عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 03-06-2012, 08:11 PM
الصورة الرمزية الصحفي الطائر
الصحفي الطائر الصحفي الطائر غير متواجد حالياً
عضو ذهبي
 
تاريخ التسجيل: Mar 2008
المشاركات: 3,060
افتراضي

 

الرعاية الصحية، هل تكفي؟
قسم المشروع الباب الثاني تحت عنوان " الرعاية الصحية "إلي فصلين، الأول للمواد التي تحدد الحق بالرعاية الصحية، والثاني، لإجراءات الوقاية من الإعاقة والخدمات الصحية، ومع إختلافي الكبير مع هذا التقسيم الذي يخلط المفاهيم، دعونا نستعرض هذا الباب من المشروع كوحدة واحدة متكاملة، ولا خلاف مع المواد العامة المحددة للحق بالصحة خاصة تحديدها للمستندات والإجراءات، ولا يعيب هذا الباب سوي عدم وضع سقف زمني لتنفيذ القانون، وبخلاف هذه المواد، يهتم المشروع بمعالجة عقبتين جوهريتين أمام التمتع بالحق في الصحة، ضعف البنية المؤسسية من جهة، وندرة الكوادر المتخصصة من جهة أخري.
وعلاج العقبتين، ليس مهمة هذا المشروع، فإحداث طفرة نوعية بالوضع الصحي بمصر، أحد المطالب الثورية، وهذا أمر سيحدث غالبا نتيجة تصميم قطاعات شعبية عريضة على تحقيقه، والدور الذي يمكن أن يلعبه قانون حقوق ذوي الإعاقة، هو أن يضمن إدماج الشروط، والعناصر الخاصة بذوي الإعاقة، في خطط وبرامج التطوير، وأقترح هنا:
- تأسيس قسم متخصص بذوي الإعاقة بكل مستشفي مركزي، والمستشفيات الجامعية، ويتكون العاملين بهذا القسم، من أطباء بشريين، أطباء أمراض نفسية وعصبية، أخصائيين أجتماعيين، باحثين متخصصين، وتكون أختصصات هذا القسم، تقديم الخدمة والرعاية الصحية الجيدة لذوي الإعاقة، كما ينشغل بالبحث العلمي، الطبي، والإجتماعي، لتساهم تلك الأقسام في التطور العلمي بمجال الإعاقة.
- إلزام وزارة التعليم العالي، بإنشاء قسم دراسي متخصص بطب الإعاقة بكليات الطب على مستوي الجمهورية، ويكون ضمن مناهج هذا القسم، الأمراض النفسية والعصبية، وكذلك الجانب الاجتماعي والثقافي لفئات ذوي الإعاقة المختلفة.
- إلزام وزارة التعليم العالي، بإنشاء قسم خاص بطب الإعاقة، بكليات ومعاهد التمريض.

