عرض مشاركة واحدة
  #3  
قديم 04-20-2014, 02:24 PM
الصورة الرمزية الصحفي الطائر
الصحفي الطائر الصحفي الطائر غير متواجد حالياً
عضو ذهبي
 
تاريخ التسجيل: Mar 2008
المشاركات: 3,060
افتراضي

 


السؤال الثاني: في هذه الأجواء والواقع القاسي للأشخاص ذوي الإعاقة، ماذا يمكن أن يقدم الإعلام الاجتماعي، وما أهمية دوره؟
أكدت الكثير من الدراسات ومواثيق الشرف الإعلامية على ضرورة التزام وسائل الإعلام، بتقديم صورة صحيحة وإيجابية عن الأشخاص ذوي الإعاقة، ومسؤولية دمجهم في المجتمع، وعلى أن تكون أجهزة الإعلام بما لها من خبرات وإمكانيات أكثر التصاقاً بمشكلات المعوّقين. وللإعلام الاجتماعي اليوم إيجابيات كثيرة، ولوسائله أهمية كبيرة تخدم الأشخاص ذوي الإعاقة، وتشمل خدماتها كل فئات الإعاقة، اذ ان هناك علاقة تبادلية تفاعلية بين الإعلام الاجتماعي وأصحاب القضايا التي يحاول الإعلام معالجتها، فعلى سبيل المثال: هناك مواقع اجتماعية تتوجّه إلى المعوّق نفسه وتخاطبه وتفسح له المجال بالمشاركة وتفرد له مكاناً خاصاً تعبر فيه عن آرائه وتنشر له إبداعاته، أو تفرد له صفحة في مجلتها كما تفعل مجلة المنال، وكان لي شرف الكتابة على صفحاتها، وحصل هذا بعد إطلاعي على منتدى مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية، ولفتني أحد الموضوعات فكتبت حوله ، وهكذا كان وما زال منذ أكثر من سنتين وما زلت أكتب في قصة تحت عنوان: ذكريات طفلة ذات إعاقة.
ويبقى التفاوت بارزاً بين بلد وآخر في صفات ودور الإعلام الاجتماعي، ولا سبيل للمقارنة مثلا بين ما شاهدته في دولة الإمارات العربية عامة- ومدينة الشارقة للخدمات الإنسانية خاصة، ودور الإعلام في لبنان، أو بين ما شاهدته على اليوتيوب في "ايرلندا" حيث يقوم معوّق حركياً بالعزف من خلال الاستشعارات البصرية، وهي تشمل الإعاقات الشديدة منها، حيث قامت إحدى المنظمات في دبلن واستخدمت تكنولوجيا جديدة لمساعدتهم على التحرّك والتواصل بشكل أكثر سهولة. هذه التكنولوجيا المستخدمة هي النظام البصري بالمستشعرات الضوئية ، تقنية بصرية تتحكم بجهاز الحاسوب، بدلاً من اللمس، وذلك عبر كاميرا تعكس الأشعة تحت الحمراء على العين تتيح معرفة اتجاه البصر(3).
في لبنان الصعوبات كثيرة جداً، ولا يمكن أن يتم التغيير بسهولة، وساحة الإعلام سياسية بامتياز، والإعلام الاجتماعي شبه مغيّب أو غائب، حاله في ذلك حال الدولة، وكأنهم ليسوا على علم ومعرفة بالحالات والاحتياجات والمشاكل التي يواجهها الأشخاص ذوو الإعاقة في المجتمع، والأمر يتطلّب تحركا رسميا ومدنيا، والقيام بسلسلة حملات إعلامية ومجتمعية طويلة الأمد وعلى مراحل في سبيل التغيير الاجتماعي. إذا لا إعلام إجتماعي في لبنان ولا علاقة تبادلية على هذا الصعيد، بل كل ما هنالك ما يسمى بالتواصل الاجتماعي على صعيد الافراد، فإذا كان المعوق يملك امكانيات معقولة لشراء كمبيوتر والاشتراك في الانترنت فهو الذي ينفتح على الآخرين، بإرادته الذاتية، وبمجهوده الفردي من دون مساعدة الإعلام أو الدولة، وهكذا المدونات او المواقع الخاصة وهي قليلة جداً.
فالإعلام الإجتماعي إذن لا يعوض الأشخاص ذوي الإعاقة معنوياً ولا يساهم في حل مشاكلهم لأن الخطاب الإعلامي ما زال متأخراً وتقليدياً ومقتنعاً بأن التغطية الخبرية للأنشطة الاجتماعية التي ترعاها المؤسسات الحكومية والجمعيات كافية في أداء دوره، ولا يحاول هذا الإعلام أن يخلق ثقافة إعلامية جديدة وغير واثق بأن للإعلام وظائف عديدة وقادر على التغيير والنهوض إقتصادياً واجتماعياً، وأن يساهم في صناعة الإنسان ومساعدته على العيش بكرامة وحرية، بل تقوم بعض وسائل الإعلام ببرامج تلفزيونية تستضيف فيها أحد المعوقين في المناسبات وتفتح باب الاتصالات الهاتفية للجمهور لكي يقدموا المساعدات المادية لهذا المعوق، فيستعملونة كنموذج للشفقة والفقر والعوز.

