعف في التواصل مما يسمح للحياة بالتدهور والانحراف عن مسارها الطبيعي..

إن أسوأ ما يمكن تخيله هو تخلي الزوجين عن بعضهما، فبدلاً من أن يكونا عوناً لبضعهما يصبحان مفترقان أو ربما يصبحان مطلقان.. الطلاق أو الابتعاد عن بعضكما البعض ليس حلاً .. يجب المحافظة على الزواج..


خلق المودة والمحافظة عليهابالتأكيد الحفاظ على المودة هو من أصعب الحالات وتعتبر فريدة في الحياة الزوجية في حال وجود طفل مصاب بالتوحد.. عندما يتحول الزوجان (ذكر وأنثى) إلى أب وأم ، فإنه من الصعوبة عليهما أن يتذكرا بأنهما مازالا (ذكر وأنثى) ! ! ! الألفة والمودة التي عرفتماها في بداية زواجكما و قبل أن يرزقكما الله بطفل مصاب بالتوحد تصبح أكثر أهمية مما كانت عليه قبل عند قدوم هذا الطفل..

ولنتذكر بأن الحياة الجنسية ليست أهم شيء في الزواج ، ولكن هي كمادة الصمغ تساعد على تماسك الزواج.. وتذكرا بأن المودة والألفة لا تعني دائما ممارسة الحقوق الجنسية. .


كيف تبقى على المودة حية؟

أخرجا سوياً .. تكلما عن أي شي عدا التوحد.

احتفلا بكل مناسبة تفكران فيها .. ذكرى الزواج .. الأعياد ..

أغدقا على بعضكما الهدايا ... أنتما لستما بحاجة لأي سبب لشراء أي هدية لكليكما .. ألا يكفي أنكما تحبان بعضكما ؟ !

اشتريا كتباً تعلم المودة والألفة .. اذهبا إلى أي فندق واستمتعا ببعضكما البعض كما لو كان هذا اللقاء أول مرة.

أعطيا كلاكما رسائل لا ينتظر من ورائها التواصل الجنسي ... فقط اجعل الطرف الآخر يشعر بالطمأنينة والراحة..

خططا لرحلة .. استلقيا على الأرض .. انظرا إلى السماء .. أخبرا بعضكما البعض عن ماذا ترون في السماء ..

تظاهرا .. عندما تتوحدا ويتجسد كل منكما في حياة الآخر .. ماذا سيكون كلاكما؟

تذكرا أنكما نفس الشخصين اللذان تزوجا وغرما في حب بعضهما البعض .. اضطراب التوحد الذي أصاب أحد أبنائكما لن يغير هذه الحقيقة..

ليس من الصعب إعادة إضاءة الحياة بعد ما أطفأت نورها السنين..

تذكرا بأن هذا الطفل الذي أحضر معه التحديات وبالتأكيد بعض الضغوطات لحياتكما هو نتاج حبكما لبعضكما البعض.

هذا الطفل سيستفيد فقط في حال ترابطكما وقربكما من بعضكما البعض وبقاءكما كزوجين من خلال المجهودات التي ستبذلانها لجعل الألفة والمودة حية في حياتكما.

أهمية الإيمان

الإيمان بالقضاء والقدر من أركان الإيمان .. لا يتم إيمان المسلم حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه .. وما أخطأه لم يكن ليصيبه .. وأن كل شيء بقضاء الله وقدره

كما قال سبحانه .. ( إنا كل شيء خلقناه بقدر ) القمر/49 .. وكل ما يقع من المصائب والفتن في الأرض , أو في النفس , أو في المال, أو في الأهل , أو في غير ذلك .. فالله سبحانه قد علمه قبل وقوعه .. وكتبه في اللوح المحفوظكما قال سبحـــــانه : ( ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير ) الحديد/22.

وكل مصيبة تقع فهي بإذن الله. ولو شاء ما وقعت .. ولكن الله أذن بها وقدرها فوقعتكما قال سبحانه : ( ما أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ومن يؤمن بالله يهد قلبه والله بكل شيء عليم ) التغابن/11.

إذا علم العبد أن المصائب كلها إنما بقضاء الله وقدره .. فيجب عليه الإيمان والتسليم والصبر.. و الصبر جزاؤه الجنة كما قال سبحانه : ( وجزاهم بما صبروا جنة وحريراً ) الإنسان/12.

أرشدنا الله إلى ما نقوله عند المصيبة .. وبين أن للصابرين مقاماً كريماً عند ربهم فقــــال: ( وبشر الصابرين ، الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون ، أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون ) البقرة /155-157

المؤمن خاصة مأجور في حال السراء والضراء .. قال عليه الصلاة والسلام .. ( عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله خير ، وليس ذلك لأحد إلاّ للمؤمن ، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له ) رواه مسلم برقم 2999.

أهمية الأولويات

في ظل وجود طفل مصاب بالتوحد من الأهمية بمكان أن يولي الأبوان اهتماماً خاصاً بعلاقتها سوياً ويوحدانها ويعطيانها الأولوية القصوى في حياتهما.

