عرض مشاركة واحدة
  #5  
قديم 03-06-2012, 08:15 PM
الصورة الرمزية الصحفي الطائر
الصحفي الطائر الصحفي الطائر غير متواجد حالياً
عضو ذهبي
 
تاريخ التسجيل: Mar 2008
المشاركات: 3,060
افتراضي

 

المجلس القومي
أعتقد أن الخطأ الأكبر بهذا المشروع هو المجلس القومي لحقوق ذوي الإعاقة، خصوصا بعد إعادة صياغة المشروع بعد 25 يناير، فالنصوص الواردة بالباب الثامن، ( المواد من 48 حتى 60 ) جاءت وكأن النظام المستبد مازال قائما، وليس بالإمكان أفضل مما كان، فالمجلس المقترح حكوميا بإمتياز، فهل نحن بحاجة لهيئة حكومية جديدة لتدير شئون ذوي الإعاقة؟ وهل هذا المجلس المقترح سيكون قادرا على إحداث نقلة نوعية بمجال الإعاقة؟ الإجابة بالتأكيد هي لا، وقبل الخوض بذلك علينا التفكير بماهية المجلس الذي نريده.
أي مجلس نريد؟
من المنطقي بعد 25 يناير، ومع الإعتراف بضرورة أن يكون مجلسا رسميا، أن نتوقع إنشاء مجلس أعلي للإعاقة يكون أكثر ديمقراطية، وقدرة على وضع السياسات ومتابعة ومراقبة تنفيذها، مجلس ينشأ بعيدا عن بيروقراطية الحكومة، يديره أصحاب الشأن الأقدر من غيرهم على فهم مشاكلهم ووضع حلول واقعية لها، مجلس يهيمن على مجال الإعاقة، ويتابع كل جديد، ويعمل بكل طاقته وإمكانياته على حل مشكلات الإعاقة المتراكمة عبر تاريخ طويل من الإهمال.
ماهية المجلس الذي قدمه المشروع:
طبقا للمشروع المقترح، يتكون المجلس من ثلاث أجهزة.
رئاسة المجلس " مادة 48 " يرأس المجلس رئيس الوزراء وعضوية أحد عشر وزيرا بالإضافة لممثلين لستة هيئات، وثلاث ممثلين للمجتمع المدني، وأثنين من الخبراء، أي أن العدد ثلاثه وعشرون عضوا، يضاف لذلك الأمين العام فنصبح أمام مجلس مكون من أربعة وعشرون عضوا أغلبهم وزراء بالحكومة، فهل حقا سيجتمع هذا المجلس مرة على الأقل كل أربعة أشهر " مادة 49 " ؟ أننا لم نستفد من خبرة المجلس الوهمي السابق ( المجلس الأعلي لتأهيل المعاقين ) والذي كان يتشكل من غالبية الوزارة، وبالطبع لم يجتمع.
الجهاز الفني، طبقا للمادة " 51 " يعاون المجلس أمانة عامة، ولجنة فنية إستشارية، تمثل الأمانة العامة ( الجهاز الفني )برغم أن المشروع نص على أنها الجهاز الإداري ( مادة 52 ) حيث تشمل أختصاصاتها الجوانب الإدارية بجانب مهام فنية، وتخضع لرئاسة الأمين العام:
اللجنة الإستشارية، والتي تتكون من ممثلين عن الأحد عشر وزارة، وثلاثة من مؤسسات المجتمع المدني، أثنين من الشخصيات العامة، يعينون بقرار من الأمين العام، وتتشكل اللجنة بالطبع يقرار رئيس مجلس الوزراء إتساقا مع البيروقراطية. ولا يقدم لنا المشروع أي رؤية لأختصصات تلك اللجنة الإستشارية أو دورها بالتحديد، وترك ذلك لرئيس الوزراء.
وأعتقد أننا أمام مجلس عجيب التكوين، مكبل بالبيروقراطية، والأخطر أن كل مكوناته حكومية، وأجهزته بالتعيين، أي أن الديمقراطية ليست أحد مكونات هذا المجلس بالكامل، وهذا بالتحديد ما أراه منافيا لما يجب أن تكون عليه القوانين التي تصدر بعد 25 يناير، وللسجال مع الأفكار التي تكمن وراء هذا التشكيل، علينا الإلتزام بقضيتين، أن يتمتع المجلس بالصفة الرسمية أي تبعيته لسلطة الدولة، كما يجب أن يتمتع المجلس بالمرونة وبزيادة المشاركة الشعبية.
كيف يكون المجلس رسميا؟
كي يكون المجلس رسميا فلدينا ثلاث أختيارات، أن يتبع رئاسة الوزراء، أو إحدي الوزارات، أو أن يتبع البرلمان بوصفه شريك بالسلطة، وأعتقد أن الفكرة التي حكمت المشروع لأختياره التبعية لمجلس الوزراء، قامت على أساس قوة السلطة التنفيذية وقدرتها – المفترضة – على تنفيذ ما تتخذه من قرارات، فهل ما زالت تلك الفكرة صحيحة؟ بعيدا عن توازن السلطات بمصر، ولعبة موازين القوي التي ستختلف بالتأكيد، من الأفضل أختيار التبعية للبرلمان، فهو الشريك بالسلطة المنتخب شعبيا، والأكثر قربا من المجتماعات المحلية، كما أن هذا الأختيار سيجعل رئاسة المجلس متغيرة بشكل أكثر ديمقراطية، ومن خلال أصوات الناخبين، بحيث يمكن مستقبلا، أن يكون الإلتزام بحقوق ذوي الإعاقة أحد المعايير الشعبية لأختيار الممثل البرلماني، ولا توفر السلطة التنفيذية ذلك حتى لو كانت منتخبة، لأن أنتخاب الحكومة غير مباشر، ولا يمنع هذا الأختيار أن تكون للحكومة ممثلة بتشكيل رئاسة المجلس، ولكن بممثلي وزارتين فقط، التضامن الاجتماعي، والأسرة والسكان.
ولزيادة مساحة الديمقراطية في تشكيل رئاسة المجلس، يمكن تكوين جمعية عمومية من المنظمات المتخصصة بمجال حقوق ذوي الإعاقة، وجمعيات التأهيل، لتختار ممثلي المجتمع المدني برئاسة المجلس، ولن يقلل ذلك من الصفة الرسمية للمجلس، فقط سيكون المكون المدني مختار بطريقة ديمقراطية.
كيف يكون الجهاز الفني مرننا؟
الجهاز الفني، يمثل القلب بالنسبة لتكوين المجلس، فهو الذي يتابع تنفيذ الخطط طبقا للأهداف، بشكل يومي، وقد تخلت النظم الإدارية عن الأشكال الهرمية منذ عقود، ومن الناحية الإدارية، أصبح تقسيم فرق العمل المرنة، أي التي تتشكل بناء على تخطيط إستراتيجي حقيقي لعمل المجلس، وللقانون المصري سوابق بمثل تلك التكوينات، مثل قانون المجلس القومي لحقوق الإنسان، وأعتقد أن يترك تكوين الجهاز الفني وأقصد هنا ( الأمانة العامة ) لرئاسة المجلس مع وضع الخطوطالعريضة للأختصاصات مثل، وحدة التأهيل، وحدة البحث والدراسات، وحدة المتابعة والتقييم......... وهاكذا، بحيث يتم وضع معايير محددة للمهارات المطلوبة بفرق العمل، ويترك لقيادة المجموعات مهام التخطيط بمرونة.
ويبقي الجهاز المالي، والإداري البحت، ومن المنطقي أن تكون عناصره بالتعيين من قبل الحكومة، مع وضع شرط أولوية تعيين ذوي الإعاقة، وألا تقل نسبتهم عن 50% من مجمل العاملين بالمجلس.