السؤال الثالث: بعد كل الايجابيات التي تم ذكرها حول أهمية دور الإعلام الاجتماعي بكل وسائله، هل نرى سلبيات للإعلام الاجتماعي على ذوي الإعاقة؟
إن وسائل الإعلام بجميع وسائلها وأشكالها تلعب دوراً سلبياً خطيراً يجب التنبه إليه، وتلعب في الآن نفسه دوراً إيجابياً كبيراً، لا يمكن التنكر له، بمعنى أن هذه الوسائل سلاح ذو حدين، وتبرز بعض سلبيات هذا الإعلام كالآتي:
غياب الإعلام الاجتماعي عن ساحة الأشخاص ذوي الإعاقة، وعدم الاهتمام بقضاياهم.
إن الإعلام الاجتماعي بما فيه شبكات التواصل والمواقع، ما هي إلا فرع من فروع الإعلام ككل، وجميعها موجهة ومقسمة بحسب الطوائف والسياسية والأحزاب، أو شركات ودعاية و..الخ.
هناك ما يسمى بميثاق شرف في الصحافة والإعلام عامة، ولكن في الإعلام الالكتروني الباب مفتوح على مصراعيه، الجميع يستطيع أن ينشر أفكاره مهما كانت دون مراعاة لمواثيق الشرف، أو المهنة، ودون رقيب أو حسيب.
نسبة الأشخاص من ذوي الإعاقة الذين يستخدمون الانترنت قليلة جداً، وهناك عدد كبير منهم لا يستطيعون الاشتراك بالانترنت لأن لديهم أولويات أخرى، نظراً لضعف قدراتهم المادية، وقد قمت باستبيان بسيط واتصلت بمجموعة من أصدقائي لمعرفة عدد الذين يستفيدون من خدمات الإعلام الجديد وكانت النتيجة كالآتي:
أذكر مجموعة من الأصدقاء مكفوفي البصر مؤلفة من 10 فتيات أنهوا دراستهم الجامعية، اثنتان منهما فقط وظفتا،"دانة" أنهت دراستها في العلوم الاجتماعية، وبعد أن سعت لسنوات عدة وجدت وظيفة في إحدى المؤسسات، لكنها ليست أكثر من عاملة سنترال، وبالطبع قدراتها تفوق هذا العمل وهي ناشطة على الكمبيوتر والانترنت، أما الثمانية الباقيات فهن قابعات في المنزل بلا عمل، وواحدة منهن تدعى "ليلى" كتبت سلسلة من كتب الأطفال، لكن النشر مكلف ولا يعود عليها بما يعينها على شظف الحياة، وبالطبع الثمانية الباقيات لا يستخدمون الكمبيوتر أصلا، وهناك الكثير أيضاً من الشباب مكفوفي البصر ممن حصلوا على أكثر من إجازة جامعية ولا يتّم توظيفهم إلا في السنترال، كما حصل مع الصديق فادي مقداد.
فادي معوق بصرياً، متأهل وله ولدان، حصل على إجازة في الاقتصاد، ويدرس اليوم علوم سياسية، يعمل في أحد النوادي في السنترال، ويقول: إمكانية أن أعمل بمكان آخر غير السنترال، أو أن أعمل باختصاصي يشبه المعجزة، وأنا أعوض بالدراسة، وأرغب بالكتابة لكي أكون راضياً. لفادي مهارات عالية وكفاءة مميزة في التكنولوجيا والبرامج، يساعد أصدقاؤه في تشغيل البرامج الخاصة لمعوقي البصر، ويدربهم على استخدامها في حواسيبهم.
ويضيف فادي حول سلبيات هذا الإعلام فيقول: إن الإعلام الالكتروني كغيره فيه إيجابيات وسلبيات، ومن سلبياته بحسب رأيه: عدم الثقة بمصادر المعلومات والأخبار التي تنشرها أكثر المواقع الإعلامية، والكثير منها لا تسمح بالمشاركة أو التعليق على صفحتها، إذا كان رأي المشارك مخالفاً لسياسة الموقع. كما وأن هناك بعض المواقع تنقل أفكاراً مسيئة ويحركوا النعرات الطائفية والمذهبية، ويلاحظ هذا على مستوى بعض المواقع التابعة لفضائيات، فبعضها لها سطوة وجبروت على الجمهور، لأن لديهم القدرة والسلطة والمال، ليصنعوا بهذه الوسائل رأياً عاماً موجه، وهناك مواقع تبث شعارات خداعة، أو تنشر أفكار المنحرفين والمتطرفين، بعيداً عن الأخلاق والدين وكل ما له صلة بقضايا ذات أهمية ونافعة.
لقد اقتصرت في ذكر بعض أصدقائي من معوقي البصر في هذا المجال، نظراً لم تحمله التكنولوجيا من تطور على صعيد البرامج الخاصة بهم، كما وأن باقي الإعاقات الجسدية منها والسمعية ينطبق عليها تقريباً ما ينطبق على عامة الناس لناحية استعمال التكنولوجيا والاستفادة منها.

 

__________________
رد مع اقتباس