الحق بالتعليم، دمج ام تعليم متخصص؟
يمثل التعليم الدامج إشكالية كبيرة بالنسبة للمجتمع المصري، لدينا عقبات مادية وثقافية كثيرة معقدة، ومجرد تبني مشروع القانون لمفهوم التعليم الدامج لن يحل المشكلة.
المواد الواردة بالمشروع ( من 19 إلي 22 ) تلتزم بشكل كامل بالتعليم الدامج كاحق من حقوق ذوي الإعاقة، وكاوسيلة أساسية من وسائل الدمج، كما أشارت إلي بعض الإشكاليات الواقعية لكنها أثرت عدم الصدام معها، وبخلاف الجانب الثقافي، وسيطرة الإتجاهات السلبية ضد ذوي الإعاقة على القائمين على التعليم بمصر، وهي الإشكالية التي تحتاج للوقت والجهد، يمكن تحديد ثلاث إشكاليات أساسية وهي، البيئة المادية، المناهج، ندرة الكوادر البشرية.
فعبر تاريخ طويل من الإهمال، أصبح لدينا مؤسسات تعليمية طاردة لذوي الإعاقة وليست دامجة، بجانب بعض المؤسسات المتخصصة مثل مدارس ذوي الإعاقة البصرية، والسمعية، والذهنية التي لا تكفي سوي نسبة ضئيلة كما أنها أقرب لمراكز التأهيل منها لمؤسسات تعليمية بالمعني الكامل، فنحن إذا أمام بيئة علينا العمل سريعا على تغيرها، وبالطبع سيرد علينا سريعا بمشكلة ضعف الإمكانيات المادية، وسوف تقذف الحكومة بتلك الحجة بوجهنا عند الحديث عن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية بشكل خاص، والغريب أننا سنكتشف أن مشروع القانون لم يكتفي فقط بعدم مواجهة تلك الحجة العقيمة، بل حرص على تأكيدها والإعتراف الضمني بها، بعد أن نص بالمادة 12 على ( تلتزم الدولة بتدبر الموارد المالية والبشرية، الازمة لتنفيذ هذا القانون، وكفالة حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة الواردة به أو بأي قانون أخر، وذلك لأقصي حد ممكن من مواردها المتاحة وفي أطار التعاون الدولي............ )
، فهذا النص تكرار لنصوص شبيهة بكل المواثيق التي تتناول الحقوق الأقتصادية والاجتماعية والثقافية، وهي ما أصطلح على تسميتها بالحقوق الإيجابية، أي انها حقوق تكلف أموالا، بعكس الحقوق المدنية والسياسية التي تصنف حقوقا سلبية من الناحية المالية، فكل المطلوب من الدولة هو أحترام تلك الحقوق والكف عن إنتهاكها.
ويضع هذا النص عقبة كبيرة أمام حق التقاضي على الحقوق الواردة بالقانون، فلو أفترضنا أن شخص من ذوي الإعاقة لجأ للقضاء لإلزام الدوله بمنحه سكن مثلا، فسيكون عليه إثبات أن الدولة قادرة ماليا، حيث منح المشروع للحكومة حجة مسبقة هي ضعف الإمكانيات المتاحة، وبالطبع يمكن الرد على ذلك بأن هناك معايير ومؤشرات كفيلة بإثبات الحق ونفي حجة الحكومة، لكن ذلك الرد البسيط يتناقض مع الواقع، وإثبات قدرة الحكومة على تلبية الحقوق بشكل كافي مهمة سهلة نظريا لكنها شبه مستحيلة عمليا، فما سيحدث فعلا لو أفترضنا أننا أمام القضاء، هو الدخول بنفق مظلم مليء بالأرقام، وهو نفق لا مخرج منه.
والأقتراحات المحددة هنا هي:
1- إلزام وزارة التعليم بتضمين شروط التصميم العام على كل المؤسسات التعليمية التي تنشأ بعد هذا القانون.
2- تطبيق مبدء الإتاحة على المؤسسات التعليمية القائمة، أي إلزام الحكومة بوضع خطة لتعديل المدارس القائمة وإزالة العقبات بأكبر قدر ممكن من الناحية الهندسية.
أما إشكالية المناهج فقد نص المشروع بالمادة " 19 " على ( ........... وفق مناهج وبرامج، وطرق، وأساليب، تتلائم مع ظروفهم وقدراتهم............... )
فمن أين تأتي المناهج المرنة ؟ ومن المسئول عن وضعها؟ أن المناهج الدراسية بشكل عام بمصر بغاية التخلف حتى الأن، فما بالنا بمناهج تعليم ذوي الإعاقة مع تعددها وتنوعها الكبير، أن ترك تلك المهمة لوازارة التعليم بكل ما تعانيه من بيروقراطية، لن يفيد، ويكفي مراجعة الخطة الإستراتيجية لدمج ذوي الإعاقة بالتعليم، والتي وضعتها الوزارة، لنكتشف ببساطة ودون مجهود، مدي تخلف تلك الخطة وعدم واقعيتها، ولحل تلك الإشكالية يجب أن ينص القانون على تشكيل هيئة أو لجنة متخصصة تجمع، ( خبراء تربية - خبراء بمجال الإعاقة - أولياء أمور - ممثلين للمجتمع المدني - ويضاف للجنة عضوين أحدهما متخصص بفن الرسم، والثاني متخصص بالأدب، يختارهما الجهاز الإستشاري للمجلس الأعلي، ويجب أن تكون لجنة دائمة تلتزم بوضع المناهج، وتعيد دراستها وتطويرها مرة كل عام، على أن تجتمع لمراجعة خطط التطوير مرة على الأقل كل ثلاث أشهر، بناء على مؤشرات التقييم العلمية.
وتبقي ندرة الكوادر البشرية، العقبة الأكبر بطريق التعليم الدامج، وتحتاج لحلول حاسمة، وإلقاء المسئولية على وزارة التعليم لن يغير الوضع المتردي، فحتي بالمدارس النوعية التي من المفترض أن تضم كوادر مؤهلة ومدربة، تفتقد للكوادر بدرجة ملحوظة خاصة على مستوي المعاونين، كما لدينا معلمات ومعلمون بتلك المدارس يعتمدوا على الترهيب بل والضرب في بعض الأحيان كأحد أليات التعليم، ونقترح هنا:
أولا: إنشاء قسم بكليات التربية والخدمة الإجتماعية، مخصص للتعليم الدامج، بحيث تتضمن المناهج كل ما يختص بمجال الإعاقة، وبالطبع يجب أن تكون ضمن مهام هذا القسم، البحث العلمي ليس لمواكبة التطور فقط بل والمساهمة فيه.
ثانيا: الإستعانة بالمتطوعين بشكل عام ومن الدوائر القريبة من ذوي الإعاقة بشكل خاص، وتدريبهم وتأهلهم كامعلمين ومعاونين، فكلنا نعلم أن العمل مع ذوي الإعاقة على تنوعهم وأختلافاتهم، أمر بغاية الصعوبة، ويحتاج لكوادر ترغب بهذا النوع من العمل، كما يجب أن يكون لهؤلاء كادر مالي خاص، يكفي لتفرغهم الكامل ليس على مستوي تلبية حاجتهم المادية فقط، بل لتمكينهم من البحث والتطوير المستمر، ولا يحتاج ذلك لمعهد متخصص بل يمكن تنفيذه من خلال المجلس الأعلي لحقوق ذوي الإعاقة، بالتشارك مع وزارة التعليم، وبتمويل بسيط من أي هيئة دولية، يمكن تدريب مئات المتطوعيين الراغبين بهذا العمل الذي يحمل قيم إنسانية سامية، وأقترح هنا:
- زيادة عضوية اللجنة المعنية بالدمج بالتعليم لتكون بالتشارك مع المجلس الأعلي.
- يكون للجنة الحق بإستخدام القاعات المجهزة بالمنشأت الحكومية، لإستقبال وتنظيم وتدريب المتطوعين من خريجي الكليات والمعاهد العليا.
- يحصل المتدرب على شهادة رسمية تفيد تلاقيه التدريبات التي تؤهله للعمل بالمدارس الدامجة، ويكون لحامل الشهادة أولوية التعيين بالمدارس، ومراكز التأهيل الرسمية.

 

__________________
رد مع اقتباس