لماذا صندوق خاص؟ الإستقلال المالي:
بعد أن طرحت بعض منظمات حقوق الإنسان، قضية الموازنة العامة للدولة كأحد القضايا الهامة للجمهور، وتخصص أحدي تلك المنظمات في قياس أثر الموازنة العامة على حقوق الإنسان، أخذت قضية الموازنة بعدا شعبيا كبيرا بعد 25 يناير، وتعد الصناديق الخاصة، من الإشكاليات الكبري المرتبطة بالموازنة العامة، لتناقضها مع مبدء وحدة الموازنة من جهة، ولأنها تفتح أبوابا واسعة للفساد من جهة أخري، وبالطبع لا بد أن يكون للمجلس ميزانية مستقلة، لكننا لا نحتاج فعليا لصندوق خاص، واقترح:
- يكون المجلس وحدة من الوحدات المالية الرسمية للدولة، تخصص له الموازنة العامة ما يكفي لممارسة نشاطه لتحقيق أهدافه.
- يحق للأمين العام، بعد موافقة رئاسة المجلس والأمانة العامة، بالغالبية المطلقة للأصوات، عقد إتفاقات تمويل مع الجهات المانحة، لتنفيذ مشروعات تدخل في أختصاص المجلس، وتكون حسابات تلك المنح والتمويلات خاضعة لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات.
وأخيرا، يمثل المشروع مع كل ملاحظتنا عليه، خطوة متقدمة بمجال الإعاقة، فقط لا نريد أن نستعجل هذه الخطوة، ونريدها أن تكون على أفضل ما يمكن، وماسبق هي بعض تساؤلات مشروعة، ودعوة للتفكير من ذاوية مختلفة، ويبقي أن أؤكد أتفاقي مع الكثير مما ورد بالمشروع خاصة، الضمان الاجتماعي، حيث علاج العيوب الكثيرة القائمة، وكذلك الحق بالثقافة، والرياضة، والتيسر، وغيرها من حقوق.
جمعية حقوقي لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة
وحدة البحث والدراسات
غريب سليمان

 

__________________
رد مع اقتباس