الأولوية الأولى: الإيمان

الأولوية الثانية: الزواج

الأولوية الثالثة: الأطفال

الأولوية الرابعة: لأقارب الأسرة (الجد / الجدة / الخال/ الخالة / الأعمام / العمات)

يأتي بعد ذلك العمل .. الأصدقاء .. الهوايات .. أي شيء مهم .

اجعل الأولوية لشريك حياتك، الناس وخاصة الأمهات قد يجعلون هذه الأولوية تنحرف عن مكانها المناسب وذلك بجعل الطفل أهم من حياتهم الزوجية.

ربما ما ذكرته لا يتوافق مع المبادئ .. لكن الحقيقة هي أنك إن لم تفعل ذلك فإن الزواج في طريقه للفشل!

الزواج هو قاعدة وأساس الأسرة.

وإن كل ما تستطيع فعله لنفسك ولزواجك ولأطفالك هو أن تأخذ بعض الوقت يومياً لكي تتقرب إلى الله و تصلي وتدعو الله عز وجل لكيّ يطمئن قلبك، قال الله تعالى : (ألا بذكر الله تطمئن القلوب).

تذكر أن الطفل سيشعر بالأمن والأمان عندما تكون العلاقة الزوجية قوية ومترابطة.

أفضل هدية يقدمها الآباء والأمهات لأطفالهم هي الحب ولا شيء أعظم من الحب.


معظم الآباء ليس لديهم صعوبة في إعطاء الأطفال الأولوية .. فالأطفال هم نور حياتهم.

الأطفال هم أمل حياتنا بغض النظر عما إذا كان الطفل من ذوي التوحد أو كان طفلاً سليما.

الأطفال هم الهدية التي تجلب السعادة والفرحة والمرح والاستياء والضحك والدموع وجميع العواطف في حياتنا.

قد يغفل الآباء عن التذكر بأن الأبناء قبل العمل، بالتأكيد المستقبل الوظيفي مهم جداً .. لكن الوظيفة لا تفهم دائماً أن احتياجات الطفل أهم من الأعمال والمواعيد لدى العمل، في الحقيقة العمل دائما يتطلب بأن تنهي المهمة الموكلة إليك فوراً ودون تأخير.

تذكر بأن طفلك ذوي التوحد له الأولوية وأنك ستشاركه بعض الأنشطة التي تتطلب حضورك شخصياً.

بالتأكيد في بعض الأحيان قد لا تستطيع حضور موعد الطبيب أو الأنشطة كون ذلك قد يؤثر على عملك ...

في مثل هذه الحالة أبذل قصارى جهدك وأفعل أفضل ما تستطيع فعله.

قد تحتاج في بعض الأحيان لإعادة ترتيب الأولويات في المهام المناطة إليك في العمل والعمل على جدولتها وفق الأهمية والأولوية.

معظم الأسر تكون أسر كبيرة من حيث العدد .. ولديها الجد والجدة والخالات وأبناء وبنات الخالات والأعمام والعمات وبناتهم وأولادهم .. هذا شيء رائع، هم أيضا لهم أهمية بالنسبة لك ولزوجتك ولطفلك . الميزة الرائعة هنا وجود هذه الطبقات من أفراد الأسرة بحيث يقدمون لك المساعدة ولطفلك متى استدعت الحاجة لذلك .

كيف تدبر عملك؟

إذا رزقك الله بطفل من ذوي التوحد وأنت على رأس العمل .. حدد موعد مع رئيسك المباشر فوراً وأعلمه بالأمر.

كن مستعداً لأسئلته عن نوع هذا الاضطراب ويفضل أن يكون لديك بعض المنشورات الخفيفة التي توضح التوحد لتقدمها لرئيسك كي يشعر بما قد ستعانيه.

اشرح له التوحد والفرق بينه وبين الاضطرابات الأخرى بلغة سهلة.

تذكر أن العلم والمعرفة هي قوة مساندة لك وأنها ستمنع سوء الفهم من قبل رئيسك المباشر في العمل في المستقبل.

إذا كنت تعمل في شركة كبيرة حاول أن تشرك الشركة والموظفين في نشر الوعي باضطراب التوحد .. بالتأكيد هذا عمل إنساني.

الأصدقاء والهوايات

مقابلة الأصدقاء بانتظام هي جزء من سلامة الصحة العقلية، ولكن يجب الأخذ بالاعتبار بعدم الاعتماد على الأصدقاء أكثر من شريك الحياة.

رتب زياراتك لهم وخطط لعمل بعض الأنشطة معهم.

زاول بعض الهوايات كالرياضة والمشي وهواياتك المفضلة .. ولكن لا تجعلها تستحوذ على وقتك مع أوقات أسرتك .


أخيراً لا تـجعـل اضطراب التوحد يؤثر على حياتك الزوجية.


وفي نهاية حديثي إليكم أسأل الله أن يمكننا من أداء واجبنا كاملا مع أبنائنا،
وآخر دعائي أن الحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على من أرسله تعالى رحمة للعالمين ...
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

رد مع اقتباس